من «لعنة موسكو» الحاضرة في البيت الأبيض إلى إطلاق طهران هجومها الاحتوائي
لبنان على محكّ تَعاظُم العصْف الإقليمي من حوله
تتحرّك أحجار اللعبة السياسية في لبنان فوق رقعة الشطرنج الاقليمية المفتوحة على «كرٍّ وفرٍّ» بين الخيارات الدولية المتحكّمة عن بُعد او قرب بالمربّعات السود والبيض على طول قوس الأزمات في المنطقة التي تشهد منذ أعوام ما يشبه «ميني» حرب عالمية، ربْطاً بحجم الفوضى والتحولات والمآسي والأدوار والتداعيات التي لم يعرف الإقليم مثيلاً لها منذ نحو مئة عام.
ولأن لبنان يشكّل أحد الحدائق الخلفية لحربِ تَقاسُم النفوذ الدولي والاقليمي في المنطقة المنكوبة، يصبح طبيعياً ربْط كل شاردة وواردة في معاركه الداخلية بالصراع الكبير ومعسكراته ومجرياته ووهْجه... من المنازلات السياسية - الطائفية الدائرة حول قانون الانتخاب العتيد كأداةٍ لرسْم التوازنات داخل السلطة، الى الموقف من سلاح «حزب الله» وتورُّطه في حروب المنطقة.
ورغم ان اللاعبين المحليين نجحوا في التقاط فرصة ضوء أخضر اقليمي ايراني - سعودي، لإبرام تسويةٍ أفضتْ الى ملء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة ائتلافية، فإن حماية هذه التسوية التي أَرْضتْ طهران ولم تُغضِب الرياض، تحتاج الى أوكسجين دائم، وخصوصاً في ضوء حراك دولي - اقليمي في الميادين وعلى المنابر لن يكون لبنان بمعزل عنه، وأبرز مظاهره المتعاكسة هي:
بدء مرحلة من «الودّ الملغوم» بين طرفيْ «الريمونت كونترول» الدولي الذي يَتنازعه دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في إدارتهما لاتجاهات الريح في المنطقة. فواشنطن المصابة بـ «لعنة موسكو» هذه الأيام، قد تندفع الى الامام في اتجاه المنطقة من البوابة الايرانية عبر معاودة وضع الملف النووي على الطاولة ومواجهة تَمدُّد نفوذ طهران، الأمر الذي من شأنه إحراج روسيا المرتبطة بعلاقات حيوية مع إيران ويقاتلان معاً في سورية.
رغم ان روسيا التي تتجنّب استفزاز ترامب تسعى للعب دور الوسيط في ترتيب مرحلة انتقالية في سورية عبر «الاستانة -2» تمهيداً لـ «جنيف جديد»، وتعمل على إغراء الولايات المتحدة لإشراكها في أجندتها كضابط إيقاع عسكري - ديبلوماسي في سورية، فان إيران تتّجه الى «ضرْب الحديد وهو حامٍ» عبر تحريك المزيد من الجبهات العسكرية لفرْض وقائع جديدة في سورية قبل بدء ترامب ببرنامجه لإقامة مناطق آمنة.
ايران التي تخشى من ترامب «القليل الخبرة» وما يضمره لها بعدما أوحت تصريحات كبار المسؤولين في إدارته بأن واشنطن قد تجعل من طهران «عدوّها الاول»، تعمل على طريقة «الاحتواء المزدوج» لأي اندفاعة اميركية في وجهها، وذلك من خلال جهوزية أذرعها في المنطقة لملاقاة التصعيد الاميركي، وإبداء انفتاحٍ مفاجئ على الحوار مع دول الخليج أبرز مظاهره زيارة الرئيس حسن روحاني للكويت وعُمان.
و«حبل السرة» اللبنانية مع هذه اللوحة المتحرّكة فوق «الفوهة» المفتوحة في المنطقة، يتمثّل في «حزب الله» وأدواره في الداخل وفي الاقليم كامتدادٍ للاستراتيجية الايرانية التي تبدو الآن وكأنها في «هجوم استباقي» يرسم خطاً أحمر حول الرئيس بشار الأسد في سورية بعد تَبايُن في الأولويات الايرانية - الروسية وتَجنُّباً للمفاجآت الاميركية، وحول مكتسبات طهران التي تَحققت في العراق، بالتعاون مع إدارة الرئيس باراك اوباما، اضافة الى التلويح بتصعيد أكبر في اليمن.
ولم يكن مستغرباً في هذا السياق عودة الموقف من سلاح «حزب الله» وتَورُّطه في سورية وما يريده في الداخل اللبناني (عبر قانون الانتخاب) الى الصدارة من بوابة خروج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «عن النص» (خطاب القسَم والبيان الوزاري) بإعلانه المفاجئ قبل أيام «ان سلاح حزب الله لا يتناقض مع مشروع الدولة ويكمل مهمة الجيش، غير القادر كفاية، في الدفاع عن لبنان».
ورغم ان القريبين من الرئيس اللبناني حاولوا التقليل من وطأة موقفه حيال مسألة خلافية في الداخل ذات حساسية بالغة إزاء المجتمع الدولي، فإن الأمر أثار ريبة علنية عبّرت عنها الامم المتحدة بلسان ممثلة الامين العام في لبنان سيغريد كاغ التي كانت سارعت الى التذكير بمندرجات قرار مجلس الأمن 1701، وعبر تصريحات لنائب متحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق الذي ذكّر هو ايضاً بقرارات تنصّ على حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزْع سلاحها.
اما الاعتراض الضمني والأهمّ على موقف الرئيس عون من سلاح «حزب الله» فجاء من شريكه في السلطة وفي التسوية السياسية، اي من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي صاغ ردّه على النحو الذي لا يهزّ تلك التسوية لكن في إطار كلامٍ حاسم عن ان:ما من توافق حول سلاح حزب الله، لا في مجلس الوزراء ولا في البرلمان ولا على طاولة الحوار:، ومؤكداً في الذكرى الـ12 لاغتيال والده ان قرار لبنان بيد الدولة لا بيد أفراد او زعامات او محاور اقليمية.
وأبدت أوساط مراقبة في بيروت خشيتها من تَسبُّب محاولة إضفاء الشرعية على سلاح»حزب الله»بتأليب المجتمع الدولي الذي يواظب على إصدار تقارير دورية حول مدى التزام لبنان بموجبات القرار 1701، وهو الأمر الذي من المتوقع ان يكون مدار بحث بين وزير الخارجية جبران باسيل وسيغريد كاغ قريباً، وسط حرص الرئيس عون على معاودة تصويب موقفه من خلال الحديث عن حوار يجري حول مستقبل سلاح حزب الله في اطار مناقشة الاستراتيجية الدفاعية.
وثمة مَن يعتقد في بيروت ان لبنان كان في غنى عن إثارة موقفٍ ملتبس حيال سلاح»حزب الله» في لحظةِ معاينةٍ دولية لمجريات الوضع في المنطقة في ضوء الوقائع الجديدة المتصلة باحتمالات المواجهة الاميركية - الايرانية وعدم استبعاد طرْح مصير الميليشيات الاجنبية في سورية في ظل الحلّ السياسي الانتقالي، وما قد ينتج ايضاً عن الاجتماع بين ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ولأن لبنان يشكّل أحد الحدائق الخلفية لحربِ تَقاسُم النفوذ الدولي والاقليمي في المنطقة المنكوبة، يصبح طبيعياً ربْط كل شاردة وواردة في معاركه الداخلية بالصراع الكبير ومعسكراته ومجرياته ووهْجه... من المنازلات السياسية - الطائفية الدائرة حول قانون الانتخاب العتيد كأداةٍ لرسْم التوازنات داخل السلطة، الى الموقف من سلاح «حزب الله» وتورُّطه في حروب المنطقة.
ورغم ان اللاعبين المحليين نجحوا في التقاط فرصة ضوء أخضر اقليمي ايراني - سعودي، لإبرام تسويةٍ أفضتْ الى ملء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة ائتلافية، فإن حماية هذه التسوية التي أَرْضتْ طهران ولم تُغضِب الرياض، تحتاج الى أوكسجين دائم، وخصوصاً في ضوء حراك دولي - اقليمي في الميادين وعلى المنابر لن يكون لبنان بمعزل عنه، وأبرز مظاهره المتعاكسة هي:
بدء مرحلة من «الودّ الملغوم» بين طرفيْ «الريمونت كونترول» الدولي الذي يَتنازعه دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في إدارتهما لاتجاهات الريح في المنطقة. فواشنطن المصابة بـ «لعنة موسكو» هذه الأيام، قد تندفع الى الامام في اتجاه المنطقة من البوابة الايرانية عبر معاودة وضع الملف النووي على الطاولة ومواجهة تَمدُّد نفوذ طهران، الأمر الذي من شأنه إحراج روسيا المرتبطة بعلاقات حيوية مع إيران ويقاتلان معاً في سورية.
رغم ان روسيا التي تتجنّب استفزاز ترامب تسعى للعب دور الوسيط في ترتيب مرحلة انتقالية في سورية عبر «الاستانة -2» تمهيداً لـ «جنيف جديد»، وتعمل على إغراء الولايات المتحدة لإشراكها في أجندتها كضابط إيقاع عسكري - ديبلوماسي في سورية، فان إيران تتّجه الى «ضرْب الحديد وهو حامٍ» عبر تحريك المزيد من الجبهات العسكرية لفرْض وقائع جديدة في سورية قبل بدء ترامب ببرنامجه لإقامة مناطق آمنة.
ايران التي تخشى من ترامب «القليل الخبرة» وما يضمره لها بعدما أوحت تصريحات كبار المسؤولين في إدارته بأن واشنطن قد تجعل من طهران «عدوّها الاول»، تعمل على طريقة «الاحتواء المزدوج» لأي اندفاعة اميركية في وجهها، وذلك من خلال جهوزية أذرعها في المنطقة لملاقاة التصعيد الاميركي، وإبداء انفتاحٍ مفاجئ على الحوار مع دول الخليج أبرز مظاهره زيارة الرئيس حسن روحاني للكويت وعُمان.
و«حبل السرة» اللبنانية مع هذه اللوحة المتحرّكة فوق «الفوهة» المفتوحة في المنطقة، يتمثّل في «حزب الله» وأدواره في الداخل وفي الاقليم كامتدادٍ للاستراتيجية الايرانية التي تبدو الآن وكأنها في «هجوم استباقي» يرسم خطاً أحمر حول الرئيس بشار الأسد في سورية بعد تَبايُن في الأولويات الايرانية - الروسية وتَجنُّباً للمفاجآت الاميركية، وحول مكتسبات طهران التي تَحققت في العراق، بالتعاون مع إدارة الرئيس باراك اوباما، اضافة الى التلويح بتصعيد أكبر في اليمن.
ولم يكن مستغرباً في هذا السياق عودة الموقف من سلاح «حزب الله» وتَورُّطه في سورية وما يريده في الداخل اللبناني (عبر قانون الانتخاب) الى الصدارة من بوابة خروج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «عن النص» (خطاب القسَم والبيان الوزاري) بإعلانه المفاجئ قبل أيام «ان سلاح حزب الله لا يتناقض مع مشروع الدولة ويكمل مهمة الجيش، غير القادر كفاية، في الدفاع عن لبنان».
ورغم ان القريبين من الرئيس اللبناني حاولوا التقليل من وطأة موقفه حيال مسألة خلافية في الداخل ذات حساسية بالغة إزاء المجتمع الدولي، فإن الأمر أثار ريبة علنية عبّرت عنها الامم المتحدة بلسان ممثلة الامين العام في لبنان سيغريد كاغ التي كانت سارعت الى التذكير بمندرجات قرار مجلس الأمن 1701، وعبر تصريحات لنائب متحدث باسم الامم المتحدة فرحان حق الذي ذكّر هو ايضاً بقرارات تنصّ على حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزْع سلاحها.
اما الاعتراض الضمني والأهمّ على موقف الرئيس عون من سلاح «حزب الله» فجاء من شريكه في السلطة وفي التسوية السياسية، اي من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي صاغ ردّه على النحو الذي لا يهزّ تلك التسوية لكن في إطار كلامٍ حاسم عن ان:ما من توافق حول سلاح حزب الله، لا في مجلس الوزراء ولا في البرلمان ولا على طاولة الحوار:، ومؤكداً في الذكرى الـ12 لاغتيال والده ان قرار لبنان بيد الدولة لا بيد أفراد او زعامات او محاور اقليمية.
وأبدت أوساط مراقبة في بيروت خشيتها من تَسبُّب محاولة إضفاء الشرعية على سلاح»حزب الله»بتأليب المجتمع الدولي الذي يواظب على إصدار تقارير دورية حول مدى التزام لبنان بموجبات القرار 1701، وهو الأمر الذي من المتوقع ان يكون مدار بحث بين وزير الخارجية جبران باسيل وسيغريد كاغ قريباً، وسط حرص الرئيس عون على معاودة تصويب موقفه من خلال الحديث عن حوار يجري حول مستقبل سلاح حزب الله في اطار مناقشة الاستراتيجية الدفاعية.
وثمة مَن يعتقد في بيروت ان لبنان كان في غنى عن إثارة موقفٍ ملتبس حيال سلاح»حزب الله» في لحظةِ معاينةٍ دولية لمجريات الوضع في المنطقة في ضوء الوقائع الجديدة المتصلة باحتمالات المواجهة الاميركية - الايرانية وعدم استبعاد طرْح مصير الميليشيات الاجنبية في سورية في ظل الحلّ السياسي الانتقالي، وما قد ينتج ايضاً عن الاجتماع بين ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.