ما هي الصورة المستقبلية للوضع السياسي للكويت؟ ما الذي سيحصل بعد خروج مسلم البراك من السجن؟ هل ستتحسن الأمور خصوصا بعد خطاب البراك التصالحي؟
معلوم انه لا يوجد في عالم السياسة ثبات، والأمور فيها تدور حول المصالح والمفاسد. مخطئ من يعتقد أن السياسة ستظل كما هي وعلى حالها مستقرة، فحال هذا الإنسان كحال الآخر الذي يعتقد بأنه سيحصل من مناوراته السياسية على كل شيء ويسلب من الخصوم كل شيء. فالاثنان يحلمان ويشربان من ماء البحر.
علم السياسة هو علم الممكن، والصحيح أنه لا شيء دائم فيها. فصديق اليوم قد يتحول للخصم في الغد والعكس صحيح. لذا من المنطقي جدا التعامل مع معطيات وظروف اليوم بعقلية اليوم وبحساب ميزان الأرباح والخسائر السياسية.
مسلم البراك ألقى خطابا تصالحيا جيداً، ومن المناسب جدا ان يُستغل لتقوية جبهة المعارضة الوطنية بدلا من التوقف عند إرهاصات الماضي. ومن المبالغة رمي المعارضة الحالية في خانة التطرف والطائفية، وذلك لأن فيها من الوجوه ما ينبغي استغلالها لتحسين المطالبات والتصدي للتغوّل الحكومي الخطير.
فالملاحظ أن الحكومة وخلال فترة غياب المعارضة المتجانسة وإبّان فترة الشحن الطائفي، استغلت ذلك لجانبها وبنت جبهة مؤيدة لها تتشكل من أصحاب المصالح، ومن جانب آخر التحالف الشيعي الذي يجد تقليديا في الحكومة حصنه الآمن كي يحصل على مطالباته.
من هنا استطاعت الحكومة أن تكسر ظهر المعارضة وتُبسط يدها بسحب الجناسي وإلقاء القبض على أطراف محسوبة عليها، بحجة تطبيق قوانين مكافحة الجرائم الالكترونية والمزورين والمجنسين والذات الإلهية والأميرية، إلى جانب التوسع في التقشف الاقتصادي بالتزامن مع انتشار الفساد ومد اليد على المال العام.
اذاً المدة الماضية بشكل عام كانت سيئة بكل ما تعنيها الكلمة على الجميع بمن فيهم بعض حلفاء الحكومة. وبالمناسبة الادعاء بأن المعارضة الطائفية قد أُلجمت، هذا الادعاء وان كان صحيحاً لكنه ساذج وبسيط إلى حد بعيد. فالكل يعلم أن الشحن الطائفي لم يحصل من دون غطاء حكومي، بالضبط كما أن اللجم اليوم هو بمباركة حكومية. فهي تتعاطى مع المكونات السياسية بعين المصالح. لذلك الفرصة مواتية اليوم خصوصاً مع فترة الهدوء السائدة لإعادة ترتيب أوضاع المعارضة الوطنية بشكل صحيح.
hasabba@