التعايش فكر ومسار

تصغير
تكبير

المشاركة في التنمية
تحتاج إلى ترسيخ
مفهوم المواطنة
وإن الإنسان مكرّم
وهو المحور الأول والرئيسي لعملية التنمية

نعوّل على الكفاءات
من أكاديميين ومثقفين ورجال دين ومؤسسات مجتمع مدني في احتضان القيم الوطنية والإنسانية


هناك العديد من الظواهر الصانعة لشتات المجتمعات، بل والقاتلة له فكراً وسلوكاً وعلما وأدباً واقتصاداً، لذا عمدت جهات كثيرة في إعادة إنتاج فكرٌ مجتمعي توعوي سوي، يستهدف بشكل خاص التنمية البشرية «الإنسان»،لأهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي بالحوار والتسامح والقبول بالتعايش ونبذ الموروثات الثقافية والاجتماعية السلبية خاصة في زمننا الراهن، والتي لم تعد ظاهرة عرضية يمكننا السكوت عنها، بل نحتاج إلى مواجهتها بالتوعية والتنمية البشرية والإصرار على تفعيل الوازع الديني والإنساني الذي يدعو إلى الوسطية السلام المبني على العدل والمساواة والاعتدال ونبذ التطرف بكل أشكاله والالتزام بالقانون واحترام حق الآخر بالاعتقاد والفكر مما يجعل التعايش الانساني جوهر الحياة وقاعدة ارتكاز ينطلق منها بقلب مفتوح وعقل واع.
تلك الكلمات تقودنا إلى الحديث والتساؤل:... هل التعايش فكر ومسار إنساني تنموي؟
نعم هو منظومة فكرية ونمط حياة، ينطلق منه الإنسان إلى العالم مستفيداً من الطبيعة البشرية والفطرة السوية من سلوكيات وقيم يؤمن بها كل ذي عقل سوي، يتعايش من أجلها وينعم بخيرات الأرض التي يقطنها.
يمكننا أن نطلق على هذا الطابع بالاندماج والتوازن والاتزان الطبيعي لاعتبارات مهمة للعيش الكريم التي تتجسد في التنمية.
للتعامل مع هذه الظواهر أصبحت التنمية المجتمعية في عالمنا العربي والإسلامي على وجه الخصوص من دون المستوى، ونحن ندرك أن المشاركة في التنمية تحتاج إلى ترسيخ مفهوم المواطنة وإن الانسان مكرم وهو المحور الأول والرئيسي لعملية التنمية خاصة وإن الخالق جلّ وعلا جعل هذا المخلوق «الإنسان» خليفة في الأرض وكلفه تعميرها بالخير والصلاح (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) البقرة/30.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة 67 )
فعمارة الأرض وتبليغ رسالة السماء واجب ديني وعقلي وعقد وأدبي فعلي للعمل والجهد المشترك وهو تكليف مجتمعي عرفي، يمكننا أن نقول عنه من أهم القواعد العقلية المجتمعية، ونحن على يقين بأن المجتمع حين يتحمل المسؤولية المجتمعية ويتكفل ويتعهد بالتواصل والإخاء والألفة ونشر قيم الفضيلة والعمل بمبدأ المساواة والحوار والوسطية، ينتج عنه فكر ومسار نمائي في قبول تدفق الأفكار والإنصات لرأي الآخر مصداقاً للقول المأثور عن الشافعي: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب).
كما نعول على الكفاءات من أكاديميين ومثقفين ورجال دين ومؤسسات مجتمع مدني في احتضان مثل هذه القيم والمبادرات لتقليل الفجوة بين أبناء الوطن الواحد.
وبمفهوم أوسع إن عدم التعايش مشكلة اجتماعية سلوكية وهو حالة مرضية إن لم يكن هناك توجه حقيقي وسريع ومدعوم من كل الجهات في وضع برنامج ومسار ضمن خطة تواكب وتناسب المرحلة الزمنية، فلن تكون هناك تنمية مجتمعية على الصعيد الفكري الاجتماعي الاقتصادي وحتى على صعيد الاسرة والفرد وهم المكون الأساسي لتنمية المجتمع.
لذا علينا كأفراد وجماعات ومؤسسات مجتمع مدني الحول من دون تفشي الظاهرة المرضية من التعصب والتشظي والتمترس بالقبلية والفئوية والعنف اللفظي وغير اللفظي.
 فالقضاء على هذه الظواهر دون أن تتحول إلى حالة مزمنة وخطيرة ودائمة حينها يكون القضاء عليها في تعاقب الأجيال أمراً صعباً خصوصاً إن لم يكن كما ذكرنا في بداية السطور ضمن برنامج معد وموجة بلغة العصر والواقع، فمقاومة الكراهية والتصدع المجتمعي رهينة بعقلية وحكمة وسياسة المتصديين لها.
والسعي بتقليص الفوارق المجتمعية المجحفة بإشاعة الوعي بالمواطنة والاندماج والتآزر والتكافل اقتصاديا والتآخي والتسامح المجتمعي.
هنا لابد ونحن نختم السطور المتاحة لنا نقول أن النقص والعوائق والقصور والتقصير والتثبيط من قبل البعض لا يجب ان يُحجب عنا المستوى الذي وصلت له بعض مؤسسات ولجان المجتمع المدني ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالمملكة العربية السعودية في نشر القيم واشاعة التعايش والاعتدال والسلم والتراحم والوسطية خصوصا في برنامج (نسيج) الذي تميز هذا العام بعقد شراكة مع وزارة التعليم برعاية رسمية. كما أُشيد بتجربة رائدة في دولة الكويت الشقيقة (الجمعية الكويتية للإخاء الوطني) رغم التحديات التي يفرضها واقع العمل التطوعي الثقافي الفكري الإنساني والمالي والمجتمعي.
فنبارك لكم نهاية عامكم الاول من نشر قيم التعايش والتسامح في هذه الصفحة.

* كاتب من السعودية

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي