12 مأخذاً سعودياً على التسوية في سَنة و«حزب الله» لن يُصعِّد

لبنان «فوق فوهة» صراعٍ... بلا كوابح

u0645u062du0645u062f u0628u0646 u0632u0627u064au062f u0645u0633u062au0642u0628u0644u0627u064b u0627u0644u062du0631u064au0631u064a u0641u064a u0623u0628u0648u0638u0628u064a (u0648u0627u0645)
محمد بن زايد مستقبلاً الحريري في أبوظبي (وام)
تصغير
تكبير
لم يعد لبنان في عيْن العاصفة، صار في قلْبها وربما يصبح ملعبَها الأكثر إثارة. ولم تكن الاستقالة الصادمة لرئيس الحكومة سعد الحريري بـ «الصوت والصورة» من السعودية يوم السبت الماضي سوى «رأس جبلِ» صراعٍ كبيرٍ تتدحْرج فصوله على وقع قرْع طبول مواجهةٍ كأنها بـ «السلاح الأبيض» بين إيران والسعودية، تشتدّ في اليمن وتكاد أن تنفجر في لبنان.

كلامٌ ديبلوماسي بلا قفازات حريريّة في الرياض عن حربٍ تُشن على المملكة من إيران وأذرعها، «حزب الله» في لبنان و«حزب الله» آخر في اليمن. وبعد «البالستي» الذي تحوّل «عود ثقاب»، ها هم الحوثيون يهددون المطارات والموانئ في السعودية والإمارات، في تطوّرٍ يشي بأن المنطقة على كفّ «برميل بارود» في ضوء تصعيدٍ بلا كوابح تعطّلت معه «لغة الكلام».

الرئيس الحريري، الذي انتقل من الرياض الى أبوظبي ثم عاد إليها أمس، لم يأتِ إلى بيروت المسكونة بانتظار ثقيل، والحركة السياسية في البلاد لا تعدو كونها عملية «تقطيع للوقت» بلا مبادراتٍ فعلية من شأنها إنقاذ لبنان من «فم التنين»، مع الهيجان المتصاعد في المنطقة والذي لن يحدّ من وطأته البحث عن صيغ حكومية بديلة من حكومة الحريري.

الثابت أن الرياض التي أجْرت مراجعة مع الحريري لحصادِ عامٍ على التسوية السياسية، أحسّت بـ «خديعةٍ» من جراء «12 محطة» على مدى السنة الفائتة شكّلت خروجاً عن روح تلك التسوية ومندرجاتها، بعدما كانت المملكة بارَكَتْها كإطارٍ يعيد التوازن الى البلاد ويضمن حيادية لبنان وينأى به عن حرائق المنطقة والتورط فيها، وهو الأمر الذي حدث عكسه و... كأن شيئاً لم يكن.

ومَن يراقب الوتيرة المتسارعة للحركة السياسية في بيروت يكتشف وبلا عناء ان استقالة الحريري، ورغم الروايات الكثيرة عن ملابساتها، أدّت وللوهلة الاولى الى «معادلة سياسية» جديدة في البلاد لم يعد في الإمكان تَجاوُزها، والأهم فيها ان السنّة، الذين لم يرغبوا يوماً بأن يكونوا الغالب أوقفوا المسار الذي يجعلهم مغلوبين على أمْرهم.

ورغم هذه المعادلة «الطرية» التي ستكون في مرمى الآخرين، لا سيما أطراف التسوية المتهاوية، فإن السعودية تلوّح بـ «العصا الغليظة» وكأن حصان المواجهة مع ايران و«حزب الله» خرج من الحظيرة، وكلام وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان كان بالغ الدلالة حين اعتبر ان الحكومة اللبنانية ستكون «حكومة اعلان حرب» على المملكة لتغاضيها عن «حزب الله»، وان مسارات الردّ ستكون سياسية وغير سياسية.

ماذا عن «حزب الله» المعنيّ المباشر بهذه التحولات الدراماتيكية في لبنان ومِن حوله؟ هل يتجه الى التصعيد على طريقة «ردّ التحية بمثلها»؟ أم أنه سيلجأ الى تَراجُعات من النوع التكتيكي لتفادي المواجهة المفتوحة على خياراتٍ قد لا تكون في الحسبان؟ وماذا يمكن ان يقول أمينه العام السيد حسن نصرالله في اطلالته المقرّرة بعد غد؟

ثمة مَن يعتقد في بيروت ان نصرالله لن يَخرج عن «النص» الذي اعتمده الجميع في ملاقاة دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى «التهدئة»، وخصوصاً ان الامين العام لـ «حزب الله» سيكون مضطراً لمبادلة مواقف عون الداعمة له بالوقوف خلفه، رغم الاعتقاد بأنه سيطيّر رسائل قوية في اتجاه السعودية من باب طمأنة جمهوره في لحظة اشتداد المواجهة.

ولأن الكرة الآن في ملعب «حزب الله» فإن خياراته ستكون بالغة الحساسية في رسْم اتجاهات الريح في لبنان، وسط تقديراتٍ في أوساط بارزة في «8 آذار»، وهو الفريق الذي يقوده «حزب الله»، بأن مستوى الضغط السعودي سيتصاعد الى حد فرْض حصار وعقوبات على لبنان، على حدّ ما ألمح إليه الوزير السبهان.

وفي تقدير هذه الأوساط ان لبنان ليس قطر «الغنية» وتالياً فإن أي اجراءات عقابية ستكون موجعة على المستوى الاقتصادي، اضافة الى انه سيَفقد بعضاً من استقراره الداخلي لوجود فريقٍ لا يستهان به سيلاقي المملكة في توجهاتها الجديدة وخياراتها.

غير ان هذه الأوساط رأت ان ايران ستجد فرصة مناسبة للدخول الى لبنان وبقوة لتقديم المساعدات، وهي التي وقفت وعلى امتداد أكثر من 7 أعوام الى جانب النظام في سورية ودعمتْ جيشه بالسلاح والعتاد والمال ودفعت رواتب الموظفين وزوّدت سورية بالنفط.

ولفتت الأوساط عينها الى ان الرئيس السوري بشار الأسد أدنى رتبة بالنسبة الى ايران من حلفائها في لبنان، وهي سبقت أن دفعت اموالاً طائلة بعد حرب يوليو 2006 لاستيعاب الخسائر التي لحقت بالضاحية الجنوبية (معقل حزب الله).

أما بالنسبة الى اشتراط الرياض إبعاد «حزب الله» عن الحكومة، فرأت تلك الأوساط أن الحزب لا يستمدّ قوته من وجوده في الحكومة، أما انصياعه لرغبة السعودية تحت عنوان «مصلحة لبنان»، فهذا أمر لا يُستهان به في حال قبِل بالأمر، مشيرة الى ان «حزب الله» الذي تمرّس في التفاوض (مع اسرائيل لمبادلة الأسرى) لا يلعب عادة أوراقه دفعة واحدة ولا يريد نصرالله ان يشار إليه على انه يقف خلف التدهور الاقتصادي في البلاد.

وبدت الاوساط هذه حاسمة بأن «حزب الله» لا يريد ان يستولي على لبنان أو أن يكون مسؤولاً من خلال أطراف موالية له، لأن من شأن ذلك أن يحمله عبئاً لا يريده ولا يستطيع تحمله، وخصوصاً انه يجعل لبنان هدفاً مشروعاً لاسرائيل والولايات المتحدة، وحتى للدول الاوروبية التي ما زالت تميّز بين جناحيْ الحزب، العسكري والسياسي.

وفي تقدير الأوساط البارزة في «8 آذار» ان وجود رئيس قوي هو العماد ميشال عون يشكّل ضمانة، فهو انتُخب برضى السعودية عندما كانت الأمور مختلفة عما هي عليه اليوم بين بيروت والرياض، و«حزب الله» يقف خلف الرئيس الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع الغرب وغير سيئة مع السعودية، ولذلك يمكن إعادة بعض التوازن الى لبنان.

وأوضحت الأوساط عيْنها ان «حزب الله» لن يتخذ خطوات تصعيدية على الأرض ولن يكون ضحية للأحداث المتتالية، فهو يتمتع باستقلالية مادية، وتصله الأموال بالـ «يورو» ونقداً كل شهر من الموازنة الايرانية، ويتمتع كذلك بحركة دائمة، برّية بين بيروت ودمشق، وجوية بين دمشق وطهران، فلذلك هو لن يتأثّر ولا عشرات آلاف العائلات ممن يعمل أبناؤها مع منظومة الحزب المدنية والعسكرية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي