نحو تصور مبدئي لهوية وطنية كويتية جامعة ... استراتيجية مقترحة

u0645u062du0645u062f u0627u0644u0631u0645u064au062du064a
محمد الرميحي
تصغير
تكبير
الكويتيون جبلوا تاريخياً على المحبة والتآخي بسبب تنوع الاقتصاد التقليدي السائد
يًشكل الخطر على الهوية الوطنية أهم القضايا التي تواجه المجتمعات الإنسانية اليوم، فالهوية بمعناها العام، تتعرض لضغوط في اوطان كثيرة، وتقسم المواطنين الى شيع وجماعات متعارضة، وفي بعضها متحاربة الى حد تمزيق الأوطان، تتغذى على الجهل وتستفيد منها السياسيون الانتهازيون. الكويت ليس استثناء، ان لم نع تلك المشكلة ونتحدث عنها بالعلن ونحاول تقديم الأفكار وغرس ممارسات لتفادي الضرر، الذي يحيق بأوطان قريبة منا، فالمواطن الكويتي يعيش في ظل كيانات اجتماعية مُتعددة ومُتعارضة مُمثلة بالقبلية والطائفية التي تُشكل مجتمع الوطن، وعدم التوجه الى قيم جامعة من جهة ،وضبط لآليات الاختلاف بالقانون والممارسة من جهة أخرى ،قد يتعرض النسيج الوطني الى التآكل.

الإيجابيات

هُناك العديد من الإيجابيات في البيئة المُحيطة ويُمكن الدلالة على أنها «مكامن القوة»، فالكويتيون جبلوا تاريخياً على المحبة والتآخي بسبب تنوع الاقتصاد التقليدي السائد الذي كان يعتمد على التعاون، وأيضاً بسبب الضغوط من المُجتمعات المجاورة، فهُم شعب جاءت أصوله من المحيط الجغرافي للكويت وكانت الأسباب التي التحق بها الآباء والأجداد بالأرض الكويتية هي أسباب طاردة في الجوار، ومستقبلة في الأرض الكويتية، أما لعدم استقرار سياسي أو عوز اقتصادي في الجوار، وأمن وامان في المجتمع الجديد، كما أن التجارة بين مواني الخليج جعلت الكويت مركزاً للجذب البشري، وقد حمل الكويتيون تلك القيم الإيجابية حتى بعد أن ظهر النفط، كما أن الحكم في الكويت جاء بالتراضي بين الحاكم والمحكوم، واستمر ذلك لوقت طويل. تمثل بعد ذلك في دولة لديها مرجعية حديثة «عقد اجتماعي» هو «الدستور»، الذي ينظم العلاقة بين المكونات المختلفة للشعب الكويتي، وتعزيز وفهم «الدستور» هو من الأهمية بمكان، لأنه هو الذي ينظم الحقوق والواجبات بين الحاكم والمحكوم ويوكد المساواة في الحقوق الواجبات.

السلبيات

لا يخول مجتمع من السلبيات في البيئة المحيطة، وهي ما يمكن ان يسمى مكامن الضعف، فمن الواضح أن دولة الكويت تأثرت بعُمق بالمحيط العربي خصوصا في الجوار، فأحداث الثورة الإيرانية، والربيع العربي والتغيرات الاقتصادية، تراجع أسعار النفط، والحرب الأهلية في كل من العراق والشام كلها أدت إلى أن ينغمس بعض الكويتيين في التأثر بها، وبعضهم يُشارك فيها، وهم قلة، إلا أن التأثير المعنوي كان أكثر، فلا فرق لدى الكثيرين بين التعاطف والمشاركة المباشرة، لهذا انتقلت بعض تلك السلبيات في الجوار إلى فئات من المجتمع الكويتي، غذى ذلك عاملين، الأول انتشار قلة المعرفة والثاني الاستفادة السياسية، هذا مما أدى إلى ظهور توترات كثيرة على السطح، خصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي التي تُستخدم اليوم بشكل واسع لإشاعة الكراهية بين المواطنين، كون بعض من يبثها إما مُغفل الاسم أو اسم مُستعار لا يصله الوعي الاجتماعي أو الحد القانوني. كما أن بعض رجال السياسة استفادوا من ذلك التوتر لإشاعة الكراهية حصداً للأصوات في الانتخابات، مما أظهر الكثير من البثور على سطح النسيج الاجتماعي الذي يحتاج الأمر معها إلى عمل دؤوب وصحي وشفاف.

الفُرص المُتاحة

لا بُد من القول أن هُناك فئة مُستنيرة من الكويتيين وأُخرى حريصة على النسيج الاجتماعي من الوهن، التي يتوجب الاتصال بها والتواصل معها من أجل تكوين رأي عام إيجابي نحو التآخي المجتمعي، فأيضاً لا بُد من التشبث بالدستور ومحاولة الدفع بالعناصر الوطنية الواعية الساعية إلى التكاتف الاجتماعي للفوز كأعضاء يُمثلون المواطنين تحت القُبة البرلمانية، وعليه يجب الإشارة إلى المخاطر التي من حولنا، وكيف يُمكن أن تؤثر علينا من خلال أساليب التعصُب والكراهية، ونبذ كُل تصرف من أية فئة او فرد تخُل بالنسيج الاجتماعي، ويكون ذلك علناً وعلى رؤوس الأشهاد، ومن الواجب كذلك الدفع بأهمية تطبيق القانون على الجميع، وتقديم الخدمات التي تُقدمها الدولة للجميع بالتساوي، بالإضافة للعناية بنوعية التعليم و سوية الإعلام من برامج حديثة و تدريب جيد ، وتدريب المدرسين والإعلاميين على مناهج حديثة في التكاتف الاجتماعي، ووضع دراسات علمية للمجتمع الكويتي تُبين أن هذا المجتمع «تعددي- تاريخيا- وائتلافي»، فلا باس من الاختلاف و لكن لنحذر الخلاف السلبي، وأن التنابُذ يُسبب الكراهية و توسيع الشرخ في المجتمع، وعلينا إبعاد التطرف المذهبي والديني عن النقاش والتداول الاجتماعي، ووضع الخلاف السياسي في موضعه الصحيح على أنه خلاف يستحق المُناقشة المنطقية دون تعصُب أو ترهيب أو تكفير.

التحديات التي يجب مُجابهتها

في هذا الوطن هُناك من يستفيد سياسياً في خلط الأوراق بين «التعصب المذهبي والرأي السياسي»، كما أن تأثير الجوار الجُغرافي كبير و طاغي، ويعمل على تضليل المشهد الداخلي بسبب الحروب الأهلية المُجاورة، وبسبب محاولات دول الجوار التدخل في الشأن الداخلي الكويتي .

من الواضح أن لدينا رأي عام غير مؤطر وتدخل عليه مُدخلات من خلال «وسائل التواصل الاجتماعي او غيرها»، والتي تزيد من عناصر الكراهية، كما أن الوضع الإداري فيه الكثير من الترهل وعدم وجود «مؤسسات» تقدم الخدمة للجميع بالتساوي. ووضعنا الاقتصادي دخل في دائرة القلق بسبب تراجع أسعار النفط.

لدينا مجتمع مدني ضعيف في الأدوات التي يستخدمها والأدوار التي يقوم بها، وهو مُعتمد في غالبه على الدولة والشخصانية، وهُناك ضعف في أعمال الجمعيات التعاونية كمؤسسة تُقدم خدمة اجتماعية وفكرية. كما ان هناك اهمال في تنشيط جمعات الجيرة والاحياء، وضعف في برامج الترفيه و التوجيه.

في مثل هذه الأجواء التي يجب أن نعمل لنُعظم «الجوامع» و»المشتركات»، وأن نُقلل الخلاف، ونكله إلى قيادة واعية للعمل التطوعي تتفهم الظرف الاستثنائي الذي تمر به دولة الكويت، وعمل دؤوب وفاعل تُستخدم فيه كُل الأدوات المُتاحة، وخاصة العناصر البشرية مع تطعيمها بفكر وطني نيّر، وتقديم الأعمال قبل الأقوال، واستخدام كثيف لوسائل التواصل الاجتماعي. وهو امر تحاول جاهدة جمعية الكويتية للإخاء الكويتية ان تقوم به، بمساعدة كوكبة خيرة من بنات وأبناء الوطن، وندعو كل الخيرين على السعي في هذا المسعى، دون منه او انتظار جزاء.

* عضو الجمعية الكويتية للإخاء الوطني
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي