مصادر مالية رفيعة المستوى حذّرت من مغبة التلكؤ في استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي
النفط يرتفع... والعجز إلى ازدياد
• وضع الكويت المالي ليس جيداً كما يحاول البعض الترويج له
• سيولة صندوق الاحتياطي العام في طريقها للنفاد
• إقرار قانون الدين العام لا يحتمل التأخير... وإلا فالأسوأ قادم
• ثمة ملفات تأجيل معالجتها لم يعد صحيّاً... ولا صحيحاً
• الاستمرار بضبط النفقات في الجهات الحكومية... ضروري
• دول الخليج أجرت إصلاحات عديدة لتقليص عجوزاتها عبر فرضها الضرائب
• صندوق النقد والبنك الدولي أوصيا الكويت بالسير على خُطى جيرانها
• لا ينبغي إغفال لجوء الدولة إلى إصدار سندات دولية بقيمة 8 مليارات دولار
• البلاد قادرة اليوم على دفع فاتورة الإصلاح ولكنها قد لا تكون كذلك بعد فترة وجيزة
• لم يعد مقبولاً أن يرفض الكويتيون وظائف معينة بحجة أنها لا تليق بهم
حذّرت مصادر مالية رفيعة المستوى، من مغبة التهاون أو التردد والتلكؤ في استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي والمالي، والتي بدأت عجلتها بالدوران قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وفي تصريحات خاصة لـ«الراي»، شدّدت المصادر على أن «التحسّن النسبي الذي شهدته أسعار النفط خلال الآونة الأخيرة، يساعد الموازنة العامة بطبيعة الحال على تقليص العجز بنسبة قد تكون جيدة، ولكنه في المقابل لا يعني على الإطلاق أن هذا العجز انتهى، وأن الكويت قد خرجت من دائرة الخطر.
وفي حين جدّدت المصادر التأكيد على أن سيولة صندوق الاحتياطي العام في طريقها للنفاد، مع ما يحمله هذا الأمر من مخاطر كبيرة ليس أقلها تسييل بعض الأصول، لفتت إلى أنه ينبغي الاستعجال في إقرار التشريعات التي من شأنها دعم سيولة الدولة، وفي مقدمتها قانون الدين العام، والذي انتهت مدته في شهر أكتوبر من العام 2017، منوهة إلى أن هذا الملف لا يحتمل التأخير أكثر من ذلك، وإلا فإن الأسوأ قادم.
وعلى الرغم من الارتفاع النسبي لأسعار النفط، إلا أن المصادر بيّنت أن نمو المصروفات العامة يتصاعد بشكل كبير في ظل التهام فاتورة الرواتب وحدها أكثر من نصف الميزانية على وقع تزايد أعداد الموظفين العاملين في القطاع الحكومي سنة بعد أخرى، لافتة إلى أن أي انتكاسة جديدة أو تراجع في أسعار النفط سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر.
ورأت أن ثمة ملفات اقتصادية ومالية، تأجيل معالجتها لم يعد صحيّاً ولا صحيحاً، ملمحة إلى ضرورة وأهمية معالجة وترشيد قيمة الدعوم بأسرع وقت وبطريقة منهجية توصل الدعم إلى مستحقيه فقط، بما لا يؤثر على أصحاب الدخل المتوسط والمحدود.
وفي حين أكدت المصادر عزم الحكومة على المضي قدماً في عملية تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد الكلي على النفط عبر دعم مختلف المجالات الاقتصادية، ومساندة القطاع الخاص، لفتت إلى ضرورة الاستمرار بضبط النفقات في الوزارات والجهات والمؤسسات الحكومية، والتي شدّد عليها رئيس الوزراء أكثر من مرة.
وذكرت المصادر أن إجراءات وإصلاحات وزارة المالية خلال السنوات الأربع الماضية ساهمت في تحقيق بعض الوفورات، والمطلوب اليوم هو استمرار هذه السياسات ودعمها من قبل الحكومة والنواب وحتى المواطنين على حد سواء، موضحة أن«رفض (المالية) العديد من طلبات زيادة ميزانيات الوزارات يأتي من باب الحرص على المصلحة العامة للدولة».
كما تطرقت المصادر إلى ما شهدتها وتشهده دول الخليج من إصلاحات اقتصادية ومالية عديدة، ومنها على سبيل المثال رفع الدعم عن أسعار الوقود، والكهرباء، والماء، وفرض رسوم جديدة على العديد من الخدمات وضرائب غرار«القيمة المُضافة»و«الانتقائية»وغيرها بهدف تعزيز مواردها المالية وتقليص عجوزاتها، معتبرة أن مثل هذه الإجراءات والآليات جاءت بتوصيات من أبرز وأهم المؤسسات المالية في العالم، أي كل من صندوق النقد، والبنك الدولي، اللذين أوصيا الكويت بضرورة السير على خطى جيرانها.
وأشارت المصادر إلى أن تأخير عجلة الإصلاح الاقتصادي والمالي من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً، معتبرة أن الكويت قادرة اليوم على دفع فاتورة الإصلاح، ولكنها قد لا تكون كذلك بعد فترة وجيزة.
وختمت المصادر بالتشديد على أن«الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد ليس جيداً كما يحاول البعض الترويج له»، منوهة إلى أنه لا ينبغي أن ينسى أحد أن الكويت لجأت العام الماضي إلى إصدار سندات دولية بقيمة 8 مليارات دولار، كما أنها تسجل عجزاً متواصلاً منذ أربع سنوات، ما يعني أن الخروج من هذا النفق المظلم يستدعي اتخاذ العديد من التدابير القاسية بهدف تصحيح الاختلالات الاقتصادية والمالية العميقة والمستحقة منذ أمد بعيد.
من ناحية أخرى، اعتبرت المصادر أن عمل الحكومة وسعيها الدؤوب نحو«تكويت» النسبة الأكبر من الوظائف الحكومية، ينبغي أن يترافق مع خطة ممنهجة لإحلال أكبر عدد ممكن من الكويتيين في وظائف القطاع الخاص، لا سيما وأن الكوادر الوطنية على درجة عالية من الكفاءة والمهارة.
كما شدّدت على أنه«لم يعد مقبولاً اليوم أن يرفض الكويتيون شغل وظائف محددة أو دخول قطاعات أو مجالات اقتصادية معينة بحجة أنها لا تليق بهم، أو لا تلبي طموحاتهم»، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة قيامهم باتخاذ زمام المبادرة، خصوصاً وأن دعم الحكومة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مفتوح على مصراعيه عبر الصندوق الوطني للمشروعات.