رها محرق... من أول سعودية تتسلق «إيفرست» إلى مدافعة عن حق المرأة العربية بممارسة الرياضة

تصغير
تكبير
وأخيراً... فعلتها رها محرق وحققت حلمها بتسلق أعلى سبع قمم في العالم، آخرها جبل دينالي في ولاية الاسكا الأميركية. إلا أن الحلم لم يكن سهل التحقيق واحتاج الكثير من المثابرة والتدريب والقناعة والشغف؛ صفات تتمتّع بها محرق التي تقول: «أنا لست شخصاً واثقاً من نفسه لا بل من أولئك الذين عندما يرتدون ملابس بيضاء اللون، يأملون أن تبقى كذلك طيلة النهار. ولكن عندما أؤمن بشيء، أقوم بكل ما في وسعي لتحقيقه».

وبالفعل، لم يمنع فشل محرق في أول مرة تسلقت فيها جبل دينالي من أن تعاود التجربة من جديد. وعندما الْتقيناها قبل أسابيع من مغامرتها في أحد مقاهي دبي أخبرتنا: «منذ بضعة أشهر، كانت حياتي تقتصر على النوم والأكل والتدريب لأنه يجدر بي أن أسلّح جسدي وعقلي قبل الذهاب إلى المعركة. نعم أظنها معركة لأنها المحاولة الثانية».

قبل عامَين كانت التجربة مريعة بحسب ما تصفها لنا محرق. وتقول: «لم تسر الأمور على ما يرام أبداً، من الأحوال الجوية السيئة إلى عدم مهنية الفريق المرافق حتى أن مرشدي توفي في انهيار ثلجي قبل يوم من التسلق وأصبت بالكثير من الأذى. شعرت، حينها، أنني لا أريد القيام بذلك بعد الآن ولم أتوقّف عن التساؤل ما إذا كانت هذه نهاية حبي لتسلق الجبال». وتتابع: «لكنني كنت أشعر بأن ثمة شيئاً غير منجز. ولذا، قررت العمل على إعداد نفسي عاطفياً وجسدياً».

التدريب لست ساعات يومياً أعطى ثماره، وها هي اليوم قد عادت إلى دبي (مكان إقامتها) سليمة وإنما منهكة القوى تحاول التقاط أنفاسها بعد رحلتها الطويلة. وفي اتصال معها تخبرنا: «العودة إلى هذا الجبل كان تحدياً كبيراً إلي، على الصعيدين النفسي والجسدي. حتى النهاية، لم يكن الأمر سهلاً لاسيما أن كثيرين تعرضوا لجروح أو استسلموا... وحدهم 6 أشخاص بلغوا القمة بعد نحو 20 يوماً من التسلق بين 6 إلى 10 ساعات يومياً».

وتضيف: «خلال تسلقي لإيفرست، انتابتني الكثير من المشاعر وبدأت أبكي... فقد تمكنت أخيراً، من تحقيق حلمي بتسلق أعلى القمم في كل القارات ولم أكن أصدق ذلك».

اليوم، لا تفكّر محرق إلا بالاسترخاء واستعادة قِواها وتقول: «أظن أنني سآخذ بعض الوقت بعيداً عن الجبال المرتفعة لكن حبي لها لن يتوقف أبداً، قد أختار جبالاً أكثر سهولة لأوصل هوايتي في التسلق».

مغامراتها على أعلى قمم العالم صنعت لها اسماً في المنطقة العربية والعالم لاسيما عندما باتت، عام 2013، أول شابة سعودية وأصغر شابة عربية تنجح في بلوغ قمة إيفرست وغيّرت حياتها رأساً على عقب حتى لو أن محرق تصرّ على أنها لم تتغيّر. وهنا تشرح: «أكيد حصلت الكثير من الأمور وتطورت منذ إيفرست إلا أنني من الداخل، ما زلت الشخص ذاته».

شاركت محرق في 14 بعثة وتسلقت سبع قمم من أعلى جبال العالم. وتقول: «جسدياً، تحولت إلى رياضية أتدرب بشكل منتظم وآكل بشكل سليم. أما على الصعيد الشخصي، فلم تعد الأمور التي كانت تزعجني مثل تأخر الناس عن المواعيد تهمّني اليوم. كنت شخصاً لا يأبه بما يقوله الناس، والآن أنا أكثر ميلاً الى هذا الشعور».

تسلق الجبال ليس المهارة الوحيدة لمحرق، فهي متعددة المواهب، تتقن فن التحدث أمام الجمهور كما أنها مصممة غرافيك. وعن مشاركتها في الفعاليات والتحدث أمام الجمهور، تقول: «لم أكن أحلم أنني سأتحول إلى هذا الشخص يوماً ما إلا أنني أستمتع بذلك لاسيما أنني لا أعظ الناس لا بل أحاديثي نابعة من تجربتي الشخصية. تعاونت مع العديد من المنظمات مثل هيومان رايتس واتش والفيفا، كما أنني شاركت في العديد من الفعاليات مثل مؤتمر النساء في العالم، وتلجأ إليّ بعض الوسائل الإعلامية للتعليق على الأحداث الرياضية لاسيما خلال الألعاب الأولمبية السابقة».

كل ما حققته رها محرق حملها الى الفوز بـ «جائزة المنجزة» لعام 2016 ضمن جوائز نساء الإمارات.

كل ما تقوم به محرق يدور حول مهمة محورية تريد أن تجعل منها أساس حياتها في المستقبل ألا وهي زيادة التوعية حول أهمية ممارسة النساء للرياضة في المنطقة العربية، وتقول موضحة: «يجب التركيز على التربية والتعليم، يجب تثقيف الأهل حول أهمية الرياضة في حياة أبنائهم. يجدر بالحكومات أن تُدخل الرياضة بشكل صارم في المناهج الدراسية لا أن يكون الأمر من الكماليات».

تعرف محرق أنها من القليلات المحظوظات وتعمل اليوم، من خلال كل نشاطاتها، من أجل المساعدة ولو قليلاً في تغيير العقليات. حتى أنها لا تتردد في القيام بجلسات التقاط الصور من أجل أن تتوجه إلى عقول الفتيات العربيات لتقول لهنّ: «أستطيع أن أكون متسلقة جبال ناجحة وإنما أيضاً أن أكون تجسيداً للأنوثة من خلال ارتداء الملابس الأنيقة... أريد أن أكشف لهنّ وجهاً آخر للأنوثة وأن أتحدث لغتهنّ ألا وهي الموضة».

أكثر ما تريده محرق حالياً، أن تُنهي كتاب مذكراتها لنشره نهاية العام والتفكير بأفضل وسيلة من أجل نشر التوعية حول أهمية تغيير القوانين والصور النمطية التي تعوق ممارسة الرياضة أمام الكثير من النساء.

بانتظار ذلك، تبقى نصيحة محرق لكل امرأة عربية: «لا تخافي أبداً من إسماع صوتك ولا تنتظري أن يمنحك أحد المساواة التي تستحقينها».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي