محادثات جنيف محكومة بالفشل: أنقرة تغيّر موقفها وستدفع موسكو للتصعيد
العلاقات الأميركية - الروسية إلى «مهبّ الريح» في سورية
بعد نحو 9 أشهر من انهيار مفاوضات السلام، تستضيف جنيف اليوم محادثات في شأن سورية وسط خلافات حادة بين اللاعبين المؤثّرين في منطقة الشرق الاوسط بالاضافة الى موقف متذبذب وغير واضح من الولايات المتحدة، ما سينعكس سلباً على نتائج المفاوضات في جنيف. وما يزيد الطين بلة هو الموقف المتغيّر التركي الذي يثير البلبلة ويخلط الاوراق من جديد، وهذا يشكل إنذاراً جدياً يضفي غيوماً من التشاؤم الى الأشهر المقبلة في سورية.
موقف الولايات المتحدة
لا تزال سياسة الولايات المتحدة الخارجية غير واضحة تجاه سورية. فقد أعرب الرئيس دونالد ترامب عن رغبته في محاربة الارهاب المتمثل بتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، الا انه تجاهل تنظيم «القاعدة» (النصرة سابقاً، جبهة تحرير الشام حالياً) الأكثر قوة وثباتاً وانتشاراً في المجتمع السوري. علاوة على ذلك، فإن ترامب أعرب عن رغبته في إقامة «مناطق آمنة» في الشمال السوري، مطالباً «دول الخليج بدفع التكاليف»، وكذلك بدأ بإرسال المعدات العسكرية والقوات الخاصة لوحدات الحماية الكردية.
ويهدف ترامب الى دفع هذه القوات التي تترأس «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) نحو العاصمة السورية لـ «داعش»: مدينة الرقة. ومع ذلك فإن سياسة ترامب يشوبها الغموض لأسباب عدة أهمها:
1- إعلان «الحرب على الارهاب» لا يمكن ان يقتصر على «داعش». فـ «القاعدة» موجودة على المحاور كافة، وتمثّل - حسب قولها - ثلثي القوات المحارِبة وهي ترفض أي محادثات سلام تؤدي الى ديموقراطية أو انتخابات مع او من دون الرئيس السوري بشار الأسد، وترفض تدخُّل الامم المتحدة او اي وساطة تنهي الحرب. وقد هاجمت قواتها جميع التنظيمات التي شاركت في محادثات أستانة - كازاخستان وخيّرتها بين الانضمام إليها او القتال، فانقسمت المعارضة بين مَن قبل بشروط «القاعدة»، وآخرون فضّلوا الانضمام الى التنظيم الاقوى على الساحة السورية: «أحرار الشام».
2 - لا تستطيع الولايات المتحدة التوفيق بين القوات الكردية والقوات التركية على جبهة واحدة باتجاه مدينة الرقة. وتعتبر تركيا أكراد سورية تنظيماً إرهابياً مرتبطاً «بحزب العمال الكردستاني» (بي كا كا) الذي تعتبره اميركا وتركيا تنظيماً إرهابياً لانه يشنّ حملات عسكرية دامية ضد أنقرة، مطالباً بالحكم الذاتي الكردي في تركيا.
3 - الخطة الاميركية لتحرير مدينة الرقة بقواتٍ يبلغ عددها بين العشرة والعشرين ألفا هي خطة فاشلة. لقد دفع العراق بقوات يراوح عددها بين خمسين وستين ألف مقاتل مجهّز ومدرّب مدعوماً بالطائرات والمروحيات العراقية وتلك التابعة لقوات الحلفاء بهدف القضاء على «داعش» في مدينة الموصل. وظهرت معركة الموصل على انها قاسية وليست بنزهة. ولن تكون الرقة أقل صعوبة، مع العلم ان سكان الموصل يبلغ عددهم مليونا ونصف المليون نسمة فيما يسكن مدينة الرقة نحو 400 الف نسمة.
4 - ان إنشاء «مناطق آمنة» في سورية لاستضافة وحماية المهجّرين هو مشروع غير واقعي لانتفاء الحاجة الانسانية له، لاسيما بعد عودة مدينة حلب الى كنف الحكومة السورية. ويرى المراقبون ان هذه الفكرة الاميركية هي باطنياً مشروع اقتطاع جزء من سورية لاحتلال الشمال - الشرق الكردي - واقامة قواعد عسكرية في البلاد. الا ان خطوة مماثلة ستجابه بقوة من دمشق وحلفائها الذين سيعيدون إحياء عهد الـ 1983 حين هوجمت مقار «القوة المتعددة الجنسيات» (اميركا وفرنسا) في بيروت وكذلك ايام احتلال العراق 2003 - 2011.
أنقرة
قبل أشهر عدة، كان مفتاح نجاح اي محادثات تهدف الى وقف الحرب في سورية يستوجب الموافقة التركية وذلك لنفوذها على المعارضة والجهاديين. وهذا ما دفع إيران وروسيا لإعادة الدفء الى العلاقة مع أنقرة ودعوتها الى أستانة - كازاخستان للتفاوض. وعلى الرغم من دخول انقرة الى الحلف الثلاثي (روسيا - ايران - سورية)، لم تستطع إحضار «احرار الشام» بل مجموعات صغيرة غير مؤثّرة في الشمال السوري.
وأَنْتَجَ اجتماع استانة «انقلاباً» داخل صفوف الحلفاء في الشمال السوري وانقلبت «القاعدة» على المجموعات التي حضرت أستانة. ولم تستطع «احرار الشام» التدخل الفعلي بثقلها لخشيتها من حرب طويلة ومدمّرة يصبح معها الأطراف المتحاربة كلها لقمة سهلة للجيش السوري. وقد استطاعت تركيا الحصول على الضمانة الروسية - السورية لمهاجمة مدينة الباب، معقل «داعش» الشمالي من دون ان تتمكن لغاية اليوم من تحقيق نصر سريع، الا ان تركيا تُغيّر من سياستها وبدأتْ توجه السهام لحلفائها في المنطقة.
1 - هاجمت تركيا ايران بشدّة معتبرة ان طهران تمثّل مصدر الارهاب في المنطقة. وهذا يدلّ على منعطف في السياسة لا يستهان به، ما دفع دمشق الى زج قواتها وقوات حلفائها نحو مدينة الباب لإيجاد خطوط تماس ومنع تركيا وحلفائها (التنظيمات السورية) من التوسع ولأخذ الحيطة من تقلبات تركيا في سورية ومنْعها من الاندفاع نحو الرقة.
وبعد إشادة تركيا بأفكار ترامب في شأن إنشاء منطقة آمنة، قدّمت أنقرة نفسها كحصان طروادة للولايات المتحدة طمعاً باحتلال الرقة. وهذا ما أزعج مثلث دمشق وطهران وموسكو الذي بدأ يفقد الثقة بتركيا لأن فكرة «المناطق الآمنة» تؤدي الى تقسيم سورية ما يخرق الاتفاق مع الأتراك، وكذلك يعطّل مشروع روسيا بتأسيس بلد موحّد ومستقرّ، الأمر الذي سيؤدي تالياً الى المزيد من الحروب والعنف.
2 - أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان قواته «ستحرر مدينة منبج» المحرَّرة من «داعش» منذ العام الماضي على يد المقاتلين الأكراد. وتعتبر دمشق ان هذا التصريح بمثابة «أضغاث أحلام» وانقلاب على التفاهم بين تركيا وروسيا، لأن دمشق ترى أنها تستطيع الاتفاق مع أكراد سورية في شأن مستقبل الوجود والفيديرالية الكردية بعد انتهاء الحرب ولا تدعم أبداً مهاجمة تركيا لهم. وهذا يدلّ على انحراف في السياسة التركية وانقلابها على الاتفاقات الاخيرة.
3 - تحاول تركيا إقناع اميركا بالسماح لها بالذهاب الى الرقة. ومثل هذا المطلب بعيد عن الواقع لان المسافة بين مدينة الباب - حيث توجد قوات انقرة - والرقة تصل الى 200 كيلومتر وهي تمرّ بالأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري (الطريق الرئيسية بين الباب والرقة) ومناطق محاذية للأكراد (الذين تعتبرهم تركيا ارهابيين). وقد ظهر أداء الجيش التركي الضعيف في مدينة الباب وهو أبعد من ان يكون مشجعاً. ولذلك فان عرض أردوغان غير قابل للتحقيق.
دمشق
اعتبرت الحكومة السورية وحلفاؤها ان محادثات أستانة - كازاخستان كانت سابقة لأوانها، الا انها سارتْ جنباً الى جنب بالخطة الروسية. وكانت الآمال منعقدة على إحضار تركيا كل المعارضة والضغط على الجهاديين، إلا ان «القاعدة» قلبت الطاولة على الجميع ولم تحضر «أحرار الشام» الى طاولة المفاوضات، ما سيدفع بالجميع الى العودة للغة السلاح. ولذلك بات الجيش السوري يتحرك على جبهات عدة:
• جبهة مدينة الباب لأخذ تماس مع القوات التركية وتلك التي تحارب في كنفها، ومنْعها من التقدم نحو الرقة وقضم أراض إضافية لن تتخلى عنها بسهولة لاحقاً.
• جبهة تدمر لاستعادة السيطرة على المدينة ومنع «داعش» من التمدد نحو حمص خصوصاً بعد تَقدُّم القوات الكردية نحو معقله الأساسي في الرقة.
• التوجه نحو الرقة ودير الزور لأخذ التماس مع أي قوة تتقدم في تلك المنطقة لتحديد خسارة الأراضي من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
• الاندفاع نحو جنوب وغرب وشمال حلب لتأمين الحماية للمدينة التي تستطيع مَدافع الجهاديين الوصول لها ولمحاولة الوصول نحو بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتيْن.
• التحضّر لمحاصرة مدينة ادلب معقل «القاعدة» (النصرة سابقاً). وكل هذا يشير الى ان روسيا ستجد نفسها متورّطة في حربٍ لم تحطّ رحاها بعد، قبل ان تنهك القوات المقاتلة وتذهب الى طاولة المفاوضات وتَخرج تركيا من حلمها «المتعدد الجبهات والطموحات». وقد أظهرت أنقرة انها لن تكون على مستوى الشراكة لسورية وروسيا وأن استراتيجيتها متقلبة وغير مستقرة. وهذا سيؤدي الى مزيد من العنف والعدوانية في الاشهر المقبلة ما سيدفع الى عودة «السوخوي» الروسية الى الاجواء السورية من جديد.
تبدو سياسة الولايات المتحدة في سورية محمومة وبعيدة المنال لأنها لا تتمتع بحلفاء أقوياء يستطيعون تحقيق أهداف استراتيجية عدا احتلال جزء من الاراضي السورية. وهكذا ستجد روسيا نفسها أمام سيناريو متناحر ومضاد: اميركا وتركيا تريدان تقسيم سورية وروسيا تريد وحدتها والقضاء على الجهاديين.
وهكذا فإن اجتماع جنيف سيتلطى خلف تعيين ممثل جديد للامم المتحدة غير ستيفان دي ميستورا ليبرر سبب فشله الواضح لأن الأمور لم تنضج بعد.
موقف الولايات المتحدة
لا تزال سياسة الولايات المتحدة الخارجية غير واضحة تجاه سورية. فقد أعرب الرئيس دونالد ترامب عن رغبته في محاربة الارهاب المتمثل بتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، الا انه تجاهل تنظيم «القاعدة» (النصرة سابقاً، جبهة تحرير الشام حالياً) الأكثر قوة وثباتاً وانتشاراً في المجتمع السوري. علاوة على ذلك، فإن ترامب أعرب عن رغبته في إقامة «مناطق آمنة» في الشمال السوري، مطالباً «دول الخليج بدفع التكاليف»، وكذلك بدأ بإرسال المعدات العسكرية والقوات الخاصة لوحدات الحماية الكردية.
ويهدف ترامب الى دفع هذه القوات التي تترأس «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) نحو العاصمة السورية لـ «داعش»: مدينة الرقة. ومع ذلك فإن سياسة ترامب يشوبها الغموض لأسباب عدة أهمها:
1- إعلان «الحرب على الارهاب» لا يمكن ان يقتصر على «داعش». فـ «القاعدة» موجودة على المحاور كافة، وتمثّل - حسب قولها - ثلثي القوات المحارِبة وهي ترفض أي محادثات سلام تؤدي الى ديموقراطية أو انتخابات مع او من دون الرئيس السوري بشار الأسد، وترفض تدخُّل الامم المتحدة او اي وساطة تنهي الحرب. وقد هاجمت قواتها جميع التنظيمات التي شاركت في محادثات أستانة - كازاخستان وخيّرتها بين الانضمام إليها او القتال، فانقسمت المعارضة بين مَن قبل بشروط «القاعدة»، وآخرون فضّلوا الانضمام الى التنظيم الاقوى على الساحة السورية: «أحرار الشام».
2 - لا تستطيع الولايات المتحدة التوفيق بين القوات الكردية والقوات التركية على جبهة واحدة باتجاه مدينة الرقة. وتعتبر تركيا أكراد سورية تنظيماً إرهابياً مرتبطاً «بحزب العمال الكردستاني» (بي كا كا) الذي تعتبره اميركا وتركيا تنظيماً إرهابياً لانه يشنّ حملات عسكرية دامية ضد أنقرة، مطالباً بالحكم الذاتي الكردي في تركيا.
3 - الخطة الاميركية لتحرير مدينة الرقة بقواتٍ يبلغ عددها بين العشرة والعشرين ألفا هي خطة فاشلة. لقد دفع العراق بقوات يراوح عددها بين خمسين وستين ألف مقاتل مجهّز ومدرّب مدعوماً بالطائرات والمروحيات العراقية وتلك التابعة لقوات الحلفاء بهدف القضاء على «داعش» في مدينة الموصل. وظهرت معركة الموصل على انها قاسية وليست بنزهة. ولن تكون الرقة أقل صعوبة، مع العلم ان سكان الموصل يبلغ عددهم مليونا ونصف المليون نسمة فيما يسكن مدينة الرقة نحو 400 الف نسمة.
4 - ان إنشاء «مناطق آمنة» في سورية لاستضافة وحماية المهجّرين هو مشروع غير واقعي لانتفاء الحاجة الانسانية له، لاسيما بعد عودة مدينة حلب الى كنف الحكومة السورية. ويرى المراقبون ان هذه الفكرة الاميركية هي باطنياً مشروع اقتطاع جزء من سورية لاحتلال الشمال - الشرق الكردي - واقامة قواعد عسكرية في البلاد. الا ان خطوة مماثلة ستجابه بقوة من دمشق وحلفائها الذين سيعيدون إحياء عهد الـ 1983 حين هوجمت مقار «القوة المتعددة الجنسيات» (اميركا وفرنسا) في بيروت وكذلك ايام احتلال العراق 2003 - 2011.
أنقرة
قبل أشهر عدة، كان مفتاح نجاح اي محادثات تهدف الى وقف الحرب في سورية يستوجب الموافقة التركية وذلك لنفوذها على المعارضة والجهاديين. وهذا ما دفع إيران وروسيا لإعادة الدفء الى العلاقة مع أنقرة ودعوتها الى أستانة - كازاخستان للتفاوض. وعلى الرغم من دخول انقرة الى الحلف الثلاثي (روسيا - ايران - سورية)، لم تستطع إحضار «احرار الشام» بل مجموعات صغيرة غير مؤثّرة في الشمال السوري.
وأَنْتَجَ اجتماع استانة «انقلاباً» داخل صفوف الحلفاء في الشمال السوري وانقلبت «القاعدة» على المجموعات التي حضرت أستانة. ولم تستطع «احرار الشام» التدخل الفعلي بثقلها لخشيتها من حرب طويلة ومدمّرة يصبح معها الأطراف المتحاربة كلها لقمة سهلة للجيش السوري. وقد استطاعت تركيا الحصول على الضمانة الروسية - السورية لمهاجمة مدينة الباب، معقل «داعش» الشمالي من دون ان تتمكن لغاية اليوم من تحقيق نصر سريع، الا ان تركيا تُغيّر من سياستها وبدأتْ توجه السهام لحلفائها في المنطقة.
1 - هاجمت تركيا ايران بشدّة معتبرة ان طهران تمثّل مصدر الارهاب في المنطقة. وهذا يدلّ على منعطف في السياسة لا يستهان به، ما دفع دمشق الى زج قواتها وقوات حلفائها نحو مدينة الباب لإيجاد خطوط تماس ومنع تركيا وحلفائها (التنظيمات السورية) من التوسع ولأخذ الحيطة من تقلبات تركيا في سورية ومنْعها من الاندفاع نحو الرقة.
وبعد إشادة تركيا بأفكار ترامب في شأن إنشاء منطقة آمنة، قدّمت أنقرة نفسها كحصان طروادة للولايات المتحدة طمعاً باحتلال الرقة. وهذا ما أزعج مثلث دمشق وطهران وموسكو الذي بدأ يفقد الثقة بتركيا لأن فكرة «المناطق الآمنة» تؤدي الى تقسيم سورية ما يخرق الاتفاق مع الأتراك، وكذلك يعطّل مشروع روسيا بتأسيس بلد موحّد ومستقرّ، الأمر الذي سيؤدي تالياً الى المزيد من الحروب والعنف.
2 - أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان قواته «ستحرر مدينة منبج» المحرَّرة من «داعش» منذ العام الماضي على يد المقاتلين الأكراد. وتعتبر دمشق ان هذا التصريح بمثابة «أضغاث أحلام» وانقلاب على التفاهم بين تركيا وروسيا، لأن دمشق ترى أنها تستطيع الاتفاق مع أكراد سورية في شأن مستقبل الوجود والفيديرالية الكردية بعد انتهاء الحرب ولا تدعم أبداً مهاجمة تركيا لهم. وهذا يدلّ على انحراف في السياسة التركية وانقلابها على الاتفاقات الاخيرة.
3 - تحاول تركيا إقناع اميركا بالسماح لها بالذهاب الى الرقة. ومثل هذا المطلب بعيد عن الواقع لان المسافة بين مدينة الباب - حيث توجد قوات انقرة - والرقة تصل الى 200 كيلومتر وهي تمرّ بالأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري (الطريق الرئيسية بين الباب والرقة) ومناطق محاذية للأكراد (الذين تعتبرهم تركيا ارهابيين). وقد ظهر أداء الجيش التركي الضعيف في مدينة الباب وهو أبعد من ان يكون مشجعاً. ولذلك فان عرض أردوغان غير قابل للتحقيق.
دمشق
اعتبرت الحكومة السورية وحلفاؤها ان محادثات أستانة - كازاخستان كانت سابقة لأوانها، الا انها سارتْ جنباً الى جنب بالخطة الروسية. وكانت الآمال منعقدة على إحضار تركيا كل المعارضة والضغط على الجهاديين، إلا ان «القاعدة» قلبت الطاولة على الجميع ولم تحضر «أحرار الشام» الى طاولة المفاوضات، ما سيدفع بالجميع الى العودة للغة السلاح. ولذلك بات الجيش السوري يتحرك على جبهات عدة:
• جبهة مدينة الباب لأخذ تماس مع القوات التركية وتلك التي تحارب في كنفها، ومنْعها من التقدم نحو الرقة وقضم أراض إضافية لن تتخلى عنها بسهولة لاحقاً.
• جبهة تدمر لاستعادة السيطرة على المدينة ومنع «داعش» من التمدد نحو حمص خصوصاً بعد تَقدُّم القوات الكردية نحو معقله الأساسي في الرقة.
• التوجه نحو الرقة ودير الزور لأخذ التماس مع أي قوة تتقدم في تلك المنطقة لتحديد خسارة الأراضي من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
• الاندفاع نحو جنوب وغرب وشمال حلب لتأمين الحماية للمدينة التي تستطيع مَدافع الجهاديين الوصول لها ولمحاولة الوصول نحو بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتيْن.
• التحضّر لمحاصرة مدينة ادلب معقل «القاعدة» (النصرة سابقاً). وكل هذا يشير الى ان روسيا ستجد نفسها متورّطة في حربٍ لم تحطّ رحاها بعد، قبل ان تنهك القوات المقاتلة وتذهب الى طاولة المفاوضات وتَخرج تركيا من حلمها «المتعدد الجبهات والطموحات». وقد أظهرت أنقرة انها لن تكون على مستوى الشراكة لسورية وروسيا وأن استراتيجيتها متقلبة وغير مستقرة. وهذا سيؤدي الى مزيد من العنف والعدوانية في الاشهر المقبلة ما سيدفع الى عودة «السوخوي» الروسية الى الاجواء السورية من جديد.
تبدو سياسة الولايات المتحدة في سورية محمومة وبعيدة المنال لأنها لا تتمتع بحلفاء أقوياء يستطيعون تحقيق أهداف استراتيجية عدا احتلال جزء من الاراضي السورية. وهكذا ستجد روسيا نفسها أمام سيناريو متناحر ومضاد: اميركا وتركيا تريدان تقسيم سورية وروسيا تريد وحدتها والقضاء على الجهاديين.
وهكذا فإن اجتماع جنيف سيتلطى خلف تعيين ممثل جديد للامم المتحدة غير ستيفان دي ميستورا ليبرر سبب فشله الواضح لأن الأمور لم تنضج بعد.