تحدث في محاضرة رابطة الأدباء عن إصداره «الأول من نوعه»
الجريد: النادي الأدبي في الكويت تأسس لإعداد جيل يحمل الخلق القويم والعلم والثقافة
العامل المادي كاد
أن يعيق تأسيس النادي خصوصا وأن الكويت
في تلك الفترة لم تكن
تتوفر لديها موارد مالية
احتفت رابطة الأدباء بكتاب «النادي الأدبي الكويتي ودوره في الإصلاح... 1342هـ 1924- 1346 هـ 1927م»... لمؤلفه الكاتب الدكتور عايد الجريد، والذي يعتبر أول إصدار عن النادي، وذلك من خلال محاضرة أدارها الأمين العام السابق لرابطة الأدباء الباحث صالح المسباح، كما وقع الجريد في ختام المحاضرة على نسخ من كتابه للحضور.
وقال الجريد في استهلال محاضرته التي عرف فيها بإصداره: «شكلت قضية التثقيف والإصلاح في النصف الأول من القرن العشرين الميلادي محوراً جوهرياً عند رجال الإصلاح الكويتيين، الذين عملوا على ترسيخها في مجتمعهم، كما كانوا ركيزة أساسية في زيادة وعي المجتمع بحقوقه وواجباته، حيث تبنوا المشاريع النافعة لوطنهم، والتي كان من أهمها: مشروع النادي الأدبي ) عام 1342هـ 1924م، الذي وفقني الله- سبحانه وتعالى- في أن أكون أول من يوثق له، وكان من أهم أسباب اختياري لموضوع النادي دوره الكبير في الإصلاح، وزيادة الوعي الثقافي والسياسي عند رجال العلم والإصلاح».
وأضاف: «قبل أن نخوض في موضوع النادي نتعرف على الوضع العام في الكويت عند تأسيس النادي، ففي الجانب السياسي لم يعد للمشاركة الشعبية وجود بعد حل مجلس الشورى عام 1921م، وأما عن الأوضاع الثقافية، فقد شهدت الكويت حراكاً ثقافياً نتج عنه تأسيس المكتبة الأهلية عام 1341هـ 1923م، ولقد سجل الأديب أمين الريحاني تحسن الأوضاع الثقافية عندما زار الكويت، وقال: إن في الكويت نهضة لها ركنان المكتبة الأهلية والمدارس».
وأشار الجريد إلى العديد من المؤثرات التي لعبت في تشكيل الوعي الديني والثقافي والسياسي عند رجال الإصلاح الكويتيين، وكان من أهم هذه المؤثرات دور رجال الإصلاح العرب والكويتيين منهم الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ محمود شكري الألوسي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبد الله خلف الدحيان، والشيخ مساعد عبد الله العازمي، والشيخ عبد العزيز الرشيد.
وقال: «لقد كان لهذه الشخصيات الأثرُ البالغُ في ظهور جيلٍ واعٍ، مثقف، متمسك بالثوابت الإسلامية، ومدرك لأهمية تثقيف المجتمع، وبيان حقوقه».
وعن تأسيس النادي الأدبي أشار الجريد إلى عوامل عدة ساهمت في تأسيسه، كان أولها: جهود الشباب المثقفين، ومنهم صاحب فكرة تأسيس النادي الأديب خالد سليمان العدساني، الذي قال: «تأسس النادي ليكون ملتقى للشباب مع رجالات الكويت، للتباحث وطرح الأفكار والآراء الوطنية». وجهود رجال الإصلاح الكويتيين، كالشيخ عبد العزيز الرشيد، الذي خطب خطبةً في احتفال المدرستين المباركية والأحمدية، حفزت الحضور على تأسيس النادي، فكان يرى: «أن تأسيس الأندية من مناهج الإصلاح، ونشر العلم والأدب، وحماية الدين والأخلاق من أعدائه».
بالإضافة إلى إعجاب المثقفين الكويتيين بالمشاريع الثقافية في البحرين، ودعم السلطة الذي كان عاملاً ساعد على تهيئة الوضع القائم لتقبل مثل هذه المشاريع، كالشيخ أحمد الجابر والشيخ عبد الله السالم.
واستطرد قائلا: «لقد بدأ الشباب المثقفون العمل في أول الأمر باستشارة رجال العلم، خصوصا الذين كانت لهم تجربة في تأسيس المشاريع الثقافية، حتى لا يقعون في أخطاء لا يتقبلها الوضع القائم آنذاك، لكون النادي كان موضع نقد وارتياب، ومن الذين استشيروا في أمر تأسيس النادي الأديب عبد الحميد عبد العزيز الصانع صاحب فكرة تأسيس المكتبة الأهلية، الذي التقى بالشباب المؤسسين، ونصحهم بأن يكون الشيخ عبد الله الجابر عضواً في النادي، وكذلك السيد رجب الرفاعي، وبعد أسبوع من هذا اللقاء خرج للوجود النادي الأدبي».
ومقابل هذه العوامل المشجعة كاد العامل المادي أن يعيق تأسيس النادي، خصوصا وأن الكويت في تلك الفترة لا تتوفر لديها موارد مالية.
فاعتمد في أول الأمر على تبرعات الأعضاء والخيرين، حتى أن سكرتير النادي محمد سليمان العتيبي قدم المصحف الشريف، والكرسي الوحيد الذي كان يملكه، وأما عن الاشتراك الشهري، فكان روبيتين.
وأوضح أن القائمين على النادي الأدبي كانوا منظمين، وكان هذا واضحاً فيما ورد في وصل تسديد اشتراكات النادي، والذي يعطينا دلالة على أنهم كانوا مهتمين بحفظ حقوق الأعضاء، وتسجيل عدد أكبر من المثقفين.
أما عن كيفية اختيار إدارة النادي، فقد اختير لرئاسته الشيخ عبد الله الجابر، والأديب عبد الحميد الصانع بمنصب نائب الرئيس، ومحمد أحمد الغانم بمنصب أمين الصندوق، كما انتخب عيسى الصالح المطوع مديراً للنادي، ومحمد سليمان العتيبي سكرتيراً.
وقال: «نتيجة لهذه الجهود كافة تم تأسيس النادي الأدبي، واستأجرت له ديوانية عائلة الجوعان، التي تقع في الحي القبلي وتحديداً في سوق الذهب الحالي في المباركية لتكون مقراً له، واعتبر أول نادٍ أدبي يؤسس في الكويت، كما يعتبر من أولى مؤسسات المجتمع المدني الكويتية».
واستطرد:«بدأ النادي أعماله، ومثلت قضية الإصلاح والتثقيف المحور الرئيس عند أعضائه، حيث قدموا تصورات مختلفة عن الإصلاح التعليمي والثقافي والسياسي، وكان أول هذه الأدوار إصلاح وإعداد النشء، بغرس مبادئ الدين الإسلامي في الناشئة، لإعداد جيل يحمل الخلق القويم، والعلم، والثقافة».
وكشف أن المشاركات في النادي لم تقتصر على أبناء الكويت، فقد دعي رجال العلم والإصلاح العرب للنادي، ففي عام 1343هـ 1925م زار الشيخ محمد أمين الشنقيطي الكويت، فأقام له النادي حفلة.
وأوضح أن مسألة الوجود البريطاني في المنطقة كانت مطروحة في النادي، والذي يؤكد لنا ذلك أن الشخصيات الإصلاحية التي دعيت للنادي كانت من الذين يرفضون الوجود الغربي بالمنطقة كالشيخ محمد الشنقيطي، الذي كان يميل للدولة العثمانية.
وأيضاً الشيخ عبد العزيز الثعالبي الذي قاوم الاستعمار الفرنسي وزج به في السجن، كما أن الشاعر خالد الفرج كثيراً ما كان يتطرق في قصائده للاستعمار البريطاني، وكان على اتصال مع شعراء وطنه وهو في البحرين.
وختم الجريد محاضرته بقوله: «وصل النادي إلى لحظة النهاية، والتي جاءت نتيجة لأسباب عدة سياسية ومادية أدت إلى إغلاق النادي في عام 1346هـ 1927م».