لواء بدرجة إطفائي للأزمات والصراعات في المحافظة

خالد الشاذلي... يوقف «سلسال الدم» في سوهاج

u062eu0627u0644u062f u0627u0644u0634u0627u0630u0644u064a
خالد الشاذلي
تصغير
تكبير

تعد محافظة سوهاج... واحدة من محافظات صعيد مصر التي تشكل القبائل والعائلات نسيجها الاجتماعي، وهي من المحافظات التي تعاني نقصاً على مستوى المشروعات التنموية الاقتصادية.
ومع غياب الخدمات وتراكم الأزمات عانت المحافظة - ذات الاثني عشر مركزاً - من انتشار ظواهر سيئة تأصلت في بيئة المجتمع السوهاجي وزادت من أوجاع المحافظة.
وتأتي في مقدمة تلك الظواهر ظاهرة الثأر البغيضة والقتل... والقتل المضاد بين العائلات والقبائل، ففي السنوات الماضية التي شعر فيها الشعب بضعف القبضة الأمنية، انتشرت ثقافة الثأرعلى امتداد المحافظة- انتشار النار في الهشيم- وساءت العلاقات بين العائلات، بعدما ضاعت أرواح خيرة الشباب.
وكنقطة ضوء، جاءت مبادرة «سوهاج بلا ثأر»، والتي تبنتها وزارة الداخلية، في محاولة للقضاء على هذا الموروث الأسود الذي لا يتفق وتعاليم الدين، ولا ينسجم مع الفطرة الإنسانية السليمة.
وضمن استراتيجية وزارة الداخلية المصرية في التصدي لظاهرة الثأر والعنف المجتمعي قادت مديرية أمن سوهاج قطار المصالحات في المحافظة بالتعاون مع الأجهزة الشعبية والتنفيذية وبالتشاور مع العمد والمشايخ وكبار العائلات.
وبالتنسيق مع رموز القبائل والكوادر الشبابية المؤثرة ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، بهدف وقف نزيف الدماء وحماية للأرواح وحفاظاً على الأمن العام.
ونظراً لأن إدارة هذا الملف الصعب والمعقد تتطلب مزيداً من الحكمة والحنكة والقدرة الجيدة على إدارة المفاوضات بين أطراف الخصومة في مجتمع صعيدي قائم على العصبية والقبلية وحيازة السلاح، سطع نجم قيادة أمنية رشيدة هواللواء خالد الشاذلي مديرالمباحث الجنائية في المحافظة.
يُعد الشاذلي رجل أمن من طراز فريد، توافرت في شخصيته كل مقومات رجل الشرطة الناجح والكفؤ، إذ تمكن من تحقيق معادلة أمنية قائمة على إنفاذ القانون وسيادته من جهة، عبرالتصدي لكل أشكال الخروج على القانون والقضاء على البؤرالإجرامية والبعد الإنساني مع مراعاة حقوق الإنسان من جهة أخرى، فهو يؤمن أن الانتماء إلى المنظومة الأمنية المصرية شرف لا يضاهيه شرف، وأن العمل الأمني رسالة مقدسة فلسفتها الاحترام المتبادل بين جهاز الشرطة والمواطنين وأساسها دعم أمن المواطن وأمان الوطن.
لقد نجح الرجل ببراعة واقتدار وبالتنسيق مع إدارات الأمن الأخرى الأمن العام والأمن الوطني وبالتشاور مع قيادات وزارة الداخلية في إنهاء نحو 258 خصومة ثأرية عنيفة من أصل قرابة 350 خصومة في سوهاج بمختلف مراكزها وقراها ونجوعها.
واستطاع أن يلفت الأنظار ويحقق في وقت قصير ما لم يتحقق في سنوات طويلة حتى أصبح أسطورة المصالحات في محافظة سوهاج من أدناها إلى أقصاها وأحد أهم أسباب نجاحها، إنه مهندس فض النزاعات الأول في المحافظة، بل إن كثيرين يلقبونه بـ «أسد الحق».
يقود الشاذلي الذي ذاع صيته بين أبناء الجالية السوهاجية المصرية هنا في الكويت هذا الملف الشائك بمزيد من الصبر واتساع الصدر والحياد فهو لا يخشى في الحق لومة لائم ويتحكم في انفعالاته ويقف من كل أطراف الخصومة على مسافة واحدة فلا يجامل هنا ولا يميل هناك.
يضع الشاذلي الأمور في مواضعها، ويزن أقواله بميزان العقل حتى حاز ثقة رؤسائه منذ الوهلة الأولى فهو على تواصل وتماس دائم بهم يضع بين أيديهم كل تطور ما يعكس قناعاته بأن لكل شخص دوره، إذ يمتلك موهبة تقييم الأوضاع ومعالجة الأمور، فهو على معرفة تامة بالأجواء الصعيدية وبالموروثات الاجتماعية والثقافية لهذه البقعة الجغرافية في جنوب مصر، وبتفاصيل هذا النوع من الخصومات، فهو ينتمي إلى محافظة قنا إحدى أكثر محافظات الصعيد تمسكاً بالعادات والتقاليد والقيم وهو ابن بار لإحدى أعرق القبائل في الصعيد.
لا يغيب عن ذهن الشاذلي أن احتواء الأزمات فن وعلى هذا الأساس يتواصل مع أطراف الخصومة باذلاً كل جهد ويستمع إلى كل طرف من أطراف النزاع على حدة لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى صيغة تفاهم ونقاط التقاء بين الطرفين بما يمهد للتوصل إلى حلول وسط يقبلها الطرفان.
إن أهالي محافظة سوهاج يطلقون عليه رجل المهمات الصعبة، هذه المقولة لم تأت من فراغ فهو يبدو كرجل إطفائي بامتياز يطفئ حرائق الصراع والخصومة بين العائلات المتعاركة قبل أن تمتد وتشتعل لتأكل الأخضر واليابس، يصنع السلام بين الناس وينشر التسامح واضعاً نصب عينيه أن حماية المجتمع واجب وطني يفرضه الانتماء إلى المؤسسة الأمنية المصرية.
إن عائلات عديدة سقطت في بئر النزاع والصراع في كل أنحاء محافظة سوهاج تشعر بالعرفان والامتنان إلى هذا الرجل فهو من أوقف سلسال الدم ومنع الرصاص من حصد الأرواح وزرع المحبة في قلوب المختلفين بدلاً من الكراهية وجنب هذه العائلات مخاطر القفز في متاهات المجهول.
ولعل أبرز المراكز التي استطاع الشاذلي أن يسجل بصمة كبيرة فيها هو مركز دار السلام الذي يعاني نقصاً موجعاً في الخدمات الصحية والتعليمية والتنموية، ما دفع الشباب للتفاعل والتلاحم مع جهات الاختصاص لمعالجة ما يمكن معالجته.
ونؤكد هنا أن الشاذلي فتح آفاقا للتعاون مع شباب دار السلام كمثال وليس حصراً، ما أدى إلى نجاح قطار المصالحات بها حتى الآن، فيما يتأمل شبابنا ان يحصل على فرصته كاملة لترجمة الاهتمام الحقيقي بالجانب الخدمي بعد إسدال الستار على آخر خصومة.
إن الجنود المجهولين من الكفاءات المتميزة على امتداد الدولة المصرية ستبقى نقطة مضيئة في سماء وطننا مصر، فعلى أكتاف هؤلاء تعبر الدول إلى واقع أكثر استقراراً وإلى مستقبل أكثر ازدهارا، كفاءات متميزة تقتنع بأن إرساء قيم الإخلاص في العمل وبذل المجهود وإنكار الذات هو السبيل الوحيد لتقدم ورفعة المجتمع.
إن كل الفئات المخلصة في كل المواقع في بلادنا يستحقون تسليط الضوء عليهم ووضعهم دائماً في المكانة اللائقة من منطلق وضع الرجل المناسب في المكان المناسب فهؤلاء هم صناع الحياة في المجتمع يرسمون طريقاً للأمل بأن القادم أفضل وأن لهذا الوطن رجالا تحميه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي