مثقفون بلا حدود / دور «أمثلة» الكتاب المدرسي في تعزيز الهوية
تلعب الأمثلة في الكتب المدرسية دورا مهما وبارزا في تعزيز هُـوية الفرد منذ مراحله الدراسية الأولى «رياض الأطفال، الابتدائية، المتوسطة، الثانوية»، وهذا التعزيز يؤصل:
- الهوية الدينية: التي اعتمدت على مكونات أساسية ورئيسة في بناء شخصية المسلم، والقرآن الكريم لم يترك شاردة ولا واردة ولا كبيرة ولا صغير إلا وذكرها ووضّحها، وجاءت السنة النبوية الشريفة مكملة له وشارحة لهذا السفر العظيم، والمناهج التعليمية كانت حفيّة بآيات الذكر الحكيم في بناء مجتمع متماسك في هويته العربية، وفي كينونته المسلمة، فالأمثلة الدينية الواردة في مناهج التعليم شكّلت دعائم أساسية للهوية المسلمة، وجاءت لتفصص هذه المكونات إلى تعاليم وسجايا وخصال حميدة ومفيدة.
- الهوية اللغوية: إن من فضل الله سبحانه على الأمة العربية وتشريفا لها أن اختار نبيا ورسولا منهم خاتما، وإن من كرم الله لهم أن أنزل عليهم المعجزة الدستورية السماوية القرآن الكريم بلغتهم العربية ذات التراكيب الجميلة والرائعة، لذا حرصت المناهج التربوية على الاهتمام باللغة العربية وبالتراكيب، وأكدت أهمية القراء والكتابة؛ فالقراءة والكتابة تفتقان الذهن، وتنميان المدارك، وتهذبان السلوك، وبالقراءة والكتابة يخط الإنسان هويته، ويخلق له كيانا خاصا به، وبالقراءة والكتابة ترتقي الأمم وتتعايش في سلام.
- الهوية القومية: لئن تعددت الجنسيات داخل الهوية الإسلامية، ولئن انقسمت الأمة العربية إلى دويلات؛ فهذا لا يعني فقدان القوميات بين هذه الدول والدويلات، نعم هناك انفتاح على العالم الآخر، هناك عولمة أذابت فوارق الزمن وغيرت ملامح المجتمعات، إلا أن القوميات العربية قائمة في ذاتها وكيانها وانتمائها، وقد حرصت الأمثلة في الكتاب المدرسي على ترسيخ البعد القومي في نفوس أبنائها الطلاب، ولعبت دورا فاعلا ورئيسا في ربط الماضي بالحاضر، وبث روح التجديد فيه.
- الهوية الوطنية: الوطن صغر أم كبر يظل ملاذا وكرامة للإنسان الذي نشأ فيه وترعرع بأحضانه، فجاءت أمثلة الكتب المدرسية لتعزز مكانة الوطن وترفع من شأنه وتحرص على رقيّه والسمو به، والتفاعل مع دول الجوار، والتعاون مع الدول العربية والإسلامية، والمشاركة الفعاّلة مع الدول العالمية والدولية الصديقة.
- الهوية التربوية التعليمية: منذ العصر الجاهلي كانت للعرب خصال حميدة عرفوا واشتهروا بها بين الأمم منها: الوفاء، النخوة، الالتزام، الصدق، الأمانة، العهد والوعد، الشجاعة، الضيافة، حسن الاستماع، جزالة اللفظ، طلاوة الحديث، الفراسة، النباهة، التوق إلى العلم والمعرفة، وقد ظهر ذلك جليا في أشعارهم وخطبهم، وبذلك ملكوا ناصية الفصاحة والبيان والبلاغة، وعندما جاء الإسلام أبقى على كل هذه الخصال الحميدة، بل وحث عليها فكانت مكونا من مكونات هوية العربي المسلم، وبعد ذلك أصبحت منهجا في تربية النشء، فجاءت الأمثلة في الكتاب المدرسي لتدعم هذه الخصال.
- الهوية الاجتماعية الثقافية: الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، قابل للتفاعل مع أدوات الطبيعة، ولديه قدرة كبيرة على إيجاد حيز له على هذه الأرض، والمجتمعات مكملة لبعضها، متجانسة في سبل العيش وموارد الرزق، فلا وجود لمجتمع لا يتفاعل أفراده مع بعضهم بعضا، ومع من يحيط بهم، فلم يكن المثال في الكتاب المدرسي بمنأى عن احترام ثقافة الآخر والاطلاع عليها والحرص على معرفتها، بل استطاع المثال في الكتاب المدرسي أن يسهم في صقل ثقافة الطالب، ويبرز هويته الإسلامية الثقافية.
- هوية المرأة: حرصت الأمثلة في الكتاب المدرسي على إبراز مكانة المرأة في المجتمع واهتمام الإسلام بها اهتماما كبيرا، وقدرها تقديرا لن تجد له مثيلا في الأديان الأخرى، وأشارت هذه الأمثلة أيضا إلى عناية الدولة بالمرأة مثمنة دورها الفعّال في تربية النشء؛ فكانت حاضرة بكثافة في المناهج التربوية.
- هوية الطفل: وفي خضم التحديات التي تواجه هوية الطفل العربي والمسلم استطاعت الأمثلة في المناهج التربوية التعليمية أن تنمي من قدرات الطفل وتذكي فيه الإبداع، وتحرص كل الحرص على حقه في العيش الرغد، فقد «أكد البيان الإسلامي أن حقوق الطفل في الإسلام سابقة لمولده، إنها تبدأ بحصر العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة بالزواج الشرعي، يقول الدكتور محمد السماك «شدد الإسلام على حق الحضانة للطفل، لما يوفره له ذلك من رعاية مادية ونفسية، وحقه في الرضاعة من صدر أمه. كما شدد على حقه في الرعاية في أسرته، فوضع قواعد أخلاقية عالية لعلاقة الأبوين بالأطفال، وخاصة الرعاية، ولعلاقة الأطفال بوالديهما، وخاصة حق الطاعة، وضمن الإسلام للطفل حق الملكية وحق التعلم وحق اللعب واللهو» أ.هـ
وفق هذه الأنساق- إن صح التعبير- نخلص إلى الآتي:
أولا: استطاعت المنظومة التربوية في دولة الكويت أن تتميز بقطاع يعنى بتطوير المناهج التربوية التعليمية، ذات رؤية انفتاحية توافقية بين الاعتزاز بالموروث وجعله أصلا نستلهم منه انتماءنا وهويتنا، وبين الانصهار في بوتقة المدنية المعاصرة لمواكبة الحضارة العلمية والتكنولوجية القائمة، وقد نجحت الكويت أيما نجاح في تحقيق هوية المواطن الكويتي العربية الإسلامية من خلال الاستعانة بنخبة مصطفاة من الخبراء العرب المختصّين في إعداد المناهج التربوية التعليمية التي حرصت كل الحرص على اختيار أمثلة متنوعة وهادفة تتواءم والمراحل العمرية للفرد، كما أنها جاءت منسجمة بين الظاهر والمضمون ومتوازنة بين الخفة والرشاقة من ناحية والعمق والأصالة من ناحية أخرى، وقد تعانقت الأمثلة الدينية بالأمثلة النثرية؛ لتغرس المثل العربية الإسلامية في ذهن الطالب، وتكبر من القيم الروحية في سلوكه.
ثانيا: سعت أمثلة الكتاب المدرسي إلى إرساء تعاليم ديننا الحنيف، وعلى الاهتداء بسنة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الاعتزاز بلغتنا العربية ذات التراكيب الجميلة والنادرة، وعلى ترسيخ الانتماء الوطني وروح الأسرة الواحدة، وعلى عمق أواصر اللحمة القومية العربية الإسلامية، وتنشئة الفرد نشأة تربوية صحيحة، وعلى احترام ثقافة الآخر وعلى قدسيّـة الحوار، ونبذ الغلو، ورفض التطرف أو أي شكل من أشكال العنف؛ لأن الإسلام حث على التآخي والتعاضد، فقد جاء في الحديث الشريف «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار».
ثالثا: أثبتت المناهج التربوية التعليمية بدولة الكويت من خلال انتقائها لأمثلة الكتاب المدرسي بأنها دولة راسخة الأركان، متحدة في جبهتها الداخلية، متماسكة في مجتمعها، أصيلة في هويتها، معتزة في معتقدها، متعاونة في محيطها وقوميتها، مشاركة في أعمالها العالمية والدولية، وبهذا يكون قطاع تطوير المناهج التربوية التعليمية بدولة الكويت رائدا في إنجازاته، متألقا في مخرجاته التعليمية – ولا سيما – في السنوات الأخيرة، فقد تحرك ساكن في وزارة التربية، ونأمل في السنوات المقبلة أن تتحرك سواكن، والبركة في الوكلاء الشباب الذين نثمن دورهم ونشد على أيديهم في رقي العملية التربوية.
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com
- الهوية الدينية: التي اعتمدت على مكونات أساسية ورئيسة في بناء شخصية المسلم، والقرآن الكريم لم يترك شاردة ولا واردة ولا كبيرة ولا صغير إلا وذكرها ووضّحها، وجاءت السنة النبوية الشريفة مكملة له وشارحة لهذا السفر العظيم، والمناهج التعليمية كانت حفيّة بآيات الذكر الحكيم في بناء مجتمع متماسك في هويته العربية، وفي كينونته المسلمة، فالأمثلة الدينية الواردة في مناهج التعليم شكّلت دعائم أساسية للهوية المسلمة، وجاءت لتفصص هذه المكونات إلى تعاليم وسجايا وخصال حميدة ومفيدة.
- الهوية اللغوية: إن من فضل الله سبحانه على الأمة العربية وتشريفا لها أن اختار نبيا ورسولا منهم خاتما، وإن من كرم الله لهم أن أنزل عليهم المعجزة الدستورية السماوية القرآن الكريم بلغتهم العربية ذات التراكيب الجميلة والرائعة، لذا حرصت المناهج التربوية على الاهتمام باللغة العربية وبالتراكيب، وأكدت أهمية القراء والكتابة؛ فالقراءة والكتابة تفتقان الذهن، وتنميان المدارك، وتهذبان السلوك، وبالقراءة والكتابة يخط الإنسان هويته، ويخلق له كيانا خاصا به، وبالقراءة والكتابة ترتقي الأمم وتتعايش في سلام.
- الهوية القومية: لئن تعددت الجنسيات داخل الهوية الإسلامية، ولئن انقسمت الأمة العربية إلى دويلات؛ فهذا لا يعني فقدان القوميات بين هذه الدول والدويلات، نعم هناك انفتاح على العالم الآخر، هناك عولمة أذابت فوارق الزمن وغيرت ملامح المجتمعات، إلا أن القوميات العربية قائمة في ذاتها وكيانها وانتمائها، وقد حرصت الأمثلة في الكتاب المدرسي على ترسيخ البعد القومي في نفوس أبنائها الطلاب، ولعبت دورا فاعلا ورئيسا في ربط الماضي بالحاضر، وبث روح التجديد فيه.
- الهوية الوطنية: الوطن صغر أم كبر يظل ملاذا وكرامة للإنسان الذي نشأ فيه وترعرع بأحضانه، فجاءت أمثلة الكتب المدرسية لتعزز مكانة الوطن وترفع من شأنه وتحرص على رقيّه والسمو به، والتفاعل مع دول الجوار، والتعاون مع الدول العربية والإسلامية، والمشاركة الفعاّلة مع الدول العالمية والدولية الصديقة.
- الهوية التربوية التعليمية: منذ العصر الجاهلي كانت للعرب خصال حميدة عرفوا واشتهروا بها بين الأمم منها: الوفاء، النخوة، الالتزام، الصدق، الأمانة، العهد والوعد، الشجاعة، الضيافة، حسن الاستماع، جزالة اللفظ، طلاوة الحديث، الفراسة، النباهة، التوق إلى العلم والمعرفة، وقد ظهر ذلك جليا في أشعارهم وخطبهم، وبذلك ملكوا ناصية الفصاحة والبيان والبلاغة، وعندما جاء الإسلام أبقى على كل هذه الخصال الحميدة، بل وحث عليها فكانت مكونا من مكونات هوية العربي المسلم، وبعد ذلك أصبحت منهجا في تربية النشء، فجاءت الأمثلة في الكتاب المدرسي لتدعم هذه الخصال.
- الهوية الاجتماعية الثقافية: الإنسان بطبعه كائن اجتماعي، قابل للتفاعل مع أدوات الطبيعة، ولديه قدرة كبيرة على إيجاد حيز له على هذه الأرض، والمجتمعات مكملة لبعضها، متجانسة في سبل العيش وموارد الرزق، فلا وجود لمجتمع لا يتفاعل أفراده مع بعضهم بعضا، ومع من يحيط بهم، فلم يكن المثال في الكتاب المدرسي بمنأى عن احترام ثقافة الآخر والاطلاع عليها والحرص على معرفتها، بل استطاع المثال في الكتاب المدرسي أن يسهم في صقل ثقافة الطالب، ويبرز هويته الإسلامية الثقافية.
- هوية المرأة: حرصت الأمثلة في الكتاب المدرسي على إبراز مكانة المرأة في المجتمع واهتمام الإسلام بها اهتماما كبيرا، وقدرها تقديرا لن تجد له مثيلا في الأديان الأخرى، وأشارت هذه الأمثلة أيضا إلى عناية الدولة بالمرأة مثمنة دورها الفعّال في تربية النشء؛ فكانت حاضرة بكثافة في المناهج التربوية.
- هوية الطفل: وفي خضم التحديات التي تواجه هوية الطفل العربي والمسلم استطاعت الأمثلة في المناهج التربوية التعليمية أن تنمي من قدرات الطفل وتذكي فيه الإبداع، وتحرص كل الحرص على حقه في العيش الرغد، فقد «أكد البيان الإسلامي أن حقوق الطفل في الإسلام سابقة لمولده، إنها تبدأ بحصر العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة بالزواج الشرعي، يقول الدكتور محمد السماك «شدد الإسلام على حق الحضانة للطفل، لما يوفره له ذلك من رعاية مادية ونفسية، وحقه في الرضاعة من صدر أمه. كما شدد على حقه في الرعاية في أسرته، فوضع قواعد أخلاقية عالية لعلاقة الأبوين بالأطفال، وخاصة الرعاية، ولعلاقة الأطفال بوالديهما، وخاصة حق الطاعة، وضمن الإسلام للطفل حق الملكية وحق التعلم وحق اللعب واللهو» أ.هـ
وفق هذه الأنساق- إن صح التعبير- نخلص إلى الآتي:
أولا: استطاعت المنظومة التربوية في دولة الكويت أن تتميز بقطاع يعنى بتطوير المناهج التربوية التعليمية، ذات رؤية انفتاحية توافقية بين الاعتزاز بالموروث وجعله أصلا نستلهم منه انتماءنا وهويتنا، وبين الانصهار في بوتقة المدنية المعاصرة لمواكبة الحضارة العلمية والتكنولوجية القائمة، وقد نجحت الكويت أيما نجاح في تحقيق هوية المواطن الكويتي العربية الإسلامية من خلال الاستعانة بنخبة مصطفاة من الخبراء العرب المختصّين في إعداد المناهج التربوية التعليمية التي حرصت كل الحرص على اختيار أمثلة متنوعة وهادفة تتواءم والمراحل العمرية للفرد، كما أنها جاءت منسجمة بين الظاهر والمضمون ومتوازنة بين الخفة والرشاقة من ناحية والعمق والأصالة من ناحية أخرى، وقد تعانقت الأمثلة الدينية بالأمثلة النثرية؛ لتغرس المثل العربية الإسلامية في ذهن الطالب، وتكبر من القيم الروحية في سلوكه.
ثانيا: سعت أمثلة الكتاب المدرسي إلى إرساء تعاليم ديننا الحنيف، وعلى الاهتداء بسنة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الاعتزاز بلغتنا العربية ذات التراكيب الجميلة والنادرة، وعلى ترسيخ الانتماء الوطني وروح الأسرة الواحدة، وعلى عمق أواصر اللحمة القومية العربية الإسلامية، وتنشئة الفرد نشأة تربوية صحيحة، وعلى احترام ثقافة الآخر وعلى قدسيّـة الحوار، ونبذ الغلو، ورفض التطرف أو أي شكل من أشكال العنف؛ لأن الإسلام حث على التآخي والتعاضد، فقد جاء في الحديث الشريف «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار».
ثالثا: أثبتت المناهج التربوية التعليمية بدولة الكويت من خلال انتقائها لأمثلة الكتاب المدرسي بأنها دولة راسخة الأركان، متحدة في جبهتها الداخلية، متماسكة في مجتمعها، أصيلة في هويتها، معتزة في معتقدها، متعاونة في محيطها وقوميتها، مشاركة في أعمالها العالمية والدولية، وبهذا يكون قطاع تطوير المناهج التربوية التعليمية بدولة الكويت رائدا في إنجازاته، متألقا في مخرجاته التعليمية – ولا سيما – في السنوات الأخيرة، فقد تحرك ساكن في وزارة التربية، ونأمل في السنوات المقبلة أن تتحرك سواكن، والبركة في الوكلاء الشباب الذين نثمن دورهم ونشد على أيديهم في رقي العملية التربوية.
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com