ماذا عن البطاطا؟

No Image
تصغير
تكبير
هل البطاطا من الخضراوات؟ لعلنا حين نتحدث عن كمٍّ هائل من المعلومات الراسخة في أذهاننا ونبحث ونمحّص في أصولها وجذورها من مصادرها، سنجد أننا نعيش في بحر من الأخطاء الشائعة علمياً ولُغوياً، ويرجع سبب انجراف الناس مع تلك الأخطاء هو قلة القرّاء وربما ندرة المقبلين على الكتاب ومصادر العلم، لذلك حين يكشف أحد العلماء أو الباحثين أو المثقفين عن معلومة نلحظ جميعاً الذهولَ في وجوه الناس، هذا إن لم يعارضوا ذاك المنطق العلمي ولا تبرير لذلك سوى ما يُعرفُ عن الإنسان أنه عدو ما يجهل.

ربما يقول قائل: «إن ما نتحدّث فيه حول الأخطاء الشائعة علمياً أو لغوياً هي وظيفة المتخصصين ولا عتب على العامة وعموم الناس»!

بالتأكيد هذا منطق يخالف الحقيقة لأن الشعوب المثقفة الواعية هي التي تُنتج قادةً أفذاذاً ويخرج من صفوتها علماءُ ومبدعون، لذلك فإن العامة عندنا نحن العرب هي الشعوب التي تنتخب نوابها بديموقراطية لا نظير لها! وهي المجتمعاتُ التي احتضنت المبدعين ولم تحارب المتميزين! وهي الجماهير في الملاعب التي تُصوّر الروح الرياضية العالية حتى أذهلت العالم كله!

إذا كنا على غير استعداد لتصحيح أخطائنا لمجرد أنها شائعة أو لأننا وجدنا آباءَنا عليها ولم نجرُؤْ على تغييرها! كيف يمكننا مواكبة عالَم يتقدم كل ثانية ويقيِّم أداءَه كل يوم؟ ونحن غير قادرين على الاعتراف بأخطائنا لخلل واضح في فهمنا، وارتجال يومي في طرق تربيتنا لأبنائنا، لدينا في مجتمعاتنا سلوكيات تراكمية تحكمها العنجهية والاستعلاء على الحقيقة، إن دور مؤسسات النفع العام والجمعيات الأهلية في عالمنا العربي يحتاج إلى إعادة بناء فكري عاليَ الكفاءة لتتجهَ هذه المؤسساتُ نحو الناس وتأخذ بأيديهم في المرافق العامة من مساجد وحدائق وأسواق ودواوين وملاعب وغيرها، لا أن تبقى هذه المؤسسات الاجتماعية داخل قوقعة العمل الإداري المغلق على روادها والقليل من الهواة فيها، تاركة الناس في متاهات الحياة! وتكتفي بالإعلان أو الإعلام العام، نحن بحاجة ماسة لنشاط واقعي يخالط الناس وهمومهم ويلامس مشاعرهم وحاجاتهم النفسية لا مجرد فعاليات ثقافية وعلمية يحضرها المنظمون لها والمتخصصون وبعض الزوّار والصحافيون!

إن محاربة العادات السيئة والحدَّ من الأخطاء الشائعة عند عموم الناس والارتقاء بهم تجاه المدنية الحقّة يحتاج لبرامج ميدانية تقتحم تلك الدوامات التي تناوبتْ على الناس بين خطاب ديني موروث في المساجد وقاعات التعليم، واستغلال ماديّ مدروس يُبقي الفردَ في لهثٍ يوميّ.

إن مسألة الاعتراف بالخطأ والبحث عن الخطوة الأولى لتصحيحه هو إعلان حقيقي نحو نهضة مدنية للعرب تأخذ بأيدينا جميعاً نحو المصداقية في الأداء والحيادية في التناول، والنأي بالنفس عن النزاع والتعصّب مع الوقوف مع الحق والأخذ على يد الظالم، حينها نكون في سلامة حقيقية من الاستمرار في الخطأ ونكون قد كَوَّنّا بيئة مشتركة تحكمها الموضوعيةُ، ويتقدَّمُها احترامُ الرأي.

أما بخصوص البطاطا... فالمعلومةُ تقول: إنّ ما يحمل بداخله بذوراً هي فواكه، وغيرها مما نأكل من نتاج الأرض هي خضراوات، فإذاً الخيار والطماطم مثلاً من الفواكه أما البطاطا يا سيدي فهي من الخضراوات!

* كاتب وشاعر سوري
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي