وصل إلى الرياض ويلتقي اليوم خادم الحرمين ووليّ العهد والحريري
كنيسة عمرها 900 عام «هدية» سعودية للبطريرك الراعي
وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان مستقبلاً البطريرك بشارة الراعي لدى وصوله إلى الرياض مساء أمس (الوكالة الوطنية)
زيارةٌ تاريخية و«ما فوق سياسية» تُطْلِق حوارَ حضاراتٍ وأديان بين «الشركاء» المسلمين والمسيحيين
كل الأنظار إلى الرياض. فالعاصمة السعودية وأكبر مدن المملكة هي الآن عاصمة الحدَث بامتياز، وربما بلا مُنازَع. فـ «حجر اليمامة» التي غالبتْ التاريخ كثيراً و«غلَبَتْه» بعدما صارتْ رقماً صعباً، جعلتْها الجغرافيا في قلب التحدي، وها هي اليوم كأنها «قبِلتْ التحدي».
فالزائر للعاصمة السياسية للمملكة العربية السعودية، وفي مناسبة زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للرياض تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يكشف وبلا عناء أنه في رحاب «سعودية جديدة» تدير وجْهها نحو المستقبل.
وتَزامُن الوصول الى الرياض مع الإطلالة التلفزيونية لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من دارته في العاصمة السعودية بعد صمْته الثقيل عقب إعلان استقالته المفاجئة وكلامه عن «الصدمة الايجابية»، أظهر قُصر المسافة بين الرياض و... بيروت.
ولم يحجب انسياب الحركة في شوارع الرياض والهدوء اللافت في حركة أكبر المدن العربية، الضجيج الهائل الاقليمي والدولي الذي أحدثه «البالستي» الذي تسلل من إيران ويكاد ينقل المنطقة بأسْرها من مكانٍ الى مكانٍ.
فمن «البالستي» الذي طفح معه الكيل وكأن ما بعده ليس كما قبله، الى الاستقالة «الصادمة» للرئيس الحريري و«رسائلها» التي لا تقلّ وطأة، ومن زيارة أول بطريرك ماروني لـ «أرض الحرمين» في رمزيتها الكثيرة و... مفاجآتها، الى مظاهر متزايدة عن «حزم» في المكانة وانفتاح في الدور، ترتسم ملامح «السعودية الجديدة».
في أحد المصاعد، فوجئ موظف سعودي برجل دين مسيحي يرتدي «جبّته»، هو رئيس المجلس الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده ابو كسم،... وبعفويةٍ خاطبه: «حضرتك قسيس؟»، ثم عاد له ثانية وبفائض من الانتماء الانساني وقال له «ادعُ لنا».
ثمة مَن يقول للدلالة على المشهد التاريخي الذي تجلى أمس بوصول البطريرك الراعي الى الرياض حيث يلتقي اليوم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انه منذ فجر الإسلام لم يحطّ بطريرك ماروني في أرض الطائف، فالمسألة تتجاوز السياسة وترقى الى مستوى التحوّل في العلاقة الإسلامية - المسيحية في لحظةٍ مأسوية غلب عليها التطرّف والدم والخوف والبحث عن حمايات خارجية.
في لقاء خادم الحرمين والبطريرك الماروني، رسالةٌ إنسانية - سياسية الأهم فيها تأشيرة عبور بالشرق الى «حوار أديانٍ وحضارات» بعد كوابيس الصِدام وكارثيّته، وهو الأمر الذي سيكون لبنان مؤتمَناً عليه.
قبل ثلاثة أعوام، ومع تَزايُد مَظاهر العنف الأسود وتفشي وباء «داعش» و«القاعدة» وما شابه وتصويرها الإسلام على أنه دين ترويع وسفك دماء، خرجتْ إلى العلن دعواتٌ «أقلوية» تحضّ المسيحيين على طلب الحمايات من الغرب.
وبهذا المعنى فإن الدلالات العميقة للقاء البطريرك الراعي الملك سلمان تعني ان الحوار الاسلامي - المسيحي كفيلٌ بـ «عقْلنة» الخطاب الإسلامي وطمأنة المسيحيين كأبناء من هذا الشرق وشركاء للآخرين فيه، أي أنهم ليسوا «جالية» تحتاج لـ«عضلاتِ»الغرب المحكوم بالمصالح.
وزيارة الراعي ستكون أول الغيث في رسْم مشهدٍ جديد لن يخلو من المفاجآت الـ»ما فوق سياسية«كالإعلان عن عزْم المملكة ترميم كنيسة أثَرية جرى اكتشافها وتعود لنحو 900 عام، على أن تكون»هديّة رمزيّة«لحوارٍ إسلامي - مسيحي واعِد يعيد تصويب البوصلة.
ثمة مَن تعاطى في بيروت مع الهمْس عن مفاجأةٍ قد يعود بها الراعي من الرياض، على أنه وعدٌ باصطحاب الرئيس الحريري معه في طريق العودة، وهو الذي سيلتقيه اليوم بعدما كان رئيس الحكومة أطلّ ليل اول من أمس في مقابلةٍ عبر محطة»المستقبل«.
هذه»التوقعات«بدت أنها واحدةٌ من عوارض الكلام الكثير، الذي قيل عن ملابسات استقالة الرئيس الحريري وعدم عودته إلى بيروت، وهو الذي وضع حداً لفائض من التكهنات عندما أعلن في حوارٍ قال فيه كل ما أراد انه عائد خلال أيام الى لبنان.
... في خلفية الصورة للحوار مع الرئيس الحريري ان الواقع الاقليمي الناجم عن الاندفاعة الايرانية المتمادية لم يعد يحتمل»مساكنة«في بيروت بشروط»حزب الله«، فثمة أورامٌ خطيرة في الإقليم سقطتْ معها»المسكّنات«، ولبنان لم يعد في وسعه المزاوجة بين كوْنه»بلد صغير«ويُستخدم في»ألعاب كبيرة«.
وبفائضٍ من الإحساس بالمسؤولية تغمرها عاطفةٌ دامعة وتحوطها»لعبة الأقدار«قال الرئيس الحريري انه عائد الى بيروت، يريد تسويةً تُداوي الجنوح المتمادي لـ»حزب الله«، وهو سيحتكم الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المؤتمَن على البلاد.
وقبيل مغادرته بيروت أمس متوجّهاً الى الرياض، لفت البطريرك الماروني في تصريح له من مطار بيروت إلى أن»زيارتي للسعودية اتخذت صفة تاريخية ومهمة بالنسبة للحدًث الذي نعيشه في لبنان«، مشيراً إلى أن»المراسلات بين البطريركية المارونية والسعودية لم تنقطع على مر التاريخ وهذه الزيارة الأولى من نوعها«.
وأشار إلى»أننا نتأمل كل خير من هذه الزيارة لأن السعودية لم يأت منها إلا الخير وهذه العلاقة مميزة والصداقة موجودة والمملكة كانت إلى جانب لبنان في كل الظروف الاقتصادية، الاجتماعية، الأمنية والانمائية«، مؤكداً»اننا نلبي هذه الزيارة بفرح ويشرّفني أن ألبيها خاصة كأول بطريرك ماروني يزور السعودية«.
وأضاف»أحيي الوزير المفوض (القائم بالأعمال السعودي في بيروت) وليد البخاري على حضوره والتواصل لتحضير زيارتي للسعودية«، مشيراً إلى أن»السعودية الى جانب لبنان في كل الظروف وسنحمل تطلعات اللبنانيين ونوصلها للملك وولي العهد محمد بن سلمان ونأمل خيراً، وما سمعتُه من الرئيس سعد الحريري في إطلاته التلفزيونية يُطَمْئن ويفتح افاقا جديدة«.
من جهته، أعلن البخاري تعليقاً على وضع الرئيس الحريري في المملكة انه اقترح على رئيس الجمهورية ميشال عون إمكان إيفاد وزير الخارجية إلى الرياض للاطلاع على الأوضاع كافة، معتبراً ان»الزيارة التاريخية اليوم للبطريرك الراعي ستكون خيراً للجميع«، ومؤكداً»ان الجالية اللبنانية في السعودية هي في بلدها الثاني وتُعامَل بكل الاحترام والتقدير».
فالزائر للعاصمة السياسية للمملكة العربية السعودية، وفي مناسبة زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للرياض تلبية لدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، يكشف وبلا عناء أنه في رحاب «سعودية جديدة» تدير وجْهها نحو المستقبل.
وتَزامُن الوصول الى الرياض مع الإطلالة التلفزيونية لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من دارته في العاصمة السعودية بعد صمْته الثقيل عقب إعلان استقالته المفاجئة وكلامه عن «الصدمة الايجابية»، أظهر قُصر المسافة بين الرياض و... بيروت.
ولم يحجب انسياب الحركة في شوارع الرياض والهدوء اللافت في حركة أكبر المدن العربية، الضجيج الهائل الاقليمي والدولي الذي أحدثه «البالستي» الذي تسلل من إيران ويكاد ينقل المنطقة بأسْرها من مكانٍ الى مكانٍ.
فمن «البالستي» الذي طفح معه الكيل وكأن ما بعده ليس كما قبله، الى الاستقالة «الصادمة» للرئيس الحريري و«رسائلها» التي لا تقلّ وطأة، ومن زيارة أول بطريرك ماروني لـ «أرض الحرمين» في رمزيتها الكثيرة و... مفاجآتها، الى مظاهر متزايدة عن «حزم» في المكانة وانفتاح في الدور، ترتسم ملامح «السعودية الجديدة».
في أحد المصاعد، فوجئ موظف سعودي برجل دين مسيحي يرتدي «جبّته»، هو رئيس المجلس الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده ابو كسم،... وبعفويةٍ خاطبه: «حضرتك قسيس؟»، ثم عاد له ثانية وبفائض من الانتماء الانساني وقال له «ادعُ لنا».
ثمة مَن يقول للدلالة على المشهد التاريخي الذي تجلى أمس بوصول البطريرك الراعي الى الرياض حيث يلتقي اليوم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انه منذ فجر الإسلام لم يحطّ بطريرك ماروني في أرض الطائف، فالمسألة تتجاوز السياسة وترقى الى مستوى التحوّل في العلاقة الإسلامية - المسيحية في لحظةٍ مأسوية غلب عليها التطرّف والدم والخوف والبحث عن حمايات خارجية.
في لقاء خادم الحرمين والبطريرك الماروني، رسالةٌ إنسانية - سياسية الأهم فيها تأشيرة عبور بالشرق الى «حوار أديانٍ وحضارات» بعد كوابيس الصِدام وكارثيّته، وهو الأمر الذي سيكون لبنان مؤتمَناً عليه.
قبل ثلاثة أعوام، ومع تَزايُد مَظاهر العنف الأسود وتفشي وباء «داعش» و«القاعدة» وما شابه وتصويرها الإسلام على أنه دين ترويع وسفك دماء، خرجتْ إلى العلن دعواتٌ «أقلوية» تحضّ المسيحيين على طلب الحمايات من الغرب.
وبهذا المعنى فإن الدلالات العميقة للقاء البطريرك الراعي الملك سلمان تعني ان الحوار الاسلامي - المسيحي كفيلٌ بـ «عقْلنة» الخطاب الإسلامي وطمأنة المسيحيين كأبناء من هذا الشرق وشركاء للآخرين فيه، أي أنهم ليسوا «جالية» تحتاج لـ«عضلاتِ»الغرب المحكوم بالمصالح.
وزيارة الراعي ستكون أول الغيث في رسْم مشهدٍ جديد لن يخلو من المفاجآت الـ»ما فوق سياسية«كالإعلان عن عزْم المملكة ترميم كنيسة أثَرية جرى اكتشافها وتعود لنحو 900 عام، على أن تكون»هديّة رمزيّة«لحوارٍ إسلامي - مسيحي واعِد يعيد تصويب البوصلة.
ثمة مَن تعاطى في بيروت مع الهمْس عن مفاجأةٍ قد يعود بها الراعي من الرياض، على أنه وعدٌ باصطحاب الرئيس الحريري معه في طريق العودة، وهو الذي سيلتقيه اليوم بعدما كان رئيس الحكومة أطلّ ليل اول من أمس في مقابلةٍ عبر محطة»المستقبل«.
هذه»التوقعات«بدت أنها واحدةٌ من عوارض الكلام الكثير، الذي قيل عن ملابسات استقالة الرئيس الحريري وعدم عودته إلى بيروت، وهو الذي وضع حداً لفائض من التكهنات عندما أعلن في حوارٍ قال فيه كل ما أراد انه عائد خلال أيام الى لبنان.
... في خلفية الصورة للحوار مع الرئيس الحريري ان الواقع الاقليمي الناجم عن الاندفاعة الايرانية المتمادية لم يعد يحتمل»مساكنة«في بيروت بشروط»حزب الله«، فثمة أورامٌ خطيرة في الإقليم سقطتْ معها»المسكّنات«، ولبنان لم يعد في وسعه المزاوجة بين كوْنه»بلد صغير«ويُستخدم في»ألعاب كبيرة«.
وبفائضٍ من الإحساس بالمسؤولية تغمرها عاطفةٌ دامعة وتحوطها»لعبة الأقدار«قال الرئيس الحريري انه عائد الى بيروت، يريد تسويةً تُداوي الجنوح المتمادي لـ»حزب الله«، وهو سيحتكم الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المؤتمَن على البلاد.
وقبيل مغادرته بيروت أمس متوجّهاً الى الرياض، لفت البطريرك الماروني في تصريح له من مطار بيروت إلى أن»زيارتي للسعودية اتخذت صفة تاريخية ومهمة بالنسبة للحدًث الذي نعيشه في لبنان«، مشيراً إلى أن»المراسلات بين البطريركية المارونية والسعودية لم تنقطع على مر التاريخ وهذه الزيارة الأولى من نوعها«.
وأشار إلى»أننا نتأمل كل خير من هذه الزيارة لأن السعودية لم يأت منها إلا الخير وهذه العلاقة مميزة والصداقة موجودة والمملكة كانت إلى جانب لبنان في كل الظروف الاقتصادية، الاجتماعية، الأمنية والانمائية«، مؤكداً»اننا نلبي هذه الزيارة بفرح ويشرّفني أن ألبيها خاصة كأول بطريرك ماروني يزور السعودية«.
وأضاف»أحيي الوزير المفوض (القائم بالأعمال السعودي في بيروت) وليد البخاري على حضوره والتواصل لتحضير زيارتي للسعودية«، مشيراً إلى أن»السعودية الى جانب لبنان في كل الظروف وسنحمل تطلعات اللبنانيين ونوصلها للملك وولي العهد محمد بن سلمان ونأمل خيراً، وما سمعتُه من الرئيس سعد الحريري في إطلاته التلفزيونية يُطَمْئن ويفتح افاقا جديدة«.
من جهته، أعلن البخاري تعليقاً على وضع الرئيس الحريري في المملكة انه اقترح على رئيس الجمهورية ميشال عون إمكان إيفاد وزير الخارجية إلى الرياض للاطلاع على الأوضاع كافة، معتبراً ان»الزيارة التاريخية اليوم للبطريرك الراعي ستكون خيراً للجميع«، ومؤكداً»ان الجالية اللبنانية في السعودية هي في بلدها الثاني وتُعامَل بكل الاحترام والتقدير».