مثقفون بلا حدود

التآلف والتآخي بين اللغات (5 من 5)

|  u062f. u0641u0647u062f u0633u0627u0644u0645 u0627u0644u0631u0627u0634u062f* |
| د. فهد سالم الراشد* |
تصغير
تكبير

التعددية اللغوية والتنوع اللغوي: قال تعالى:«ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين» الروم: 22.
* التعددية اللغوية والتنوع اللغوي وأثرهما في التنمية البشرية: بات هذا الموضوع حتميا في وقتنا الحالي؛ ذلك أن اللغة - أية لغة - تعد من مقومات الشخصية البشرية، فهي الذات وهي الهوية وهي التراث، وهي الجذور، لذا ينبغي احترام اللغات وعدم الانتقاص من خصائصها، أو العيب في سماتها.
ولا شك بأن التعدد اللغوي يسهم في توفير الموارد البشرية، ويتيح لنا الاستثمار في الفرد، والارتقاء بأفراد المجتمع؛ محققا بذلك مبدأ التجانس والتناغم بين جميع الأطياف العرقية، ومحققا العدالة الاجتماعية في تكافؤ الفرص في التعليم والشغل.
وللتعددية اللغوية ظلال اجتماعية، يقول صموئيل هنتنجون «إن شعوب العالم غير الغربية لا يمكن لها أن تدخل في النسيج الحضاري للغرب، حتى وإن استهلكت البضائع الغربية، وشاهدت الأفلام الأميركية، واستمعت إلى الموسيقا الغربية، فروح أي حضارة هي اللغة والدين والقيم والعادات والتقاليد». أ.هـ
كما أسهم التعدد اللغوي بتلاقح الحضارات، وتبادل الثقافات، وكان رافدا لمعرفة حياة الشعوب، حيث إن التواصل اللغوي كان ومازال ديدن علماء اللغة يقول هيرمان بولل «إن وظيفة اللغة الأساسية هي كونها دائما وسيلة لنقل شيء ما أو توصيله».أ.هـ
أما التنوع اللغوي فقد أضحى أمرا ملحا، يقول الباحث السوداني كمال محمد جاه الله «دراسة اللغة تعني دراسة المفاهيم ودراسة الحضارة وما فيها من تقاليد وأفكار وأنماط، ومن اكتسب لغة قوم.. استطاع أن يكون رسول حوار ورسول تفاهم، لأن معرفة لسان الآخر تعني احترامه، وتعني بسط المحبة»،أ.هـ.
 والتنوع اللغوي يسهم في انتعاش اللغة، ويزيدها حيوية، ويجدد نشاطها؛ فهو بلا شك يفتح لأفرادها آفاقا اقتصادية، ويسهم في ازدهار الدول من خلال تبادل البضائع والسلع، ويشكل التنوع اللغوي رابطا بين المصالح المشتركة والمتبادلة في جميع المجالات، وخير دليل على ذلك، فرنسة الألفاظ العربية، وأسبنة الألفاظ العربية، وأمركة الألفاظ العربية، والعكس كذلك.
وكل ذلك يحقق لنا الأهــداف الآتية:
1- ملاحقة ركب الحضارات أينما كان وأينما وجد للاستفادة من هذه الحضارة والتعاون معها والمشاركة في إثرائها.
2- توثيق عرى الإنسانية بالمحبة والاحترام وتبادل الثقافات من خلال التواصل اللغوي.
3- تحقيق مبدأ الإيصال والتواصل واستمرارية المواصلة.
4- التغلب على تأزيم الهوية، وخلق أرضية من القواسم الاجتماعية والأسرية المشتركة، وتعزيز أواصر المحبة.
5- كسر هيمنة اللغة الواحدة، لما لها من آثار سلبية تنعكس على الفرد والمجتمع، وتكون سببا في طمس الهويات، وازدراء الأديان، وإقصاء الآخر وتهميشه، وتكون سببا في شق الصف.
ينبغي علينا أن ننشر اللغة العربية كما ينشر هذا الدين، قال تعالى:» ? ادْعُ إِلـى سـَبـِيـلِ رَبـِّكَ بـِالـْحـِكـْمـَةِ وَ الـْمـَوْعـِظـَةِ الـْحـَسـَنـَةِ.. ?. 20
فاللغة العربية لا تقتصر على التعليم والتعلم؛ بل هي لغة احتواء، يجب علينا أن نخلصها من النرجسية، ونبعدها عن الفوقية، التي وضعها بعض المتشددين والمتعصبين الذين ينفرون من كل لفظة غير عربية، ويضعون أمام أسمائهم رتبهم العلمية مثل ( أستاذ، دكتور، برفيسور )، فإذا كانت مسميات هذه الرتب عربية؛ فأنا أعتذر لهم مطأطئ الرأس، أما إذا ثبت أن مسميات هذه الرتب ( أستاذ، دكتور، برفيسور ) غير عربية؛ فأرجو أن يقوموا بإزالتها من أمام أسمائهم، وأن يبحثوا لهم عن بديل لمسميات رتبهم العلمية في اللغة العربية.
إن هذا الزمان هو أفضل زمان لنشر اللغة العربية لوفرة المال لدى دول شبه الجزيرة العربية التي شرفها الله بأن أنزل القرآن بلغتها، فعلينا عدم التباهي بالمجالس والجمعيات والمراكز لحماية أو خدمة أو النهوض أو الرقي باللغة العربية، ويقتصر عملنا على تقديم الأوراق البحثية وتأليف الكتب، بل ينبغي علينا أن نوفر للناس فرص عمل، ننشيء فروعا من هذه المجالس وهذه الجمعيات وهذه المراكز في دول أخرى، ونوظف فيها نسبة خمسين في المئة من الدول العربية والخمسين الأخرى من دولة المقر، ننقل بعض الفعاليات والمؤتمرات والندوات إلى الدول الأخرى، للمشاركة، وليكن شعارنا ( اللغة العربية سلوك وآداب وأخلاق ).

* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com
* ورقة علمية محكمة مقدمة من الباحث اللغوي الكويتي البرفيسور فهد سالم خليل الراشد، رئيس اللجنة العلمية، للسنة الثانية على التوالي، للمؤتمر الدولي حول (التعدد اللغوي والتنمية البشرية) المنعقد أيام 7و8و9 نوفمبر 2017م، بمخبر الممارسات اللغوية، قسم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب واللغات، جامعة مولود معمري، تيزي- وزو، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الجزائر.        

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي