حدثت في الأسبوع الماضي مجموعة من الأحداث التي تشير كلها لمدى سهولة وخصوبة اشتعال الفتن من دون الحاجة للكثير من الجهد والمال ومؤامرات «السي آي أيه» ولا تكتيكات كسنجر ولا عقول تشرتشل ولا غيرهم.
لنبدأ بالعداء التقليدي بين طرفي الخليج، الطرف الشرقي الإيراني والطرف الغربي العربي، التوتر بين هذه الأطراف واضح منذ عقود وما زال على حاله، وبانتظار أي عذر لاشتعال البارود كي ينفجر الوضع الإقليمي!
وبسبب هذا الخوف (أو الكُره) المتبادل، اندفعت إيران لتطوير نظامها الصاروخي والنووي، كما دفعت أخيراً دول الخليج بحدود أربعمئة مليار قيمة صفقات الأمن مع الحليف الأميركي. واللافت في الأمر أن الرئيس ترامب قدِم للمنطقة على خلفية تصريحات كثيرة ومثيرة حول المنطقة، أوضحها أنهم (أي دول المنطقة) لا يملكون سوى المال والبترول.
تخيّل أن كلامه هذا كان علناً وعلى مرأى ومسمع من الجميع، فكيف وهو في السر وبعيداً عن الكاميرات والأضواء، فما هي انطباعاته عن المنطقة؟، وبعد أن ختم زيارته وعاد إلى بلاده، علّق بقوله دول المنطقة هي المسؤولة عن نفسها في محاربة الإرهاب!، ومع ذلك خصّص ترامب أول زيارة خارجية له لمنطقتنا.
وكانت أكثر المشاهد ازدراءً في سياسة ترامب هو فشله في جميع وعوده الانتخابية، فكوريا الشمالية «رفعت عليه الجام» وواصلت تطوير وإطلاق صواريخها وهددته بالنووي، والروس توسعوا في ضرب معاقل المعارضة بسورية، كما ثبت عجزه عن تمزيق الاتفاق النووي الإيراني، وفشل في تحميل المكسيك مسؤولية الجدار، وهكذا لبقية الوعود باستثناء كلامه عن المنطقة!
أما الأمر الثاني البارز لتهافت المنطقة وسهولة استدراجها صوب الفتن يكمن في البنية التحتية لمنظومة الخليج العربي، تخيّل أننا نتحدث عن أقوى منظومة بالمنطقة وتشمل تحت مظلتها شعوباً ينتمون لنفس المنطقة الجغرافية ومتقاربين من حيث المذهب والقرابة ونظام الحكم والرفاه الاقتصادي، مع ذلك هذه المنظومة تتعرض لهزات عنيفة، فلو كانت أقوى منظومة عربية اقتصادياً وسياسياً بهذه الحال، فما ظنّك بنوع العلاقات التي تربط مصر بالسودان مثلاً، أو بين الجزائر والمغرب؟!
hasabba@