الاتحاد الأوروبي مُتّهم ... حتى «اعتماد تقنية الفيديو»

No Image
تصغير
تكبير
  • يُفترض برئيس «يويفا» أن يصدر بيان اعتذار كما فعل بلاتر  إثر الأخطاء التحكيمية التي شهدها  مونديال 2010  
  • كانت مباراة الإياب  من ربع نهائي الموسم الماضي الدليل الصارخ  على ضرورة سرعة التحرك 
  • الاتحاد الدولي كان أكثر وعياً وقرر إدخال «التقنية» في كأس العالم 2018 
  • مباراة سالزبورغ ومرسيليا في نصف نهائي «يوروبا ليغ» وجهت صفعة جديدة إلى «يويفا»

قامت الدنيا ولم تقعد، ليس لأن الكثير قيل عن أداء الحكم التركي شونييت شاكير خلال إدارته مباراة ريال مدريد الاسباني وبايرن ميونيخ الالماني في جولة الإياب من الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا في كرة القدم، الثلاثاء، أو مردود زميله السلوفيني كامير سكومينا في المباراة الثانية من الدور ذاته بين روما الإيطالي وليفربول الانكليزي، الأربعاء، بل لأن رأس الهرم والمسؤول المباشر عن البطولة الأهم على مستوى الأندية في العالم، لم يحرك ساكناً.
كان يُفترض برئيس الاتحاد الاوروبي، السلوفيني الكسندر تشيفيرين، ان يصدر بيان اعتذار، على الأقل، كما فعل قبله، الرئيس السابق للاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر إثر الأخطاء التحكيمية «القاتلة» التي شهدها مونديال 2010 في جنوب افريقيا، وتحديداً هدف الانكليزي فرانك لامبارد في مرمى الحارس الالماني مانويل نوير في الدور الثاني والذي تجاوزت فيه الكرة خط المرمى بحوالي المتر، من دون ان يُحتسب.
لا يحرّك تشيفيرين ساكناً حيال الأمر بعد أن سبق له ان اعتبر قبل أسابيع أنه «في الوقت الحالي، كل شيء (تقنية الفيديو لمساعدة الحكام) ليس واضحاً بالنسبة الى المشجعين والحكام. لا يمكننا السماح بهذا الأمر»، وواصل: «رأيت بعض المواقف الكوميدية في ألمانيا، كأس إنكلترا وإيطاليا... يجب أن نجد حلا للمشاكل وليس أن نحاول ارضاء أحد ما».
كان بإمكان تشيفيرين والفريق العامل معه البحث، خلال السنوات الماضية، عن حلّ لما يُعتبر اليوم «فضيحة كبرى» تهدد مصداقية الاتحاد الأوروبي ومسابقاته. وإذا كان اعتماد «الفيديو» لا يعجبه، فلمَ لم يبحث عن حلّ آخر؟
في نهاية فبراير الماضي، أسف الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ، كارل هاينتس رومينيغيه، لقرار الاتحاد الأوروبي بعدم استخدام تقنية الاعادة بالفيديو على الصعيد القاري في الموسم المقبل، ومن المؤكد أن موقفه حيال هذه المسألة أصبح أكثر تشددا بعد ما حصل مع فريقه، الثلاثاء، ضد ريال مدريد عندما حُرم من ركلة جزاء واحدة على الأقل، أكد صحتها اللاعب الخصم البرازيلي مارسيلو.
ماذا كان سيحصل لو اعتمدت «تقنية الفيديو» في تلك المباراة وأخذ الحكم دقيقة ليراجع الحالة ويمنح بايرن ما يستحق في ظل قناعة ريال مدريد ولاعبيه ومدربه والقيّمين عليه وجماهيره بأن ما اتُخذ من قرار هو حقٌ لصاحبه؟
كانت مباراة الاياب من الدور ربع النهائي لدوري الابطال في الموسم الماضي بين ريال وبايرن أيضاً وأيضاً الدليل الصارخ على ضرورة السرعة في التحرك بالنسبة الى الاتحاد الاوروبي على هذا الصعيد، بعد أن تعرض لوابل من الانتقادات نتيجة الأخطاء التحكيمية التي فتحت الطريق أمام «الملكي» للمضي قدماً في مشواره نحو اللقب الـ 12.
في مباراة الموسم الماضي بين «الملكي» و«العملاق البافاري»، استحق البرازيلي كاسيميرو الطرد، بيد أن الحكم طرد، في المقابل، التشيلي ارتورو فيدال على لعبة أثبتت الإعادة التلفزيونية أنه لم يلمس فيها خصمه.
لم يكن هذا كافياً، بل أن الحكم نفسه، المجري فيكتور كاساي، حرم بايرن من هدف محقق إثر انفراد للمهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي بداعي تسلل «وهمي»، ثم منح البرتغالي كريستيانو رونالدو «امتياز» تسجيل هدفين أثبتت الإعادة التلفزيونية أنهما جاءا من تسللين واضحين.
كان هذا إنذاراً واضحاً، بيد أن الاتحاد الاوروبي لم يتعظ ولا حتى الأندية المتضررة، وخصوصاً بايرن ميونيخ الذي توجب عليه، في تلك اللحظة، تشكيل جبهة ضغط على تشيفيرين وصولاً إلى آلية تمنح الحق لأصحابه.
وفي الموسم الراهن، لا الاتحاد الاوروبي تعلّم، ولا إدارة النادي البافاري تعلّمت، ويبدو ان على الجماهير وحدها ان تتعلم بأن حماسها آيل الى الاضمحلال في ظل رؤية الظلم وعدم الشعور بأن القيّمين على المُنتَج، اي كرة القدم، غير مبالين، أو فلنقل لا يظهرون ردة فعل إزاء ما تتعرض له فرق جرى «ركلها» خارج المنافسات بسبب «خطأ ساذج» في التقدير.
ربما لا يصل الأمر الى حدود التلويح بوجود «مؤامرة» بيد أن عدم تحرك الاتحاد الاوروبي يعزز هذا الاتجاه. اللافت ان الاتحاد الدولي كان أكثر وعياً من نظيره الأوروبي (يويفا)، وقرر ادخال «تقنية الفيديو» في بطولته الأهم، أي كأس العالم، ابتداءً من النسخة المقبلة في 2018 في روسيا.
ربما جاء هذا القرار على خلفية رغبة رئيس «الفيفا» السويسري جاني انفانتينو، في تأكيد الصورة «النظيفة» التي يود أن يعكسها حول اتحاده الذي طاولته، في السنوات الأخيرة، قضايا فساد من كل حدب وصوب وأدت في النهاية الى قطع رؤوس كبار المسؤولين السابقين فيه.
وعلى الرغم من أن قضايا الفساد لم تتشعب في الاتحاد الاوروبي وطالت فقط رئيسه السابق الفرنسي ميشال بلاتيني، إلا ان تشيفيرين لم يكن بمستوى شجاعة وذكاء انفانتينو، لجهة إيجاد الوسائل الكفيلة بجعل المتابع يثق في ما يقدم له، أي المباريات التنافسية.
من المؤسف أن تتطرق الصحف العالمية في اليوم التالي لكل من مباراتي نصف نهائي دوري ابطال اوروبا في الموسم الراهن، الى مسألة التحكيم عوض التحليل الفني، ومن المعيب لمسابقة مثل هذه ان يكتفي القيّمون على الفرق فيها بالحديث عن ظلم وقع عليهم.
اسئلة عدة تحضر الى طاولة الاتحاد الاوروبي: لمَ قرر رفض اعتماد «تقنية الفيديو» حتى في الموسم المقبل من دوري ابطال اوروبا؟ ألا تكفي الأخطاء التي وقعت في الموسمين الماضي والراهن؟ وهل يستفيد «يويفا» هكذا على مستوى الرعاية والمصداقية أو يخسر؟
تشيفيرين، صاحب الشخصية المترددة، بدا مشككا بنجاح «في ايه آر» (تقنية الفيديو لمساعدة الحكام) في مونديال روسيا، إذ قال: «أنا متخوف بعض الشيء بالنسبة الى كأس العالم حيث سنجد حكاما لم يسبق لهم إدارة مباراة» مع هذه التقنية.
هذا التخوف مرفوض لأن منافع التقنية تبقى أكثر بكثير من مساوئها، كما أن من شأنها أن تساعد الحكام في بعض الحالات، وهذا هو المطلوب.
لقد تابع تشيفيرين بالتأكيد مباراة ريال مدريد وبايرن ميونيخ، وأيضاً مباراة روما وليفربول، فهل كان راضياً؟ وهل يكفي اعتذار الحكم؟
هل تابع منح الحكم ركلة جزاء «مشكوك في صحتها» للاعب ريال مدريد لوكاس فاسكيز في المباراة امام يوفنتوس الايطالي في إياب ربع النهائي وها تابع كيف ألغى الحكم هدفاً صحيحاً للاعب مانشستر سيتي الانكليزي، الالماني ليروي ساني، في مرمى ليفربول في الدور نفسه؟
ثم جاءت مباراة سالزبورغ النسموي ومرسيليا الفرنسي في جولة الاياب من الدور نصف النهائي لمسابقة الدوري الاوروبي (يوروبا ليغ)، الخميس، لتوّجه صفعة جديدة الى «يويفا». فقد نجح سالزبورغ في تسجيل هدفين معادلا مضيفه الفرنسي الذي تقدم عليه في جولة الذهاب على استاد «فيلودروم» بالنتيجة ذاتها.
وفي الدقائق الاخيرة من الشوط الاضافي الثاني، حصل مرسيليا على ركلة ركنية خاطئة بيّنت الاعادة ان الكرة لم تصطدم فيها بأي لاعب من الفريق النمسوي بل بلاعب من الفريق الفرنسي.
ومن هذه الركلة الركنية، سجل مرسيليا هدف التأهل.
يكفي الاتحاد الاوروبي ان يقرأ ردود افعال مشجعين لا ينتمون الى بايرن ميونيخ وروما وسالزورغ فقط بل الى معظم الاندية الاوروبية وذلك في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، ليلمس لمس اليد مقدار السخط الذي بلغه هؤلاء في مقاربتهم ورؤيتهم لكرة القدم.
وطالما ان الاتحاد الاوروبي اكتفى بدور المراقب لهذه «السرقات» التي كان يمكن تلافي معظمها وإن بوسيلة لا يستسيغها رئيسه، فإن في الأمر إنّ، الى حد المجاهرة بأن «يويفا» متهم... حتى اثبات العكس، والعكس هنا يملي عليه اتخاذ القرار البديهي بإدخال تقنية الفيديو لمساعدة الحكام الى بطولة تستحق اكثر مما أعطي لها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي