حوار / أكد أن بطلة العمل ستُطل على المشاهدين بلا «ماكياج» وبـ «مظهر بشع»
حمد الرومي لـ «الراي»: رسمتُ شخصية «إقبال» على قياس هدى حسين
حمد الرومي ( تصوير نور هنداوي)
الرومي متحدثاً إلى الزميل فيصل التركي
أجمعُ بين مهنة الطب وهواية الكتابة... وسعيد بتوفيقي بينهما
«يبقى الماضي حاضراً»... باكورة أعمالي في التأليف الروائي
لا أخشى مقص الرقيب... فأنا لا أخالف اللوائح والقوانين
«موضي قطعة من ذهب»... مسلسلي الجديد بعد رمضان
مع جُرأة الطرح... بشرط عدم الخدش للحياء أو الإساءة للمجتمع
«يبقى الماضي حاضراً»... باكورة أعمالي في التأليف الروائي
لا أخشى مقص الرقيب... فأنا لا أخالف اللوائح والقوانين
«موضي قطعة من ذهب»... مسلسلي الجديد بعد رمضان
مع جُرأة الطرح... بشرط عدم الخدش للحياء أو الإساءة للمجتمع
ليسوا قلّةً أولئك الذين جمعوا بين الطب والإبداع أدباً وفناً!
وهي ربما ليست مصادفةً... فالطب والفن طريقان متوازيان ومتكاملان لجعل حياة الناس أفضل.
الكاتب الشاب الدكتور حمد الرومي واحد من هذه القافلة، إذ يزاول مهنة الطب منذ سبعة أعوام، إثر تخرجه في كلية الطب بجامعة «أبردين» البريطانية، إلى جانب الكتابة الأدبية والدرامية التي يقول إنها هوايته الوحيدة التي يرتاح كثيراً بصحبتها، لتكون البداية مع مسلسله الأول «إقبال يوم أقبلت»، الذي سيُعرض على شاشة «الراي» الفضائية، في رمضان المرتقب، والذي يوثّق من خلاله شهادةَ ميلاده كاتباً مهماً للدراما التلفزيونية، ومدشناً مسيرةً واعدةً بالكثير في مجال تأليف الفنون الدرامية بكل ألوانها وتبايناتها.
«الراي» بادرت بالحديث مع الرومي، وسألته في البداية عن مسلسله الأول، فقال: «رسمتُ شخصية (إقبال) على قياس الفنانة هدى حسين». وواصلت «الراي» أسئلتها للكاتب الواعد عن علاقة الطب بالكتابة لديه، وما الرسالة المتضمنة في مسلسله الأول، وكيف يرى التعاون بينه وبين مخرج المسلسل منير الزعبي، ولماذا أصر على أن يرسم هدى حسين بإطلالة بشعة (كما قال)، وما انطباعه عن «الرقابة»، وهل علاقته بها تندرج تحت المواجهة أم التوافق، وماذا عن جديده المقبل، وخصوصاً «موضي قطعة من ذهب»، وأسئلة عدة أخرى أجاب عنها الطبيب الأديب في هذه السطور:
• في البداية، نود التعرف على حمد الرومي... الإنسان والطبيب والكاتب، فمن هو باختصار؟
- أنا مواطن كويتي، أب وابن وزوج وأخ، لا أختلف عن غيري من الشباب الطامحين... حاصل على بكالوريوس في الطب البشري من جامعة «أبردين» في بريطانيا، كما أنني في السنة الأخيرة من التحضير للزمالة البريطانية في طب العائلة، إضافة إلى أنني عضو في رابطة الأدباء الكويتية، ولديّ بعض الإصدارات الروائية، عطفاً على دخولي في مجال التأليف الدرامي أخيراً من خلال مسلسل «إقبال يوم أقبلت» الذي تجسد بطولته الفنانة القديرة هدى حسين.
• هل تمارس حالياً مهنة الطب، أو انتزعتك منها الكتابة الأدبية؟
- بالطبع، فأنا أمارس هذه المهنة منذ 7 سنوات تقريباً، وإن كانت الكتابة تزاحمها.
• ومن أين لك إذاً كل هذا الوقت، لكي تمارس مهنتك الأساسية طبيباً من جهة، وتكتب فصول رواياتك الأدبية وأعمالك التلفزيونية من جهة أخرى؟
- دائماً هناك وقت لكل شيء، فبعض الأطباء لديهم هوايات أخرى مثل لعبة الغولف أو ممارسة السباحة أوغيرهما، في حين أنني أهوى الكتابة، وأعتبرها متنفسي الوحيد في الحياة.
• الكتابة بالنسبة إليك... حرفةً أو هواية؟
- أنا أعتبر نفسي هاوياً، لذلك تجدني أكتب بأريحية كاملة، ومن دون ضغوط، فلستُ مقيداً بوقتٍ زمني محدد، بل متى سنحت الفرصة أكتب جزءاً ولو صغيراً من فصول روايتي، حتى أن بعض الروايات والأعمال التي أكتبها تأخذ وقتاً طويلاً لإنجازها، على عكس الكتّاب الآخرين الذين يعتبرون الكتابة حرفة بالنسبة إليهم، لذا فإنهم يسابقون الزمن لإنجاز أعمالهم.
• ما أول رواية قمت بتأليفها؟
- أولى رواياتي كانت بعنوان «يبقى الماضي حاضراً»، فهذه الرواية هي باكورة أعمالي الأدبية، إذ كتبتُها على فترات متقطعة على مدى عام ونصف العام تقريباً.
• وكم تحتاج من الوقت لكتابة النص الدرامي؟
- هذا يعتمد على مضمون النص، خصوصاً إذا كانت أحداثه تمتد على مدى حقب زمنية أو يحتاج إلى مراجع عدة، على غرار مسلسل «إقبال يوم أقبلت»، الذي تبدأ أحداثه في فترة الخمسينات من القرن الماضي، وهو ما دفعني إلى البحث الدؤوب عن مصادر موثقة ومعلومات تاريخية بالغة الدقة سواء في المكتبة الوطنية، أو في رابطة الأدباء الكويتية، أو حتى من خلال الاستعانة بكبار السن ممن شهدوا تلك الفترات الزمنية في تاريخ الكويت، أو من الجيل الحالي من أمثال الباحث الفلكي عيسى رمضان، والذي كنتُ أتردد عليه كثيراً في السنوات الماضية، لكي أستقي منه بعض المعلومات المهمة.
• في رأيك، لماذا تفقد الرواية الأدبية بعضاً من قيمتها عند تحويلها إلى عمل تلفزيوني أو سينمائي؟
- فن الرواية يختلف كلياً عن فن النص الدرامي، ومن ثم ليس بالضرورة أن يكون الكاتب مبدعاً في كلا المجالين، لأن الرواية فن آخر مستقل بذاته، فهو يصدر من الكاتب مباشرة إلى القارئ، ما يتيح للأخير كامل الحرية بأن يطلق العنان لمخيلته ويتصور شخصيات النص الروائي برؤيته الخاصة، في حين أن هناك عوامل كثيرة تتدخل في النص الدرامي، منها رؤية المخرج وطريقة التصوير والتنفيذ وأداء الممثلين وغيرها من العوامل، التي تُطرَح بمنظور آخر، وبوجهات نظر مختلفة عن رؤية القارئ.
• وهل ينطبق ذلك على رواية «إقبال يوم أقبلت» قبل تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني؟
- كما أسلفت، لا يمكن المقارنة بين الرواية في الكتاب وبين النص في المسلسل. لكن هذا لا يعني أن رواية «إقبال يوم أقبلت» قد تفقد قيمتها عند تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، فهناك العديد من الروايات الأدبية التي حققت نجاحاً كبيراً على الشاشة الصغيرة أو من خلال الشاشة العملاقة في السينما، ولعل أعمال بعض الأدباء من طراز نجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس وليلى العثمان دليل على كلامي.
• حسناً، هل لك أن تحدثنا قليلاً عن قصة مسلسل «إقبال يوم أقبلت»؟
- هو عمل إنساني بحت، يتطرق إلى مدى تأثير المرض المزمن في حياة الشخص من الناحيتين النفسية والاجتماعية، ومدى قدرته على التأقلم مع هذا المرض وهذه التغيرات. ومن خلال شخصية «إقبال» ومرورها بمراحل عمرية مختلفة، يضيء المسلسل على مواطن القوة والضعف في حياة الإنسان، كما يلقي الضوء على بعض الرواد في مجالات مختلفة، ممن قدموا للوطن الشيء الكثير، بينما لم يحظ البعض منهم بتكريم في حياته، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لا نكرم مبدعينا إلا بعد الرحيل، ولماذا لا نرفع لهم قبعاتنا إلا في وقت اللحود؟!
• كيف استطعتَ أن تستثمر خبرتك كطبيب متمرس في مسلسل «إقبال يوم أقبلت»، خصوصاً أن بعض الشخصيات الفنية في العمل تعاني عقداً نفسية وأمراضاً شديدة الخطورة؟
- صدقني... كل ما كتبتُه في هذا المسلسل من حالات مرضية هو بعيد كل البعد عن الحالات التي تخضع للعلاج في المستوصف الذي أعمل به، وأنا كنتُ حريصاً جداً على ألا أتعدى على خصوصية «مرضاي»، بل ليست هناك علاقة كبيرة بين شخصيات المسلسل والمرضى الحقيقيين ممن أشرفت على علاجهم في السابق.
• ألم تبحث في بعض الملفات الخاصة لمرضى «الرعاش» أو غيرهم ممن يكابدون «صعوبة التعلم»، من أجل دعم النص الدرامي في قصص واقعية؟
- بالقطع لا. بل إنني ذهبت إلى طبيب مختص للحصول على بعض التفاصيل الدقيقة حول مرض «الرعاش»، وما ينجم عن هذا المرض من آثار جانبية ونفسية واجتماعية، بغية تكوين فكرة عامة وشاملة عن كل صغيرة وكبيرة حول الشخص المصاب.
• هل تحرص في كل عمل تقدمه على أن تطرح المشكلة، وتضع لها العلاج المناسب؟
- أحياناً وليس دائماً، فليس لكل مشكلة حل كما يقولون، بل إن هناك مشكلات معقدة جداً قد لا يجد لها الكاتب حلولاً ناجعة تقنع المشاهد، لكن هذا لا يمنع من طرح المشكلة من دون معالجتها درامياً، بل إن تسليط الضوء عليها يعتبر قضية في حد ذاته.
• هل أنت مع أو ضد الجرأة في تناول قضايا اجتماعية حسّاسة؟
- ما دامت الجرأة التي تقصدها في حدود الأدب، أي بشرط ألا تخدش حياء المشاهدين أو تسيء إلى المجتمع فلا ضير فيها، فأنا وعلى سبيل المثال غالباً ما أتطرق مع المرضى في العيادة إلى موضوعات حسّاسة، لكنني أنتقي ألفاظي ومفرداتي بدقة بالغة، كي لا أجرح مشاعرهم، وهذا بالضبط ما يجب أن يكون في الدراما التلفزيونية، فلا بد من أن نضع في عين الاعتبار أنه من سيشاهد هذه الأعمال هم عائلاتنا وأبناؤنا.
• يشكل «مقص الرقيب» عقدة لكثير من الكتّاب، فهل هو كذلك بالنسبة إليك؟
- لا، «والحمد لله»، لأنني ببساطة لا أخالف اللوائح والشروط التي تضعها رقابة المصنفات الفنية لإجازة النص الدرامي.
• في رأيك، ما الذي ينقص الدراما الخليجية في الوقت الحالي؟
- بالنسبة إليّ ككاتب، أنا لديّ «أزمة ممثلين»، إذ إن هناك شحاً كبيراً في عدد الفنانين في الخليج، على عكس غزارة الممثلين في مصر مثلاً، وهو الأمر الذي يحد من خياراتنا في ترشيح أكثر من اسم فني لتجسيد أدوار بعينها.
• ألهذا السبب عمدتَ إلى رسم شخصية «إقبال»، خصيصاً للفنانة هدى حسين؟
- بالفعل، مع العلم أنني أبلغت الفنانة هدى حسين قبل أن تقرأ النص بأنها في حال موافقتها على تجسيد هذه الشخصية فإنها ستضطر إلى الظهور على الشاشة الصغيرة من دون «ماكياج»، بل إنها ستطل بمظهر بشع للغاية وفقاً لمتطلبات سياق الأحداث والحبكة الدرامية، فوافقت على الفور وأبدت قبولها لهذا التحدي.
• هل طُلب منك إجراء بعض التعديلات على النص أو على الحوار من جانب مخرج العمل منير الزعبي، كدأب بعض المخرجين؟
- على العكس تماماً، فقد وجدتُ تعاملاً سلساً من جانب المخرج منير الزعبي، إذ شعرتُ منذ اللحظة الأولى بأنه مخرج متمكن وأمين على النص، إضافة إلى رؤيته الثاقبة في إدارة دفة الإخراج، وتجلى ذلك من خلال قراءته العميقة لكل مشهد من مشاهد المسلسل، كأنه هو الكاتب والمخرج في آن معاً.
• في الختام، ماذا بعد مسلسل «إقبال يوم أقبلت»؟
- لدي نص جديد بعنوان «موضي قطعة من ذهب»، وهو مُجاز رقابياً، ويتكون من 30 حلقة، ومن المقرر أن يتم تنفيذ النص بعد شهر رمضان مباشرة. كما لديّ فيلم قصير بعنوان «قاري» سيبصر النور قريباً، وهو من إخراج عبدالله الرومي، وبطولة باسل العنزي وهبة هاشم، فضلاً عن تحضيري لمشروع مسرحي سأكشف عن تفاصيله ريثما تظهر ملامحه بصورة نهائية.
وهي ربما ليست مصادفةً... فالطب والفن طريقان متوازيان ومتكاملان لجعل حياة الناس أفضل.
الكاتب الشاب الدكتور حمد الرومي واحد من هذه القافلة، إذ يزاول مهنة الطب منذ سبعة أعوام، إثر تخرجه في كلية الطب بجامعة «أبردين» البريطانية، إلى جانب الكتابة الأدبية والدرامية التي يقول إنها هوايته الوحيدة التي يرتاح كثيراً بصحبتها، لتكون البداية مع مسلسله الأول «إقبال يوم أقبلت»، الذي سيُعرض على شاشة «الراي» الفضائية، في رمضان المرتقب، والذي يوثّق من خلاله شهادةَ ميلاده كاتباً مهماً للدراما التلفزيونية، ومدشناً مسيرةً واعدةً بالكثير في مجال تأليف الفنون الدرامية بكل ألوانها وتبايناتها.
«الراي» بادرت بالحديث مع الرومي، وسألته في البداية عن مسلسله الأول، فقال: «رسمتُ شخصية (إقبال) على قياس الفنانة هدى حسين». وواصلت «الراي» أسئلتها للكاتب الواعد عن علاقة الطب بالكتابة لديه، وما الرسالة المتضمنة في مسلسله الأول، وكيف يرى التعاون بينه وبين مخرج المسلسل منير الزعبي، ولماذا أصر على أن يرسم هدى حسين بإطلالة بشعة (كما قال)، وما انطباعه عن «الرقابة»، وهل علاقته بها تندرج تحت المواجهة أم التوافق، وماذا عن جديده المقبل، وخصوصاً «موضي قطعة من ذهب»، وأسئلة عدة أخرى أجاب عنها الطبيب الأديب في هذه السطور:
• في البداية، نود التعرف على حمد الرومي... الإنسان والطبيب والكاتب، فمن هو باختصار؟
- أنا مواطن كويتي، أب وابن وزوج وأخ، لا أختلف عن غيري من الشباب الطامحين... حاصل على بكالوريوس في الطب البشري من جامعة «أبردين» في بريطانيا، كما أنني في السنة الأخيرة من التحضير للزمالة البريطانية في طب العائلة، إضافة إلى أنني عضو في رابطة الأدباء الكويتية، ولديّ بعض الإصدارات الروائية، عطفاً على دخولي في مجال التأليف الدرامي أخيراً من خلال مسلسل «إقبال يوم أقبلت» الذي تجسد بطولته الفنانة القديرة هدى حسين.
• هل تمارس حالياً مهنة الطب، أو انتزعتك منها الكتابة الأدبية؟
- بالطبع، فأنا أمارس هذه المهنة منذ 7 سنوات تقريباً، وإن كانت الكتابة تزاحمها.
• ومن أين لك إذاً كل هذا الوقت، لكي تمارس مهنتك الأساسية طبيباً من جهة، وتكتب فصول رواياتك الأدبية وأعمالك التلفزيونية من جهة أخرى؟
- دائماً هناك وقت لكل شيء، فبعض الأطباء لديهم هوايات أخرى مثل لعبة الغولف أو ممارسة السباحة أوغيرهما، في حين أنني أهوى الكتابة، وأعتبرها متنفسي الوحيد في الحياة.
• الكتابة بالنسبة إليك... حرفةً أو هواية؟
- أنا أعتبر نفسي هاوياً، لذلك تجدني أكتب بأريحية كاملة، ومن دون ضغوط، فلستُ مقيداً بوقتٍ زمني محدد، بل متى سنحت الفرصة أكتب جزءاً ولو صغيراً من فصول روايتي، حتى أن بعض الروايات والأعمال التي أكتبها تأخذ وقتاً طويلاً لإنجازها، على عكس الكتّاب الآخرين الذين يعتبرون الكتابة حرفة بالنسبة إليهم، لذا فإنهم يسابقون الزمن لإنجاز أعمالهم.
• ما أول رواية قمت بتأليفها؟
- أولى رواياتي كانت بعنوان «يبقى الماضي حاضراً»، فهذه الرواية هي باكورة أعمالي الأدبية، إذ كتبتُها على فترات متقطعة على مدى عام ونصف العام تقريباً.
• وكم تحتاج من الوقت لكتابة النص الدرامي؟
- هذا يعتمد على مضمون النص، خصوصاً إذا كانت أحداثه تمتد على مدى حقب زمنية أو يحتاج إلى مراجع عدة، على غرار مسلسل «إقبال يوم أقبلت»، الذي تبدأ أحداثه في فترة الخمسينات من القرن الماضي، وهو ما دفعني إلى البحث الدؤوب عن مصادر موثقة ومعلومات تاريخية بالغة الدقة سواء في المكتبة الوطنية، أو في رابطة الأدباء الكويتية، أو حتى من خلال الاستعانة بكبار السن ممن شهدوا تلك الفترات الزمنية في تاريخ الكويت، أو من الجيل الحالي من أمثال الباحث الفلكي عيسى رمضان، والذي كنتُ أتردد عليه كثيراً في السنوات الماضية، لكي أستقي منه بعض المعلومات المهمة.
• في رأيك، لماذا تفقد الرواية الأدبية بعضاً من قيمتها عند تحويلها إلى عمل تلفزيوني أو سينمائي؟
- فن الرواية يختلف كلياً عن فن النص الدرامي، ومن ثم ليس بالضرورة أن يكون الكاتب مبدعاً في كلا المجالين، لأن الرواية فن آخر مستقل بذاته، فهو يصدر من الكاتب مباشرة إلى القارئ، ما يتيح للأخير كامل الحرية بأن يطلق العنان لمخيلته ويتصور شخصيات النص الروائي برؤيته الخاصة، في حين أن هناك عوامل كثيرة تتدخل في النص الدرامي، منها رؤية المخرج وطريقة التصوير والتنفيذ وأداء الممثلين وغيرها من العوامل، التي تُطرَح بمنظور آخر، وبوجهات نظر مختلفة عن رؤية القارئ.
• وهل ينطبق ذلك على رواية «إقبال يوم أقبلت» قبل تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني؟
- كما أسلفت، لا يمكن المقارنة بين الرواية في الكتاب وبين النص في المسلسل. لكن هذا لا يعني أن رواية «إقبال يوم أقبلت» قد تفقد قيمتها عند تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، فهناك العديد من الروايات الأدبية التي حققت نجاحاً كبيراً على الشاشة الصغيرة أو من خلال الشاشة العملاقة في السينما، ولعل أعمال بعض الأدباء من طراز نجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس وليلى العثمان دليل على كلامي.
• حسناً، هل لك أن تحدثنا قليلاً عن قصة مسلسل «إقبال يوم أقبلت»؟
- هو عمل إنساني بحت، يتطرق إلى مدى تأثير المرض المزمن في حياة الشخص من الناحيتين النفسية والاجتماعية، ومدى قدرته على التأقلم مع هذا المرض وهذه التغيرات. ومن خلال شخصية «إقبال» ومرورها بمراحل عمرية مختلفة، يضيء المسلسل على مواطن القوة والضعف في حياة الإنسان، كما يلقي الضوء على بعض الرواد في مجالات مختلفة، ممن قدموا للوطن الشيء الكثير، بينما لم يحظ البعض منهم بتكريم في حياته، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا لا نكرم مبدعينا إلا بعد الرحيل، ولماذا لا نرفع لهم قبعاتنا إلا في وقت اللحود؟!
• كيف استطعتَ أن تستثمر خبرتك كطبيب متمرس في مسلسل «إقبال يوم أقبلت»، خصوصاً أن بعض الشخصيات الفنية في العمل تعاني عقداً نفسية وأمراضاً شديدة الخطورة؟
- صدقني... كل ما كتبتُه في هذا المسلسل من حالات مرضية هو بعيد كل البعد عن الحالات التي تخضع للعلاج في المستوصف الذي أعمل به، وأنا كنتُ حريصاً جداً على ألا أتعدى على خصوصية «مرضاي»، بل ليست هناك علاقة كبيرة بين شخصيات المسلسل والمرضى الحقيقيين ممن أشرفت على علاجهم في السابق.
• ألم تبحث في بعض الملفات الخاصة لمرضى «الرعاش» أو غيرهم ممن يكابدون «صعوبة التعلم»، من أجل دعم النص الدرامي في قصص واقعية؟
- بالقطع لا. بل إنني ذهبت إلى طبيب مختص للحصول على بعض التفاصيل الدقيقة حول مرض «الرعاش»، وما ينجم عن هذا المرض من آثار جانبية ونفسية واجتماعية، بغية تكوين فكرة عامة وشاملة عن كل صغيرة وكبيرة حول الشخص المصاب.
• هل تحرص في كل عمل تقدمه على أن تطرح المشكلة، وتضع لها العلاج المناسب؟
- أحياناً وليس دائماً، فليس لكل مشكلة حل كما يقولون، بل إن هناك مشكلات معقدة جداً قد لا يجد لها الكاتب حلولاً ناجعة تقنع المشاهد، لكن هذا لا يمنع من طرح المشكلة من دون معالجتها درامياً، بل إن تسليط الضوء عليها يعتبر قضية في حد ذاته.
• هل أنت مع أو ضد الجرأة في تناول قضايا اجتماعية حسّاسة؟
- ما دامت الجرأة التي تقصدها في حدود الأدب، أي بشرط ألا تخدش حياء المشاهدين أو تسيء إلى المجتمع فلا ضير فيها، فأنا وعلى سبيل المثال غالباً ما أتطرق مع المرضى في العيادة إلى موضوعات حسّاسة، لكنني أنتقي ألفاظي ومفرداتي بدقة بالغة، كي لا أجرح مشاعرهم، وهذا بالضبط ما يجب أن يكون في الدراما التلفزيونية، فلا بد من أن نضع في عين الاعتبار أنه من سيشاهد هذه الأعمال هم عائلاتنا وأبناؤنا.
• يشكل «مقص الرقيب» عقدة لكثير من الكتّاب، فهل هو كذلك بالنسبة إليك؟
- لا، «والحمد لله»، لأنني ببساطة لا أخالف اللوائح والشروط التي تضعها رقابة المصنفات الفنية لإجازة النص الدرامي.
• في رأيك، ما الذي ينقص الدراما الخليجية في الوقت الحالي؟
- بالنسبة إليّ ككاتب، أنا لديّ «أزمة ممثلين»، إذ إن هناك شحاً كبيراً في عدد الفنانين في الخليج، على عكس غزارة الممثلين في مصر مثلاً، وهو الأمر الذي يحد من خياراتنا في ترشيح أكثر من اسم فني لتجسيد أدوار بعينها.
• ألهذا السبب عمدتَ إلى رسم شخصية «إقبال»، خصيصاً للفنانة هدى حسين؟
- بالفعل، مع العلم أنني أبلغت الفنانة هدى حسين قبل أن تقرأ النص بأنها في حال موافقتها على تجسيد هذه الشخصية فإنها ستضطر إلى الظهور على الشاشة الصغيرة من دون «ماكياج»، بل إنها ستطل بمظهر بشع للغاية وفقاً لمتطلبات سياق الأحداث والحبكة الدرامية، فوافقت على الفور وأبدت قبولها لهذا التحدي.
• هل طُلب منك إجراء بعض التعديلات على النص أو على الحوار من جانب مخرج العمل منير الزعبي، كدأب بعض المخرجين؟
- على العكس تماماً، فقد وجدتُ تعاملاً سلساً من جانب المخرج منير الزعبي، إذ شعرتُ منذ اللحظة الأولى بأنه مخرج متمكن وأمين على النص، إضافة إلى رؤيته الثاقبة في إدارة دفة الإخراج، وتجلى ذلك من خلال قراءته العميقة لكل مشهد من مشاهد المسلسل، كأنه هو الكاتب والمخرج في آن معاً.
• في الختام، ماذا بعد مسلسل «إقبال يوم أقبلت»؟
- لدي نص جديد بعنوان «موضي قطعة من ذهب»، وهو مُجاز رقابياً، ويتكون من 30 حلقة، ومن المقرر أن يتم تنفيذ النص بعد شهر رمضان مباشرة. كما لديّ فيلم قصير بعنوان «قاري» سيبصر النور قريباً، وهو من إخراج عبدالله الرومي، وبطولة باسل العنزي وهبة هاشم، فضلاً عن تحضيري لمشروع مسرحي سأكشف عن تفاصيله ريثما تظهر ملامحه بصورة نهائية.