خلال منتدى أقامته رابطة الأدباء في مكتبة الكويت الوطنية

الحربي والعنزي والشمري... أنشدوا شعرهم «في حب الوطن»

تصغير
تكبير

أضاءت قصائد ثلاثة شعراء كويتيين قاعة مسرح مكتبة الكويت الوطنية، بجميل الكلم وتوهج المعاني، التي ازدانت إشراقا في حب الوطن، ومدحا لكل أحواله وحالاته، في منتدى «الشعر في حب الوطن» الذي نظمته رابطة الأدباء الكويتيين بالتعاون مع مكتبة الكويت الوطنية، احتفالا بأعياد الكويت الوطنية، وأدارها الأديب حمد الشريعان.
وفي الملتقى تألقت قصائد الشعراء المشاركين فيه: مشعل الحربي وعبدالله العنزي وموضي رحال الشمري، في سياق اتسم بالدقة في استشراف الرؤية الشعرية، تلك التي تناجي الوطن في قديمه وحديثه، وتشتبك مع المفردات من أجل الوصول إلى مدلولات حسية مفعمة بالرقي والتواصل الدؤوب مع العاطفة الوطنية المتوهجة بالحب.
وتناول الشاعر العنزي في قصائده الكثير من المضامين المتعلقة بالوطن في تناسق شعري متميز، ووفق أحاسيس صادقة نابعة من عمق التجربة الشعرية التي يعيشها الشاعر ليقول في قصيدة «وطن بحجم الحب»:

حيَّاك مبتسماً... متى حَـيَّـيْـتَهُ
وطنٌ هنا... أنَّى اتجهتَ أتيتَـه
وطنٌ بحجمِ الحبِّ، يخترقُ المدى
ليريكَ ما أخفى... وما أخفيتَهُ
وطنٌ يسافرُ في اللحاظِ فكلما
أغمضتَ جفنًا عن سناه رأيتَهُ
وطنٌ كقنديلِ الضياءِ، لـعُـتمةٍ
في آخرِ الطرقاتِ يحرقُ زيتَهُ

وختم العنزي قصيدته ببيت شعري معبر عن انشغاله بحب الوطن ليقول:

ليت الذي أعطى الكويتَ قلوبَنا
يدري بما تُخفي الجوارحُ ليتَـهُ

وفي قصيدة «الحزنُ يكبُرُني، وأنتَ تُكابِرُ»، اتسمت المشاعر بالحزين، والإحساس بالاغتراب، بينما الكلمات متوهجة بالحيوية ليقول:

قلبي الحزينُ هو القصيدةُ كلُّها
ويصيرُ أن تبقى... ويفنى الشاعرُ
أنا ذلك الرَّحالُ أغرِفُ من دمي
ثمنًا لـكـلِّ خطيئةٍ... وأُغادِرُ
لا وجــهَ يشبهني... وكلُّ مدينةٍ
منفى إليَّ... وكلُّ وجهٍ عـابِـرُ

وألقى العنزي قصيدة تحمل في معاني الإخلاص للكلمة... استخدم فيها مفردات متواصلة مع الوجدان الوطني ليقول:

 سأظلُّ أكتبُ للكويتِ طِوالَها،
وأظلُّ أعـشقُ بحرها ورمالَها
دارٌ تهيمُ بها الـقـلوبُ محبـةً
وكأنها سَقَت القلوبَ خيالَـهَا
وتــألَّـقَـتْ بين النجومِ كــأنها
مَدَّتْ إلى عَرْشِ البهاءِ حبالَهَا
هي عشقُنا الأبديُّ، نبضُ قلوبِنَا
نَقَشَتْ لآياتِ الجمالِ جمالَهَا
كَتَبَتْ لتاريخِ الكرامِ سطورَهَا
شَرَفـاً، فَـضَاءَ وأَخْرَسَتْ عُذَّالَهَا

فيما بدت الرؤى متناسقة في قصائد الشمري مع الروح الشاعرة، تلك التي تبحث عن الجمال أينما حل، لتقول في إحدى قصائدها:

يشيع الدهر أعواما... فهل تدري؟
أن الحياة كلام... حبره عمري
والخلد لن يقتفي اسمي بما جمعت
كفي من المال... ما لم يقتفِ ذكري
يعنيك حالي؟... أنا للعقل أسلمه
من ضيعة   الخمس حتى قبضة العشر

ثم تواصلت الشاعرة من ذائقتها الشعرية، من خلال ما أنشدته من قصائد لتقول مفتخرة ببلدها وأصلها الطيب:
بلادي يا سماءً لبست ثوب َبلادْ
يا سمائي يا بلاداً جمَّلت بالعقدِ جيدْ
 وتجلت في كمالِ الحسنِ والعقل الرشيدْ
‏إن كتبنا فيكَ شعراً أبدعَ الحرفُ وجادْ
ويجودُ الشعرُ لما يحتمي عقلٌ المُجيدْ
‏ينسجُ الحرفُ بياناً... ومن الشوقِ عتادْ
ومعانٍ تجبرُ القلبَ على (هل من مزيد)

وحرصت الشاعرة في قصائدها على التماهي والتناص مع التاريخ، عبر استدعاء أحداثه وفق منظومة شعرية متقنة لتقول:

 يا صاحبَ السجنِ... هل قيدي وأغلالي
تعمي عيوني؟... وتقصي صوتي العالي؟
وهل تظنُ... سمائي حين يحجبها
سقفُ السجونِ؟... تغني غيرَ موالي
لانَ الحديدُ برسغي... حين أخبرَهُ
نبضي! وقد يشتكي قلبي على حالي
وكبَّرَ القيدُ في ساقي وما فتئتْ
فيّ القيودُ... تحاكي صوتَ خلخالي

وتناغمت المشاعر بكل أريحية وجمال في قصائد الحربي، تلك التي بدت فيها المفردات قوية وذات أصداء شعرية متحركة في أكثر من اتجاه ليقول في قصيدته الوطنية:

‎هـذي الكويت وهذا الحيُّ والـدارُ
‎والأهل والصحب وابن العم والجارُ
‎والمالكون فـؤادي في سـمائهمُ
‎ففـي فـؤادي لهم شمس وأقـمارُ
‎صناعة الشـوق شيء لست أحسنه
‎لكنـه يعـتـلي فـيـنا فـننهـارُ
‎أشتـاق للصبح كي يختال في جسدي
‎واللـيـل فـيــه أحـاديـث وأسـمارُ
‎هــذي المــآثـر في قـلبي لها وطــنٌ
‎فـكيف ينكـر من تبكيـه آثارُ؟!

‎وفي قصيدة أخرى، استطاع الحربي أن يؤسس لنفسه مكانة خاصة في مساحة الشعر العربي من خلال خصوصية متميزة ليقول:

ما اخترت أطلق في الخطوب لساني
إنّ الكتاب بدا من العنوانِ
هبت على تلك الرياض نسائمٌ
فاهتزت الثمرات في بستاني

***
أنا شاعر هزّ الوجودُ ضميرَه
فاسّاقط الرطبُ الدنيُّ الجاني

***
ما كل من أكلت تقرُ عيونُها
بعض العيونِ سريعة الذوبانِ

وبدا الحربي في قصيدة «رسائل الصمت»، تنافست الكلمات فيما بينها للحصول على قصيدة صاغها العربي بمشاعر صادقة ومخلصة للحياة وبأكبر قدر من التكثيف والإيحاء ليقول:

على لحن الصَّبا أغفو
‎وأصحو عند ذكراكِ
رأيتك في الورى بدرا
‎وبدر الأفق يفداكِ
أحقّا أنني دنفٌ
‎وأسري حيث مسراكِ
وأني عاشقٌ وَلِهٌ
‎أهيمُ لعطرك الزاكي
لعل الشوق أرسلني
‎فأشقاني وأحياكِ

ومن ثم تواصلت المعاني الراقية في قصائد الحربي، تلك التي بدت متكئة على مخزون شعري كبير ليقول:

من مبلغ الأشواقِ أن قلوبنا
‎باتت رقيقا للجمال وتوسمُ
حيرانُ أرجو أن تفكّ طلاسما
‎كي أكشف الألغاز حين تكلمُ
لغة الجمال حروفها فضفاضة
‎قلبي الصغير لحرفها يستسلمُ
كم ضاق قلبي في الهوى متألما
‎ما أصدق القلبَ الذي يتألّمُ
وأعيدها أخرى وأخرى عنوةً
‎حيرانُ أسأل والهوى لا يرحمُ.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي