بلسم روح الحياة / جودة الحياة الأسرية

u062au0647u0627u0646u064a u0627u0644u0645u0637u064au0631u064a
تهاني المطيري
تصغير
تكبير
لا خلاف في أن الأسرة هي أساس المجتمع ولبنة في بنيانه، فهي المسؤولة عن تنشئة الأفراد وإكسابهم مهارات الحياة ومعارفها، وفيها تتكون ميولهم وعواطفهم.

فإن صلحت الأسرة صلح أفرادها وصلح المجتمع كله وإذا فسدت فعلى الدنيا السلام. لذلك فإننا نرى اهتمام المجتمعات بالأسرة بدءاً من مسؤولية الأم والأب وانتهاء بالدولة ومؤسساتها التي تُعنى بالشؤون الثقافية والاجتماعية والتربوية.

حيث نشهد في أيامنا هذه تسابقاً محموماً بين أولياء الأمور على تلبية المتطلبات المادية لأبنائهم أملاً في إسعادهم، ورغبة منهم في أن تكون أسرهم سعيدة. فسعادة الأسرة التي هي مبتغاهم، هي من سعادة الأبناء فترى الأبناء يمتلكون أحدث الموديلات من الأجهزة والموبايلات وهم من أسر متواضعة، لمجرد التباهي والمظاهر الفارغة. في حين يعمل الآباء والأمهات فوق طاقاتهم لتأمين هذه الكماليات، ويحرمون أنفسهم من ضروريات هم بأمس الحاجة إليها لكي لا يشعر الأبناء بالنقص أمام أقرانهم.

فهل هدفنا هو الوصول إلى أسرة سعيدة شكلاً خارجياً وفارغة المضامين، أم هدفنا هو بناء أسرة تتمتع بما يُسمى «جودة الحياة الأسرية».

إن جودة الحياة الأسرية تعني الوصول له بكل فرد من أفراد الأسرة إلى حالة يرى الفرد نفسه فيها قادراً على إشباع جميع حاجاته المختلفة، المادية والنفسية والعاطفية والثقافية بحيث يستطيع مواجهة ضغوطات الحياة وصعوباتها، والاستمتاع بحياته بغض النظر عما يحيط به من ظروف.

ولكي تتم هذه الجودة في الحياة الأسرية يجب أن يعرف كل فرد واجباته تجاه أسرته والمجتمع ويؤديها، ومن ثم يطالب بحقوقه، وهي مفهوم لا يمكن استحضاره أو تغييبه عندما نريد، بل لابد من المثابرة والصبر، حتى نصل إلى مبتغانا لتحقيق ذلك، يساعدنا في تحقيق ذلك الأمر بعض الخطوات الأساسية في هذا المجال. ومن هذه الخطوات الضرورية:

أولاً: أن يكون الأبوان اللذان هما ربانا السفينة قدوة صالحة للأسرة في الاحترام المتبادل، وعدم التعارض في القرارات أمام الأبناء، لأن عدم وجود انسجام بين الوالدين سيولد تأثيراً سلبياً على سلوكيات الأبناء داخل الأسرة وخارجها.

ثانياً: يجب أن يسود في الأسرة احترام الكبير والعطف على الصغير، فاللأم والأب حق الاحترام من قبل أبنائهم لما يبذلونه في سبيل تأمين متطلبات الحياة الكريمة للأسرة. وعليهم التحلي بالعطف والحنان نحو أطفالهم أثناء قيامهم بواجب التربية والنصح والإرشاد.

ثالثاً: نشر ثقافة الحوار في الأسرة وتبادل الآراء حول الأمور التي تهم الأسرة أو أحد أفرادها، وعدم التعنت وفرض الآراء، بل اعتماد لغة الإقناع وبيان وجهات النظر المختلفة بغية الوصول إلى قناعات مجدية تُرضي جميع أفراد الأسرة.

رابعاً: إعطاء فسحة للأبناء بممارسة هواياتهم واكتشاف مواهبهم وتنميتها، لأن في ممارسة تلك الهوايات تطوير لشخصياتهم، ويمنحهم قدراً كبيراً من الثقة والسعادة.

خامساً: إشعار الأبناء بالثقة وتشجيعهم على المبادرات الإيجابية، ومراقبة سلوكياتهم عن بعد حتى يكتشفوا ما حولهم ويكتسبوا الخبرات الحياتية، ويكونوا عناصر فاعلة في مجتمعاتهم وحياتهم.

سادساً: تقسيم المهام في المنزل مهما كانت بسيطة، بحيث يتعود أفراد الأسرة على روح التعاون وتحمل المسؤولية وعدم الاعتماد الكلي على الآباء أو الخادمة عند قيامهم بالمهام الأسرية.

سابعاً: إن جودة الحياة الأسرية لا تكتمل إلا بالسعادة تغمر جميع أفراد الأسرة، فلا يحرم الآباء أنفسهم من التمتع بما يدخل السرور في أنفسهم أسوة بأبنائهم وبقية أفراد الأسرة.

ثامناً: ليس من الحكمة تلبية جميع المتطلبات الكمالية للأبناء، ويجب أن يعلم الأبناء أن للأسرة إمكانات محدودة تستطيع من خلالها تلبية الحاجات الضرورية لأفرادها.

وخلاصة القول إن تحقيق جودة الحياة الأسرية يكمن في مقدار التآلف والمحبة والاحترام داخل الأسرة نفسها وهي ليست بضاعة أو شيئاً يمكننا ابتياعه من السوق. بل هي مشاركة يتقاسم فيها الآباء والأبناء الواجبات والحقوق، ويؤدي كل فرد ما عليه ويطلب ما يحتاج . وفي هذا المجال يقع الدور الكبير على عاتق الآباء والأمهات والأقارب أحياناً، وعلى الدولة والمؤسسات الأهلية أيضاً أن تساهم في حماية الأسرة بالتوعية والتوجيه والمساعدة الاجتماعية إن احتاج الأمر.

* مدرب الحياة والتفكير الإيجابي

Twitter : t_almutairi

Instagram: t_almutairii

talmutairi@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي