عندما تصبح النفس سجينة بين ضخامة البدن وقساوة المرض

ضحايا مأساة «السُّمنة الجامحة»... أجسامهم كبيرة... لكن قلوبهم أكبر

تصغير
تكبير
المصرية إيمان أحمد احتلت المركز الثامن على مستوى العالم تاريخياً

السعودي خالد بن محسن الشاعري والأسترالي من أصل لبناني أندريه نصر احتلا المركزين الثاني والخامس عشر على التوالي
طبياً، هناك شبه إجماع على أن مصطلح «السُّمنة» هو تلك الحالة التي تصبح واقعا يحتاج إلى علاج عندما تتراكم دهون وسوائل زائدة في جسم المريض إلى درجة معينة تتسبب في إحداث تأثيرات سلبية خطيرة على صحته العامة وقدرته على الحركة ومظهره البدني العام، بما يتسبب بدوره في انخفاض المتوسط المأمول أو المتوقع لعمر المريض، إلى جانب معاناته من صعوبات ومشاكل صحية متفاقمة تؤثر سلبيا على قدرته على مزاولة أنشطة حياته اليومية.

ومن خلال هذا التعريف، يتضح أن أبرز تأثيرات السُمنة تتمثل في كونها تزيد احتمالية الإصابة بأمراض عضوية تتفاوت خطورتها وصولا إلى تهديد حياة المريض، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، وسكري النمط الثاني، وصعوبات التنفس أثناء النوم، وبعض أنواع السرطان، وأمراض معينة في العظام. ويضاف إلى كل ذلك عبء إضافي يتمثل في الانعكاسات النفسية.

وتصنيفياً، هناك أربع درجات أساسية من السمنة، وتحت كل درجة تتفرع تصنيفات فرعية. وأقصى تلك الدرجات هي درجة «السمنة» الجامحة أو (الرهيبة)، والتي تشهد انفلات وزن المريض عن كل الحدود لتصل إلى نسبة تتجاوز 100 في المئة أكثر من الوزن الطبيعي، حيث تصل أحيانا إلى 600 في المئة وربما أكثر.

وتصل مستويات الخطورة إلى ذروتها عند الوصول إلى خروج وزن المريض عن نطاق السيطرة، وذلك على غرار المصرية الشابة إيمان أحمد التي تصدرت عناوين الأخبار العالمية قبل بضعة أسابيع بسبب بدانتها المرضية المفرطة التي أوصلت وزن جسمها إلى 500 كيلوغرام تقريبا، وجرى نقلها جوا إلى الهند وسط اهتمام إعلامي عالمي حيث أخضعت إلى سلسلة علاجات مكثفة أسهمت – وفقا لما تم إعلانه - في تخفيض أكثر من 300 كيلوغرام من وزنها قبل أن تثير شقيقتها جدلا طبيا وإعلاميا حول طريقة علاجها، وانتهى الأمر في نهاية المطاف إلى نقلها إلى مستشفى في أبوظبي لتستكمل رحلة علاجها هناك.

وفي معظم الحالات، تكون سُمنة الدرجات الأولى والثانية ناتجة عن زيادة مخزون السعرات الحرارية في الجسم بسبب كثرة تناول الطعام مع وجود بطء في التمثيل الغذائي إلى جانب الخمول وقلة النشاط البدني.

لكن العوامل الجينية (الوراثية) تلعب الدور الأهم في بعض الحالات، ولا سيما الحالات التي تندرج ضمن الدرجتين الثالثة والرابعة.

وفي معظم حالات السمنة، تتمثل العوامل الوراثية في حدوث طفرة أو اضطراب في أحد الجينات (المورثات البيولوجية) لدى الشخص المريض، بما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في إفرازات الغدد الصماء، إلى جانب التأثر سلبا بأنواع من الأدوية وبعوامل نفسية، مع ملاحظة أن زيادة الوزن لدى معظم مرضى السمنة المفرطة لا تكون أساسا بسبب أنهم يأكلون كثيرا، بل تكون بسبب بطء عمليات الأيض (التمثيل الغذائي) لديهم.

الجدول المرفق هنا مع الصور، يلقي نظرة تاريخية على أشهر رفقاء المصرية إيمان أحمد، ممن أدرجت أسماؤهم في موسوعات الأرقام القياسية عبر السنوات باعتبارهم أصحاب الأبدان الأضخم والأوزان الأثقل على مستوى العالم. ووفقا للجدول، جاءت إيمان أحمد في المركز الثامن عالميا عبر التاريخ، أما السعودي خالد بت عبدالمحسن الشاعري فاحتل المركز الثاني، بينما تم تصنيف اللبناني من أصل استرالي أندريه نصر في المركز الخامس عشر.

وبذلك انضم أولئك العرب الثلاثة إلى نزلاء «سجن» خاص يتألف جميع «نزلائه» من ضحايا أبرياء محبوسين بين آلام النفس وآمال الشفاء، ويجمع بينهم كونهم ذوي أجسام كبيرة... لكن قلوبهم أكبر بكثير، وذلك لأنها من السعة والرحابة إلى درجة تحوي جبالا من المعاناة والصبر إلى جانب الأمل في الشفاء.
للتواصل مع الملف:
alrai.pulse@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي