وثائق سرية أكدت نجاحها في ضرب المعارضة السورية ودفعها الى الاقتتال

روسيا ضابط الإيقاع السياسي - العسكري... إلى... «أستانة - 2»

تصغير
تكبير
موسكو تدير الخريطة العسكرية... وحلفاؤها لا يخوضون أي معركة قبل التنسيق معها
كشفت وثائق سرية إطلعت عليها «الراي» أن «روسيا نجحت في قسم ظهر المعارضة السورية بإبعادها عن المتطرفين من القاعدة بأسمائها المختلفة (النصرة، فتح الشام، تحرير الشام) وغيرها (جند الأقصى وجيش المهاجرين والأنصار)، وذلك عبر عقد»أستانة-1»، الذي أدى إلى فرز المعارضة السورية التي تنادي بتغيير النظام عن تلك التي تنادي بـ»إمارة إسلامية»وترفض التعددية والديموقراطية ومشاركة المذاهب السورية الأخرى».

ويؤكد التقرير أن «روسيا تصرفت في شكل شبه أحادي مع الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما من دون أن تلتفت إلى عدم جهوزية الإدارة الراحلة لحل الأزمة السورية لأسباب متعددة، تبدأ بمصلحة اسرائيل في عدم استقرار سورية وعدم السماح لإيران و»حزب الله»ورئيس النظام بشار الأسد بالإحتفال بنصر»محور المقاومة والممانعة»، واستنزاف الموارد الإقتصادية والبشرية لسورية وحلفائها، وإنشاء قواعد عسكرية أميركية في سورية، وجرّ روسيا الى المستنقع السوري على غرار أفغانستان 1979».

وأدى هذا الانفتاح الروسي – الأميركي (في بدايته كما ظهر العام 2016) الى إمتعاض حلفاء موسكو وتذكيرها بأنها «تملك السماء ولكنها لا تمتلك الأرض من دون جنود حلفائها». أما اليوم فيعترف هؤلاء أن روسيا نجحت – حيث فشلت أميركا – بفصل المعارضة المسلّحة عن المتطرفين من خلال «أستانة-1» الذي وصف حينها من حلفاء روسيا بـ «الإتفاق السابق لأوانه»، إلا أن ردة فعل «القاعدة» ضد «أحرار الشام» وفصائل المعارضة السورية المسلّحة (جيش الإسلام، صقور الشام، جيش المجاهدين) بعد اجتماع «أستانة-1» أظهرت تخطيط روسيا ليس فقط كضابط إيقاع عسكري بل كمايسترو سياسي يهدف الى إيجاد نقاط تلاقي بين دمشق والمعارضة السورية المسلحة وإبعاد هذه عن أولئك الذين يرفضون أي تسوية ولديهم أجندة لا تشمل لمّ شمل السوريين، كل السوريين، بل إقامة «دولة إسلامية» على غرار ما أعلن عنه تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).

ويشير التقرير إلى أن روسيا هي التي تحدد نقاط الهجوم وتدير الخريطة العسكرية على أرض سورية اليوم حيث لا يقدم حلفائها على أي معركة من دون التنسيق معها للتناغم مع مشروعها السياسي الذي بدأ في «أستانة-1» ويحضر لـ «أستانة-2» الأربعاء المقبل، تمهيداً لمؤتمر جنيف ونضوج عناصر نجاحه.

ودعت روسيا إلى مفاوضات «أستانة 2» الولايات المتحدة والأردن ليكونا شريكين في المحادثات لما يملكانه من سيطرة على الأرض في جنوب سورية (الأردن) على المسلحين وفي الشمال (الأكراد)، ولأن الولايات المتحدة كدولة عظمى لها أهميتها للسير بخطى السلام، خصوصاً أن تركيا لا تزال تمانع في وجود أكراد سورية على طاولة المفاوضات إنطلاقاً من تعاطيها معهم كـ «إرهابيين».

وما زالت تداعيات «أستانة-1» يتردد صداها في الساحة الشمالية السورية التي فرزت المسلحين وأدت الى خطوط تماس داخلية، وقلصت أعداد التنظيمات المعارضة إلى توحد غالبيتهم تحت جناح موال لـ «القاعدة» أو معاد لها.

وأصبح كل فريق يمتلك الآلاف من المقاتلين، الذين يمتلكون السلاح الثقيل والعتاد وأيديهم على الزناد.

وتتحضر «القاعدة» (تحت إسم هيئة تحرير الشام) لمعارك مقبلة خصوصاً على جبهة حلب وبالتحديد في شمالها (بيانون وعندان) وغربها، حيث تتمركز قوات «هيئة تحرير الشام» التي لم يشملها أي إتفاق سياسي، وهي أصلاً ترفضه لتعارض التسوية مع أهدافها.

وشاهدت «الراي» التحضيرات العسكرية التي تقوم بها قوات حلفاء دمشق استعداداً لمعركة كبرى آتية على هذه الجبهة مع انتهاء فصل الشتاء وبداية فصل الربيع، الذي سيحمل معه معارك ضارية ستحاول عبرها القوى المتطرفة المعارضة للحل السياسي جذب أعداد أكبر من المناصرين لإفشال التقارب السياسي. إلا أنه من المتوقع أن يكون الحل السياسي قد وضع على السكة على الرغم من توقع انتكاسات تكتيكية عسكرية من الطبيعي أن تحصل على طريق المفاوضات.

الباب

أما في شأن مدينة الباب، فبرزت الخطة الروسية المتفق عليها مع تركيا بما يتعلق بهذه المدينة الاستراتيجية، معقل «داعش» الأخير في ريف حلب، وممره الإلزامي من الرقة الى الحدود السورية – التركية الذي استخدمه على مدى أعوام الحرب الطويلة لتموين قواته وتأمين قدوم «المهاجرين» الى «دولته» المزعومة.

وتنص هذه الإتفاقية على أن تتمركز قوات الجيش السوري – بعد سيطرتها على تادف مدخل الباب الجنوبي الغربي – وكذلك التمركز على طريق الباب – الرقة لتقطع خط الإمداد لـ«داعش» وتفسح المجال أمام خروج المقاتلين قبل أن يطبق الحصار عليهم من كل جانب.

والمعروف أن «داعش»، عندما يرى معركته خاسرة، يفضل الإنسحاب الى خطوط دفاع أخرى أو إلى خارج مدينة قبل محاصرتها بالكامل. ونظراً الى دخول قوات «درع الفرات» إلى مدينة الباب على أطرافها الغربية، فهذه دلالة أن مصير المدينة أصبح بحكم المنتهي بغض النظر عن الوقت الذي يتطلب لتحريرها.

ويدعم تقدم قوات «درع الفرات» الطيران الأميركي والتركي والروسي ما يؤكد تصميم هؤلاء على إخراج «داعش» من المنطقة، إلا أن الأهداف لا تقتصر على التنظيم فقط، فعملية الباب تهدف الى:

1 - رسم حدود التماس بين سورية وتركيا الى حين إكتمال الحل السياسي وحفظ حقوق ومطامع ستطالب بها تركيا باسم المعارضة المسلحة التي تعمل تحت إمرتها.

2 - التحضير لمعركة الرقة وفتح الطريق للمعارضة السورية وتركيا نحو عاصمة «الخلافة» التي يسيطر عليها «داعش». واستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمحاصرة التنظيم بدفعه العتاد والرجال (وحدات خاصة) لمواكبة الأكراد السوريين وإيصالهم الى حدود الرقة بحلول فصل الصيف المقبل.

3 - قطع الطريق على أكراد الحسكة ومنعهم من ضم مقاطعتهم الى مقاطعة عفرين في الشمال الغربي. وهذا ما سعت إليه تركيا منذ دخولها بقواتها الى سورية ودعمها عملية «درع الفرات».

4 - تركيا وأميركا تحاولان إنشاء منطقة عازلة ترفضها موسكو ودمشق، إلا أن الأخيرتين لا تستطيعان منع قيام منطقة نفوذ أميركية وأخرى تركية لأن العمل العسكري للجيش السوري وحلفائه لم ينته في أرياف حلب.

5 - مدينة إدلب أصبحت معقل معارضي النظام المسلحين وقاعدة للمتطرفين، وهي تقع ضمن مسرح عمليات روسيا والجيش السوري وليس تركيا.

كل هذا يدل على أن سنة 2017 مليئة بالمعارك والحلول السياسية في الوقت نفسه، إلا أنها ستكون سنة شؤم لـ«داعش» وبداية معارك طاحنة ضد «القاعدة» وستشهد في الوقت عينه بروز إتفاقات سياسية و«جنيف 4» بمواكبة من... «الأستانة».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي