أنف وأذن وحنجرة... «مُثلث» متساوي «الأوجاع»! (1 من 3)
الأنف... 6 مشاكل شائعة
الفقدان الجزئي أو الكلي لحاسة الشم قد يحدث بسبب الزكام وحساسية الجيوب الأنفية والربو والالتهابات الأنفية المزمنة والأورام الحميدة
معظم التهابات الجيوب الأنفية تنتج عن الإصابة بعدوى ?يروسية أو بكتيرية
?يروسات الأنفلونزا والزكام قد تجعل أنف طفلك يرشح لفترات زمنية ممتدة
مشاكل صحية خطيرة قد تنجم عن الشخير الذي يوقف التنفس بشكل متقطع أثناء النوم
معظم التهابات الجيوب الأنفية تنتج عن الإصابة بعدوى ?يروسية أو بكتيرية
?يروسات الأنفلونزا والزكام قد تجعل أنف طفلك يرشح لفترات زمنية ممتدة
مشاكل صحية خطيرة قد تنجم عن الشخير الذي يوقف التنفس بشكل متقطع أثناء النوم
تتفشى مشاكل واضطرابات الأنف والأذن والحنجرة في الكويت، حيث تنتشر بين السكان مشاكل الحساسية الموسمية وغير الموسمية بسبب هبوب العواصف التي تكون محملة بذرات الغبار وبحبوب اللقاح وبغير ذلك من العوالق الدقيقة التي تسهم في استثارة شكاوى في جميع الأعضاء التي يصل اليها الهواء اثناء التنفس.
وإذا تأملنا الأمر تشريحيا، فبوسعنا أن نتصور أن مواضع الأنف والأذن والحنجرة تشكل مجتمعة ما يشب «المثلث» إذا رسمنا خطا مستقيما بين كل اثنين منها، وهو المثلث الذي يجمعه قاسم مشترك يتمثل في أمرين أولهما هو أن تلك الأعضاء الثلاثة تتشارك معظم «الأوجاع»، وثانيهما هو أن دراسة الطب جمعت الأنف والأذن والحنجرة في تخصص دراسي واحد.
ومن المهم توضيح أن التسمية الصحيحة لكلمة «الحنجرة» في ذلك التخصص الطبي ينبغي أن تكون «الحلْق» (throat)، إذ إنها تشمل منطقة الحلق والبلعوم ككل بما في ذلك الحنجرة.
وفي هذه السلسة المؤلفة من 3 حلقات متعاقبة، نلقي ضوءا تثقيفيا على المشاكل المرتبطة بـ «أضلاع» ذلك «المثلث»، حيث سنخصص الحلقة الأولى من السلسلة للأنف، والثانية للأذن بينما ستكون الثالثة والأخيرة للحنجرة...أي «الحلْق».
المشكلة: تكرار التهاب الجيوب الأنفية
فوق وأسفل العينين وخلف الأنف مباشرة، توجد الجيوب الأنفية وهي مبطنة بغشاء يفرز سائلا مخاطيا. وإذا اصبح الغشاء المخاطي مصابا بعدوى جرثومية أو بالتهاب، فإن الجيوب الأنفية يمكن أن تمتلئ مخاطا غليظ القوام لا يتم تصريفه بشكل سليم. و أحيانا تسبب هذه العملية ضغطا أو ألما. وفي بعض الحالات، يمكن أن يسيل من الأنف سائل مخاطي مصفر ومشوب بالدم، ويمكن أن يكون ذلك مصحوبا بحمى و/ أو ألم شديد.
ومعظم حالات التهابات الجيوب الأنفية تنتج عن الاصابة بعدوى ?يروسية أو بكتيرية، مثلما يحصل في حالات نزلات الانفلونزا والزكام. والالتهابات أو العدوى المتكررة تجعل من الصعب حل المشكلة. وتستخدم المضادات الحيوية لمعالجة التهاب الجيوب الأنفية الناجمة عن عدوى بكتيرية، ولكن عادة ما يكون هناك حاجة إلى مسار علاجي طويل نسبيا حتى تتم معالجة الالتهاب بحيث تستعيد الجيوب الأنفية قدرتها على تصريف الافرازات بشكل سليم وطبيعي. وعلى الرغم من أن التهاب الجيوب الأنفية الناتجة عن عدوى ?يروسية لا يمكن معالجتها بالمضادات الحيوية، فإن طبيبك الاختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة يمكن أن يعالجك بطرق أخرى، وأن يعطيك نصائح حول طرق تعزيز جهاز المناعة الطبيعية في جسمك، وأن يعلمك إجراءات وقائية لحماية صحة الجيوب الأنفية وتقليص تواتر تكرار التهاباتها.
المشكلة: مخاط يرشح باستمرار
وبكثرة من أنف طفلي
يمكن ل?يروسات الانفلونزا والزكام أن تجعل أنف طفلك يرشح لفترات زمنية ممتدة. ومعظم الأطفال يصابون بال?يروسات في أثناء اللعب مع أطفال آخرين، أو اثناء اللعب الجماعي. ولأن ال?يروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، فإن نزلات الانفلونزا والزكام يجب أن تأخذ وقتها ومجراها الذي يمكن أن يستغرق أيام عدة وأحيانا أسابيع قبل أن تتلاشى تماما. كما يمكن لحساسية الجيوب الأنفية أن تتسبب في الرشح من الأنف باستمرار.
المشكلة: ضعف أو فقدان حاسة الشم
هناك خلايا في الجزء العلوي من مؤخرة الأنف هي المسؤولة عن حاسة الشم. وكي تعمل هذه الخلايا بشكل صحيح، فإنه يجب أن يتدفق إليها تيار هواء كاف ليحمل اليها جزيئات الروائح. وحدوث انتفاخ أو تورم في البطانة الأنفية يتسبب جزئيا أو كليا في إعاقة تدفق الهواء في الممرات الأنفية، وهو الأمر الذي يمكن أن يقلص أو يمنع الإحساس بالشم. ويمكن للفقدان الجزئي أو الكلي لحاسة الشم أن يحدث لفترات طويلة بسبب نزلات الزكام، وحساسية الجيوب الأنفية، والربو، والالتهابات الأنفية المزمنة، والعدوى الجرثومية، والأورام الحميدة. لذا يجب أن تبادر الى استشارة اختصاصي أنف وأذن وحنجرة حول السبل المعالجة و المناسبة للسيطرة على أسباب الانسداد الأنفي. ففي حال ترك تلك الأسباب من دون معالجة، فقد يتحول فقدان حاسة الشم إلى مشكلة دائمة.
المشكلة: التنقيط الأنفي الخلفي المزمن
عندما يكون هناك فائض في الافرازات الأنفية المخاطية، فإنه يمكن أن يتم تصريفها من خلال الجيوب الأنفية الخلفية، وهذا ما يسمى «التنقيط الأنفي الخلفي»، وهو التصريف الذي يتحرك وصولا إلى الحلْق، ثم نزولا عبر المريء إلى المعدة حيث يتم هضمه. وأثناء نزلات الانفلونزا والزكام، تزداد غلاظة قوام المخاط عادة ويلتصق جزء منه في الحنجرة والحلْق، وهو الأمر الذي يستحث الحاجة إلى تسليك الحلْق من خلال السعال المتكرر. ويمكن للتنقيط الأنفي الخلفي المزمن أن ينجم أيضا عن أسباب عدة أخرى، بما في ذلك نزلات الزكام، والحساسية الأنفية، والعدوى الجرثومية، أو حالت أخرى أكثر خطورة.
وإذا عانيت من التنقيط الأنفي الخلفي لمدة استمرت أكثر من أسبوع، فقم بزيارة إلى اختصاصي أنف وأذن وحنجرة اختصاصي ليفحصك جيدا بهدف التشخيص ووضع خطة علاج.
المشكلة: الشخير خلال النوم
الشخير الذي يتداخل مع نوم الشخص هو شخير ليس طبيعيا، وبالتالي تتوجب معالجة أسبابه. فعندما يُترك الشخير المفرط من دون معالجة، فإنه يمكن أن يتسبب في الشعور بالنعاس أثناء النهار، والتوتر، وضعف القدرة على التركيز، بل وأحيانا الاكتئاب. وعلاوة على ذلك فإنه يمكن أن يسهم في زيادة خطر تعرض الشخص الى الحوادث، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل القلب.
والشخير الذي يوقف التنفس بشكل متقطع (وهو ما يسمى طبيا «انقطاع النفس الانسدادي النومي») يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة. ولا توجد أدوية مخصصة لمعالجة الشخير المفرط. ولكن هناك تغييرات معينة في نمط الحياة يمكن أن تساعد على تخفيف وتلطيف حدة المشكلة. و على سبيل المثال لا الحصر، فإن تلك التغييرات تشمل ما يلي:
• الحفاظ على لياقتك البدنية وعلى وزنك عند الحدود الصحية الآمنة.
• الامتناع عن التدخين.
• النوم مستلقيا على ظهرك أو جنبك، مع رفع مستوى رأسك قليلا.
• تجنب تعاطي الكحوليات، والمهدئات (بما في ذلك أدوية النوم، ومهدآت الأعصاب، ومضادات الهيستامين).
• احتواء والسيطرة على حساسية ومشاكل الجيوب الأنفية.
وإذا كان شخيرك يتسبب في إيقاظك من النوم، فعليك ان تبادر في اقرب فرصة ممكنة إلى استشارة اختصاصي أنف وأذن وحنجرة ليفحصك، واحرص على أن تتناقش معه حول أفضل الطرق لتخفيف أو حل مشكلة.
المشكلة: النزيف الأنفي (الرعاف)
نادرا ما يكون نزيف الأنف (الرعاف) مرتبطا بمشكلة صحية خطيرة. فمعظم حالات النزيف من الأنف الشائعة تحصل عندما تتهيج و«تنفجر» شعيرات دموية صغيرة ودقيقة موجودة في داخل الأنف. وهذا يمكن أن يحدث عندما تصاب بعدوى جرثومية أو?يروسية، أو بنوبة زكام. وإلى جانب ذلك فإن عقاقير دوائية فموية وبخاخات أنفية معينة يمكن أيضا أن تسبب نزيف الأنف. وفي بعض نادر الحالات، قد يشير نزيف الأنف إما إلى تشوهات موروثة في الشعيرات الدموية الدقيقة الموجودة في داخل الأنف، أو إلى مرض موضعي في الأنف أو الجيوب الأنفية، أو ارتفاع في ضغط الدم، أو مرض كبدي، أو نقص في أحد الفيتامينات، أو أحد اضطرابات ومشاكل الدم.
وإذا كنت ممن يتكرر لديهم نزيف الأنف سواء بشكل منتظم أو غير منتظم أو دوري، فعليك أن تلجأ إلى اختصاصي أنف وأذن وحنجرة كي يفحصك. وعندما يدهمك نزيف طارئ من الأنف، فيمكنك أن توقف ذلك النزيف عن طريق امساك الجزء اللحمي السفلي من أنفك بلطف بين أصبعيك السبابة والإبهام معا لمدة 15 دقيقة. وبعد أن يتوقف النزيف، امتنع تماما عن فرك أو نفخ أنفك لمدة بضعة أيام، وذلك كي يتسنى للشعيرات الدموية المتضررة في داخل أنفك أن تلتئم وتتعافى.
نظرة عامة على «المثلث»
في ما يلي نلقي نظرة تعريفية عامة على مثلث مشاكل واضطرابات الأنف والأذن والحنجرة، وذلك من حيث الأعراض، والمخاطر، والعلاقة مع الأمراض الأخرى، والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمتاعب وآلام ذلك «المثلث».
• الأعراض المشتركة الأكثر شيوعا
على الرغم من أن هناك مجموعة واسعة من الأعراض المشتركة التي يمكن أن تكون مرتبطة بأمراض ومشاكل الأنف والأذن والحنجرة، فإن أكثرها شيوعا تشمل على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- الدوخة، تدميع العينين، حكة في العينين، العطس، رشح من الأنف، حكة في الأنف، نزيف من الأنف، ألم فول أو تورم الأذن، أصوات رنين أو طنين في الأذن، ضعف أو فقدان جزء من السمع، افرازات سميكة من الأذن، انسداد كلي أو جزئي في الأذن، احتقان أو تورم الحنجرة (الحلْق)، فقدان الصوت جزئيا أو كليا (التهاب الحنجرة)، احتقان أو تورم الرقبة، ألم في الفكين، لشخير مفرط، يتسبب في الاستيقاظ المتكرر من النوم، السعال، الصداع، السخونة (الحمى).
يمكن لأمراض أنف وأذن وحنجرة معينة أن تسبب مشاكل صحية خطيرة. ففي بعض الحالات، ولاسيما إذا لم يتم تشخيصها ومعالجتها مبكرا، فإن أمراضا مثل السرطان والعدوى الجرثومية الحادة في الأنف والأذن والحنجرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، لكن معظم أمراض ومشاكل الأنف والأذن والحنجرة، يمكن معالجتها أو السيطرة عليها بشكل فعال. فإذا كنت تعاني من مشاكل مع الأنف والأذن والحنجرة، فاحرص على أن تستشير طبيبا، فهو يستطيع أن يقوم بتشخيص الحالة وأن يوصي بخيارات علاجية للمساعدة في حل أو السيطرة على المشكلة.
الارتباط بأمراض أخرى
أحيانا، يمكن لأمراض أخرى أن تتسبب بمشاكل في الأنف والأذن والحنجرة، بما في ذلك مشاكل الأسنان واضطرابات الهضم، وتأثيرات الشيخوخة، بل وحتى الاكتئاب. فإذا كنت تعاني مشاكل مع الأنف والأذن والحنجرة، فعليك باللجوء في أقرب فرصة إلى اختصاصي ليقوم بتشخيص الحالة أو المشكلة ويضع لك خطة علاج.
الأشخاص الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة
أي شخص معرّض في أي وقت للإصابة بمشاكل الأنف والأذن والحنجرة، بما في ذلك الأطفال الذين في مرحلة التسنين، والأشخاص الذين يتعافون بعد الاصابة بنزلة زكام، والأشخاص المصابين بالحساسية، والأشخاص البالغين الذين يعانون من مشاكل في الأسنان واللثة، والمدخنين أو من يتعاطون كميات كبيرة من الكحوليات.
الانسداد الأنفي المُزمن... مشكلة تؤرق كثيرين
الانسداد الأنفي هو مصطلح طبي يشير إلى انسداد الممرات الأنفية بسبب تضخم أو انتفاخ الانسجة المُبطنة لتجويف الأنف، ما يؤثر على سلاسة تدفق الهواء في تلك الممرات أثناء التنفس.
والانسداد الأنفي يعتبر اضطراباً شائعاً يُعاني منه كثيرون حول العالم، وقد تتكرر اصابة البعض به، وقد يصيب إحدى فتحتي الأنف أو كلتيهما.
• أسبابه:
ومعظم حالات الانسداد الأنفي تكون موقتة وقد ترتبط بالعوامل التالية:
- الالتهاب الأنفي التحسسي:
يُعد التهاب الأنف التحسسي من بين أهم العوامل الشائعة المُسببة لانسداد الأنف الذي تظهر أعراضه على شكل عُطاس عند التعرض لمادة مثيرة للتحسس كالعطور، والغبار أو شعر فرو بعض الحيوانات.
- التهاب الجيوب الأنفية:
توجد الجيوب الأنفية في عظام الوجه، وتتركز حول الأنف وتكون مبطنة بخلايا تفرز مادة مخاطية تمنع جفاف الأنف.
- تشوهات خلقية:
ومن أهم تلك التشوهات الزوائد الأنفية، إلى جانب انحراف الحاجز الأنفي الذي هو جدار غضروفي عظمي يفصل تجويف الأنف لفتحتي المنخرين. وهناك ايضا تضخم اللحمية الذي يتمثل في أورام تصيب بطانة الجيوب الأنفية وتتسبب بإغلاق المجاري التنفسية الأنفية.
وفي حال ظهور علامات وأعراض الانسداد الأنفي في موسم محدد من العام (كالخريف والربيع ومواسم هبوب العواصف الترابية) يكون سببها الأرجح هو فرط الحساسية. أما اذا كان الانسداد في جانب واحد فقط من الأنف، فقد يكون المُسبب خلقي كانحراف الحاجز الأنفي، أو تضخم اللحمية، أو الزوائد الأنفية. وفي مثل هذه الحالة الأخيرة يكون الشخير هو العرض الرئيسي للانسداد الأنفي.
• علاجه:
بطبيعة الحال، يعتمد علاج الانسداد الأنفي على تحديد العامل المُسبب له. فارتباط الانسداد الأنفي بالتعرض لمصدر حساسية يستدعي تجنب المصدر المسبب للحساسية.
وعادة تتم معالجة المريض دوائياً بعقاقير دوائية متعددة كمُضادات الهيستامين، ومزيلات الاحتقان أو بخاخات الأنف الستيرويدية، وذلك وفقا لما يوصي به الطبيب المعالج. وفي بعض الحالات المزمنة من الانسداد الأنفي، قد يلجأ الأطباء إلى التسخين أو الحرارة لخلق نسيج ندبي وفتح الممرات الهوائية في الأنف.
أما اذا كان السبب كامنا في أحد التشوهات الخلقية المذكورة آنفا، يكون العلاج الجراحي هو الخيار الأرجح.
• مخاطر بخاخات الأنف على المدى الطويل
على الرغم من أنها تعطي نتائج سريعة، يحذر الأطباء من فرط استخدام نقط أو بخاخات الأنف المعالجة للانسداد، مؤكدين أن ذلك ينطوي على مخاطر حقيقية نظرا إلى أن تلك العلاجات تتألف من مواد قابضة للأوعية الدموية ما يزيد من فرصة تكرار الانسداد الأنفي وبدرجة أكثر تعقيداً لاحقا. ولذلك يوصي الأطباء دائما بضرورة عدم استخدام البخاخات إلا تحت اشراف طبي وعند الاصابة بالزكام الحاد، وفي إطار مدة زمنية لا تتعدى أسبوع كحد أقصى.
ومن بين مضاعفات استعمال بخاخات الأنف لفترات طويلة:
- الصداع الجبهي الشديد.
- الانسداد الأنفي التام. في نهاية المطاف.
- ضعف أو فقدان حاسة الشم.
- انبعاث رائحة كريهة من الأنف.
- الإصابة المتكررة بالزكام والالتهابات.
وإذا تأملنا الأمر تشريحيا، فبوسعنا أن نتصور أن مواضع الأنف والأذن والحنجرة تشكل مجتمعة ما يشب «المثلث» إذا رسمنا خطا مستقيما بين كل اثنين منها، وهو المثلث الذي يجمعه قاسم مشترك يتمثل في أمرين أولهما هو أن تلك الأعضاء الثلاثة تتشارك معظم «الأوجاع»، وثانيهما هو أن دراسة الطب جمعت الأنف والأذن والحنجرة في تخصص دراسي واحد.
ومن المهم توضيح أن التسمية الصحيحة لكلمة «الحنجرة» في ذلك التخصص الطبي ينبغي أن تكون «الحلْق» (throat)، إذ إنها تشمل منطقة الحلق والبلعوم ككل بما في ذلك الحنجرة.
وفي هذه السلسة المؤلفة من 3 حلقات متعاقبة، نلقي ضوءا تثقيفيا على المشاكل المرتبطة بـ «أضلاع» ذلك «المثلث»، حيث سنخصص الحلقة الأولى من السلسلة للأنف، والثانية للأذن بينما ستكون الثالثة والأخيرة للحنجرة...أي «الحلْق».
المشكلة: تكرار التهاب الجيوب الأنفية
فوق وأسفل العينين وخلف الأنف مباشرة، توجد الجيوب الأنفية وهي مبطنة بغشاء يفرز سائلا مخاطيا. وإذا اصبح الغشاء المخاطي مصابا بعدوى جرثومية أو بالتهاب، فإن الجيوب الأنفية يمكن أن تمتلئ مخاطا غليظ القوام لا يتم تصريفه بشكل سليم. و أحيانا تسبب هذه العملية ضغطا أو ألما. وفي بعض الحالات، يمكن أن يسيل من الأنف سائل مخاطي مصفر ومشوب بالدم، ويمكن أن يكون ذلك مصحوبا بحمى و/ أو ألم شديد.
ومعظم حالات التهابات الجيوب الأنفية تنتج عن الاصابة بعدوى ?يروسية أو بكتيرية، مثلما يحصل في حالات نزلات الانفلونزا والزكام. والالتهابات أو العدوى المتكررة تجعل من الصعب حل المشكلة. وتستخدم المضادات الحيوية لمعالجة التهاب الجيوب الأنفية الناجمة عن عدوى بكتيرية، ولكن عادة ما يكون هناك حاجة إلى مسار علاجي طويل نسبيا حتى تتم معالجة الالتهاب بحيث تستعيد الجيوب الأنفية قدرتها على تصريف الافرازات بشكل سليم وطبيعي. وعلى الرغم من أن التهاب الجيوب الأنفية الناتجة عن عدوى ?يروسية لا يمكن معالجتها بالمضادات الحيوية، فإن طبيبك الاختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة يمكن أن يعالجك بطرق أخرى، وأن يعطيك نصائح حول طرق تعزيز جهاز المناعة الطبيعية في جسمك، وأن يعلمك إجراءات وقائية لحماية صحة الجيوب الأنفية وتقليص تواتر تكرار التهاباتها.
المشكلة: مخاط يرشح باستمرار
وبكثرة من أنف طفلي
يمكن ل?يروسات الانفلونزا والزكام أن تجعل أنف طفلك يرشح لفترات زمنية ممتدة. ومعظم الأطفال يصابون بال?يروسات في أثناء اللعب مع أطفال آخرين، أو اثناء اللعب الجماعي. ولأن ال?يروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، فإن نزلات الانفلونزا والزكام يجب أن تأخذ وقتها ومجراها الذي يمكن أن يستغرق أيام عدة وأحيانا أسابيع قبل أن تتلاشى تماما. كما يمكن لحساسية الجيوب الأنفية أن تتسبب في الرشح من الأنف باستمرار.
المشكلة: ضعف أو فقدان حاسة الشم
هناك خلايا في الجزء العلوي من مؤخرة الأنف هي المسؤولة عن حاسة الشم. وكي تعمل هذه الخلايا بشكل صحيح، فإنه يجب أن يتدفق إليها تيار هواء كاف ليحمل اليها جزيئات الروائح. وحدوث انتفاخ أو تورم في البطانة الأنفية يتسبب جزئيا أو كليا في إعاقة تدفق الهواء في الممرات الأنفية، وهو الأمر الذي يمكن أن يقلص أو يمنع الإحساس بالشم. ويمكن للفقدان الجزئي أو الكلي لحاسة الشم أن يحدث لفترات طويلة بسبب نزلات الزكام، وحساسية الجيوب الأنفية، والربو، والالتهابات الأنفية المزمنة، والعدوى الجرثومية، والأورام الحميدة. لذا يجب أن تبادر الى استشارة اختصاصي أنف وأذن وحنجرة حول السبل المعالجة و المناسبة للسيطرة على أسباب الانسداد الأنفي. ففي حال ترك تلك الأسباب من دون معالجة، فقد يتحول فقدان حاسة الشم إلى مشكلة دائمة.
المشكلة: التنقيط الأنفي الخلفي المزمن
عندما يكون هناك فائض في الافرازات الأنفية المخاطية، فإنه يمكن أن يتم تصريفها من خلال الجيوب الأنفية الخلفية، وهذا ما يسمى «التنقيط الأنفي الخلفي»، وهو التصريف الذي يتحرك وصولا إلى الحلْق، ثم نزولا عبر المريء إلى المعدة حيث يتم هضمه. وأثناء نزلات الانفلونزا والزكام، تزداد غلاظة قوام المخاط عادة ويلتصق جزء منه في الحنجرة والحلْق، وهو الأمر الذي يستحث الحاجة إلى تسليك الحلْق من خلال السعال المتكرر. ويمكن للتنقيط الأنفي الخلفي المزمن أن ينجم أيضا عن أسباب عدة أخرى، بما في ذلك نزلات الزكام، والحساسية الأنفية، والعدوى الجرثومية، أو حالت أخرى أكثر خطورة.
وإذا عانيت من التنقيط الأنفي الخلفي لمدة استمرت أكثر من أسبوع، فقم بزيارة إلى اختصاصي أنف وأذن وحنجرة اختصاصي ليفحصك جيدا بهدف التشخيص ووضع خطة علاج.
المشكلة: الشخير خلال النوم
الشخير الذي يتداخل مع نوم الشخص هو شخير ليس طبيعيا، وبالتالي تتوجب معالجة أسبابه. فعندما يُترك الشخير المفرط من دون معالجة، فإنه يمكن أن يتسبب في الشعور بالنعاس أثناء النهار، والتوتر، وضعف القدرة على التركيز، بل وأحيانا الاكتئاب. وعلاوة على ذلك فإنه يمكن أن يسهم في زيادة خطر تعرض الشخص الى الحوادث، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل القلب.
والشخير الذي يوقف التنفس بشكل متقطع (وهو ما يسمى طبيا «انقطاع النفس الانسدادي النومي») يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة. ولا توجد أدوية مخصصة لمعالجة الشخير المفرط. ولكن هناك تغييرات معينة في نمط الحياة يمكن أن تساعد على تخفيف وتلطيف حدة المشكلة. و على سبيل المثال لا الحصر، فإن تلك التغييرات تشمل ما يلي:
• الحفاظ على لياقتك البدنية وعلى وزنك عند الحدود الصحية الآمنة.
• الامتناع عن التدخين.
• النوم مستلقيا على ظهرك أو جنبك، مع رفع مستوى رأسك قليلا.
• تجنب تعاطي الكحوليات، والمهدئات (بما في ذلك أدوية النوم، ومهدآت الأعصاب، ومضادات الهيستامين).
• احتواء والسيطرة على حساسية ومشاكل الجيوب الأنفية.
وإذا كان شخيرك يتسبب في إيقاظك من النوم، فعليك ان تبادر في اقرب فرصة ممكنة إلى استشارة اختصاصي أنف وأذن وحنجرة ليفحصك، واحرص على أن تتناقش معه حول أفضل الطرق لتخفيف أو حل مشكلة.
المشكلة: النزيف الأنفي (الرعاف)
نادرا ما يكون نزيف الأنف (الرعاف) مرتبطا بمشكلة صحية خطيرة. فمعظم حالات النزيف من الأنف الشائعة تحصل عندما تتهيج و«تنفجر» شعيرات دموية صغيرة ودقيقة موجودة في داخل الأنف. وهذا يمكن أن يحدث عندما تصاب بعدوى جرثومية أو?يروسية، أو بنوبة زكام. وإلى جانب ذلك فإن عقاقير دوائية فموية وبخاخات أنفية معينة يمكن أيضا أن تسبب نزيف الأنف. وفي بعض نادر الحالات، قد يشير نزيف الأنف إما إلى تشوهات موروثة في الشعيرات الدموية الدقيقة الموجودة في داخل الأنف، أو إلى مرض موضعي في الأنف أو الجيوب الأنفية، أو ارتفاع في ضغط الدم، أو مرض كبدي، أو نقص في أحد الفيتامينات، أو أحد اضطرابات ومشاكل الدم.
وإذا كنت ممن يتكرر لديهم نزيف الأنف سواء بشكل منتظم أو غير منتظم أو دوري، فعليك أن تلجأ إلى اختصاصي أنف وأذن وحنجرة كي يفحصك. وعندما يدهمك نزيف طارئ من الأنف، فيمكنك أن توقف ذلك النزيف عن طريق امساك الجزء اللحمي السفلي من أنفك بلطف بين أصبعيك السبابة والإبهام معا لمدة 15 دقيقة. وبعد أن يتوقف النزيف، امتنع تماما عن فرك أو نفخ أنفك لمدة بضعة أيام، وذلك كي يتسنى للشعيرات الدموية المتضررة في داخل أنفك أن تلتئم وتتعافى.
نظرة عامة على «المثلث»
في ما يلي نلقي نظرة تعريفية عامة على مثلث مشاكل واضطرابات الأنف والأذن والحنجرة، وذلك من حيث الأعراض، والمخاطر، والعلاقة مع الأمراض الأخرى، والأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمتاعب وآلام ذلك «المثلث».
• الأعراض المشتركة الأكثر شيوعا
على الرغم من أن هناك مجموعة واسعة من الأعراض المشتركة التي يمكن أن تكون مرتبطة بأمراض ومشاكل الأنف والأذن والحنجرة، فإن أكثرها شيوعا تشمل على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
- الدوخة، تدميع العينين، حكة في العينين، العطس، رشح من الأنف، حكة في الأنف، نزيف من الأنف، ألم فول أو تورم الأذن، أصوات رنين أو طنين في الأذن، ضعف أو فقدان جزء من السمع، افرازات سميكة من الأذن، انسداد كلي أو جزئي في الأذن، احتقان أو تورم الحنجرة (الحلْق)، فقدان الصوت جزئيا أو كليا (التهاب الحنجرة)، احتقان أو تورم الرقبة، ألم في الفكين، لشخير مفرط، يتسبب في الاستيقاظ المتكرر من النوم، السعال، الصداع، السخونة (الحمى).
يمكن لأمراض أنف وأذن وحنجرة معينة أن تسبب مشاكل صحية خطيرة. ففي بعض الحالات، ولاسيما إذا لم يتم تشخيصها ومعالجتها مبكرا، فإن أمراضا مثل السرطان والعدوى الجرثومية الحادة في الأنف والأذن والحنجرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، لكن معظم أمراض ومشاكل الأنف والأذن والحنجرة، يمكن معالجتها أو السيطرة عليها بشكل فعال. فإذا كنت تعاني من مشاكل مع الأنف والأذن والحنجرة، فاحرص على أن تستشير طبيبا، فهو يستطيع أن يقوم بتشخيص الحالة وأن يوصي بخيارات علاجية للمساعدة في حل أو السيطرة على المشكلة.
الارتباط بأمراض أخرى
أحيانا، يمكن لأمراض أخرى أن تتسبب بمشاكل في الأنف والأذن والحنجرة، بما في ذلك مشاكل الأسنان واضطرابات الهضم، وتأثيرات الشيخوخة، بل وحتى الاكتئاب. فإذا كنت تعاني مشاكل مع الأنف والأذن والحنجرة، فعليك باللجوء في أقرب فرصة إلى اختصاصي ليقوم بتشخيص الحالة أو المشكلة ويضع لك خطة علاج.
الأشخاص الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة
أي شخص معرّض في أي وقت للإصابة بمشاكل الأنف والأذن والحنجرة، بما في ذلك الأطفال الذين في مرحلة التسنين، والأشخاص الذين يتعافون بعد الاصابة بنزلة زكام، والأشخاص المصابين بالحساسية، والأشخاص البالغين الذين يعانون من مشاكل في الأسنان واللثة، والمدخنين أو من يتعاطون كميات كبيرة من الكحوليات.
الانسداد الأنفي المُزمن... مشكلة تؤرق كثيرين
الانسداد الأنفي هو مصطلح طبي يشير إلى انسداد الممرات الأنفية بسبب تضخم أو انتفاخ الانسجة المُبطنة لتجويف الأنف، ما يؤثر على سلاسة تدفق الهواء في تلك الممرات أثناء التنفس.
والانسداد الأنفي يعتبر اضطراباً شائعاً يُعاني منه كثيرون حول العالم، وقد تتكرر اصابة البعض به، وقد يصيب إحدى فتحتي الأنف أو كلتيهما.
• أسبابه:
ومعظم حالات الانسداد الأنفي تكون موقتة وقد ترتبط بالعوامل التالية:
- الالتهاب الأنفي التحسسي:
يُعد التهاب الأنف التحسسي من بين أهم العوامل الشائعة المُسببة لانسداد الأنف الذي تظهر أعراضه على شكل عُطاس عند التعرض لمادة مثيرة للتحسس كالعطور، والغبار أو شعر فرو بعض الحيوانات.
- التهاب الجيوب الأنفية:
توجد الجيوب الأنفية في عظام الوجه، وتتركز حول الأنف وتكون مبطنة بخلايا تفرز مادة مخاطية تمنع جفاف الأنف.
- تشوهات خلقية:
ومن أهم تلك التشوهات الزوائد الأنفية، إلى جانب انحراف الحاجز الأنفي الذي هو جدار غضروفي عظمي يفصل تجويف الأنف لفتحتي المنخرين. وهناك ايضا تضخم اللحمية الذي يتمثل في أورام تصيب بطانة الجيوب الأنفية وتتسبب بإغلاق المجاري التنفسية الأنفية.
وفي حال ظهور علامات وأعراض الانسداد الأنفي في موسم محدد من العام (كالخريف والربيع ومواسم هبوب العواصف الترابية) يكون سببها الأرجح هو فرط الحساسية. أما اذا كان الانسداد في جانب واحد فقط من الأنف، فقد يكون المُسبب خلقي كانحراف الحاجز الأنفي، أو تضخم اللحمية، أو الزوائد الأنفية. وفي مثل هذه الحالة الأخيرة يكون الشخير هو العرض الرئيسي للانسداد الأنفي.
• علاجه:
بطبيعة الحال، يعتمد علاج الانسداد الأنفي على تحديد العامل المُسبب له. فارتباط الانسداد الأنفي بالتعرض لمصدر حساسية يستدعي تجنب المصدر المسبب للحساسية.
وعادة تتم معالجة المريض دوائياً بعقاقير دوائية متعددة كمُضادات الهيستامين، ومزيلات الاحتقان أو بخاخات الأنف الستيرويدية، وذلك وفقا لما يوصي به الطبيب المعالج. وفي بعض الحالات المزمنة من الانسداد الأنفي، قد يلجأ الأطباء إلى التسخين أو الحرارة لخلق نسيج ندبي وفتح الممرات الهوائية في الأنف.
أما اذا كان السبب كامنا في أحد التشوهات الخلقية المذكورة آنفا، يكون العلاج الجراحي هو الخيار الأرجح.
• مخاطر بخاخات الأنف على المدى الطويل
على الرغم من أنها تعطي نتائج سريعة، يحذر الأطباء من فرط استخدام نقط أو بخاخات الأنف المعالجة للانسداد، مؤكدين أن ذلك ينطوي على مخاطر حقيقية نظرا إلى أن تلك العلاجات تتألف من مواد قابضة للأوعية الدموية ما يزيد من فرصة تكرار الانسداد الأنفي وبدرجة أكثر تعقيداً لاحقا. ولذلك يوصي الأطباء دائما بضرورة عدم استخدام البخاخات إلا تحت اشراف طبي وعند الاصابة بالزكام الحاد، وفي إطار مدة زمنية لا تتعدى أسبوع كحد أقصى.
ومن بين مضاعفات استعمال بخاخات الأنف لفترات طويلة:
- الصداع الجبهي الشديد.
- الانسداد الأنفي التام. في نهاية المطاف.
- ضعف أو فقدان حاسة الشم.
- انبعاث رائحة كريهة من الأنف.
- الإصابة المتكررة بالزكام والالتهابات.