«المقايضات» على قانون الانتخاب تدور «ساعة بساعة»

لبنان «في فمِ» أسبوعِ ما قبل... الساعة صفر

تصغير
تكبير
أسبوعٌ واحدٌ كأنه «الجبَل» يفصل لبنان عن الساعة صفر بين احتماليْن «يا أسود يا أبيض»، فإما السقوط في الهاوية مع حلول 20 الشهر الجاري وإما إمرار تسويةِ «الخمس دقائق الأخيرة» بإقرارِ قانون انتخابٍ يحول دون القفز في المجهول في لحظةِ انعدامِ وزنٍ داخلي وإقليمي.

وعلى مدى اسبوع، من الثلاثاء الى الثلاثاء، تدور الساعة السياسية اللبنانية «ساعةً ساعة» في تَعقُّب آخر فصول المنازلات وكوابيسها خلف جدران التفاوض الصعب وكواليسه، ولا سيما حيال المَخارج الممكنة، التقنية والسياسية، لإتمام صفقة قانون الانتخاب او انهيار التسوية برمّتها.


غداً جلسة «مفصلية» لمجلس الوزراء، وما بعد بعد الغد جلسةٌ «مصيرية» لمجلس النواب، وفي ضوء مجرياتهما ترتسم ملامح المرحلة المقبلة في لبنان المحاصَر بزنّار نارٍ، من الحدود الشرقية مع سورية وخاصرتها الرخوة في جرود عرسال، ومن الحدود الجنوبية مع اسرائيل التي تنتظر حربُها اللحظةَ المؤاتية.

وعلى هذا المفترق الخطر الذي تختزله 168 ساعة «فقط لا غير»، ثمة انطباع بأن قراراً كبيراً متَّخذاً بإقرار القانون الذي اتُفق على إطاره العام (النسبية الكاملة في 15 دائرة انتخابية) وان محاولات انتزاع مكاسب في اللحظة الأخيرة لن تعوق إمرار الصفقة قبل نهاية ولاية البرلمان في 20 الجاري.

ورغم أن أوساطاً لم تُسقِط من حسابها حصول مفاجآتٍ ليست في الحسبان كمجازفة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل في ربْط مصير قانون الانتخاب بشروطٍ يريدها ويرفضها الثنائي الشيعي (رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله»)، فإن اعتقاداً راسخاً يسود المعنيين بأن لعبة المقايضات في اللحظة الأخيرة لن تؤدي الى الانقلاب على قانونٍ يخضع للمسات الأخيرة. وفي اعتقاد أوساطٍ واسعة الاطلاع في بيروت ان الاجتماع الذي سبق ان عُقد بين الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله والوزير باسيل قبل نحو أسبوعين وفتح الطريق أمام تفاهمٍ عريض على قانون الانتخاب، شكل تطوراً حاسماً في هذا الاتجاه من الصعب الارتداد عليه او التملّص من موجباته.

في لقاء نصرالله - باسيل، الذي قالت مصادر «التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجمهورية ميشال عون) انه تم خلاله «الاتفاق على الـ 50 سنة المقبلة»، جرى تكريس مسألتيْن على جانب من الأهمية هما:

• الوعد الذي قطعه نصرالله لباسيل بـ «تبنّيه» أسوةً بالوعد الذي كان قدّمه للعماد ميشال عون يوم كان زعيماً لـ«التيار الوطني الحر» في اطار تحالُفٍ أوصل الأخير الى رئاسة الجمهورية. فـ «وعد» نصرالله بديمومة التحالف مع باسيل في سياق «المَصالح المتبادَلة» يعني جعل الأخير «رقماً صعباً» في المعادلة السياسية لما يوفّره له «حزب الله» من رافعةٍ، ويعني ايضاً ضمان «حزب الله» غطاء مسيحياً لخياراته الداخلية والخارجية، وهي المعادلة السياسية التي يَطْمَئن لها رئيس «التيار الحر» في السباق المبكّر حول «المسيحي الأقوى» كأقصر الطرق للرئاسة بعد العماد ميشال عون.

• رَسْم «حزب الله» خطاً أحمر لا يمكن القفز من فوقه فـ «ممنوع الفراغ في المؤسسة التشريعية ولو لدقيقة واحدة» مهما كانت أهمية المسائل المعلّقة، ما يعني أيضاً قطعاً للطريق على العودة الى القانون النافذ (قانون الستين) الذي جرت شيْطنته وجاهَر «حزب الله» مراراً وتكراراً برفْض أي تعويمٍ له من خلال دفْع الأمور باتجاه جرّ البرلمان الى الفراغ عبر تعطيلِ فرص الاتفاق على قانونٍ جديد.

ويمكن حصْر المسائل التقنية والسياسية التي ما زالت ميداناً لـ «كرٍّ وفرٍّ» في المفاوضات الماراثونية التي تُسابِق الوقت، بثلاثة أنواع من التعقيدات هي:

• حصْر «الصوت التفضيلي» في القضاء أو جعْله على مستوى الدائرة، واقتصار احتساب عتبة التأهيل على اللائحة أو شمولها المرشحين.

• احتدام الكباش حول نقل مقاعد نيابية أو خفْض عددها أو تخصيص ستة منها للمغتربين، وهي المسألة التي يَضغط في اتجاهها الوزير باسيل ويعارضها بري وآخرون.

• إمكان تضمين قانون الانتخاب ما يشبه «المانيفست السياسي» حيال مسائل معلَّقة كتكريس المناصفة الاسلامية - المسيحية في البرلمان بنصٍّ دستوري، وتشكيل مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية.

هذه المسائل تخضع لمقايضاتٍ تنطلق من حساباتٍ سياسية وفئوية، وسط انطباعٍ بأن باسيل يحتاج الى ما يمكن ان يعتبره «إنجازاً مسيحياً» لتعزيز موقعه من جهةٍ ولضمانِ عدم نصْب اي كمائن له بعدما تحوّلت دائرة ترشيحه التي تشمل «البترون - الكورة - بشري وزغرتا» ميْداناً لصراعِ الرؤوس الكبيرة على الطريق الى الرئاسة، فالبترون هي مسقط رأس باسيل، وبشري هي معقل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وزغرتا هي عرين النائب سليمان فرنجية، والثلاثة هم الأحصنة الرئيسية في السباق الرئاسي المقبل.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي