طب بديل يُؤثر بـ «التدليك المُنعكسي» لمناطق معينة على أسطُح القدمين واليدين والأذنين واللسان
الـ«رِّفلِكسُلوجيا»: مُلطِّفات لأعضائك... بلمسات لأطرافك
الـ«رِّفلِكسُلوجيا» هي أحد أنواع الطب البديل أو التكميلي، وتتم ممارستها لأهداف شبه علاجية واسترخائية وتلطيفية من خلال جلسات يتم خلالها الضغط بلمسات تدليكية ضاغطة على مناطق ونقاط محددة على أسطح القدمين والكفّين والأذنين وحتى اللسان.
وبشكل أساسي، تعتمد جميع أساليب الـ«رِّفلِكسُلوجيا» على نظرية «المعالجة بالتدليك المُنعكسي»، وهي النظرية التي يؤمن معتنقوها بأن التدليك المدروس في مناطق معينة يثير ردود أفعال انعكاسية علاجية وتلطيفية في واحد أو أكثر من أعضاء الجسم الداخلية من خلال مسارات شبكة الجهاز العصبي.
وعلى الرغم من أن الـ«رِّفلِكسُلوجيا» لم يتم اعتمادها أكاديمياً حتى الآن كفرع من أفرع الطب، فإنها ما زالت يحظى بانتشار وإقبال متزايدين منذ نحو 20 سنة بشكل خاص بفضل ما تمنحه لمتلقّيها من شعور بالارتياح البدني والنفسي.
من هذا المنطلق، نسلط الضوء في التالي على عدد من جوانب هذا النهج العلاجي البديل:
تعريفها
في المراجع العالمية ذات الصلة، يدور تفسير نظرية الـ«رِّفلِكسُلوجيا» حول التعريف التالي: «هي التدليك والضغط بلطف على مناطق ونقاط معينة في أسطح أطراف الجسم سعيا إلى إحداث تأثير إيجابي في عضو داخلي أو أكثر من أعضاء البدن».
وتقوم فكرة نظرية الـ«رِّفلِكسُلوجيا» على أساس نظام «شِبه علمي» يرى أن كل منطقة وكل بُقعة في أسطح القدمين واليدين والأذنين وحتى اللسان (تسمى بمناطق ردات الفعل) ترتبط عصبيا وتسثير تأثيرا مُنعكسيا في أعضاء الجسم الداخلية. وانطلاقا من تلك الفرضية شبه العلمية، يعتمد المعالجون بالرفلكسلوجيا على «خرائط» متنوعة رسموها لتحديد نقاط التأثير التي يمكن أن يؤدي تدليكها إلى تأثيرات علاجية، وهي الخرائط اتفقت في ما بينها على أسس ثابتة بينما تباينت في بعض التفاصيل الثانوية.
والصور التوضيحية المرفقة هنا مع هذا التقرير تلقي نظرة تعريفية على بعض نماذج تلك الخرائط. لكن من الضروري والمهم توضيح أن المعالجة اعتمادا على تلك الخرائط لا تؤتي ثمارها المنشودة إلا إذا أجريت على يد معالج متخصص، ناهيكم عن أنه ليس شرطا أن تظهر تلك الثمار بنفس الدرجة مع جميع الحالات.
آلية عملها
لا يوجد إجماع كامل بين الاختصاصيين في هذا المجال حول الآلية أو الكيفية التي من المفترض أن الـ«رِّفلِكسُلوجيا» تعمل وتؤثر بها علاجيا أو حت تلطيفيا على أعضاء الجسم الداخلية، لكن الخيط المشترك الذي يجمع بين تفسيراتهم هو أن كل منطقة من مناطق أسطح الأطراف القصوى لجسم الإنسان تتطابق ارتباطيا وتأثيريا مع أعضاء داخلية معينة، وعلى هذا الأساس فإنهم يرون أنه من الممكن التأثير إيجابيا على هذا العضو الداخلي أو ذلك من خلال تدليك المنطقة المرتبطة به.
لذا فإن اختصاصيي الطب النظامي التقليدي يعبرون دائما عن تحذيراتهم وقلقهم من مخاطر وعواقب الاعتماد على الـ«رِّفلِكسُلوجيا» كأسلوب وحيد للمعالجة، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأمراض المزمنة والخطيرة التي قد يتسبب تأخير علاجها جراحيا أو بعقاقير معينة في نتائج كارثية أو حتى مميتة.
وتعتمد نظرية عمل الـ«رِّفلِكسُلوجيا» على تنشيط النقاط الخاصة بردود الفعل المنعكس التي توجد نهاياتها العصبية في بواطن القدمين واليدين وأطراف أخرى في الجسم. ويتم إحداث التأثير المنشود بالضغط مع التدليك بالأصابع أو لأداة خشبية خاصة. ويؤمن معتنقو تلك النظرية بأن هذا الضغط يؤثر انعكاسيا على الغدد، والأعصاب وبقية أعضاء الجسم، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تنشيط الدورة الدموية وتسهيل تدفق الدم، وتسريع سريان الطاقة البيولوجية بشكل أفضل في الأعضاء الداخلية المستهدفة.
تقسيمات طولية وعرضية
ويعتمد معظم اختصاصيو الـ«رِّفلِكسُلوجيا» على تقسيم الجسم البشري إلى 10 نطاقات طولية (من أعلى إلى أسفل الجسم) و5 نطاقات أفقية، حيث تتطابق تلك النطاقات مع مناطق معينة على أسطح القدمين وراحتي اليدين وصوان الأذن، بل ان بعضهم يذهب إلى القول بأن اللسان ينقسم إلى نقاط يمكن التأثير انعكاسيا من خلالها على بعض أعضاء الجسم المعتلة.
هل تُغني عن الطب التقليدي؟
صحيح أن دراسات علمية وطبية غربية متعمقة أجريت خلال الفترة بين العامين 2009 و2011 لم تتوصل إلى أدلة كافية لدعم إمكانية الاعتماد على الـ«رِّفلِكسُلوجيا» كعلاج شافٍ لأي مرض عضوي بعينه، لكن تلك الدراسات ذاتها أكدت على أن له فوائد نفسية واسترخائية لا يمكن إنكارها بل يمكن الحصول عليها من وراء ذلك الأسلوب البديل شريطة أن يتم تنفيذه عن دراسة وفهم ووعي.
ويمكن القول إن الـ«رِّفلِكسُلوجيا» لا تعالج الأمراض العضوية أو النفسية إلى درجة الشفاء الناجع، بل يتمثل دورها بشكل أساسي في تلطيف أوجاع الأعضاء المريضة ومساعدة الجسم كي يستعيد توازنه الفسيولوجي الطبيعي.
وبتعبير آخر، فإن ما تفعله الـ«رِّفلِكسُلوجيا» هو أنها تخلق ظروفا إيجابية ومواتية تساعد الجسم على تلطيف أوجاعه واختلالاته بنفسه. ويكمن سر ذلك في وجود اتصال وترابط تفاعلي وثيق بين مختلف أعضاء وأعصاب وعضلات وغدد في الجسم من ناحية وبين مناطق ردات الفعل المعينة في باطن القدمين واليدين والأذنين واللسان من ناحية ثانية. فعلى سبيل المثال، يوجد في أخمصي القدمين نحو 7200 نهاية عصبية، تمتد متشعبة وصولا إلى سائر أعضاء الجسم الداخلية من خلال الحبل الشوكي والدماغ.
ومن بين التأثيرات الإيجابية التي يمكن أن تمنحها الـ«رِّفلِكسُلوجيا» نذكر التالي: التخلص من التوترات العضلية، والنفسية، والذهنية، التي تنعكس سلبا على الصحة العامة.
الـ«رِّفلِكسُلوجيا»...
والمشي حافياً
مما يدعم فرضيات نظرية الـ«رِّفلِكسُلوجيا»، لاحظت نتائج ابحاث أن هناك فوائد صحية كثيرة تتحقق من وراء المشي حافيا على أرض عشبية أو ترابية أو على الحصباء، إذ اتضح أن الضغط على مناطق رد الفعل في أخمصي القدمين أثناء المشي حافيا يسهم في تنشيط أداء الكبد والقولون والجلد والرئتين على القيام بوظائفها الحيوية، فضلا عن تخليص تلك الأعضاء من السموم التي قد تكون موجودة فيها.
ويكمن سر ذلك في أن الضغط تدليكياعلى نقاط الانعكاس في بواطن القدمين يتسبب في إرسال موجات من الأكسجين والمغذيات التي تحفز الجهاز الدوري والأعصاب؛ فتكون نتيجة ذلك هي: تنشيط ومساعدة العضو المستهدف، والقضاء على التجلطات، والاحتقانات التي قد توجد فيه. وبالتبعية، ينتج عن ذلك تأثير إيجابي على حالة الشخص النفسية والذهنية.
الـ«رِّفلِكسُلوجيا»... تاريخياً
صحيح أنه أعيد إحياء الاهتمام بالرِّفلِكسُلوجيا خلال السنوات العشرين الماضية، لكن جذورها التاريخية تعود إلى ماقبل 5000 سنة، إذ توجد آثار تشير إلى أن المصريين والصينيين القدماء كانوا يمارسونها في طقوس استشفائية معينة.
وقد عُثر على لوحة جدارية فرعونية في منطقة سقارة الأثرية التابعة لمحافظة الجيزة في مصر، وهي اللوحة التي يعود تاريخها إلى العام 2330 قبل الميلاد، أي أن عمرها يربو على 4500 عام. ويبدو في تلك اللوحة بوضوح أن قدماء المصريين عرفوا ومارسوا أساليب الـ«رِّفلِكسُلوجيا» من خلال تدليك بواطن القدمين واليدين والأذنين بهدف التأثير على أعضاء الجسم الداخلية.
أما أول دراسة بحثية أكاديمية في هذا المجال فقد أجريت ونشرت في العام 1582. وفي العام 1913، كان اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة ويليام فيتزجيرالد هو أول من أدخل الـ«رِّفلِكسُلوجيا» إلى الولايات المتحدة. وأكد فيتزجيرالد آنذاك على أنه قد اكتشف أن الضغط التدليكي بطرق معينة على بواطن القدمين واليدين والأذنين ينعكس بتأثيرات تلطيفية وتخديرية على أعضاء معينة داخل الجسم. ولاحقا، خضعت نظرية فيتزجيرالد إلى تعديلات على أيدي اختصاصيين آخرين.