«الصيام المُتقطِّع»... خُطة جديدة لحرق دهونك العنيدة
امتنع عن الأكل والشرب قبل أن تذهب إلى السرير بثلاث ساعات على الأقل
قلّص استهلاكك من السكريات والحبوب وتناول المزيد من الدهون الصحية
اجعل فترة صيامك المُتقطِّع 10 ساعات متواصلة يومياً كبداية ثم زدها
مارس التمارين أثناء الصيام مع تناول وجبات صحية خفيفة لترميم أنسجة عضلاتك
يمكنك التنقل بين «الوفرة» و«المجاعة» بعد أن يتكيف جسمك
قلّص استهلاكك من السكريات والحبوب وتناول المزيد من الدهون الصحية
اجعل فترة صيامك المُتقطِّع 10 ساعات متواصلة يومياً كبداية ثم زدها
مارس التمارين أثناء الصيام مع تناول وجبات صحية خفيفة لترميم أنسجة عضلاتك
يمكنك التنقل بين «الوفرة» و«المجاعة» بعد أن يتكيف جسمك
عندما يتعلق الأمر بالرغبة في فقدان الوزن الزائد الذي يثقل كاهل الصحة، فإن العقبة الأهم التي تواجه الجميع تتمثل في كيفية التخلص من الدهون والشحوم المتراكمة، وهي العقبة التي تزداد صعوبة كلما كانت تلك الدهون عنيدة ومستعصية بسبب سرعة تراكمها وبُطء احتراقها، وبالأخص دهون مناطق البطن والخصر والأرداف.
وهناك عشرات – إن لم يكن مئات – من خُطط الريجيم التقليدية التي تسعى إلى مساعدة ذوي الأوزان الزائدة والشحوم الفائضة، وهي الخطط التي ترتكز على إستراتيجيات متنوعة تعتمد بشكل عام على توليفة تراعي نوعا من التوازن بين نمط التغذية وأسلوب الحياة والتمارين الرياضية.
في هذا التقرير نضع بين أيديكم تفاصيل خطة جديدة تسير في هذا الاتجاه ذاته وترتكز على نمط خاص من الصيام، لكنها تتميز عن غيرها بكونها تعمل بشكل تدريجي على حرق الدهون العنيدة سعياً إلى العودة بأجسام ذوي الأوزان الثقيلة إلى مستوى يسمح لهم بالتمتع بقدر عالٍ نسبياً من اللياقة البدنية والصحة العامة.
وفقاً لإحصائيات محلية وعالمية، بما في ذلك إحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعاني ما يربو على 60 في المئة من سكان الكويت من إحدى درجات الوزن الزائد والبدانة والسمنة وما ينجم عنها من مشاكل ومضاعفات صحية تستدعي التخلص من مسبباتها.
ويحاول كثيرون مواجهة تلك المشاكل باتباع حميات غذائية على أمل فقدان جزء من الوزن الزائد. لكن المشكلة الأزلية ما زالت تكمن في أن معظم تلك المحاولات تبوء بالفشل أو لا تحقق سوى نتائج هزيلة ولا ترقى إلى المستوى المأمول، فتكون النتيجة أن يفقد الشخص الأمل ويستسلم فيزداد وزنا على وزنه الفائض أصلا.
ومن المهم في البداية توضيح أن السمنة في أساسها تنجم عن اختلال وظيفي يعرف باسم «المقاومة الأيضية للإنسولين والليبتين»، وهي المقاومة التي تنشأ في آلية التمثيل الغذائي بسبب الإفراط في استهلاك السكريات والحبوب، وهي التي تحفز الجسم على الاحتفاظ بالسعرات الحرارية في شكل دهون وشحوم تؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الوزن التي تتفاقم تدريجياً إلى بدانة ثم إلى سمنة.
وهناك تأثير متبادل بين هذه المقاومة الأيضية وعدد من الأمراض المزمنة – بما فيها السكري، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وخرف الشيخوخة، والسرطان.
وانطلاقا من هذا التمهيد، نستعرض في التالي خطة فعالة لمعالجة وكبح تلك المقاومة الأيضية التي تعتبر بمثابة المسبب الأساس للسمنة ولعدد من الأمراض المزمنة.
الخطة الجديدة تحمل اسم «الصيام المُتقطِّع»، وما يُميزها عن غيرها هو أنها كفيلة – في حال اتباعها حرفيا – بمساعدتك على إحراق دهونك الزائدة بأسلوب لا يجعلك تتضور جوعا أو تشعر بالحرمان، وعلاوة على ذلك فإنها تصلح كي تتبناها كمنهج صحي طوال حياتك، حتى عندما لا تكون ساعيا إلى فقدان الدهون أو إنقاص وزنك.
وتعرف هذه الخطة بـ«الصيام المُتقطِّع» لأسباب من بينها أنه من الممكن تناول وجبات خفيفة خلال ساعات الصيام للتزود بالطاقة، والسبب الآخر هو أنها تعتمد على توسيع فترة الصيام تدريجيا، علاوة على أنها تشهد في مرحلتها الأخيرة التنقل بين الإكثار من الطعام والتقليل منه إلى درجة الجوع الكامل.
لكن قبل الخوض في التفاصيل، ينبغي التنبيه إلى أن سر نجاح هذه الخطة يكمن في أمور أساسية في مقدمتها الالتزام الكامل، والصبر والمثابرة، والتمسك بروح الصمود والتحدي خلال المراحل الأولى تحديدا. فكل هذا سيوصل جسمك في النهاية إلى نقطة القدرة على التكيف مع حرق الدهون، ولا سيما عندما يتراجع اشتهاؤك للسكريات تدريجيا وصولا إلى مستوى آمن من دون أن تعاني.
وإلى تفاصيل خطة «الصيام المُتقطِّع»...
ابدأها تدريجياً
عنصر التدرُّج مهم جدا في هذه الخطة، لذا يجب أن تكون بدايتك ببطء ورويدا رويدا. وتكمن أهمية ذلك البطء في أنه ضروري لتعويد جسمك بشكل تدريجي على التكيف مع اللجوء إلى حرق دهونه المخزونة الزائدة ليستخدمها كوقود بديل.
وإذا كان جسمك مقاوما للإنسولين والليبتين بدرجة بسيطة، فمن الممكن أن تستغرق عملية التكيّف ما بين 3 إلى 5 أسابيع فقط. أما إذا كان جسمك مقاوما للإنسولين أو الليبتين بشكل عالٍ، فمن المرجح أن يتطلب الأمر منك قدرا أكبر من العزيمة والمثابرة إذ ستستغرق المسألة بضعة أشهر حتى يبدأ جسمك في التكيف.
ابدأ خطة «الصيام المُتقطِّع» بالتوقف عن تناول أي طعام أو شراب لمدة ثلاث ساعات قبل موعد ذهابك إلى سريرك للنوم. فإذا كنت تنام لمدة 7 أو 8 ساعات، فهذا معناه أنك ستصوم مبدئيا ما بين 10 إلى 11 ساعة متواصلة.
في البدايات الأولى، استمر على هذا المنوال من دون أن تتناول وجبة إفطار لدى استيقاظك مباشرة في صباح اليوم التالي، بل قم بتأخيرها تدريجيا، ولتكن لمدة ساعة كبداية أولية. حافظ على الاستمرارية مع مراقبة عدد الساعات جيدا، ثم أضف مزيدا من الوقت تدريجيا على الساعة الأولية الفاصلة بين استيقاظك وتناولك لوجبة الإفطار، وليكن بمعدل 15 دقيقة إضافية كل يوم إلى أن يصبح الفاصل الزمني بين وجبة ما قبل النوم ووجبة ما بعد الاستيقاظ من 12 إلى 14 ساعة تقريبا.
لاحظ أنه عندما تبدأ في تفويت وجبة الإفطار، فإنك ربما ستشعر بأنك تتضور جوعا، بل وربما تعاني من أعراض الافتقار الى الطاقة اللازمة للنشاط والحركة والعمل. لكن يجب أن تتأكد جيدا من أن ذلك الشعور سيتراجع شيئا فشيئا مع مرور الوقت إلى أن يتلاشى. وخلال هذه المرحلة لن يكون الصيام سهلا جدا، لذا ستحتاج إلى أن تستخدم أكبر قدر لديك من ضبط النفس وقوة العزيمة. وستكون ثمرة ذلك في النهاية في شكل مكافأة مجزية لك قوامها تراجع حاد وملحوظ في حدة شعورك بالجوع وفي درجة اشتهائك للسكريات والأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، وهذا في حد ذاته هو أول خطوة ناجحة في الخطة.
وأثناء الساعات المتبقية الأخرى (من 8 إلى 10 ساعات) التي تستطيع أن تأكل في خلالها، احرص قدر استطاعتك على تقليص كميات ما تأكله من النشويات مثل المكرونة، والخبز، والبطاطس واستعض عنها بالخضراوات الورقية الخضراء والدهون الصحية عالية الجودة، والتي توجد بوفرة في أطعمة متنوعة كالزبدة والبيض العضوي والأفوكادو وزيت جوز الهند وزيت الزيتون والمكسرات النيئة. وضع في حسبانك دائما أن الاهتمام بخيارات التغذية الصحية يصبح أكثر أهمية أثناء تنفيذ خطة «الصيام المُتقطِّع».
استيقاظ الإنزيمات الحارقة!
عند هذه النقطة من الخطة سيبدأ استيقاظ إنزيماتك الحارقة للدهون، وهو الأمر الذي يعني أن جسمك سيبدأ في الحصول على جزء كبير من الطاقة التي يحتاج اليها من نواتج ذلك «الاحتراق»، وسيصبح غير معتمد على الطعام كمصدر سريع للسكر لتزويد مخازن الغليكوجين الخاصة بك بالوقود. وبتعبير آخر، فإن معنى هذا هو أن جسمك لن يُلح عليك كي تتناول كميات اضافية من السكريات والكربوهيدرات التي تعتبر مصادر سريعة للطاقة.
خلال هذه الفترة الانتقالية التي يتم تعويد جسمك خلالها على أن يعتمد بشكل متزايد على استخلاص الطاقة من حرق مخزون دهونه، من المرجح لك أن تعاني من أعراض اشتهاء السكريات مع شعور بانخفاض مستويات الطاقة. وفي حال حصول هذا، فالحل يكمن في أن تتعاطى بعضا من زيت جوز الهند كمصدر سريع وصحي للطاقة.
امزج ملعقة واحدة كبيرة من زيت جوز الهند مع ملعقة كبيرة من زبدة اللوز الخام ثم تناول المزيج مع بعض أعواد الكرفس كوجبة سريعة. وتكمن ميزة زيت جوز الهند في أن دهونه تُهضم سريعا لتوفر لك وقودا بديلا عن السكر إلى حد بعيد. ويمكنك حتى أن تتناول هذه الوجبة الخفيفة خلال ساعات صيامك، ولا سيما إذا طرأت عليك أعراض ناجمة عن نقص سكر الدم، كالصداع أو الوهن أو زغللة العينين.
أدرِج البرد في «الخطة»
في موازاة تنفيذك لخطة «الصيام المُتقطِّع»، يمكنك أن تضيف طريقة أخرى لدفع جسمك إلى إحراق مزيد من الدهون المخزونة، وتلك الطريقة هي من خلال تعريضه إلى البرودة المعقولة نسبيا. وعلى سبيل المثال فإن شرب الماء المثلج، وغمر الجزء السفلي من جسمك في أبرد ماء يمكنك أن تتحمله، والعمل أو ممارسة التمارين في الهواء الطلق في فصل الشتاء، هي أمور يمكن أن تفي بغرض تعريض جسمك إلى البرودة.
فمن فوائد التعرض للبرودة المعقولة أنه ينشط دهونك البنية؛ وهي نوع من الدهون يحرق السعرات الحرارية من أجل توليد الحرارة.
ما بعد التكيّف
بعد أن يتكيف جسمك مع آلية استمداد طاقته من إحراق الدهون، يمكنك أن تبدأ التنقل بين وضعيتي «الوفرة» و«المجاعة» في علاقتك مع تناول الطعام، أي أن تطلق العنان لنفسك في بعض الأيام لتتناول كميات وفيرة من الأطعمة الصحية ثم تعقب ذلك بفترة تجويع طويلة نسبيا وتداوم على التأرجح بين هاتين الوضعيتين لبضعة أسابيع.
وكخيار مثالي، تناول كميات وافرة من الفواكه الطازجة (وليس العصائر) قبل أن تتمرن. فهذا سيجعل جسمك يستخدم سكريات الفواكه كوقود ولن يخزنه على شكل دهون. ومن شأن التمارين الرياضية أيضا أن تسهم في سرعة التخلص من سكر الفركتوز الزائد الموجود في الفواكه.
نصائح لإنجاح «الخطة»
• عليك بالتدرّج: ليس شرطاً أن تبدأ «خطة الصيام المتقطع» بصيام 14 أو 16 ساعة متواصلة، بل جرب أن تبدأ بـ12 ساعة، ثم زدها تدريجياً. ففي البداية، إذا كنت تنام لمدة 8 ساعات، فابدأ بصوم ساعتين قبل النوم وساعتين بعد الاستيقاظ، فهذا التدرج سيساعدك على الاستمرار.
• كن مرناً: لا تتردد في تغيير توقيت الصيام إذا كان لا يناسبك. باستطاعتك دائما أن ترتب ساعات صيامك وفطرك وفقا لتفضيلاتك الشخصية، لكن القاعدة تبقى واحدة، ألا وهي أن تصل إلى 16 ساعة صيام و 8 ساعات فطر.
• الانضباط أساسي: بعد تحديد تفضيلاتك الشخصية، من المهم جداً أن تلتزم بتثبيت مواعيد خطتك يوميا وأنواع غذائك، وذلك من أجل التخلص نهائيا من «الفوضى الغذائية» التي كانت سببا في زيادة دهونك.
• اكبح جماحك خلال ساعات الفطر: لا تطلق العنان لنفسك كي تفرط في الأكل خلال ساعات الفطر بل نظّم وجباتك بحكمة بحيث تتناول ثلاث وجبات منضبطة الكميات والمواعيد.
• وقت الوجبة للطعام فقط: خلال ساعات الفطر توقف عن التهام طعامك بتعجل أو خلال انشغالك. اعطِ طعامك حقه من الاحترام بمعنى أن تجلس وتمضغ جيدا ولا تتناوله بينما أنت منهمك في العمل أو مطالعة شاشة.
ممنوعون من ممارسة «الخطة»
المرأة الحامل أو المرضع لا ينبغي لها بأي حال أن تنخرط في تنفيذ خطة «الصيام المُتقطِّع» أو أي برنامج ريجيم قاس آخر إلا بعد انتهاء الحمل وفطام الرضيع ثم التأكد بعد ذلك من عودة معدلات سكر الدم والإنسولين لديها إلى المستويات الطبيعية.
وهناك أيضا الأشخاص المصابون بالتوتر المفرط المزمن الذي ينتج عنه إجهاد كظري حاد. فهؤلاء يجب عليهم أن يؤجلوا أي انخراط في تنفيذ خطة «الصيام المُتقطِّع» إلى أن يتأكدوا من معالجة ذلك التوتر والشفاء من الإجهاد الكظري الذي ينجم عنه.
فوائد التمارين الرياضية
صحيح أن «الصيام المُتقطِّع»في حد ذاته يؤتي ثماره من خلال احراق مخزون الدهون، لكن هناك وسيلة يمكنها تضخيم تلك الثمار، وتلك الطريقة هي ممارسة التمارين البدنية خلال ساعات الصيام.
فعملية إحراق دهون جسمك يتحكم فيها جهازك العصبي السمبثاوي، وهذا الجهاز ينشط تلقائيا عن طريقين أولهما هو النشاط الرياضي البدني وثانيهما هو الانقطاع لفترة طويلة نسبيا عن تناول الطعام - أي بالصيام.
وهكذا، فإن الجمع بين«الصيام المُتقطِّع»وممارسة النشاط البدني هو أمر كفيل بتحفيز جسمك على مزيد من إحراق الدهون.
وعند ممارسة التمارين أثناء الصيام، يستحسن أن تأكل وجبة خفيفة إما قبل ساعة من ممارسة التمارين أو بعد مرور 30 دقيقة على ممارستها. فذلك من شأنه تزويدك بالطاقة والحد من خسارة أي من أنسجتك العضلية.
تفويت وجبة العشاء عوضا عن الإفطار؟
معظم الناس يجدون أن تفويت وجبة الإفطار هو النهج الأسهل والأكثر عملية خلال تنفيذ خطة«الصوم المُتقطِّع». ولكن لأسباب متنوعة، قد يجد البعض أن تفويت وجبة العشاء هو الأسهل والأنسب لهم. والواقع أنه لا بأس بالقيام بذلك. فالمبدأ المهم في إطار الخطة هو أن تتمكن من إيقاف استهلاكك الغذائي لفترة تتراوح من 8 إلى 10 ساعات كبداية من أجل الوصول تدريجيا إلى تحفيز افرازات إنزيماتك الحارقة للدهون.
وهناك عشرات – إن لم يكن مئات – من خُطط الريجيم التقليدية التي تسعى إلى مساعدة ذوي الأوزان الزائدة والشحوم الفائضة، وهي الخطط التي ترتكز على إستراتيجيات متنوعة تعتمد بشكل عام على توليفة تراعي نوعا من التوازن بين نمط التغذية وأسلوب الحياة والتمارين الرياضية.
في هذا التقرير نضع بين أيديكم تفاصيل خطة جديدة تسير في هذا الاتجاه ذاته وترتكز على نمط خاص من الصيام، لكنها تتميز عن غيرها بكونها تعمل بشكل تدريجي على حرق الدهون العنيدة سعياً إلى العودة بأجسام ذوي الأوزان الثقيلة إلى مستوى يسمح لهم بالتمتع بقدر عالٍ نسبياً من اللياقة البدنية والصحة العامة.
وفقاً لإحصائيات محلية وعالمية، بما في ذلك إحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعاني ما يربو على 60 في المئة من سكان الكويت من إحدى درجات الوزن الزائد والبدانة والسمنة وما ينجم عنها من مشاكل ومضاعفات صحية تستدعي التخلص من مسبباتها.
ويحاول كثيرون مواجهة تلك المشاكل باتباع حميات غذائية على أمل فقدان جزء من الوزن الزائد. لكن المشكلة الأزلية ما زالت تكمن في أن معظم تلك المحاولات تبوء بالفشل أو لا تحقق سوى نتائج هزيلة ولا ترقى إلى المستوى المأمول، فتكون النتيجة أن يفقد الشخص الأمل ويستسلم فيزداد وزنا على وزنه الفائض أصلا.
ومن المهم في البداية توضيح أن السمنة في أساسها تنجم عن اختلال وظيفي يعرف باسم «المقاومة الأيضية للإنسولين والليبتين»، وهي المقاومة التي تنشأ في آلية التمثيل الغذائي بسبب الإفراط في استهلاك السكريات والحبوب، وهي التي تحفز الجسم على الاحتفاظ بالسعرات الحرارية في شكل دهون وشحوم تؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الوزن التي تتفاقم تدريجياً إلى بدانة ثم إلى سمنة.
وهناك تأثير متبادل بين هذه المقاومة الأيضية وعدد من الأمراض المزمنة – بما فيها السكري، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وخرف الشيخوخة، والسرطان.
وانطلاقا من هذا التمهيد، نستعرض في التالي خطة فعالة لمعالجة وكبح تلك المقاومة الأيضية التي تعتبر بمثابة المسبب الأساس للسمنة ولعدد من الأمراض المزمنة.
الخطة الجديدة تحمل اسم «الصيام المُتقطِّع»، وما يُميزها عن غيرها هو أنها كفيلة – في حال اتباعها حرفيا – بمساعدتك على إحراق دهونك الزائدة بأسلوب لا يجعلك تتضور جوعا أو تشعر بالحرمان، وعلاوة على ذلك فإنها تصلح كي تتبناها كمنهج صحي طوال حياتك، حتى عندما لا تكون ساعيا إلى فقدان الدهون أو إنقاص وزنك.
وتعرف هذه الخطة بـ«الصيام المُتقطِّع» لأسباب من بينها أنه من الممكن تناول وجبات خفيفة خلال ساعات الصيام للتزود بالطاقة، والسبب الآخر هو أنها تعتمد على توسيع فترة الصيام تدريجيا، علاوة على أنها تشهد في مرحلتها الأخيرة التنقل بين الإكثار من الطعام والتقليل منه إلى درجة الجوع الكامل.
لكن قبل الخوض في التفاصيل، ينبغي التنبيه إلى أن سر نجاح هذه الخطة يكمن في أمور أساسية في مقدمتها الالتزام الكامل، والصبر والمثابرة، والتمسك بروح الصمود والتحدي خلال المراحل الأولى تحديدا. فكل هذا سيوصل جسمك في النهاية إلى نقطة القدرة على التكيف مع حرق الدهون، ولا سيما عندما يتراجع اشتهاؤك للسكريات تدريجيا وصولا إلى مستوى آمن من دون أن تعاني.
وإلى تفاصيل خطة «الصيام المُتقطِّع»...
ابدأها تدريجياً
عنصر التدرُّج مهم جدا في هذه الخطة، لذا يجب أن تكون بدايتك ببطء ورويدا رويدا. وتكمن أهمية ذلك البطء في أنه ضروري لتعويد جسمك بشكل تدريجي على التكيف مع اللجوء إلى حرق دهونه المخزونة الزائدة ليستخدمها كوقود بديل.
وإذا كان جسمك مقاوما للإنسولين والليبتين بدرجة بسيطة، فمن الممكن أن تستغرق عملية التكيّف ما بين 3 إلى 5 أسابيع فقط. أما إذا كان جسمك مقاوما للإنسولين أو الليبتين بشكل عالٍ، فمن المرجح أن يتطلب الأمر منك قدرا أكبر من العزيمة والمثابرة إذ ستستغرق المسألة بضعة أشهر حتى يبدأ جسمك في التكيف.
ابدأ خطة «الصيام المُتقطِّع» بالتوقف عن تناول أي طعام أو شراب لمدة ثلاث ساعات قبل موعد ذهابك إلى سريرك للنوم. فإذا كنت تنام لمدة 7 أو 8 ساعات، فهذا معناه أنك ستصوم مبدئيا ما بين 10 إلى 11 ساعة متواصلة.
في البدايات الأولى، استمر على هذا المنوال من دون أن تتناول وجبة إفطار لدى استيقاظك مباشرة في صباح اليوم التالي، بل قم بتأخيرها تدريجيا، ولتكن لمدة ساعة كبداية أولية. حافظ على الاستمرارية مع مراقبة عدد الساعات جيدا، ثم أضف مزيدا من الوقت تدريجيا على الساعة الأولية الفاصلة بين استيقاظك وتناولك لوجبة الإفطار، وليكن بمعدل 15 دقيقة إضافية كل يوم إلى أن يصبح الفاصل الزمني بين وجبة ما قبل النوم ووجبة ما بعد الاستيقاظ من 12 إلى 14 ساعة تقريبا.
لاحظ أنه عندما تبدأ في تفويت وجبة الإفطار، فإنك ربما ستشعر بأنك تتضور جوعا، بل وربما تعاني من أعراض الافتقار الى الطاقة اللازمة للنشاط والحركة والعمل. لكن يجب أن تتأكد جيدا من أن ذلك الشعور سيتراجع شيئا فشيئا مع مرور الوقت إلى أن يتلاشى. وخلال هذه المرحلة لن يكون الصيام سهلا جدا، لذا ستحتاج إلى أن تستخدم أكبر قدر لديك من ضبط النفس وقوة العزيمة. وستكون ثمرة ذلك في النهاية في شكل مكافأة مجزية لك قوامها تراجع حاد وملحوظ في حدة شعورك بالجوع وفي درجة اشتهائك للسكريات والأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، وهذا في حد ذاته هو أول خطوة ناجحة في الخطة.
وأثناء الساعات المتبقية الأخرى (من 8 إلى 10 ساعات) التي تستطيع أن تأكل في خلالها، احرص قدر استطاعتك على تقليص كميات ما تأكله من النشويات مثل المكرونة، والخبز، والبطاطس واستعض عنها بالخضراوات الورقية الخضراء والدهون الصحية عالية الجودة، والتي توجد بوفرة في أطعمة متنوعة كالزبدة والبيض العضوي والأفوكادو وزيت جوز الهند وزيت الزيتون والمكسرات النيئة. وضع في حسبانك دائما أن الاهتمام بخيارات التغذية الصحية يصبح أكثر أهمية أثناء تنفيذ خطة «الصيام المُتقطِّع».
استيقاظ الإنزيمات الحارقة!
عند هذه النقطة من الخطة سيبدأ استيقاظ إنزيماتك الحارقة للدهون، وهو الأمر الذي يعني أن جسمك سيبدأ في الحصول على جزء كبير من الطاقة التي يحتاج اليها من نواتج ذلك «الاحتراق»، وسيصبح غير معتمد على الطعام كمصدر سريع للسكر لتزويد مخازن الغليكوجين الخاصة بك بالوقود. وبتعبير آخر، فإن معنى هذا هو أن جسمك لن يُلح عليك كي تتناول كميات اضافية من السكريات والكربوهيدرات التي تعتبر مصادر سريعة للطاقة.
خلال هذه الفترة الانتقالية التي يتم تعويد جسمك خلالها على أن يعتمد بشكل متزايد على استخلاص الطاقة من حرق مخزون دهونه، من المرجح لك أن تعاني من أعراض اشتهاء السكريات مع شعور بانخفاض مستويات الطاقة. وفي حال حصول هذا، فالحل يكمن في أن تتعاطى بعضا من زيت جوز الهند كمصدر سريع وصحي للطاقة.
امزج ملعقة واحدة كبيرة من زيت جوز الهند مع ملعقة كبيرة من زبدة اللوز الخام ثم تناول المزيج مع بعض أعواد الكرفس كوجبة سريعة. وتكمن ميزة زيت جوز الهند في أن دهونه تُهضم سريعا لتوفر لك وقودا بديلا عن السكر إلى حد بعيد. ويمكنك حتى أن تتناول هذه الوجبة الخفيفة خلال ساعات صيامك، ولا سيما إذا طرأت عليك أعراض ناجمة عن نقص سكر الدم، كالصداع أو الوهن أو زغللة العينين.
أدرِج البرد في «الخطة»
في موازاة تنفيذك لخطة «الصيام المُتقطِّع»، يمكنك أن تضيف طريقة أخرى لدفع جسمك إلى إحراق مزيد من الدهون المخزونة، وتلك الطريقة هي من خلال تعريضه إلى البرودة المعقولة نسبيا. وعلى سبيل المثال فإن شرب الماء المثلج، وغمر الجزء السفلي من جسمك في أبرد ماء يمكنك أن تتحمله، والعمل أو ممارسة التمارين في الهواء الطلق في فصل الشتاء، هي أمور يمكن أن تفي بغرض تعريض جسمك إلى البرودة.
فمن فوائد التعرض للبرودة المعقولة أنه ينشط دهونك البنية؛ وهي نوع من الدهون يحرق السعرات الحرارية من أجل توليد الحرارة.
ما بعد التكيّف
بعد أن يتكيف جسمك مع آلية استمداد طاقته من إحراق الدهون، يمكنك أن تبدأ التنقل بين وضعيتي «الوفرة» و«المجاعة» في علاقتك مع تناول الطعام، أي أن تطلق العنان لنفسك في بعض الأيام لتتناول كميات وفيرة من الأطعمة الصحية ثم تعقب ذلك بفترة تجويع طويلة نسبيا وتداوم على التأرجح بين هاتين الوضعيتين لبضعة أسابيع.
وكخيار مثالي، تناول كميات وافرة من الفواكه الطازجة (وليس العصائر) قبل أن تتمرن. فهذا سيجعل جسمك يستخدم سكريات الفواكه كوقود ولن يخزنه على شكل دهون. ومن شأن التمارين الرياضية أيضا أن تسهم في سرعة التخلص من سكر الفركتوز الزائد الموجود في الفواكه.
نصائح لإنجاح «الخطة»
• عليك بالتدرّج: ليس شرطاً أن تبدأ «خطة الصيام المتقطع» بصيام 14 أو 16 ساعة متواصلة، بل جرب أن تبدأ بـ12 ساعة، ثم زدها تدريجياً. ففي البداية، إذا كنت تنام لمدة 8 ساعات، فابدأ بصوم ساعتين قبل النوم وساعتين بعد الاستيقاظ، فهذا التدرج سيساعدك على الاستمرار.
• كن مرناً: لا تتردد في تغيير توقيت الصيام إذا كان لا يناسبك. باستطاعتك دائما أن ترتب ساعات صيامك وفطرك وفقا لتفضيلاتك الشخصية، لكن القاعدة تبقى واحدة، ألا وهي أن تصل إلى 16 ساعة صيام و 8 ساعات فطر.
• الانضباط أساسي: بعد تحديد تفضيلاتك الشخصية، من المهم جداً أن تلتزم بتثبيت مواعيد خطتك يوميا وأنواع غذائك، وذلك من أجل التخلص نهائيا من «الفوضى الغذائية» التي كانت سببا في زيادة دهونك.
• اكبح جماحك خلال ساعات الفطر: لا تطلق العنان لنفسك كي تفرط في الأكل خلال ساعات الفطر بل نظّم وجباتك بحكمة بحيث تتناول ثلاث وجبات منضبطة الكميات والمواعيد.
• وقت الوجبة للطعام فقط: خلال ساعات الفطر توقف عن التهام طعامك بتعجل أو خلال انشغالك. اعطِ طعامك حقه من الاحترام بمعنى أن تجلس وتمضغ جيدا ولا تتناوله بينما أنت منهمك في العمل أو مطالعة شاشة.
ممنوعون من ممارسة «الخطة»
المرأة الحامل أو المرضع لا ينبغي لها بأي حال أن تنخرط في تنفيذ خطة «الصيام المُتقطِّع» أو أي برنامج ريجيم قاس آخر إلا بعد انتهاء الحمل وفطام الرضيع ثم التأكد بعد ذلك من عودة معدلات سكر الدم والإنسولين لديها إلى المستويات الطبيعية.
وهناك أيضا الأشخاص المصابون بالتوتر المفرط المزمن الذي ينتج عنه إجهاد كظري حاد. فهؤلاء يجب عليهم أن يؤجلوا أي انخراط في تنفيذ خطة «الصيام المُتقطِّع» إلى أن يتأكدوا من معالجة ذلك التوتر والشفاء من الإجهاد الكظري الذي ينجم عنه.
فوائد التمارين الرياضية
صحيح أن «الصيام المُتقطِّع»في حد ذاته يؤتي ثماره من خلال احراق مخزون الدهون، لكن هناك وسيلة يمكنها تضخيم تلك الثمار، وتلك الطريقة هي ممارسة التمارين البدنية خلال ساعات الصيام.
فعملية إحراق دهون جسمك يتحكم فيها جهازك العصبي السمبثاوي، وهذا الجهاز ينشط تلقائيا عن طريقين أولهما هو النشاط الرياضي البدني وثانيهما هو الانقطاع لفترة طويلة نسبيا عن تناول الطعام - أي بالصيام.
وهكذا، فإن الجمع بين«الصيام المُتقطِّع»وممارسة النشاط البدني هو أمر كفيل بتحفيز جسمك على مزيد من إحراق الدهون.
وعند ممارسة التمارين أثناء الصيام، يستحسن أن تأكل وجبة خفيفة إما قبل ساعة من ممارسة التمارين أو بعد مرور 30 دقيقة على ممارستها. فذلك من شأنه تزويدك بالطاقة والحد من خسارة أي من أنسجتك العضلية.
تفويت وجبة العشاء عوضا عن الإفطار؟
معظم الناس يجدون أن تفويت وجبة الإفطار هو النهج الأسهل والأكثر عملية خلال تنفيذ خطة«الصوم المُتقطِّع». ولكن لأسباب متنوعة، قد يجد البعض أن تفويت وجبة العشاء هو الأسهل والأنسب لهم. والواقع أنه لا بأس بالقيام بذلك. فالمبدأ المهم في إطار الخطة هو أن تتمكن من إيقاف استهلاكك الغذائي لفترة تتراوح من 8 إلى 10 ساعات كبداية من أجل الوصول تدريجيا إلى تحفيز افرازات إنزيماتك الحارقة للدهون.