علّمونا في المدرسة صغاراً أنكَ إذا أردتَ أن تَجْرَحَ زميلَك فانعتْه بـ«تهمةِ» أنه نعنوع كالبنات.
وعلَّمونا أن الحسناء ما كانت لِتَرْفَعَ سِتْرَها لو أن في هذي الجُموعِ رجالاً. وأن الحاكم كان يبكي كالنساء مُلْكاً لم يحافظ عليه كالرجال.
علَّمونا في التراث أن ثمة نقصاً في عقل المرأة ومعتقداتها. وأن صوتها عورة يُحَرَّم الاستماع إليه إن «تَلَذَّذ به السامع أو خاف على نفسه الفتنة»، وأن وجهها عورة وجسدها عورة... ثم اختُصر ذلك بأن «المرأةَ عَوْرَةٌ فإذا خرجتْ استشْرفها الشيطان».
وعَلَّمونا في الأفلام أن المعتقَل يرْضى لأيامٍ بكل وسائل التعذيب رافضاً طلب جلّاده أو «العشماوي» الاعتراف بانتقاص رجولته، وعندما ينهار يبكي ويقول «أنا مَرا أنا مَرا» فـ تَسْوَدّ الدنيا في وجهه ويكره ما بقي من عمره ويفكر بالانتحار لأنه قالها، ثم عندما يعترف لصديقه لاحقاً بأن المحققين انتزعوا اعترافه بالأنوثة تحت التعذيب يشهق الأخير ويقرّر أن يصبح مُخْبِراً لدى أمن الدولة كي لا يلاقي المصير نفسه.
علَّمونا في بعض الدول العربية، وتحديداً في بيئاتٍ معيّنة، أن الرجل يرْفق كلمة «تكرم» عندما يأتي على ذكر زوجته، وهي الكلمة نفسها التي يذكرها إذا تكلّم عن دورة المياه أو شيء مشابه وتعني بلغة أهل المشرق «أنت أكبر قدر» أو «أجلّك». كما علّمونا أن الزوجة في دولٍ مُسْلِمة لا يجوز أن تتقدّم بالسير على الرجل بل يجب أن تنأى بالمسافة عنه.
علّمونا أن الرجل إذا أنجبتْ زوجتُه بنتاً تَضايق إلى حد البكاء ومضى ينجب 10 مرات مع كل الأعباء المعيشية المترتّبة على ذلك الى أن يرزقه الله بصبيّ يحمل اسمه، فالذكَر جديرٌ بحمل الاسم أما الأنثى فلا.
وعلَّمونا أن الصبي عيْبه عند غيره، ويتباهى والداه إنْ كان زير نساء أو «دون جوان»، وأن البنت عيْبها عليها وعلى أُسْرَتِها... «وهمّ البنات للممات». يشجعّه أهله على الطلاق ويدعمون خطوته ولو كان مخطئاً، ويعيدونها في منتصف الليل إلى بيت زوجها حتى ولو كان يهينها ويعتدي عليها، فالمطلَّقة سُمْعَتُها سيئة وتستدْرج «الموبقات».
وعلَّمونا أن الشاب يُقْدِم على أي نوع من أنواع العمل من دون أي إحراج، وأن البنت يجب أن تكون «قدراتها» غير مهنية أو أكاديمية أو فكرية فقط، فإن صمتتْ على الوضع مصيبة، وإنْ تكلّمتْ واحتجّت وُضعتْ فوراً في خانة «الشراكة» ولو من باب الاستدراج، لأن العقل العربي لا يرضى بالمساواة إلا في خانة التحرّش.
... وبعد ذلك، يحلّ يوم المرأة العالمي، فنسمع ممّن علّمونا سابقاً، أن المرأة «هي الأم والأخت والابنة والحبيبة والصديقة ونصف المجتمع»، فنتعلّم مجدداً كم نحن منافقون في الفكر والسلوك.
سيّدتي المرأة في عيدك العالمي، أَسْتَحْلِفُكِ بالله ألا تصدّقينا... تحديداً نحن معشر الرجال العرب والمُسْلمين.