أسياد الحوار اللبناني
25 مايو 2017
12:00 ص
1772
يقول المثل اللبناني «جبل على جبل ما بيلتقي، بني آدم على بني آدم بيلتقي» للدلالة على الطبيعة البشرية التي - رغم تناقض أفرادها - تبقى ميالة الى اللقاء الجسدي والفكري. ولعل المثل أعلاه، هو الإطار الدقيق لوصف علاقة اثنين من أقطاب الحركة الفكرية التنويرية في المشرق العربي، الراحلين الدكتور كمال صليبي وسمير فرنجية اللذين التقيا حول بناء البيت والكيان اللبناني رغم اختلاف تجربتهما الفكرية والسياسية.
نشأ الصليبي في كنف عائلة بروتستانتية محافظة من بطلون (قضاء عاليه) في جبل لبنان الجنوبي حيث قضى فترة من طفولته في قريته قبل أن يقوم والده الطبيب والضابط السابق في الجيش المصري بنقل العائلة إلى شارع بليس في رأس بيروت. درس كمال، كما حال كل عائلته، في المؤسسات التعليمية البروتستانتية حيث حصل على دبلوم التاريخ من الجامعة الأميركية قبل أن يغادر إلى جامعة لندن لإتمام رسالة الدكتوراه «المؤرخون الموارنة وتاريخ لبنان في العصور الوسطى» تحت إشراف المؤرخ المرموق والمثير للجدل برنارد لويس.
تزامنت عودة الصليبي الى لبنان للتعليم في الجامعة الاميركية مع ارتفاع المد الناصري في لبنان والمنطقة وخاصة بعد الوحدة المصرية - السورية التي وضعت ضغوطات على النظام اللبناني وأدت في نهاية المطاف الى حقبة من الصراع الاهلي المسلح الذي عرف بأحداث 58. إزاء هذا الواقع السياسي والتطاول الناصري على سيادة الدولة اللبنانية قام الأستاذ الشاب مع بعضٍ من طلابه بتأسيس تجمع طلابي أطلق عليه اسم «رابطة الطلاب اللبنانيين»، والذي رغم ضآلة أعضائه في بادئ الأمر شكل حركة اعتراضية بوجه التيارات العروبية ولاحقاً الفلسطينية التي كانت برأي الصليبي تشكل خطرا حقيقيا على الكيان اللبناني. الصليبي أو البطريرك كما أطلق عليه رفاقه اعتبر من قبل البعض كأحد اركان التيار اليميني اللبناني كونه ارتبط بعلاقة شخصية وعائلية بالعديد من رموز اليمين كشارل مالك وكميل شمعون وبيار وبشير الجميل، بالاضافة لكون مؤلفاته التاريخية على رأسها كتاب «تاريخ لبنان الحديث» كانت قد روجت لفكرة لبنان كيان مستقل متميز عن محيطه العربي.
لكن ما لبث الصليبي أن انفصل عن الرابطة بعد سنة 1972 وانسحب بشكل تدريجي من دوره السياسي بعدما قامت الاحزاب اليمينية كالكتائب والاحرار بالسيطرة الكاملة على الهيئة الادارية للرابطة التي تحولت الى آداة لتطويق الفلسطينيين والتي وضعت منظمة التحرير وحلفاءها اللبنانيين على مسار تصادمي مع الدولة اللبنانية، و كان أحد العوامل المساهمة باندلع الحرب الاهلية سنة 1975.
في الجهة المقابلة او حتى على كوكب آخر، ولد سمير فرنجية في منزل حميد بيك، زعيم أحد ابرز الاسر الاقطاعية لجبهة زغرتا والسياسي المخضرم، وأحد رجال الاستقلال الذي مثل لبنان كوزير لخارجيته في مفاوضات الجلاء الفرنسي عن لبنان سنة 1946. انضم حميد فرنجية الى صفوف ثورة الـ 58 مع كل من اركان المعارضة لحكم الرئيس كميل شمعون بقيادة كمال جنبلاط ولكن ما لبث أن أقعده المرض لينسحب من المعترك العام بشكل نهائي مفسحاً المجال أمام أخيه الاصغر سليمان الذي انتخب رئيساً للجمهورية بوقت لاحق.
درس سمير إسوة بوالده في جامعة القديس يوسف الاباء اليسوعيين معقل اليمين اللبناني، ولكن البيك اليافع كان قد دخل الفلك الماركسي بداية ليعود ويطور يساريته خلال اقامته في باريس في فترة صعود اليسار الجديد المفعم بالراديكالية الفكرية. لدى عودته الى لبنان، انضم الى الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط - صديق وحليف والده - المطالب بالإصلاح السياسي والعلمنة ورافع راية الثورة الفلسطينية. فكيف قدر للصليبي وفرنجية وهما من كوكبين فكريين مختلفين أن يلتقيا في خضم الحرب الاهلية حول مشروع سياسي نهضوي جامع في حين كانت البندقية والمدفع والميليشيات المتعددة هي الفصل؟ تلك الحقبة من حياة الرجلين والتي بقيت غامضة نسبياً بالنسبة للعامة تعكس التطور الفكري لكل منهما وانسياقهما نحو الوسطية السياسية الطامحة لبناء الدولة المدنية.
لعل من أبرز ما كتب الصليبي عن التاريخ اللبناني جاء في كتابه «بيت بمنازل كثيرة- الكيان اللبناني بين التصور والواقع» الصادر بنسخته الإنكليزية العام 1988، حيث أعاد الصليبي قراءة استنتاجاته السابقة وقارب الصراعات الأهلية، لا سيما الحرب الرائجة على ضوء صراع الطوائف المحلية على هوية و تاريخ لبنان. أثناء إحدى جلساتنا اليومية على شرفة الصليبي المطلة على الجامعة الأميركية والبحر الابيض المتوسط توجهت بسؤال الى معلمي عن السبب الذي دفع به الى كتابة هذا الكتاب في تلك الحقبة بالذات. فقام الصليبي بأسلوبه الحكواتي الشيق بسرد قصة الكتاب الذي احد أبطاله سمير فرنجية.
ففي أواسط الثمانيات تشكلت مجموعة من الشخصيات اللبنانية السياسية والفكرية لتشكل حلقة تدرس الازمة اللبنانية لتضع تصورا للمصالحة بين اللبنانيين بعد انتهاء الاقتتال الذي كان سينتهي عاجلا أم آجلا. فتم إنشاء مؤسسة الدراسات اللبنانية (Lebanese Studies Foundation) وبدعم مالي كبير من المغترب اللبناني في نيجريا ايلي خليل الذي طلب من الصليبي ان يؤلف هذا الكتاب ليكون وثيقة تجمع كافة اللبنانين بالرغم من اختلافهم حول فكرة لبنان الجديد.
وبالاضافة الى الوثيقة التأسيسية الجديدة كان من المتوقع أن تقوم المؤسسة بدعم ترشيح سمير فرنجية الى منصب رئيس الجمهورية كونه مقبولا لدى الوسط المسلم و بنفس الوقت ينتمي الى عائلة سياسية مارونية عريقة. بطبيعة الحال لم تسمح الظروف السياسية، لا سيما هيمنة النظام السوري على لبنان، بتحقيق أي من مشاريع مؤسسة الدراسات اللبنانية على رأسها انتخاب فرنجية رئيساً للبيت اللبناني كما وصفه الصليبي. بالرغم من فشل مشروعهما، الانجاز الحقيقي لكل من الصليبي وفرنجية تمثل بنقدهما الذاتي لتجربتهما السياسية وتأسيسهما لنهج الاعتدال والوسطية المتنورة التي ترى في لبنان ورغم مشاكله بصيص أمل وترفض الخنوع والانهزام.
في ليلة الميلاد في ديسمبر 2006 وأثناء انتظار توافد تلامذة الصليبي الى الحفل السنوي في دارته، خاطبني المعلم بقوله «أنظر الى الشعب اللبناني الذي بالرغم من الدمار والقتل الذي خلفته الحرب (حرب يوليو) لا يزال يحتفل بالحياة رافضاً ثقافة الموت السوداوية، انه لشعب ووطن عظيم».
نفس الكلام استمعت إليه من فرنجية في الصيف المنصرم وقبل فترة قصيرة من أن يمنعه المرض من المشاركة في النشاطات العامة التي كانت احداها حلقة حوار دعا إليها ملتقى التأثير المدني. ولدى انتهاء الاجتماع واثناء دردشة جانبية قال لي فرنجية «يجب عليكم ان لا تفقدوا الامل، استمروا بالمحاولة و بالمشاركة بمثل هذه المبادرات فلا بد من ان تأتي في آخر المطاف الفرصة المناسبة لنجاح مشروعنا الاصلاحي المدني».
ذهلت للوهلة الأولى لكلام فرنجية، فكيف لهذا الرجل الذي يصارع المرض منذ أكثر من عقدين ونصف، وقد هزم في أكثر من مواجهة سياسية ان يتحلى بهذا النوع من التفاؤل والإيمان بلبنان الوطن الذي خذله مرات عدة. مقاربة كلٍ من الصليبي وفرنجية للنضال السياسي بنظرة الحالم الواقعي ميّزتهما عن العديد من الناشطين من حولهما، فبالرغم من كونهما من دعاة الدولة المدنية والمواطنة لم يقاربا النظام الطائفي بعدوانية مطلقة بل دعوا الى الاستفادة من تعددية الطوائف ولكن ضمن الأطر الايجابية وتحت سقف الحوار والعيش المشترك.
تبقى قصة كمال صليبي وسمير فرنجية واحدة من الكثير من الروايات والرحلات في تاريخ لبنان المعاصر حيث ذهب الاثنان في بادىء الامر في رحلة الى أقاصي العنف قبل أن يعَوْا تماما ان العقل والحوار هما طريقهما للخلاص. بالرغم من الغيوم السوداء والخطاب المذهبي الظلامي الذي يتسرب الى المجتمع اللبناني ويؤجج الوحش الطائفي، لعله من الاجدى أن نتذكر دائماً أن الخطاب الحقيقي الذي يبقى هو خطاب العقل والحوار الذي دعا إليه اسياد العقل اللبناني كالسيد هاني فحص وغريغور حداد وكمال صليبي وسمير بيك فرنجية، الذين رغم رحيلهم لا تزال بيوتهم وعقولهم مفتوحة للجميع.
نشأ الصليبي في كنف عائلة بروتستانتية محافظة من بطلون (قضاء عاليه) في جبل لبنان الجنوبي حيث قضى فترة من طفولته في قريته قبل أن يقوم والده الطبيب والضابط السابق في الجيش المصري بنقل العائلة إلى شارع بليس في رأس بيروت. درس كمال، كما حال كل عائلته، في المؤسسات التعليمية البروتستانتية حيث حصل على دبلوم التاريخ من الجامعة الأميركية قبل أن يغادر إلى جامعة لندن لإتمام رسالة الدكتوراه «المؤرخون الموارنة وتاريخ لبنان في العصور الوسطى» تحت إشراف المؤرخ المرموق والمثير للجدل برنارد لويس.
منذ 18 ساعة
تزامنت عودة الصليبي الى لبنان للتعليم في الجامعة الاميركية مع ارتفاع المد الناصري في لبنان والمنطقة وخاصة بعد الوحدة المصرية - السورية التي وضعت ضغوطات على النظام اللبناني وأدت في نهاية المطاف الى حقبة من الصراع الاهلي المسلح الذي عرف بأحداث 58. إزاء هذا الواقع السياسي والتطاول الناصري على سيادة الدولة اللبنانية قام الأستاذ الشاب مع بعضٍ من طلابه بتأسيس تجمع طلابي أطلق عليه اسم «رابطة الطلاب اللبنانيين»، والذي رغم ضآلة أعضائه في بادئ الأمر شكل حركة اعتراضية بوجه التيارات العروبية ولاحقاً الفلسطينية التي كانت برأي الصليبي تشكل خطرا حقيقيا على الكيان اللبناني. الصليبي أو البطريرك كما أطلق عليه رفاقه اعتبر من قبل البعض كأحد اركان التيار اليميني اللبناني كونه ارتبط بعلاقة شخصية وعائلية بالعديد من رموز اليمين كشارل مالك وكميل شمعون وبيار وبشير الجميل، بالاضافة لكون مؤلفاته التاريخية على رأسها كتاب «تاريخ لبنان الحديث» كانت قد روجت لفكرة لبنان كيان مستقل متميز عن محيطه العربي.
لكن ما لبث الصليبي أن انفصل عن الرابطة بعد سنة 1972 وانسحب بشكل تدريجي من دوره السياسي بعدما قامت الاحزاب اليمينية كالكتائب والاحرار بالسيطرة الكاملة على الهيئة الادارية للرابطة التي تحولت الى آداة لتطويق الفلسطينيين والتي وضعت منظمة التحرير وحلفاءها اللبنانيين على مسار تصادمي مع الدولة اللبنانية، و كان أحد العوامل المساهمة باندلع الحرب الاهلية سنة 1975.
في الجهة المقابلة او حتى على كوكب آخر، ولد سمير فرنجية في منزل حميد بيك، زعيم أحد ابرز الاسر الاقطاعية لجبهة زغرتا والسياسي المخضرم، وأحد رجال الاستقلال الذي مثل لبنان كوزير لخارجيته في مفاوضات الجلاء الفرنسي عن لبنان سنة 1946. انضم حميد فرنجية الى صفوف ثورة الـ 58 مع كل من اركان المعارضة لحكم الرئيس كميل شمعون بقيادة كمال جنبلاط ولكن ما لبث أن أقعده المرض لينسحب من المعترك العام بشكل نهائي مفسحاً المجال أمام أخيه الاصغر سليمان الذي انتخب رئيساً للجمهورية بوقت لاحق.
درس سمير إسوة بوالده في جامعة القديس يوسف الاباء اليسوعيين معقل اليمين اللبناني، ولكن البيك اليافع كان قد دخل الفلك الماركسي بداية ليعود ويطور يساريته خلال اقامته في باريس في فترة صعود اليسار الجديد المفعم بالراديكالية الفكرية. لدى عودته الى لبنان، انضم الى الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط - صديق وحليف والده - المطالب بالإصلاح السياسي والعلمنة ورافع راية الثورة الفلسطينية. فكيف قدر للصليبي وفرنجية وهما من كوكبين فكريين مختلفين أن يلتقيا في خضم الحرب الاهلية حول مشروع سياسي نهضوي جامع في حين كانت البندقية والمدفع والميليشيات المتعددة هي الفصل؟ تلك الحقبة من حياة الرجلين والتي بقيت غامضة نسبياً بالنسبة للعامة تعكس التطور الفكري لكل منهما وانسياقهما نحو الوسطية السياسية الطامحة لبناء الدولة المدنية.
لعل من أبرز ما كتب الصليبي عن التاريخ اللبناني جاء في كتابه «بيت بمنازل كثيرة- الكيان اللبناني بين التصور والواقع» الصادر بنسخته الإنكليزية العام 1988، حيث أعاد الصليبي قراءة استنتاجاته السابقة وقارب الصراعات الأهلية، لا سيما الحرب الرائجة على ضوء صراع الطوائف المحلية على هوية و تاريخ لبنان. أثناء إحدى جلساتنا اليومية على شرفة الصليبي المطلة على الجامعة الأميركية والبحر الابيض المتوسط توجهت بسؤال الى معلمي عن السبب الذي دفع به الى كتابة هذا الكتاب في تلك الحقبة بالذات. فقام الصليبي بأسلوبه الحكواتي الشيق بسرد قصة الكتاب الذي احد أبطاله سمير فرنجية.
ففي أواسط الثمانيات تشكلت مجموعة من الشخصيات اللبنانية السياسية والفكرية لتشكل حلقة تدرس الازمة اللبنانية لتضع تصورا للمصالحة بين اللبنانيين بعد انتهاء الاقتتال الذي كان سينتهي عاجلا أم آجلا. فتم إنشاء مؤسسة الدراسات اللبنانية (Lebanese Studies Foundation) وبدعم مالي كبير من المغترب اللبناني في نيجريا ايلي خليل الذي طلب من الصليبي ان يؤلف هذا الكتاب ليكون وثيقة تجمع كافة اللبنانين بالرغم من اختلافهم حول فكرة لبنان الجديد.
وبالاضافة الى الوثيقة التأسيسية الجديدة كان من المتوقع أن تقوم المؤسسة بدعم ترشيح سمير فرنجية الى منصب رئيس الجمهورية كونه مقبولا لدى الوسط المسلم و بنفس الوقت ينتمي الى عائلة سياسية مارونية عريقة. بطبيعة الحال لم تسمح الظروف السياسية، لا سيما هيمنة النظام السوري على لبنان، بتحقيق أي من مشاريع مؤسسة الدراسات اللبنانية على رأسها انتخاب فرنجية رئيساً للبيت اللبناني كما وصفه الصليبي. بالرغم من فشل مشروعهما، الانجاز الحقيقي لكل من الصليبي وفرنجية تمثل بنقدهما الذاتي لتجربتهما السياسية وتأسيسهما لنهج الاعتدال والوسطية المتنورة التي ترى في لبنان ورغم مشاكله بصيص أمل وترفض الخنوع والانهزام.
في ليلة الميلاد في ديسمبر 2006 وأثناء انتظار توافد تلامذة الصليبي الى الحفل السنوي في دارته، خاطبني المعلم بقوله «أنظر الى الشعب اللبناني الذي بالرغم من الدمار والقتل الذي خلفته الحرب (حرب يوليو) لا يزال يحتفل بالحياة رافضاً ثقافة الموت السوداوية، انه لشعب ووطن عظيم».
نفس الكلام استمعت إليه من فرنجية في الصيف المنصرم وقبل فترة قصيرة من أن يمنعه المرض من المشاركة في النشاطات العامة التي كانت احداها حلقة حوار دعا إليها ملتقى التأثير المدني. ولدى انتهاء الاجتماع واثناء دردشة جانبية قال لي فرنجية «يجب عليكم ان لا تفقدوا الامل، استمروا بالمحاولة و بالمشاركة بمثل هذه المبادرات فلا بد من ان تأتي في آخر المطاف الفرصة المناسبة لنجاح مشروعنا الاصلاحي المدني».
ذهلت للوهلة الأولى لكلام فرنجية، فكيف لهذا الرجل الذي يصارع المرض منذ أكثر من عقدين ونصف، وقد هزم في أكثر من مواجهة سياسية ان يتحلى بهذا النوع من التفاؤل والإيمان بلبنان الوطن الذي خذله مرات عدة. مقاربة كلٍ من الصليبي وفرنجية للنضال السياسي بنظرة الحالم الواقعي ميّزتهما عن العديد من الناشطين من حولهما، فبالرغم من كونهما من دعاة الدولة المدنية والمواطنة لم يقاربا النظام الطائفي بعدوانية مطلقة بل دعوا الى الاستفادة من تعددية الطوائف ولكن ضمن الأطر الايجابية وتحت سقف الحوار والعيش المشترك.
تبقى قصة كمال صليبي وسمير فرنجية واحدة من الكثير من الروايات والرحلات في تاريخ لبنان المعاصر حيث ذهب الاثنان في بادىء الامر في رحلة الى أقاصي العنف قبل أن يعَوْا تماما ان العقل والحوار هما طريقهما للخلاص. بالرغم من الغيوم السوداء والخطاب المذهبي الظلامي الذي يتسرب الى المجتمع اللبناني ويؤجج الوحش الطائفي، لعله من الاجدى أن نتذكر دائماً أن الخطاب الحقيقي الذي يبقى هو خطاب العقل والحوار الذي دعا إليه اسياد العقل اللبناني كالسيد هاني فحص وغريغور حداد وكمال صليبي وسمير بيك فرنجية، الذين رغم رحيلهم لا تزال بيوتهم وعقولهم مفتوحة للجميع.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي