«ذروة اللياقة البدنية»... طريقك إلى «قمّة العافية»
تمارين «ذروة اللياقة البدنية» تسهم في تحسين حساسية الأنسولين وتنشيط هورمون النمو وزيادة الكتلة العضلية وتحويل الخلايا الجذعية إلى عصبية
إذا دخلت أي صالة تمارين لياقة بدنية (جيمنازيوم)، ستلاحظ أن معظم مرتاديها يتزاحمون حول أجهزة تمرين وإطالة وتمديد العضلات.
لكن هناك أسلوبا جديدا متكاملا لممارسة التمارين الرياضية بطريقة مبتكرة في غضون دقائق قليلة، وتؤتي نتائج أكثر فعالية من كل ذلك، وبما يضمن الوصول إلى نقطة التوازن البدني المثالي، وهي الطريقة التي تعرف بـ«ذروة اللياقة البدنية»، وسبق أن أشرنا إليها بإيجاز في حلقة سابقة من «نبض العافية».
في حلقة اليوم، نلقي نظرة أوسع وأشمل على تلك الطريقة التي يمكن أن تأخذ بيدك وصولا إلى «قمة العافية».
«ذروة اللياقة البدنية» هو مصطلح يشير إلى تقنية ترتكز بشكل أساسي على ممارسة التمارين الرياضية عالية الحدة.
ولا تستغرق تمارين «ذروة اللياقة البدنية» سوى 20 دقيقة فقط في الجلسة الواحدة. وإذا قمت بإجراء رسم لمعدل نبضات قلبك خلال الـ20 دقيقة، فستلاحظ أنه يرتفع 8 مرات. ومن بين تلك الدقائق الـ20، لا تمارس التمارين الرياضية بحدة سوى لمدة 4 دقائق فقط. لكنها دقائق عالية الحدة فعلا.
فكرة ومفهوم «ذروة اللياقة البدنية» تم استلهامها قبل بضعة سنوات من التجربة الشخصية لمريض أميركي يدعى جيف جي كان يبلغ من العمر 39 عامًا وكان مصابا بحالة نادرة تعرف بـ «مرض كوشينغ». بسبب ذلك المرض النادر، كانت غدة «جيف النخامية تفرز كميات مفرطة من الهورمونات المحفزة للغدة الكظرية، وكان من الممكن أن يموت في أي وقت من فرط هورمون الكورتيزول، لذا فإنه كان في حاجة إلى معالجة عاجلة.
في البداية ذهب جيف إلى مستشفى جامعة شيكاغو لاستئصال ورم نخامي جراحياً. لكن للأسف ظهرت عليه مضاعفات بسبب التخدير أثناء الجراحة. وكنتيجة لتلك المضاعفات، أصيب بشلل نصفي من خصره ونزولا، ولم تعد ساقاه تتحركان.
لكن سوء حظ جيف لم يتوقف عند ذلك الحد، بل ان الجراحين قطعوا عصبه البصري بالخطأ خلال الجراحة فأصيب بالعمى أيضا! كانت تلك مأساة كاملة. لكن ما أبهر اخصائي العلاج الطبيعي الذي لجأ اليه جيف لاحقاً، هو أنه رغم كونه أعمى ومشلولًا نصفيا، فإنه كان يتمتع بصحة ولياقة بدنية عالية نسبيا بفضل مواظبته على ممارسة التمارين الرياضية بالقسم العلوي من جسمه في أثناء جلوسه في كرسيه المتحرك.
الفكرة الملهمة التي استخلصها اخصائي العلاج الطبيعي من ذلك كانت: بما أن جيف القعيد في كرسي نجح في أن يجد وسيلة لممارسة التمارين البدنية والمحافظة على لياقته البدنية، فمن الممكن أيضاً لأي شخص آخر أن يفعل الشيء ذاته بطريقته الفريدة الخاصة.
ومنذ ذلك الحين، نشأت فكرة «ذروة اللياقة البدنية» وتطورت باستمرار على أيدي ذلك المعالج وعدد من زملائه، حتى أصبحت الآن تحظى بشهرة واسعة النطاق.
ومعظم الذين يتبنون ويمارسون أسلوب «ذروة اللياقة البدنية» يلمسون فوائد بدنية وذهنية في غضون أسابيع قليلة، بما في ذلك:
- زيادة مستوى وسرعة الأداء الرياضي
- انخفاض في إجمالي شحوم الجسم
- ازدياد ملحوظ في الكتلة العضلية
- شدّ الجلد واختفاء كثير من التجاعيد
- تحسُّن الطاقة الجنسية
لكن تلك ليست كل المنافع. فتمارين «ذروة اللياقة البدنية» تسهم أيضا في تحسين حساسية الأنسولين بنسبة 25 في المئة تقريبا. والواقع أن ذلك أمر بالغ الأهمية، إذ ان إعادة جسمك إلى المستوى الطبيعي من الأنسولين هو العامل الأكثر أهمية في تحسين صحتك العامة والمساعدة في وقايتك من معظم الأمراض، بما في ذلك السكري وأمراض القلب والسرطان.
وفي التالي نلقي بعض الضوء على اثنتين من أبرز منافع تمارين «ذروة اللياقة البدنية»:
• تنشيط هورمون النمو
تسهم تمارين ذروة اللياقة البدنية في تحسين افرازات هورمون النمو البشري الضرورية للصحة والقوة والنشاط، فمن الثابت علميا أنها أساسية في رفع مستوى حساسية الأنسولين، وتسريع معدل فقدان الدهون، وزيادة نمو العضلات.
فعندما تصل إلى منتصف الثلاثينيات من عمرك، فإنك تدخل بيولوجيا مرحلة تباطؤ النمو الجسدي، إذ تتناقص مستوياتك من هورمون النمو تدريجيا، وهذا جزء مما يحرك عملية الشيخوخة. ولكن باستخدام تمارين ذروة اللياقة البدنية يمكنك إبطاء معدل التناقص، بل واستعادة جزء من النقص.
وإلى جانب زيادة إفرازات هورمون النمو، تعزز تمارين ذروة اللياقة البدنية هورمونا آخر يسمى «العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ» (اختصارا»BDNF»)، وهو الهورمون الحيوي المسؤول عن إبقاء مخك شابا ومنتبها ونشيطا، علاوة على أنه يحفز عملية تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا عصبية جديدة، كما أنه يحمي خلايا مخك من التغيرات التي تساعد في الاصابة بالشلل الرعاش والزهايمر.
• زيادة الكتلة العضلية
تساعد تمارين ذروة اللياقة البدنية على نمو وتقوية عضلاتك بطرق لا تستطيعها التمارين الأخرى.
ففي جسمك 3 أنواع من الأنسجة العضلية، ألا وهي:
- عضلات الاختلاج البطيء: وهي ألياف عضلية حمراء تمتلئ بالشعيرات الدموية والميتوكوندريا. وتمارين عضلة القلب التقليدية وتدريبات القوة تنشط وتقوي أليافك العضلية البطيئة فقط.
- عضلات الاختلاج السريع: عبارة عن ألياف عضلية بيضاء تمتلئ بالأكسجين بسرعة ولكنها أسرع بخمس مرات من عضلات الاختلاج البطيء. ووحدها تمارين القوة، أو تمارين القفز، هي التي تنشط وتقوي هذه العضلات.
- عضلات الاختلاج فائق السرعة: تتألف من ألياف عضلية بيضاء تحوي كمية أقل من الدم والميتوكوندريا. وهذه العضلات هي التي يستخدمها الجسم عند القيام بتمارين لاهوائية قصيرة كالركض على جهاز الجري مثلا، أو دفع زلاجة مزودة بأثقال، أو تسلق الدرج. وتمارين عضلة القلب عالية الكثافة هي التي تستخدم هذه الألياف العضلية فائقة السرعة، التي هي أسرع بـ 10 مرات من الألياف البطيئة، وهي المفتاح الأهم لإفراز هورمون النمو.
ويتضح من هذا الشرح سبب كون تمارين ذروة اللياقة البدنية تمنح البدن شعورا بالعافية والصحة، إذ أنها هي التي تنشط إفراز هورمون النمو.
إرشادات لتحقيق نتائج مثالية
• من الأفضل والأنسب أن تؤدي تدريب «ذروة اللياقة البدنية» بمعدل مرتين إلى 3 مرات على الأقل في الأسبوع. فهذا سيحافظ على مستوى لياقتك مرتفعا من خلال إبقاء جسمك قويًا ومرنًا ومتحررا من الآلام العضلية.
• للتأكد من أنك تستفيد بالشكل الأمثل من التدريب، عززه بتعاطي جرعات مناسبة من بروتين تدريب القوة تحت اشراف مدرب لياقة بدنية.
• ينبغي أن تؤدي ما يكفي من التكرارات لإرهاق عضلاتك بالقدر المعقول، لذا قم باستخدام ثقل يكفي للقيام بذلك في أقل من 12 تكرارًا، ولكن ينبغي أن يكون الثقل خفيفا بما يكفي بحيث يمكنك القيام بما لا يقل عن أربعة تكرارات في كل شوط.
• من المهم عدم التركيز على تدريب مجموعات العضلات ذاتها كل يوم. فكل مجموعة عضلات تحتاج عادة إلى راحة لمدة يومين لتتعافى، وتعيد اصلاح وترميم نفسها.
• تمارين إطالة وتمديد العضلات مهمة جدا لدعم خطة وصولك إلى ذروة اللياقة البدنية. فجسمك مصمم ليتحرك، لذلك، إذا جلست طوال اليوم، يتصلب جسمك تدريجيًا ويفقد نطاقًا كاملًا من الحركة. وخمولك يجعل عضلاتك غير مرنة وبالتالي تصبح عرضة للشعور بالألم، وخاصة آلام أسفل الظهر. وحتى عندما تقاطع جلوسك بفواصل متكررة من الوقوف والمشي، فما يزال يتوجب تحريك عضلاتك ومفاصلك ضمن نطاقاتها الكاملة من الحركة لإبقائها قوية.
• النوع المفضل من تمارين إطالة وتمديد العضلات هو الإطالة الديناميكية، وهو يعتمد على تثبيت كل حركة إطالة لمدة ثانيتين فقط أثناء تمديد عضلاتك. وعلى سبيل المثال، يمكنك أن تستلقي على ظهرك وترفع ساقا واحدة مباشرة في الهواء. ومن هذه الوضعية، استخدم عضلاتك ذات الرؤوس الأربعة (على الجزء الأمامي من الفخذ) لتحريك ساقك أقرب إلى رأسك. وبهذا فإنك تطيل عضلات أوتار ركبتك الموجودة في الجزء الخلفي من فخذك.
• هناك شكل آخر من تمارين إطالة وتمديد العضلات، وهو يعرف باسم «الإطالة النشطة المعزولة» (AIS) ويعمل من خلال تركيبة الجسم الفسيولوجية الطبيعية على تحسين الدورة الدموية وزيادة مرونة المفاصل والعضلات – وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مساعدة جسمك في سعيه المستمر إلى إصلاح نفسه ذاتيا. وهذا النوع يكافح التصلب العضلي الذي يعانيه كثيرون يوميا. وتكمن ميزة هذا التمرين في أنه لا يستغرق سوى بضعة دقائق لتمديد جميع مجموعات العضلات الرئيسية في جسمك.
• وفقا لإجماع عدد كبير من اختصاصيي اللياقة البدنية، فإن أجهزة «باور بليت» هو من أفضل أدوات التدريب التي يمكن أن تكون مفيدة جدًا في رفع مستوى مرونة العضلات. وجهاز «باور بليت» هو عبارة عن منصة ميكانيكية تتحرك بضعة سنتيمترات في ثلاثة أبعاد في أي مكان بمعدل يتراوح بين 20 إلى 40 مرة في الثانية. ولأن عضلات الجسم تتجاوب سريعا مع القوى التي يفرضها عليها الجهاز، فإن النتيجة تكون إيجابية من خلال زيادة مضاعفة في مرونة العضلات مقارنة بأداء التمرين ذاته على الأرض.
خطوات صعودك إلى... «الذروة»
في التالي شرح أشرنا اليه في حلقة سابقة حول خطوات وكيفية عمل تدريبات طريقة «ذروة اللياقة البدنية»:
يمكنك الانخراط في تنفيذ برنامج ذروة اللياقة البدنية من خلال أي نوع من التمارين في الهواء الطلق. لكن استخدام معدات صالات الألعاب الرياضية أو معدات التمارين قد يمنحك طائفة أوسع من الخيارات.
يتلخص هدف التدريب في إيصال معدل ضربات قلبك إلى حده الأقصى المثالي، ألا وهو 220 ناقص عدد سنوات عمرك. وهذا هو المستوى الذي يحدث «السحر» عنده إذ يبدأ تحفيز إفراز هورمونات النمو لديك.
إذا استخدمت أجهزة تمارين رياضية، فمن الأفضل أن تبدأ بالاحماء بدراجة ثابتة ومن ثم تنتقل إلى جهازك المفضل، كجهاز الركض مثلا: لكن في كل الأحوال كن حذرا عند استخدام تلك الأجهزة لأنه قد تكون أبطأ في الرد على التغيرات في السرعة وتجعل من الأسهل أن تسقط عندما تكون متعبًا فتكون نتيجة ذلك التواء أوتار ركبتيك أو تمزيق احدى عضلاتك الرئيسية.
في التالي الخطوات والمبادئ الأساسية لتدريب «ذروة اللياقة البدنية»:
• ابدأ بالإحماء الخفيف لمدة 3 دقائق على الأقل.
• بعد ذلك قم بالتمرن بأقصى جهد ممكن لديك على جهازك المفضل (جهاز الجري مثلا) لمدة 30 إلى 50 ثانية إلى أن تشعر وكأنه أصبح لا يمكنك أن تستمر لبضع ثوان أخرى.
• استرح لمدة 90 ثانية، ثم واصل التمرين البدني، ولكن بوتيرة أعلى قليلا من ذي قبل.
• كرر هذه الدورة التناوبية التصاعدية لسبع مرات متتالية. وعندما تبدأ التدريب لأول مرة، قد لا تكون قادراً على القيام إلا بتكرارين أو ثلاثة. لكن عندما تصبح أكثر لياقة يوما بعد يوم، استمر في إضافة تكرارات حتى تصل إلى ثمانية خلال جلسة مدتها 20 دقيقة.
• مع مرور الأيام، هدئ وتيرة شدة التمرين مع زيادة مدة الاستراحة إلى دقيقتين. وعند ذلك سيمتد إجمالي وقت تمرينك إلى نحو 30 دقيقة.
• إذا كانت لياقتك متدنية نسبيا، فقد يستغرق الأمر بضعة أسابيع أو حتى بضعة أشهر حتى تصل إلى ثمانية تكرارات متتالية.
• خلال الأيام الأولى، ستلاحظ العلامات التالية في نهاية كل تكرار.
• سيصبح التنفس صعبًا نسبيًا وقد لا تستطيع أن تتحدث لأنك تفتقر إلى الأكسجين.
• ستتعرق بغزارة، وعادة ما سيبدأ هذا في التكرار الثاني أو الثالث، إلا إذا كانت لديك مشكلة في الغدة الدرقية ولا تعرق كثيرًا عادة.
• سترتفع درجة حرارة جسمك.
• سيزداد إفراز حامض اللاكتيك، لذا ستشعر بحرارة مؤلمة بعض الشيء في العضلات.
لكن كل هذه العلامات ستختفي تدريجيا كلما اصبحت أكثر لياقة وقدرة على التحمل البدني.
يستحسن أن تواظب على أداء هذا التمرين بمعدل مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، إذ إن أداءه بوتيرة أكثر يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث إن جسمك يحتاج الى التعافي والاستراحة.
وبشكل عام، إذا كان لديك تاريخ من أمراض القلب أو أي أمراض مزمنة أخرى، فلا بد من أن تستشير طبيبك أو اخصائي رعاية صحية قبل أن تزاول هذا التدريب البدني المرهق نسبيا.
لكن هناك أسلوبا جديدا متكاملا لممارسة التمارين الرياضية بطريقة مبتكرة في غضون دقائق قليلة، وتؤتي نتائج أكثر فعالية من كل ذلك، وبما يضمن الوصول إلى نقطة التوازن البدني المثالي، وهي الطريقة التي تعرف بـ«ذروة اللياقة البدنية»، وسبق أن أشرنا إليها بإيجاز في حلقة سابقة من «نبض العافية».
في حلقة اليوم، نلقي نظرة أوسع وأشمل على تلك الطريقة التي يمكن أن تأخذ بيدك وصولا إلى «قمة العافية».
«ذروة اللياقة البدنية» هو مصطلح يشير إلى تقنية ترتكز بشكل أساسي على ممارسة التمارين الرياضية عالية الحدة.
ولا تستغرق تمارين «ذروة اللياقة البدنية» سوى 20 دقيقة فقط في الجلسة الواحدة. وإذا قمت بإجراء رسم لمعدل نبضات قلبك خلال الـ20 دقيقة، فستلاحظ أنه يرتفع 8 مرات. ومن بين تلك الدقائق الـ20، لا تمارس التمارين الرياضية بحدة سوى لمدة 4 دقائق فقط. لكنها دقائق عالية الحدة فعلا.
فكرة ومفهوم «ذروة اللياقة البدنية» تم استلهامها قبل بضعة سنوات من التجربة الشخصية لمريض أميركي يدعى جيف جي كان يبلغ من العمر 39 عامًا وكان مصابا بحالة نادرة تعرف بـ «مرض كوشينغ». بسبب ذلك المرض النادر، كانت غدة «جيف النخامية تفرز كميات مفرطة من الهورمونات المحفزة للغدة الكظرية، وكان من الممكن أن يموت في أي وقت من فرط هورمون الكورتيزول، لذا فإنه كان في حاجة إلى معالجة عاجلة.
في البداية ذهب جيف إلى مستشفى جامعة شيكاغو لاستئصال ورم نخامي جراحياً. لكن للأسف ظهرت عليه مضاعفات بسبب التخدير أثناء الجراحة. وكنتيجة لتلك المضاعفات، أصيب بشلل نصفي من خصره ونزولا، ولم تعد ساقاه تتحركان.
لكن سوء حظ جيف لم يتوقف عند ذلك الحد، بل ان الجراحين قطعوا عصبه البصري بالخطأ خلال الجراحة فأصيب بالعمى أيضا! كانت تلك مأساة كاملة. لكن ما أبهر اخصائي العلاج الطبيعي الذي لجأ اليه جيف لاحقاً، هو أنه رغم كونه أعمى ومشلولًا نصفيا، فإنه كان يتمتع بصحة ولياقة بدنية عالية نسبيا بفضل مواظبته على ممارسة التمارين الرياضية بالقسم العلوي من جسمه في أثناء جلوسه في كرسيه المتحرك.
الفكرة الملهمة التي استخلصها اخصائي العلاج الطبيعي من ذلك كانت: بما أن جيف القعيد في كرسي نجح في أن يجد وسيلة لممارسة التمارين البدنية والمحافظة على لياقته البدنية، فمن الممكن أيضاً لأي شخص آخر أن يفعل الشيء ذاته بطريقته الفريدة الخاصة.
ومنذ ذلك الحين، نشأت فكرة «ذروة اللياقة البدنية» وتطورت باستمرار على أيدي ذلك المعالج وعدد من زملائه، حتى أصبحت الآن تحظى بشهرة واسعة النطاق.
ومعظم الذين يتبنون ويمارسون أسلوب «ذروة اللياقة البدنية» يلمسون فوائد بدنية وذهنية في غضون أسابيع قليلة، بما في ذلك:
- زيادة مستوى وسرعة الأداء الرياضي
- انخفاض في إجمالي شحوم الجسم
- ازدياد ملحوظ في الكتلة العضلية
- شدّ الجلد واختفاء كثير من التجاعيد
- تحسُّن الطاقة الجنسية
لكن تلك ليست كل المنافع. فتمارين «ذروة اللياقة البدنية» تسهم أيضا في تحسين حساسية الأنسولين بنسبة 25 في المئة تقريبا. والواقع أن ذلك أمر بالغ الأهمية، إذ ان إعادة جسمك إلى المستوى الطبيعي من الأنسولين هو العامل الأكثر أهمية في تحسين صحتك العامة والمساعدة في وقايتك من معظم الأمراض، بما في ذلك السكري وأمراض القلب والسرطان.
وفي التالي نلقي بعض الضوء على اثنتين من أبرز منافع تمارين «ذروة اللياقة البدنية»:
• تنشيط هورمون النمو
تسهم تمارين ذروة اللياقة البدنية في تحسين افرازات هورمون النمو البشري الضرورية للصحة والقوة والنشاط، فمن الثابت علميا أنها أساسية في رفع مستوى حساسية الأنسولين، وتسريع معدل فقدان الدهون، وزيادة نمو العضلات.
فعندما تصل إلى منتصف الثلاثينيات من عمرك، فإنك تدخل بيولوجيا مرحلة تباطؤ النمو الجسدي، إذ تتناقص مستوياتك من هورمون النمو تدريجيا، وهذا جزء مما يحرك عملية الشيخوخة. ولكن باستخدام تمارين ذروة اللياقة البدنية يمكنك إبطاء معدل التناقص، بل واستعادة جزء من النقص.
وإلى جانب زيادة إفرازات هورمون النمو، تعزز تمارين ذروة اللياقة البدنية هورمونا آخر يسمى «العامل التغذوي العصبي المشتق من المخ» (اختصارا»BDNF»)، وهو الهورمون الحيوي المسؤول عن إبقاء مخك شابا ومنتبها ونشيطا، علاوة على أنه يحفز عملية تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا عصبية جديدة، كما أنه يحمي خلايا مخك من التغيرات التي تساعد في الاصابة بالشلل الرعاش والزهايمر.
• زيادة الكتلة العضلية
تساعد تمارين ذروة اللياقة البدنية على نمو وتقوية عضلاتك بطرق لا تستطيعها التمارين الأخرى.
ففي جسمك 3 أنواع من الأنسجة العضلية، ألا وهي:
- عضلات الاختلاج البطيء: وهي ألياف عضلية حمراء تمتلئ بالشعيرات الدموية والميتوكوندريا. وتمارين عضلة القلب التقليدية وتدريبات القوة تنشط وتقوي أليافك العضلية البطيئة فقط.
- عضلات الاختلاج السريع: عبارة عن ألياف عضلية بيضاء تمتلئ بالأكسجين بسرعة ولكنها أسرع بخمس مرات من عضلات الاختلاج البطيء. ووحدها تمارين القوة، أو تمارين القفز، هي التي تنشط وتقوي هذه العضلات.
- عضلات الاختلاج فائق السرعة: تتألف من ألياف عضلية بيضاء تحوي كمية أقل من الدم والميتوكوندريا. وهذه العضلات هي التي يستخدمها الجسم عند القيام بتمارين لاهوائية قصيرة كالركض على جهاز الجري مثلا، أو دفع زلاجة مزودة بأثقال، أو تسلق الدرج. وتمارين عضلة القلب عالية الكثافة هي التي تستخدم هذه الألياف العضلية فائقة السرعة، التي هي أسرع بـ 10 مرات من الألياف البطيئة، وهي المفتاح الأهم لإفراز هورمون النمو.
ويتضح من هذا الشرح سبب كون تمارين ذروة اللياقة البدنية تمنح البدن شعورا بالعافية والصحة، إذ أنها هي التي تنشط إفراز هورمون النمو.
إرشادات لتحقيق نتائج مثالية
• من الأفضل والأنسب أن تؤدي تدريب «ذروة اللياقة البدنية» بمعدل مرتين إلى 3 مرات على الأقل في الأسبوع. فهذا سيحافظ على مستوى لياقتك مرتفعا من خلال إبقاء جسمك قويًا ومرنًا ومتحررا من الآلام العضلية.
• للتأكد من أنك تستفيد بالشكل الأمثل من التدريب، عززه بتعاطي جرعات مناسبة من بروتين تدريب القوة تحت اشراف مدرب لياقة بدنية.
• ينبغي أن تؤدي ما يكفي من التكرارات لإرهاق عضلاتك بالقدر المعقول، لذا قم باستخدام ثقل يكفي للقيام بذلك في أقل من 12 تكرارًا، ولكن ينبغي أن يكون الثقل خفيفا بما يكفي بحيث يمكنك القيام بما لا يقل عن أربعة تكرارات في كل شوط.
• من المهم عدم التركيز على تدريب مجموعات العضلات ذاتها كل يوم. فكل مجموعة عضلات تحتاج عادة إلى راحة لمدة يومين لتتعافى، وتعيد اصلاح وترميم نفسها.
• تمارين إطالة وتمديد العضلات مهمة جدا لدعم خطة وصولك إلى ذروة اللياقة البدنية. فجسمك مصمم ليتحرك، لذلك، إذا جلست طوال اليوم، يتصلب جسمك تدريجيًا ويفقد نطاقًا كاملًا من الحركة. وخمولك يجعل عضلاتك غير مرنة وبالتالي تصبح عرضة للشعور بالألم، وخاصة آلام أسفل الظهر. وحتى عندما تقاطع جلوسك بفواصل متكررة من الوقوف والمشي، فما يزال يتوجب تحريك عضلاتك ومفاصلك ضمن نطاقاتها الكاملة من الحركة لإبقائها قوية.
• النوع المفضل من تمارين إطالة وتمديد العضلات هو الإطالة الديناميكية، وهو يعتمد على تثبيت كل حركة إطالة لمدة ثانيتين فقط أثناء تمديد عضلاتك. وعلى سبيل المثال، يمكنك أن تستلقي على ظهرك وترفع ساقا واحدة مباشرة في الهواء. ومن هذه الوضعية، استخدم عضلاتك ذات الرؤوس الأربعة (على الجزء الأمامي من الفخذ) لتحريك ساقك أقرب إلى رأسك. وبهذا فإنك تطيل عضلات أوتار ركبتك الموجودة في الجزء الخلفي من فخذك.
• هناك شكل آخر من تمارين إطالة وتمديد العضلات، وهو يعرف باسم «الإطالة النشطة المعزولة» (AIS) ويعمل من خلال تركيبة الجسم الفسيولوجية الطبيعية على تحسين الدورة الدموية وزيادة مرونة المفاصل والعضلات – وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى مساعدة جسمك في سعيه المستمر إلى إصلاح نفسه ذاتيا. وهذا النوع يكافح التصلب العضلي الذي يعانيه كثيرون يوميا. وتكمن ميزة هذا التمرين في أنه لا يستغرق سوى بضعة دقائق لتمديد جميع مجموعات العضلات الرئيسية في جسمك.
• وفقا لإجماع عدد كبير من اختصاصيي اللياقة البدنية، فإن أجهزة «باور بليت» هو من أفضل أدوات التدريب التي يمكن أن تكون مفيدة جدًا في رفع مستوى مرونة العضلات. وجهاز «باور بليت» هو عبارة عن منصة ميكانيكية تتحرك بضعة سنتيمترات في ثلاثة أبعاد في أي مكان بمعدل يتراوح بين 20 إلى 40 مرة في الثانية. ولأن عضلات الجسم تتجاوب سريعا مع القوى التي يفرضها عليها الجهاز، فإن النتيجة تكون إيجابية من خلال زيادة مضاعفة في مرونة العضلات مقارنة بأداء التمرين ذاته على الأرض.
خطوات صعودك إلى... «الذروة»
في التالي شرح أشرنا اليه في حلقة سابقة حول خطوات وكيفية عمل تدريبات طريقة «ذروة اللياقة البدنية»:
يمكنك الانخراط في تنفيذ برنامج ذروة اللياقة البدنية من خلال أي نوع من التمارين في الهواء الطلق. لكن استخدام معدات صالات الألعاب الرياضية أو معدات التمارين قد يمنحك طائفة أوسع من الخيارات.
يتلخص هدف التدريب في إيصال معدل ضربات قلبك إلى حده الأقصى المثالي، ألا وهو 220 ناقص عدد سنوات عمرك. وهذا هو المستوى الذي يحدث «السحر» عنده إذ يبدأ تحفيز إفراز هورمونات النمو لديك.
إذا استخدمت أجهزة تمارين رياضية، فمن الأفضل أن تبدأ بالاحماء بدراجة ثابتة ومن ثم تنتقل إلى جهازك المفضل، كجهاز الركض مثلا: لكن في كل الأحوال كن حذرا عند استخدام تلك الأجهزة لأنه قد تكون أبطأ في الرد على التغيرات في السرعة وتجعل من الأسهل أن تسقط عندما تكون متعبًا فتكون نتيجة ذلك التواء أوتار ركبتيك أو تمزيق احدى عضلاتك الرئيسية.
في التالي الخطوات والمبادئ الأساسية لتدريب «ذروة اللياقة البدنية»:
• ابدأ بالإحماء الخفيف لمدة 3 دقائق على الأقل.
• بعد ذلك قم بالتمرن بأقصى جهد ممكن لديك على جهازك المفضل (جهاز الجري مثلا) لمدة 30 إلى 50 ثانية إلى أن تشعر وكأنه أصبح لا يمكنك أن تستمر لبضع ثوان أخرى.
• استرح لمدة 90 ثانية، ثم واصل التمرين البدني، ولكن بوتيرة أعلى قليلا من ذي قبل.
• كرر هذه الدورة التناوبية التصاعدية لسبع مرات متتالية. وعندما تبدأ التدريب لأول مرة، قد لا تكون قادراً على القيام إلا بتكرارين أو ثلاثة. لكن عندما تصبح أكثر لياقة يوما بعد يوم، استمر في إضافة تكرارات حتى تصل إلى ثمانية خلال جلسة مدتها 20 دقيقة.
• مع مرور الأيام، هدئ وتيرة شدة التمرين مع زيادة مدة الاستراحة إلى دقيقتين. وعند ذلك سيمتد إجمالي وقت تمرينك إلى نحو 30 دقيقة.
• إذا كانت لياقتك متدنية نسبيا، فقد يستغرق الأمر بضعة أسابيع أو حتى بضعة أشهر حتى تصل إلى ثمانية تكرارات متتالية.
• خلال الأيام الأولى، ستلاحظ العلامات التالية في نهاية كل تكرار.
• سيصبح التنفس صعبًا نسبيًا وقد لا تستطيع أن تتحدث لأنك تفتقر إلى الأكسجين.
• ستتعرق بغزارة، وعادة ما سيبدأ هذا في التكرار الثاني أو الثالث، إلا إذا كانت لديك مشكلة في الغدة الدرقية ولا تعرق كثيرًا عادة.
• سترتفع درجة حرارة جسمك.
• سيزداد إفراز حامض اللاكتيك، لذا ستشعر بحرارة مؤلمة بعض الشيء في العضلات.
لكن كل هذه العلامات ستختفي تدريجيا كلما اصبحت أكثر لياقة وقدرة على التحمل البدني.
يستحسن أن تواظب على أداء هذا التمرين بمعدل مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع، إذ إن أداءه بوتيرة أكثر يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث إن جسمك يحتاج الى التعافي والاستراحة.
وبشكل عام، إذا كان لديك تاريخ من أمراض القلب أو أي أمراض مزمنة أخرى، فلا بد من أن تستشير طبيبك أو اخصائي رعاية صحية قبل أن تزاول هذا التدريب البدني المرهق نسبيا.