أنف وأذن وحنجرة... «مثلث» متساوي الأوجاع! (3 من 3)

الحنجرة... 6 عوارض يغُصُّ بها الحَلْق

تصغير
تكبير
من إعداد: عبدالعليم الحجار

تتفشى مشاكل واضطرابات الأنف والأذن والحنجرة في الكويت، حيث تنتشر بين السكان مشاكل الحساسية الموسمية وغير الموسمية بسبب هبوب العواصف التي تكون محملة بذرات الغبار وبحبوب اللقاح وبغير ذلك من العوالق الدقيقة التي تسهم في استثارة شكاوى في جميع الأعضاء التي يصل اليها الهواء اثناء التنفس.

وإذا تأملنا الأمر تشريحيا، فبوسعنا أن نتصور أن مواضع الأنف والأذن والحنجرة تشكل مجتمعة ما يشب «المثلث» إذا رسمنا خطا مستقيما بين كل اثنين منها، وهو المثلث الذي يجمعه قاسم مشترك يتمثل في أمرين أولهما هو أن تلك الأعضاء الثلاثة تتشارك معظم «الأوجاع»، وثانيهما هو أن دراسة الطب جمعت الأنف والأذن والحنجرة في تخصص دراسي واحد.

ومن المهم توضيح أن التسمية الصحيحة لكلمة «الحنجرة» في ذلك التخصص الطبي ينبغي أن تكون «الحَلْق» (throat)، إذ إنها تشمل منطقة الحَلْق والبلعوم ككل بما في ذلك الحنجرة.

وفي هذه السلسة المؤلفة من 3 حَلْقات متعاقبة، نلقي ضوءا تثقيفيا على المشاكل المرتبطة بـ «أضلاع» ذلك «المثلث»، حيث خصصنا الحَلْقة الأولى من السلسلة للأنف، والثانية للأذن بينما ستكون الثالثة والأخيرة (حَلْقة اليوم) للحنجرة...أي «الحَلْق».

عندما يتعلق الأمر بالحديث عن أمراض الأنف والأذن والحنجرة، فإن مصطلح «الحنجرة» هنا يُقصد به تشريحيا منطقة الحَلْق ككل، والتي تشمل الجزء الداخلي من الرقبة الموجود أمام الفقرات العنقية، ويشمل البلعوم (الأنفي والفموي والحنجري)، والحنجرة، ولسان المزمار الذي هو عضو غضروفي مرن يفصل المريء عن فتحة القصبة الهوائية كي لا يدخل الطعام والشراب إلى الرئتين عند البلع. ولا يوجد في الحَلْق سوى عظمتين هما عظمة الرقبة وعظمة الترقوة المؤدية إلى القصبة الهوائية.

ووفقا لتعريفات المراجع الطبية العالمية فإن الحَلْق هو «تلك القناة التي ينتقل من خلالها الطعام إلى المريء والهواء إلى القصبة الهوائية والحنجرة. وأحيانا يشار إلى الحَلْق باسم (البلعوم)».

وهناك أمراض وعوارض عدة تصيب الحَلْق متسببة في آلام ومشاكل مزعجة. وقد تنشأ تلك العوارض إما بسبب التهابات جرثومية المنشأ أو بسبب حوادث خارجية يتعرض إليها الشخص.

ومرضيا، تصيب التهابات واحتقانات الحَلْق كثيرا من الناس، وعادة ما تكون أسببها الأساسية عدوى فيروسيّة أو بكتيرية أو فطرية، أو لأسباب أخرى مثل الحساسيّة والإصابة بعدوى البكتيريا العقديّة، أو حتى ارتجاع حمض المعدة إلى المريء. ومن بين المشاكل الأخرى التي تصيب الحَلْق: التهاب اللوزتين (عدوى في اللوزتين)، والتهابات البلعوم، وسرطانات البلعوم، إلى جانب الخانوق الذي هو عبارة عن مرض يصيب الصّغار عادةً، ويسبّب ما يسمى بالسّعال النّباحي.

لكن في كل الأحوال، لا يستطيع تشخيص المرض أو العارض بشكل صحيح إلا طبيب مختص.

في حلقة اليوم نستعرض مختارات من العوارض والمشاكل المرضية التي تعتري منطقة الحَلْق:

تقرُّحات الحَلْق

تقرُّحات الحَلْق تنشأ عادة بسبب إصابته بعدوى البكتيريا العقدية المكوّرة، وهو يكون مصحوبا في معظم الحالات بحمى أو ارتفاع في درجة حرارة الجسم. وعلى غرار العديد من أنواع البكتيريا التي يمكن أن تسبب عدوى جرثومية، فإن البكتيريا العقدية توجد بأعداد صغيرة ومحدودة لدى جميع الأشخاص الأصحاء الذين لا يعانون أي أعراض عدوى جرثومية. وعلى الرغم من أن تقرُّح الحَلْق بسبب البكتيريا العقدية يؤدي عادة إلى إحمرار والتهاب اللوزتين وجعلهما تبدوان مرقطتين ببقع بيضاء من القيح، فإن الأعراض نفسها أيضا يمكن أن تظهر في الحنجرة لأسباب أخرى.

ومن خلال اجراء فحوصات معينة، يستطيع اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة أن يؤكد (أو ينفي) ما إذا كان احتقان حَلْقك ناجما عن الاصابة بعدوى بكتيرية.

احتقان الحَلْق العنيد

احتقان الحَلْق المتكرر والمستمر له أسباب كثيرة، لكن أسبابه الأكثر شيوعا تتمثل في الاصابات بعدوى جرثومية أو بكتيرية تؤدي عادة إلى مشكلتي التنقيط الأنفي الخلفي إلى جانب السعال، وهما المشكلتان اللتان تتسبب كل واحدة منهما في تهيج أنسجة الحَلْق كما تسبب فيها التهابا واحتقانا.

ومن بين المسببات الأخرى لاحتقان الحَلْق، هناك حالات الحساسية التي تؤدي إلى نشوء التنقيط الأنفي الخلفي. لكن هناك أيضا أمراض أكثر خطورة قد تسبب احتقان الحَلْق.

ولا تستجيب حالات الاحتقان الناجمة عن عدوى ?يروسية للعلاج بالمضادات الحيوية، ويجب أن تأخذ مجراها وتستغرق مداها الزمني. ولهذا السبب، فإن الأمر يمكن أن يستغرق ما يصل إلى بضعة أسابيع إلى أن يحصل التعافي من تأثيرات العدوى ال?يروسية أو من نوبة الزكام التي تنتج عنها. أما بالنسبة لحالات الاحتقان الناجمة عن الإصابة بعدوى بكتيرية، فإنها تتحسن عادة في غضون أيام قليلة من معالجتها بمضاد حيوي.

فإذا كنت تعاني من احتقان متكرر أو مستمر في الحَلْق، فاحرص على أن يفحصك اختصاصي أنف وأذن وحنجرة.

رائحة الفم الكريهة

على الرغم من أن رائحة الفم الكريهة تكون ناجمة عادة عن سوء الاعتناء بصحة ونظافة اللثة والفم أو تسوس الأسنان، أو عن اضطرابات الهضم، فإن تلك الرائحة يمكن أن تنشأ أيضا بسبب بقايا منتنة تكون عالقة في الدهاليز الأنفية أو حتى في أحد أعضاء الحلق بما في ذلك اللوزتان أو الحنجرة أو أحد البلاعيم الثلاثة.

مشكلة «اللسان الرمادي»

ظاهرة «اللسان الرمادي» ليست إشارة تدل على وجود مرض باطني داخلي. فإذا كنت مصابا بعدوى جرثومية ناجمة عن نوع من الخمائر الفموية (الفطريات البيضاء)، فإن مجرد تعاطي أدوية موضعية فموية يمكن أن يعالج الحالة أو المشكلة. كما أن الاهتمام جيدا بنظافة وصحة الأسنان واللثة – بما في ذلك استخدام فرشاة تنظيف اللسان وشطف الفم بالماء والملح المخفف – هي أمور يمكن أن تسهم مجتمعة في تحجيم أو التخلص تماما من مشكلة «اللسان الرمادي».

ولأن الخمائر الفطرية يمكن أن تكون مرتبطة بارتفاع نسبة السكر في الدم (مرض السكري)، فإنه من المهم أن يتم فحص بولك بشكل منتظم إذا كنت تصاب بمشاكل ناجمة عن تلك الخمائر الجرثومية.

التهاب اللوزتين بشكل متكرر

إذا كانت تصاب بنوبات متكررة وحادة من التهاب اللوزتين، فإن أحد الخيارات المناسبة هو أن تخضع إلى عملية جراحية لاستئصال اللوزتين. لكن في حال قررت أن تخضع إلى مثل تلك الجراحة، فإنه من المهم أن يفحصك أولا استشاري أنف وأذن وحنجرة وأن يناقش معك فوائد ومخاطر العملية الجراحية، فضلا عن توضيح الخيارات غير الجراحية الممكنة لمعالجة التهاب اللوزتين.

معاودة الإصابة بعدوى جرثومية

رغم أن اللوزتين تساعدان على التصدي للبكتيريا ومنعها من التوغل أبعد في الحَلْق، فإن استئصال اللوزتين لا يؤدي إلى زيادة مخاطر تعرض الشخص للإصابة بالعدوى الجرثومية لاحقا، ويرجع هذا إلى حقيقة أن أنسجة أخرى في الجسم تبادر إلى تولي مهمة التصدي وتمنع انتشار العدوى الجرثومية بمجرد أن يتم استئصال اللوزتين. بل أن واقع الحال هو أنه حالات غير قليلة، تنخفض احتمالات اصابة المريض بالتهابات الحَلْق والعدوى الجرثومية بعد استئصال لوزتيه جراحيا.

نظرة عامة على... عوارض الحَلْق والحنجرة

• الأسباب

هناك أسباب عدة تؤدي إلى نشوء عوارض ومشاكل والتهابات منطقة الحَلْق والحنجرة، ومن أبرزها ما يلي:

- العدوى الفيروسة أو البكتيرية، وتحديدا البكتيريا المكورة العقدية أو بكتيريا الخناق الوتدية.

- استنشاق مواد مهيجة، مثل أدخنة السجائر وما شابهها من ملوثات كيميائية.

- الإصابة ببعض أمراض المناعة.

- التحسس من بعض المواد الكيماوية.

- الإصابة بالزكام والنزلات الصدرية والالتهابات الرئوية.

• الأعراض

- آلام مع احتقان في الحَلْق واللوزتين، وقد تمتد إلى الأذنين.

- ارتفاع في درجة حرارة الجسم.

- غثيان أو تقيؤ.

- أوجاع في أنحاء متفرقة من الجسم.

- صداع.

- سعال وعطس.

- سيلان أو ارتشاح من الأنف.

- قد تظهر بقع بيضاء على اللوزتين.

• العلاجات

عندما يكون المرض فيروسي المنشأ، فإنه لا يحتاج إلى علاج بالمضادات الحيوية، بل يزول تدريجيا في خلال 7 أيام مع التزام الراحة والإكثار من السوائل الدافئة. وفي مثل تلك الحالات يكتفي الطبيب بوصف مسكنات آلام ومخفضات حرارة. أما اذا كان المنشأ عدوى بكتيرية، فعادة ما يصف الطبيب مضادات حيوية إلى جانب علاجات تلطيفية أخرى. واذا كان السبب نابعا من حساسية يعاني منها المريض، فالخيار الذي يوصي به الطبيب هو أن يصف أدوية مضادة للهيستامين.

• المضاعفات

في حال عدم معالجة التهابات الحَلْق سريعا وبالطريقة الصحيحة فإنها قد تتسبب في نشوء مضاعفات جانبية، بما في ذلك احتمال انتشار العدوى الفيروسية أو البكتيرية إلى الأذن والجيوب الأنفية. وعند تفاقم المضاعفات يبدأ حدوث إفرازات صديدية مع احتمال نشوء خُراج بالقرب من اللوزتين.

• كيفية التعايش

في حال حدوث الإصابة فعليا بالتهاب أو احتقان في الحَلْق، فيوصى باتباع الاجراءات التالية:

- مضمضة بمحلول ماء وملح مخفف مرات عدة على مدار اليوم.

- الإكثار من احتساء السوائل الدافئة، والسوائل بشكل عام.

- التوقف نهائيا عن التدخين والأدخنة عموما وأي عوالق مهيجة للحَلْق.

- المحافظة على نظافة اليدين والفم تحديدا، بما في ذلك ظافة وتطهير فرشاة الأسنان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي