سلسلة ترسم كل حلقة منها خارطة طريق إلى تحسين أحد جوانب الصحة والعافية... بدنياً ونفسياً

كيف... تستعيد نشاط دورتك الدموية؟

تصغير
تكبير

ملف أسبوعي
من إعداد: عبدالعليم الحجار

إذا كانت صحتك العامة جيدة ولا تعاني من أي مرض مزمن لكنك تشعر أحيانا بآلام عابرة في الصدر أو بضيق في التنفس أو بعدم الاستغراق في النوم أو بنوبات صداع متكررة، فمن المحتمل أن تكون تلك من بين أعراض منذرة أخرى تنجم عادة عن وجود مشكلة في طبيعة نشاط وسلاسة دورتك الدموية التي تشمل القلب وشبكة الشرايين والأوردة المنتشرة في جميع أجزاء جسمك.
وبما أن الدم هو الذي يحمل الغذاء والأكسجين إلى سائر أعضاء وأنسجة وخلايا الجسم ثم يعود منها حاملا «النفايات» للتخلص منها، فإن درجة صحة ونشاط الدورة الدموية هي التي تحدد مدى صحة البدن عموما. وهذا يعني أن سريان الصحة والعافية يبدأ من الأوعية الدموية ويعتمد على مدى سلاسة تدفق الدم فيها ومدى احتوائه المكونات الغذائية اللازمة وخلوه من المواد المسببة للمشاكل والأمراض والاضطرابات.
وعلى الرغم من أننا أصبحنا نعيش في عصر التكنولوجيا الرقمية المتطورة، فإن مشكلة كثيرين منا هي أن أنماط الحياة الحديثة المعاصرة باتت تفرض علينا عادات غير صحية كثيرة تسهم في خمول الدورة الدموية في الجسم، وهي العادات التي تشمل قلة النشاط البدني، وكثرة تناول الأغذية والمشروبات غير الصحية.
لهذا، سنسعى في هذه الحلقة إلى أن نضع بين ايديكم خطة متكاملة ذات ثلاثة محاور من أجل تنشيط الدورة الدموية وتخليصها من الأعباء والعراقيل التي تعيق سلاستها وحيويتها...

المحور الأول: النشاط البدني
الاستحمام... التبايني

النشاط البدني لا يقتصر على التمارين الرياضية بل يشمل أيضا أي مؤثرات موضعية تستهدف الجسم سعيا إلى تنشيط سريان وتدفق الدم فيه.
ومن بين تلك المؤثرات الموضعية هناك «الدوش التبايني» الذي يعتمد على التبديل والتناوب بين الماء الساخن والماء البارد نسبيا في أثناء الاستحمام. وهذا الاجراء يساعد بشكل فعال على تحسين دورتك الدموية من خلال التأثير الإيجابي على التناوب بين توسع وانقباض الأوردة الدموية.
فتيار الماء الساخن يجعل أوعيتك الدموية تنبسط وتتوسع على نحو يزيد تدفق دورتك الدموية، بينما الماء البارد يجعل تلك الأوعية تنقبض قليلا لتهدئة قوة التدفق. وتكرار هذه الدورة مرة بعد أخرى يسهم في تعزيز صحة الأوعية الدموية والقلب، شريطة ألا يكون الفرق كبيرا بين الماء البارد والساخن وألا يكون التحول من أحدهما إلى الآخر مفاجئا.
وإذا واظبت على أخذ مثل هذا «الدوش التبايني» بانتظام، فإن ذلك كفيل بجعل أوعيتك الدموية وجهازك الدوري عموما أكثر مرونة، وبالتالي تحسين أداء دورتك الدموية.


معالجات حرارية... موضعية

المعالجات الحرارية الموضعية هي من اشكال النشاط البدني، وهي أساليب استشفائية تعتمد على الاستفادة من طاقة حرارية كامنة في سائل أو حتى في صخور من أجل تنشيط سريان وتدفق الدم في المواضع التي يتم استهدافها بالملامسة المباشرة من على الجلد.
ويمكنك أن تمارس هذا النوع من المعالجة الحرارية الموضعية في المنزل بأن تقوم بتغطيس جسمك كاملا مع الاسترخاء لمدة 20 إلى 30 دقيقة في حوض استحمام (بانيو) مملوء بماء دافئ مذاب فيه كمية مناسبة من أملاح كبريتات المغنيزيوم (المشهورة بـ«الملح الانكليزي»)، والتي هي أملاح معدنية استشفائية.
وإذا لم يتسنَ لك ذلك، فبوسعك أن تملأ زجاجات بمياه ساخنة نسبيا (42 درجة مئوية تقريبا) ووضعها على ذراعيك وساقيك لمدة من 10 إلى 15 دقيقة لتحسين تدفق الدم. وإذا كان جلدك حساساً، فيستحسن أن تضع فاصلا قماشيا رقيقا بين الزجاجات وجلدك لتفادي احتمال أو خطر الاصابة بلسعات أو حروق.


رفع القدمين

الاستلقاء مع رفع قدميك وساقيك إلى مستوى أعلى قليلا من مستوى بقية بدنك هي طريقة سهلة ورائعة لتنشيط دورتك الدموية والاسترخاء في الوقت ذاته. وفضلا عن ذلك، فإن ممارسة هذا التمرين البسيط بانتظام تقلل من احتمالات الإصابة بدوالي الأوردة الدموية، والتي تنتج إما عن ارتفاع ضغط الدم المزمن أو عن الوقوف لفترات زمنية طويلة.
* تمارين اللياقة البدنية
أي شيء يعزز لياقتك البدنية العامة هو بالضرورة مفيد لتحفيز وتحسين أداء دورتك الدموية. لكنَّ النوعين التاليين من التمارين على وجه الخصوص مفيدان في تحقيق هذا الغرض:
• تمارين القلب والأوعية الدموية: ومن أمثلتها السباحة، وركوب الدراجات الهوائية، والجري، إلخ. كما أن تمارين الإيروبيك تساعد بشكل فعال على تحسين أداء القلب والأوعية الدموية.
• تمارين القوة: تشمل هذه التمارين جميع أشكال رفع الأثقال، وهي تساعدك على بناء العضلات، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة فعالية القلب والدورة الدموية إلى جانب الدورة الليمفاوية المسؤولة عن جزء من مناعة الجسم.
أما إذا كانت ظروف عملك لا تسمح، فانهض من مكانك بمعدل مرة كل ساعة وقم بممارسة تمرين لياقة بدنية أو تمرين صغير لمدة 3 إلى 5 دقائق. وهذا مفيد بشكل خاص إذا كنت تعمل في مكتب طوال اليوم وبالكاد تحصل على فرصة للتجول. حاول مثلا القيام بدوارات بذراعيك، أو تكرار الانحناء من وضعية الوقوف مع لمس أصابع قدميك بأطراف أصابع يديك، أو الركل بقدميك في الهواء، أو أداء قفزات صغيرة بما يكفي لرفع معدل نبضات قلبك.


المشي بانتظام

ذهابك بانتظام لممارسة رياضة المشي لمدة 10 دقائق تقريبا بعد تناول وجباتك هو عادة صحية كفيلة بأن تسهم في تنشيط دورتك الدموية إلى جانب مساعدة جهازك الهضمي على القيام بوظائفه الحيوية. ويُوصي الأطباء بالمشي لمدة 30 دقيقة على الأقل كل يوم. وإذا كنت مصابا بأحد أمراض الأوعية الدموية الطرفية، كالدوالي الوريدية مثلا، فاحرص دائما على ارتداء ملابس داخلية داعمة، مثل الجوارب الضاغطة أو الضمادات.


جلسات التدليك

 على غرار تمارين اللياقة البدنية، يساعد تدليك الجسم - أو المساج - في تنشيط الدورة الدموية موضعيا (أي في مواضع التدليك)، وذلك عن طريق تحفيز تدفق الدم في الأنسجة اللينة. وإلى جانب ذلك، أثبتت نتائج دراسات عدة أن للتدليك فعالية شاملة في تسريع عملية شفاء والتئام أنسجة الجسم المعطوبة.

المحور الثاني: تغييرات في نمط الحياة
تنفيس التوتر

مع مرور الوقت، يمكن أن يترك التوتر النفسي والذهني تأثيرات سلبية وخيمة العواقب على دورة الدم في جسمك بشكل خاص وعلى بقية أعضاء الجسم بشكل عام. لذا فإن المحافظة على صحة ونشاط دورتك الدموية تستلزم منك أن تبحث عن طرق صحية لإدارة وتخفيف وتنفيس التوتر، بما في ذلك أداء التمارين الرياضية بانتظام، وممارسة تقنيات ورياضات التأمل، والخضوع إلى العلاج النفسي، وغير ذلك من المتنفسات.


احذر هذه المشروبات!

 إذا استطعت أن تتوقف تماما عن المشروبات التي تحوي مادة الكافيين، فافعل ذلك. أما إذا كنت لا تستطيع العيش من دون الكافيين، فعلى الأقل حاول تقليص إجمالي استهلاكك اليومي من تلك المشروبات إلى أقل درجة ممكنة على مدار يومك. وعلى سبيل المثال، إذا كنت تحتسي عادة فنجانين اثنين من القهوة في الصباح، فمن الأفضل أن تكتفي باحتساء فنجان واحد فقط، أو ابدأ في التحول إلى شرب القهوة منزوعة الكافيين.
وأيضا، من المفيد جدا لدورتك الدموية أن تمتنع تماما عن تعاطي أي مشروبات كحولية أو غازية أو كثيفة السكريات، بما في ذلك مشروبات الطاقة. فعلى الرغم من أن تلك الأنواع من المشروبات قد تمنح شعورا موقتا وآنيا بالطاقة، فمن المعروف عنها أنها تترك في المدى البعيد تأثيرات سلبية وضارة على الأوعية الدموية بشكل خاص.


الماء الكافي... ضرورة

من الضروري جدا أن تواظب على شرب ما يكفيك من الماء على مدار يومك حتى لا تواجه أعضاء جسمك صعوبة في إنتاج الطاقة وأداء وظائفها الحيوية اليومية. لكن في الوقت ذاته ينبغي التنبيه إلى أنه ليس أمرا جيدا أن تفرط في شرب الماء، بل الأنسب هو أن تبادر إلى شرب كمية مناسبة فور شعورك بالعطش. ويستحسن أن تشرب بعض الماء الدافئ بين الحين والآخر، إذ إن الماء الدافئ يساعد على انبساط وتفتيح الأوعية الدموية بينما يساعد الماء البارد على انقباضها بعض الشيء.


الأطعمة الصحية

احرص قدر المستطاع على تناول الأطعمة الصحية وتفادي غير الصحية. ولتحقيق ذلك، تناول الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، والدهون الصحية (الموجودة في زيت السمك وزيت الزيتون والمكسرات والبذور).
وفي الوقت ذاته، عليك في المقابل الابتعاد عن الأطعمة غير الصحية التي تجلب ارتفاع ضغط الدم ومشاكل أخرى تؤذي الجهاز الدوري. وعلى رأس تلك الأطعمة تلك التي تعرضت إلى عمليات معالجة وتصنيع أكثر من اللازم، كالأطعمة التي تحوي السكر أو الملح الزائد، والأطعمة التي تحوي دهوناً غير الصحية (دهون مشبعة ودهون متحولة).


الإقلاع عن التدخين

من بين الأضرار الكثيرة للتدخين على الصحة أنه يؤثر سلبيا على أداء وكفاءة الدورة الدموية. فمن الثابت بحثيا وطبيا أن جميع أشكال تعاطي النيكوتين هي من بين الأسباب الرئيسية لمشاكل الدورة الدموية. لذا، فإن الإقلاع عن التدخين وعن تعاطي النيكوتين عموما هو أحد العوامل التي من شأنها أن تسهم في مساعدة الدورة الدموية على استعادة عافيتها.

المحور الثالث: استشارة طبيب
الأعراض المُنذرة

عندما يتعلق الأمر بصحة دورتك وأوعيتك الدموية، من المهم جدا أن تعرف متى يتعين عليك أن تلجأ إلى طبيب. وبتعبير آخر، يجب أن تكون على وعي ودراية بالأعراض أو العلامات التي تعتبر بمثابة أجراس إنذار تحذر من أن هناك شيئا يستدعي التدخل من جانب طبيب متخصص.
وحتى تكون قادرا على الانتباه فورا إلى أن جسمك يواجه مشكلة في ضخ الدم، فينبغي أن تراقب العلامات والأعراض المنذرة التالية:
• ظهور دوالي في بعض الأوردة.
• الشعور بوخز في القدمين واليدين.
• برودة الأطراف (وتحديدا في أصابع اليدين والقدمين).
• ظهور بقع في الجلد مشوبة باللون الأزرق.
• بطء التئام الجروح.


متى ينبغي اللجوء إلى طبيب؟

في حال ظهور أي من الأعراض المذكورة آنفا، بادر في أقرب فرصة إلى عرض نفسك على طبيب متخصص ليفحصك ويقوم بتشخيص الحالة. ويستحسن أن تستشير الطبيب حول إمكانية تحسين أداء دورتك الدموية من خلال تعاطي مكملات غذائية.
وفي ضوء التشخيص الذي سيتوصل اليه طبيبك، فإنه قد يصف لك أو يرشدك إلى تعاطي مكملات غذائية معينة وبجرعات صحية مناسبة لك من أجل تحسين دورتك الدموية.

أغذية ومُكمّلات... لزيادة عدد كُريّات الدم الحمراء

انخفاض عدد كُريّات الدم الحمراء هو أحد مسببات الاصابة بالأنيميا التي من بين أعراضها الشعور بالضعف والخمول. ولأن استعادة الشعور بالعافية يستلزم معالجة ذلك انخفاض، نورد في التالي العناصر والمكملات الغذائية الكفيلة بزيادة عدد تلك الكُريّات في الدم:
• الحديد: يوجد بكميات كبيرة في البقوليات، والعدس، والخضراوات ذات الأوراق الخضراء، والبرقوق المجفّف، ولحم الكبد، والبازلاء، وصفار البيض، واللحوم الحمراء، والزبيب المجفّف. وإذا كان جسمك غير قادر على استخلاص الحديد من الأغذية، فبوسعك استشارة طبيب لتتناول مكملات غذائية. وتتوافر مكملات الحديد بتركيزات 50-100 مليغرام ويمكن تناولها بمعدل 2 إلى 3 مرات يوميًا.
• النحاس: يساعد الخلايا على الوصول إلى الشكل الكيميائي المطلوب للحديد في خلايا الدم الحمراء خلال عملية الاستقلاب. والأغذية الغنية بعنصر النحاس تشمل: لحوم الطيور، والأسماك القشرية، والكبد، والحبوب الكاملة، والشيكولاته، والفول، والكرز، والمكسرات. وتتوافر مكملات النحاس الغذائية بتركيز 900 ميكروغرام، ويمكن تناولها مرة واحدة يوميًا.
• حمض الفوليك: هو ذاته فيتامين B9، ويساعد في إنتاج خلايا دم حمراء طبيعية. يوجد بنسب عالية في: الحبوب، والخبز، والخضراوات الداكنة، والعدس، والبازلاء، والفول، والمكسرات. ويتوافر على هيئة مكمل غذائي - بتركيز 100إلى 200 ميكروغرام، ويؤخذ مرة واحدة يوميًا.
• فيتامين A:  يدعم نمو الخلايا الجذعية المنتجة لكُريّات الدم الحمراء في نخاع العظام. ويوجد بنسب عالية في: البطاطا الحلوة، والجزر، والخضراوات الداكنة، والفلفل الأحمر الحلو، والفواكه مثل المشمش، والكريب فروت، والبطيخ، والبرقوق.
• فيتامين C: يعزّز قدرة الجسم على امتصاص المزيد من الحديد، مما يزيد من إنتاج كُريّات الدم الحمراء. وتناول 500 مليغرام من فيتامين C مرة واحدة يومياً مع الحديد يزيد من معدّل امتصاص الحديد في الجسم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي