معلومات لـ «الراي» عن أنها طلبتْ من بلادها الضغط على لبنان لإلزامه بالـ 1701

هل لوّحتْ السفيرة الأميركية في بيروت بسحْب «اليونيفيل» من الجنوب؟

تصغير
تكبير
«الأزمة الصامتة» قد تلقي بثقلها على الاندفاعة لمعاودة تطبيع لبنان علاقته مع دول الخليج
تجهد الحكومة اللبنانية لإحداث اختراقاتٍ في «متناول اليد» لمداواةِ العجز عن التصدي لملفاتٍ ذات طبيعة استراتيجية كـ«تكوين السلطة» وتصويب العلاقة مع الشرعيتيْن العربية والدولية.

ومن المتوقع في هذا السياق ان يشهد الأسبوع المقبل حدَثيْن على جانب من الأهمية هما: إقرار الموازنة العامة «المعلّقة» منذ نحو عقد من الزمن لمعاودة انتظام مالية الدولة، وإصدار تعيينات في المواقع العسكرية والأمنية الرئيسية في البلاد.


ومن الصعب أن يَحرِف الإنجاز المزدوج للحكومة (الموازنة والتعيينات) الأنظار عن المساعي التي تتّسم بـ«المراوحة والمراوغة» في التوافق على قانونِ انتخابٍ جديدٍ، وسط سيناريواتٍ غامضة تحوط بمصير الاستحقاق النيابي الذي «طار» موعده المقرر في مايو المقبل، وأصبح الآن في مهبِّ مناوراتٍ كثيفة ومنازلاتٍ سياسية وطائفية بين اللاعبين الذين «يتناحرون» بصيغٍ غالباً ما تضمر قطباً مخفية لحساباتٍ محلية وإقليمية.

وفي حمأةِ هذا «العِراك» الذي يستهلك المهل القاتلة الفاصلة عن انتهاء ولاية البرلمان الحالي في 20 يونيو المقبل، خرجتْ «الأزمة الصامتة» بين لبنان والمجتمعيْن العربي والدولي الى دائرة الضوء مع تسريبِ معلوماتٍ عن «كلامٍ كبيرٍ» قيل في اجتماع سرّي عُقد منتصف الشهر الماضي وضمّ سفراء غربيين وممثلين دوليين وعرباً، كان محوره مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التي أضفتْ «شرعيةً» على سلاح «حزب الله» وشكّكتْ في قدرات الجيش اللبناني.

واكتسب التقرير في شأن الاجتماع السري وما قيل فيه، والذي بثّته محطة «ام تي في» صدقيةً مع مرور أكثر من 24 ساعة عليه من دون صدور أي توضحيات من الجهات المعنية، الأمر الذي كشف عن ملابساتٍ مثيرة للاهتمام تحوط علاقة لبنان مع الشرعيتيْن العربية والدولية في ضوء مواقف عون والتداعيات التي يتمّ العمل على احتوائها عبر تكثيف الاتصالات بين بيروت والعواصم المعنية.

وكانت «ام تي في» ذكرت في تقريرها انه في الخامس عشر من فبراير الماضي «عُقد اجتماع سري في مقر الامم المتحدة في اليرزة (شرق بيروت) جمع سفراء مجموعة الدعم الخاصة بلبنان، اميركا، فرنسا، بريطانيا، المانيا، ايطاليا، الصين، والاتحاد الاوروبي، ممثلة الامين العام للامم المتحدة وممثل عن جامعة الدول العربية (...) وهو تناول ثلاث قضايا: الانتخابات النيابية، والجانب الأمني بما فيه دعم الجيش، واجتماع بروكسيل في شأن الازمة السورية والنازحين في لبنان».

وذكر التقرير ان «المجتمعين أكدوا ضرورة تحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية في شكل ديموقراطي وشفاف، وتجنّباً للتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية استُبعد إصدار بيان في هذا الشأن، إلا انه تَقرر عقد لقاء مع الحكومة اللبنانية لحضّها على إجراء الانتخابات النيابية في الموعد المحدد».

غير أن الأكثر إثارة في المداخلات التي قيلت في الاجتماع السراي، كان في المسألة المرتبطة بدعم الجيش والاستقرار في لبنان حيث «ركز سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان على القرار 1701 وما تضمّنه لجهة حصْر حمْل السلاح بالجيش اللبناني وتقديم الدعم له على هذا الأساس. ودار نقاشٌ في شأن ما أدلى به رئيس الجمهورية ميشال عون خلال زيارته الرسمية الى مصر واعتبروا أن كلامه لا يتناغم ومضمون القرار 1701 ويعكس رأي فئة واحدة من اللبنانيين».

وحسب التقرير «اتفق المجتمعون على التواصل مع وزير الدفاع وسياسيين لبنانيين لتذكيرهم بضرورة الالتزام بالقرار الدولي، وإلا فإن ذلك سيؤثّر على دعم الجيش من أطراف دولية عدة وأبرزها السعودية وأميركا.

وفيما لفت سفير الصين الى تَبايُن واضح بين موقفيْ رئيسي الجمهورية والحكومة، اعتبر السفير الايطالي أن كلام عون لا يخدم القضية اللبنانية، في حين كشفتْ السفيرة الاميركية بعدما رأت أن رئيس الجمهورية تجاوز الخطوط الحمر، عن توجُّهٍ لإمكان سحب (اليونيفل) من جنوب لبنان اذا لم يلتزم المواثيق الدولية. أما السفير الفرنسي الذي كان آخر المتكلمين، فاستبعد وبسبب موقف عون انعقاد مؤتمر الدول المانحة الذي كان يفترض حصوله في باريس من أجل لبنان في الأشهر المقبلة».

وعلمت «الراي» ان ما لم يُكشف من التقرير تضمّن ان المجتمعين وفي معرض مناقشة ما أدلى به عون خلال زيارته مصر «والذي يتناقض مع مضمون القرار 1701»، تساءلوا «عن رأي الشعب اللبناني في هذه الظروف الضاغطة كون هذا الرأي (عون) لا يمثّل الأطراف اللبنانية كافة، خصوصاً أنه من غير الجائز ان ينحاز رئيس الدولة الى هذا الحدّ في وقتٍ يُفترض أن يكون محايداً».

وخلال الاجتماع، بحسب ما علمت «الراي»، فإن السفيرة الاميركية تحدّثت عن انه كي «يتمكّن المجتمع الدولي من مساعدة لبنان، يجب أن يقوم شعب لبنان بمساعدة نفسه أولاً، وان على المجتمع الدولي ان يشير دائماً بالانتباه الى هذا الموضوع». كما كشفتْ عن انها ستطلب من حكومتها الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل الالتزام بالقرار 1701 وانها ستتوجّه الى الأطراف اللبنانيين بالسؤال لمعرفة أيّ دولة تريدون «بعدما تبيّن انهم يعملون على تقويض الدولة».

أما السفير الصيني، فلاحظ بحسب معلومات «الراي» وجود تبايُن واضح بين كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من خلال كلمة الرئيس سعد الحريري «في ذكرى (اغتيال) والده».

ورغم ان اي تعليقات لم تصدر في بيروت امس حيال المواقف البالغة الحساسية التي قيلت خلف ستائر الاجتماع السري، سيما في شأن مصير «اليونيفيل» في الجنوب أو مستقبل المساعدات العسكرية الاميركية والسعودية للبنان، فإن الأجواء التي سادت بيروت بعد هذا الاجتماع وقبل تسريب مضمونه، كانت شهدت محاولاتٍ لاحتواء تداعيات الأزمة التي أثارتها مواقف عون. ولعل الأبرز في هذا السياق:

• محاولة رئيس الجمهورية نفسه تصويب موقفه حين أبلغ الى رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي روبرت كوركر حرص لبنان على العلاقات مع الولايات المتحدة وعلى الدعم الاميركي للجيش اللبناني «حتى يصبح قادراً لوحده على الدفاع عن لبنان، خصوصاً انه لا يوجد راهناً اي توازن بين قدرات الجيش اللبناني وقدرات جيوش الدول المحيطة بلبنان».

• التمايز الذي أبداه الرئيس سعد الحريري في كلامٍ له خلال ترؤسه إحدى جلسات مجلس الوزراء، وإبلاغه مَن التقاهم من بعثات ديبلوماسية او موفدين دوليين التزام لبنان بمندرجات القرار 1701، وسط ما قيل عن تسريبات متعمّدة عن ان السياسة الخارجية للبنان تحددها الحكومة اللبنانية والناطق باسمها، اي رئيس الحكومة، لا رئيس الجمهورية.

• الحركة الغربية اللافتة في اتجاه لبنان، التي من المرجح ان تكون انطوت على استطلاع حقيقة توجهات بيروت بعد الاستياء الذي تسبّبت به مواقف عون، وهي الحركة التي شملت اضافة الى كوركر، قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتل، ووزيرة الدفاع الاسبانية ماريا دولوريس كوسبيدال، فيما يفترض ان يزور لبنان مطلع الاسبوع المقبل وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان.

ولم تستبعد دوائر مراقبة في بيروت أن تُلقي الأزمة الصامتة التي كشف عنها تقرير «الاجتماع السري» بثقلها على الاندفاعة اللبنانية لمعاودة تطبيع لبنان علاقته مع دول الخليج، خصوصاً ان السعودية لم تسمّ سفيراً جديداً لها في بيروت كما كان متوقَّعاً، ولم تشهد العلاقات اللبنانية - العربية أي خطوة إضافية بعد زيارة مصر.

وذكرت معلومات صحافية في بيروت ان اتصالات تجري على أعلى المستويات في بيروت في شأن تشكيل وفد لبنان الى القمة العربية المقرَّرة في 28 و29 الجاري، على ان يشمل إضافة الى عون، رئيس الحكومة سعد الحريري، في خطوة لم يُعرف إذا كانت على صلة بتقديم موقف متوازن للبنان في المسائل المطروحة على طاولة قمة عمّان.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي