تحذيرات من مخاطرها على الأطفال... وأطباء وعلماء نفس أكدوا أنها مجرد لعبة «لا تشفع ولا تمنع» التوتّر

«سبينر» فرّ ... وضرّ!

تصغير
تكبير
سليمان الخضاري:

لا يوجد أي أساس علمي لدور اللعبة في التخلّص من التوتر

يوسف الظفيري:

اللعبة لا تسبب أمراضاً وأضواؤها مجرد إنارة عادية

كاظم أبل:

اهتمام الطفل بأي لعبة قد يتحوّل إلى إدمان إن لم يكن هناك توجيه وإرشاد
بين الفر ودعاوى منع الضر، اجتاحت لعبة «سبينر» الأسواق وبرزت بصورة لافتة، حتى باتت تشكل ظاهرة مجتمعية مع الإقبال الكبير من الصغار والكبار عليها. واحتلت اللعبة التي ظهرت في الأسواق أخيراً تحت ذريعة أنها تزيل التوتر ومازالت لها مكانة بارزة خلال فترة قصيرة خاصة بين جمهور الأطفال الذين، يتسابقون عليها وصاروا يتباهون بفرها وبألوانها المختلفة، وفي الوقت نفسه تتميز بالسعر الرخيص الذي يتراوح بين نصف الدينار والدينار ونصف الدينار، وبها اشكال وإضافات مختلفة كأشكال معدنية أو إضاءة أو غيرها.

ومع ما صاحبها من دعاوى أنها تزيل التوتر، تحولت اللعبة التي كان المفترض أن يمسك بها الأطفال إلى وجهة مفضلة للبعض من الكبار الذين لجأوا إليها عوضا عن الكرة المطاطية التي يقال أيضا انها تحارب التوتر. لكن للأطباء والمتخصصين بالسلوكيات العامة رأي مختلف، إذ أكدوا أن لا ضرر من «سبينر» ولا نفع، فهي لا تمنح مستخدمها صك براءة للتخلص من التوتر بل إنها قد تشغله عن أمور أهم مثل حياته اليومية واستذكار الدروس والانعزال وإلى غير ذلك. وأشاروا إلى أنها لا تتعدى كونها مجرد لعبة كغيرها من الألعاب، التي تظهر بين عام وآخر من باب الترويج التجاري للسلع الاستهلاكية، لكنها ليست لها أي فائدة سواء كان نفسياً بالقضاء على التوتر كما يشاع أو تأثيرها على العين من خلال متابعة العين المستمرة لحركتها وتأثير إضاءتها على العين.


وعمدت بعض المدارس الخاصة إلى منع طلابها من استخدام هذه اللعبة بتاتاً، محذرة من أضرار كبيرة لها، خصوصاً بعد انتشار مقاطع مصورة لحوادث تسببت فيها لعبة «سبينر» كجروح في اليد والوجه والعين وكسر للأسنان، فيما حذرت وسائل إعلام غربية عدة من مخاطر استخدام الأطفال لهذه اللعبة.ورفض استشاري الطب النفسي بكلية الطب جامعة الكويت الدكتور سليمان الخضاري ما يشيعه البعض من أن لعبة «سبينر» تساعد الطفل على التخلص من التوتر. وقال الخضاري لـ «الراي»: «لا يوجد أي أساس علمي لدور اللعبة في التسبب في التخلص من حالة التوتر»، مبينا أنها قد تكون مبنية على لفت نظر الطفل أو المستخدم لها لاشغاله بها عن أمور أخرى.

واضاف الخضاري أنه إذا كان هذا المبدأ بإلهاء الشخص عن مشكلة ما وصرفه إلى مشكلة أخرى سيساعد بدوره على تقليل التوتر لدى الانسان، فربما يكون هذا السبب الذي قد يعتقد من خلاله البعض أن الـ «سبينر» تزيل التوتر، أي أنها يمكن إلهاء الشخص الذي تكون لديه مشكلة تستغرق تفكيره بأي شيء آخر وليس شرطا الـ «سبينر» كلعبة، كأن يكون هناك شخص يشكو من ألم في قدمه وسكبت ماء بارداً على رأسه، فإنه من الطبيعي أن ينتقل تركيزه وتفكيره إلى المتغيّر الجديد لعدة دقائق فينسى ألم قدمه. وأشار الخضاري إلى أن ما ينطبق على لعبة الـ «سبينر» ينطبق على كرة المطاط التي يتم الضغط عليها للتخلص من التوتر، فكلتاهما ليس لهما أي أساس علمي نهائيا ولا توجد دراسات تجزم بذلك.

وحول احتواء اللعبة على أجزاء كهربائية أو معدنية ومغناطيسية ومدى تأثير ذلك على الصحة العامة للانسان، أكد الخضاري أن جسم الانسان به مجال كهرومغناطيسي وأي شيء معدني يتم الإمساك به باليد يكون فيه مجال كهرومغناطيسي، وبالتالي فإنه لا توجد خصوصية لهذه اللعبة باحتوائها على مغناطيس أو معدن فهي مثلها مثل بقية اللعبات، وكونها تضم مثل هذه العناصر فبالضرورة لن تؤثر على الطاقة الكهربائية أو المغناطيسية بالدم أو على الاشارات العصبية بجسم الانسان. وأشار إلى أن ما يتم تداوله حاليا يمكن أن نطلق عليه معلومات مجتزأة وليست حقائق علمية، فهي تركن إلى أنصاف المعلومات التي تضيء على الجانب السيئ أو المفيد بحسب الفائدة المتحصلة من وراء لعبة الـ «سبينر».

وأوضح أن مثل هذه اللعبة لا يمكن القول أيضا ان لها أضرارا نفسية بإشغال الطفل عن بقية أموره الحياتية الأخرى، أو انها قد تؤثر على تحصيله العلمي والتسبب في حالة من الانعزال عن الآخرين والانطواء، فهذه امور لا يمكن الجزم بها لأنه لا توجد أي دراسات علمية تكشف هذه الأمور وتثبت هذه الأضرار، لكن أي شيء يتم الالتفات إليه والتركيز عليه بشكل مبالغ فيه يساهم في إلهاء الإنسان عن بقية أمور حياته يصبح ظاهرة، في حين أن أي شيء يُمارس باعتدال لا مشكلة فيه، والنصح بالتقليل من هذه الظواهر لا يمكن أن نقول عنه نصائح طبية مثبتة إنما من باب الارشادات العامة. وقال انه لا يوجد مبرر لكي نرشد الناس وأطفالهم إلى استخدام هذه اللعبة أو غيرها، ولا ننصح بها كدواء للتوتر كما يعتقد البعض فليس هناك أي إثبات على صحة ذلك، لكن لا يعني ذلك أيضا عدم استخدامها أو اللعب بها لمدد محددة، معتبرا أن ما يثار من حولها من الوارد أن يكون مجرد ترويج للسلعة من المصانع التي تجدد في سلعها وترغب في بيعها، موضحا أنه «في السنوات الأخيرة نلاحظ كل عام أن تظهر لنا لعبة سواء واقعية كـ (السبينر) أو افتراضية كـ (البكيمون) لأسباب تجارية استهلاكية في الغالب». وأضاف الخضاري: «في بداية ظهور اللعبة بدأنا نلاحظها في يد الأطفال وحتى بعض البالغين، لكن الآن لا نراها منتشرة كما كان الأمر في بداية الظهور قبل عدة أشهر، بسبب زيادة وعي الناس حيث لم يعد من السهل خداعهم أو التأثير عليهم بمنتجات استهلاكية بهذا الشكل المتسرع».

أما استشاري أمراض العيون بمستشفى البحر للعيون الدكتور يوسف الظفيري فقد قلّل بدوره من أضرار لعبة «سبينر» المحتملة وتأثيرها على عيون الأطفال المستخدمين لها، سواء كان ذلك بمتابعة الحركة الدائرية لها وعلاقته بالحول وتشتيت النظر، أو تأثير أضوائها على العين مباشرة. وقال الظفيري: «لا يوجد دليل علمي على أن «هذه اللعبة تسبب أمراضاً، خاصة وأن الأضواء المستخدمة بها مجرد إنارة عادية». وأكد أنه حتى متابعة اللعبة أثناء حركتها السريعة لا تضر بالعين أو تسبب حولاً أو تشتتاً للبصر لأنه لا يوجد سند علمي يثبت ذلك، وكل ما يطلق مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، كما أنه لا توجد أضرار من التأثير المباشر على العين للايت».

وحول الاستخدام الطويل لـ «سبينر» وعلاقتها بتأثيرها على نظر الطفل، قال الظفيري ان الأطفال معروف عنهم أنهم إذا استخدموا لعبة تمسكوا بها لفترة كبيرة إلى أن تظهر لعبة جديدة، وهذا يسبب نوعاً من الادمان لهذه اللعبة ما يلقي بظلاله على حياتهم اليومية كاللهو الاعتيادي أو استذكار دروسهم، فهذا بالتأكيد له ضرر لكن ليس ضررا مباشرا من استخدام اللعبة، نافياً وجود أي حالات مرضية عرضت عليه تتعلق بالنظر بسبب استخدام الـ «سبينر»، سواء بسبب ضوئها أو حركتها حتى الآن ولا يتوقع ذلك، لكن بالمقابل مرت أمراض تتعلق بالنظر بسبب ألعاب معينة تعتمد على اللايتات والهواتف الذكية والآيباد.

من جانبه، أكد الاستشاري النفسي والتربوي عضو مجلس إدارة جمعية علم النفس الكويتية الدكتور كاظم أبل، أن هناك علاقة وطيدة بين الأطفال ووسائل الاتصال الحديثة والتلفزيون والانترنت والألعاب الالكترونية والألعاب الحديثة ومنها الـ «سبينر»، وتتميز هذه العلاقة باهتمام الطفل بها حيث يتحول الأمر إلى إدمان إن لم يكن هناك توجيه وارشاد، حيث يبدأ الطفل يعاني من أعراض سلبية كتشتيت الانتباه، كما يبدأ الطفل في المعاناة من أعراض عدم القدرة على التركيز والانعزالية.

وقال أبل انه نتيجة لكل ما سبق فإن الطفل يتوحد مع اللعبة ويترك الأمور الأخرى فتضعف مهاراته الاجتماعية، ويصبح الطفل مسيراً بهذه الاجهزة ويضعف لديه الجانب الابداعي والابتكاري، ويتراجع تحصيله الدراسي بسبب تفكيره المتركز في اللعبة. وأضاف أن لعبة الـ «سبينر» التي يحاول البعض تشبيهها بكرة المطاط الممغنطة التي يراها البعض مزيلة للتوتر ليست لها علاقة باللعبة أو الكرة، لكن أي مجهود يبذله الانسان أو الطفل سيفقده بعضا من طاقته، وقد يكتسب من خلالها مهارات حركية لكنها محدودة في جانب معين ليس كالسباحة مثلا وبالتالي ستكون لها سلبيات أكثر من الايجابيات.

وأوضح أبل أن الآلة والأجهزة الحديثة الآن في العالم كله بدأت تسيطر على عقل الانسان وأصبحت مصدر ضغط عليه، وخاصة في ما يتعلق بصغار السن فنجد كل عام تظهر لنا موضة في لعبة أو جهاز ما فنجد هذا العام لعبة سبينر والعام الماضي كانت البكيمون والذي قبله كان الحذاء المضيء، وكلها امور تجارية تنافسية بين الشركات التي تبحث عن المستهلك لبيع أكبر عدد من ألعابها، وقد لا يكون هناك هدف لهذه الألعاب سوى الجانب الترفيهي وجذب الطفل دون أن يكون هناك اهتمام بالجانب الابداعي والابتكاري للطفل وتنمية مهاراته الاجتماعية، وبالتالي هناك خطورة كبيرة على الجيل الحالي الذي بدأ يتخلى عن كثير من القيم والأخلاق ويركز على الادوات الحديثة التي تتحكم به وتقتل فيه الجانب الانساني.

رأي شرعي: حرام ... إذا ألهت عن الفرائض

|كتب أحمد زكريا|

قال الدكتور في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية علي الوسمي تعليقاً على حكم الشرع في لعبة «سبينر» ان «الأصل في الألعاب الإباحة ما لم يرد دليل على المنع وكان هناك نص شرعي في تحريم شيء معين كالميسر أو النرد ونحو ذلك، أو كان فيه ضرر طبي وبدني على صحة الإنسان فعندها يتم المنع امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار».

واضاف «إذا أدت هذه الألعاب لتضييع حق من حقوق الله سبحانه أو صد عن فريضة من الفرائض كأن يتشاغل بها عن صلاة أو طاعة الوالدين أو غير ذلك مما أوجبه الله تبارك وتعالى فعندئذ تكون محرمة ولا شك في ذلك».

وأشار أيضاً انه «إذا أدت هذه اللعبة لإثارة العدواة والبغضاء فيجب عندئذ منعها»، لافتاً في الوقت ذاته إلى انه «يجب على المؤمن ان يحفظ وقته وألا يفوته الخير والطاعة وعمل ما ينفعه في دينه ودنياه لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( احرص على ما ينفعك) لأن الوقت أغلى ما أنعم به الله عز وجل على الإنسان وهو من أول ما يٌسأل عنه يوم القيامة».

احذروا شدة الدوران و«السبينر» المعدني

منعت بعض مدارس التربية الخاصة وروضات الاطفال في الكويت تداول لعبة «سبينر» اثناء اليوم الدراسي بعد ان منعتها مدارس في السعودية والامارات وحذرت الاطفال من خطورتها واعتبرتها من الالعاب الخطرة على الصحة العامة للاطفال لاعتمادها على شدة الدوران المحوري الذي قد يعرض الطفل للأذى من خلال احتكاكها المباشر بجلد الطفل.

ولفتت مصادر صحية الى ان «اللعبة تعد غاية في الخطورة على صحة الاطفال وقد تتسبب في إحداث جروح وسحجات، خصوصاً المصنوعة من الحديد أو الالمونيوم والتي تضم أجزاء معدنية أو حديدا مشطوفة، غير ان الخطورة تقل كلما كانت اجزاؤها بلاستيكية».

وبينت ان «بعض الأطفال يقومون بوضع اكسسوارات اضافية على «سبينر» كالمسامير او اطراف حديد مسننة او حتى اعواد ثقاب للهو بها ما قد يتسبب في كوارث ان انفصلت هذه الاكسسوارات عن المروحة الدوارة لتؤذي العين مباشرة وقد تتسبب بالعمى او قد تشعل الحرائق في حال كانت الاكسسوارات المضافة اعواد الكبريت».

واشارت المصادر الى ان الخطورة «تكمن في تباهي الاطفال بقوة تشغيلهم وفرهم لمروحة سبينر واحيانا يحدث تقارب بين اللعبة ووجه الاطفال وقد يقع ما لا تحمد عقباه، وان كانت المؤسسات الصحية لم تستقبل الى الآن مثل هذه الحوادث لكنها حدثت في دول عدة أخرى».

ودعت المصادر اولياء الامور إلى «مراقبة اطفالهم اثناء اللهو بلعبة سبينر والتأكد من انها بلاستيكية وغير معدنية وغير مرصعة بالاكسسوارات من المسامير والدبابيس واعواد الثقاب وما شابه ذلك»، مطالبة وزارة التربية بـ «منع تداول اللعبة اطلاقا واحضارها الى المدرسة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي