فيديو قائد ميليشيا عراقية على حدوده الجنوبية أَحْرَجَ الحريري فانبرى لمعالجةٍ... تقنية

«طعنةٌ» مبكّرة لـ «تدويلِ» النأي بلبنان والنأي عنه

u0642u064au0633 u0627u0644u062eu0632u0639u0644u064a (u0625u0644u0649 u0627u0644u064au0633u0627u0631) u0639u0644u0649 u0627u0644u062du062fu0648u062f u0627u0644u0644u0628u0646u0627u0646u064au0629 u0645u0639 u0627u0633u0631u0627u0626u064au0644
قيس الخزعلي (إلى اليسار) على الحدود اللبنانية مع اسرائيل
تصغير
تكبير

تُفاخِر بيروت المأخوذة بالابتسامة العريضة لرئيس الحكومة سعد الحريري في باريس أول من أمس، بأنها كسبتْ «فترة سماحٍ» جديدة لبقائها على مَقاعِد «المتفرّجين»، وهي تشاهد فصولاً أكثر فظاظة وفظاعة في الحروب الدائرة من حولها... فالقرار الأميركي حول القدس شكّل «هدية مسمومة» للعرب و«ثمينةً» لسواهم، وسورية الذاهبة إلى مفاوضاتٍ كحربٍ بالقفازات على موعدٍ مع مواجهاتٍ «وجهاً لوجه» بين الإيرانيين والأميركيين يَصعب التكهّن بمنزلقاتها، واليمن الذي شهد «7 مايو» حوثياً بالانقلاب على علي عبدالله صالح وقتْله يَمضي في «وليمةِ نارٍ وموت» كأن الحرب في أول المشوار، والعراق المفتون بانتصاريْن، على «داعش» وعلى «الدويلة» الكردية، على محكّ انتخاباتٍ برلمانية ربما تكون الأهمّ منذ الإطاحة بصدام حسين، في الوقت الذي تبدو الساحات الأخرى «النائمة» في أحضان الإيديولوجيا تنتظر دورها.
فبيروت، التي اختبرتْ وهْج المواجهة الإيرانية - السعودية في أزمةٍ قاسية استمرّت نحو شهر بفعل دفْع الرياض الرئيس الحريري لاستقالةٍ (لم يكن يريدها) احتجاجاً على تَورُّط أحد مكوّنات حكومته، أي «حزب الله»، بأدوار عسكرية وأمنية في ساحات المنطقة، نجحت في تَدارُك تلك الأزمة وأكلافها الباهظة، عبر الاحتماء بـ «سطْرٍ» أقرّته الحكومة كـ «قرارٍ» وقالت فيه إنها تؤكد على «نأي الحكومة وبكل مكوّناتها السياسية بنفسها عن الأزمات والصراعات والحروب وعن التدخل في شؤون الدول العربية»، وهو المَخرج اللّغَوي - السياسي الذي أتاح للحريري العودة عن استقالته يوم الثلاثاء الماضي والذهاب في يوم الجمعة الذي تلاه إلى باريس للمشاركة في اجتماع المجموعة الدولية الداعمة للبنان التي شكّل بيانُها وتوصياتها مظلةً أممية لحماية استقرار البلاد وتدويلاً لنأي لبنان ومكوّناته عن أزمات المنطقة ونأي اللاعبين الإقليميين عنه.
ورغم الإجماع على «النجاح الباهر» الذي حقّقه لبنان من خلال الحشد الدولي الذي رعاه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وشارك فيه وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون، فإن بيروت التي نجتْ من أزماتها الأخيرة بفائضٍ من المناورات الداخلية وبكاسحةِ ألغامٍ ديبلوماسية قادتْها فرنسا ستكون أمام اختبارٍ لا يستهان به يجعلها من الآن وصاعداً تحت المجهر العربي - الدولي في مسائل بالغة الحساسية، لعل أهمها:


• الربْط الضمني للمساعدات المرتقبة للبنان بمسألتين، أولاهما الاصلاحات المفترضة التي غالباً ما عطّلها النفوذ الخارجي على غرار ما حصل إبان الوصاية السورية من إجهاضٍ لما انطوى عليه مؤتمر «باريس 1»، والثانية بنتائج الانتخابات النيابية المقررة في مايو 2018. فصحيح ان المؤتمرات الثلاثة، لدعم الجيش في روما، والاستثمار في باريس، وحول النازحين في بروكسل، ستُعقد قبل الانتخابات، لكن نتائجها العملية ستكون معلَّقة على طبيعة الغالبية البرلمانية التي سيفرزها مجلس الـ2018.
وبهذا المعنى، فإن مجموعة الدعم الدولية كانت واضحة في إظهار رؤيتها للبنان، والقائمة على: النأي بالنفس عن أزمات المنطقة بما يعني ضمناً عدم تدخل «حزب الله» في الساحات الإقليمية، واحترام إعلان بعبدا (2012) القاضي بتحييد لبنان، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، لا سيما الـ 1559 (نزع سلاح الميليشيات) والـ 1701 في شأن جنوب لبنان، ومعاودة وضع مصير سلاح «حزب الله» على الطاولة في إطار مناقشة الاستراتيجية الدفاعية.
هذا السقف الدولي في مقاربة الواقع اللبناني يجعل نتائج الانتخابات النيابية المقبلة معياراً في تحديد الموقف من دعم لبنان، فإذا أفضتْ الى إمساك «حزب الله» بالغالبية البرلمانية من خلال تحالفات يديرها من خلف، سيكون من الصعب المضي قدماً في «الاستثمار» في واقعٍ لبناني خارجٍ عن توجهات الشرعيتين الدولية والعربية، وتالياً فإن انتخابات مايو والتحالفات في الطريق إليها ستكون مفصلية في رسم التوازنات السياسية وفي تحديد الموقع الإقليمي - الدولي للبنان.
• النأي بالنفس، الذي تحوّل حجَر الزاوية في استقرار لبنان ومستقبل التسوية فيه ومواقف اللاعبين الاقليميين والدوليين منه، وهو الأمر الذي يطرح السؤال عن الموقف الفعلي لـ «حزب الله» من «ورقة التوت» التي أنقذتْ التسوية الحالية ومكّنت الرئيس الحريري من العودة عن استقالته واستدرجتْ دعماً دولياً لبقاء لبنان خارج ملعب النار في المنطقة.
وبدا أن «حزب الله» لم يتأخّر في «تأكيد المؤكد» في مقاربته لمسألة «النأي بالنفس» حين سدد ضربتين متتاليتيْن لقرار الحكومة «بكل مكوّناتها» في هذا الشأن والذي لم يجفّ حبره بعد، هما:
- إطلاق نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، ومن طهران، في يوم عودة الحريري عن استقالته، تصريحاتٍ هاجم فيها السعودية بعنف وقال: «من الضرورة ان نكون في محور واحد (...) كل انتصاراتنا هي بسبب محور المقاومة الذي ترعاه إيران»، وهو الأمر الذي أحرج رئيسَ حكومةِ «النأي بالنفس» الذي أخذ على قاسم هذا «الكلام غير المقبول»، معطياً فرصة لـ «تثبيت النأي بالنفس».
- إطلالة زعيم ميليشيا «عصائب أهل الحق» العراقية، المنضوية ضمن «الحشد الشعبي»، قيس الخزعلي من خلال فيديو بُث مع إعلان بيان مجموعة الدعم الدولية للبنان (ليل اول من امس) من على «بوابة فاطمة» على الشريط الحدودي مع اسرائيل برفقة «حزب الله». وظهر الخزعلي بلباسه العسكري يقول «نحن مع الإخوة في حزب الله، المقاومة الاسلامية، نعلن جهوزيتنا الكاملة في الوقوف صفاً واحداً مع الشعب اللبناني والقضية الفلسطينية أمام الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، المعادي للإسلام والعرب والإنسانية في قضية العرب والمسلمين المصيرية».
وظهر الخزعلي في الفيديو الذي بثه موقع «العهد» التابع له وكأنه في مهمةِ استطلاع لجغرافيا المواجهة في جنوب لبنان، وهو مضى يقول «ان شاء الله كل الخير والبركة بالشباب المجاهدين من كل مكان على أرض المعمورة، والخير والبركة ان شاء الله بالمقاومة الاسلامية التي هي على مستوى الجهوزية لتلبية نداء الاسلام والتمهيد لدولة العدل الإلهي، دولة صاحب الزمان».
وأثار توقيت ظهور الخزعلي «على الجبهة» في جنوب لبنان ضوضاء سياسية في بيروت لتزامُنه مع الجهود الكبيرة لإسباغ صدقيةٍ على مسألة «النأي بالنفس»، وخصوصاً ان وجود قائد الميليشيا العراقية على الحدود سرعان ما استحْضر كلاماً سابقاً للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي توعّد بمجيء عشرات الآلاف من المجاهدين من ساحات محور المقاومة الى لبنان، انسجاماً مع مقولة «وحدة الميادين» التي كان أكّدها في أكثر من مناسبة.
وسريعاً اتجهت الأنظار الى الحريري، الذي «قبِل التحدي» عندما رمى لبنان والعالم على كتفيْه عبء وفاء حكومته و«مكوّناتها» بالنأي بالنفس وعلى طريقة «الأفعال لا الأقوال». ورغم تعاطيه مع هذا التطور على أنه «مسألة تقنية»، فإن موقف رئيس الحكومة، الذي وَعَد بـ «مراقبة» الالتزام بالنأي بالنفس، اعتُبر إشارةً إلى أنه لن يسكت.
وجاء في البيان، الذي صدر عن المكتب الاعلامي للحريري: «يتم التداول على مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو لمسؤول ميليشيات عراقية يجول على قرى حدودية جنوبية في لباس عسكري. وتبيّن أن الفيديو تم تصويره قبل 6 ايام، وهو يشكل مخالفة موصوفة للقوانين اللبنانية، استدعت قيام رئيس مجلس الوزراء باتصالات مع القيادات العسكرية والأمنية المعنية لإجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ الاجراءات التي تحول دون قيام أي جهة أو شخص بأي أنشطة ذات طابع عسكري على الأراضي اللبنانية، ودون حصول أعمال غير شرعية على صورة ما جاء في الفيديو، ومنْع الشخص المذكور من دخول لبنان».
وفي الوقت الذي لم يَصدر أي تعليق من «حزب الله»، نُقل عن مصادر أمنية ان قائد «عصائب أهل الحق» العراقية دخل لبنان بطريقة غير شرعية، وان الموضوع قيد المتابعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي