إجراءات «جراحية» لكبح «تكاثُر» الوافدين... «إخصاء» وإحصاء وإقصاء!
لن تكون هناك جدوى ملموسة من وراء «المضادات الحيوية» إذا لم يتم «إخصاء تماسيح المستنقع»!
ثار نقاش واسع النطاق خلال الفترة الأخيرة الماضية في الكويت - وربما خارجها أيضاً - حول أسباب وتأثيرات والحلول المقترحة لقضية «تكاثر» العمالة الوافدة غير المرغوب فيها، وهو التكاثر الذي يرى قادة رأي عام كويتيون أنه بات يشكل «مرضا في جسد التركيبة السكانية» (الديموغرافية)، وأن له انعكاسات سلبية على «صحة» اقتصاد دولتهم وعلى بُناها التحتية وفرص عمل وعلاج وتعليم ورفاهية مواطنيها.
فلقد أصبح هناك حاليا نحو 3 وافدين في مقابل كل مواطن كويتي، حسب ما يشير المُعدّل التناسبي الديموغرافي، وهو الأمر الذي دعا بعض السياسيين الكويتيين إلى قذف أحجار في «المستنقع» من أجل تحريك ركوده، بما في ذلك حجر فرض مزيد من الرسوم على الوافدين تحديداً، كأحد الحلول المقترحة، فأثار ذلك جدالا بين مؤيدين ومعترضين.
وبينما ما زال بعض من غبار ذلك الجدال عالقاً في الأجواء، لعله من المناسب أن نطرح علاجا «جراحياً» ثلاثي الأبعاد يمكن تقديمه كمقترح، عسى أن يكون جزءاً - جنباً إلى جنب مع إجراءات مدروسة أخرى - من إستراتيجية حكومية متكاملة لحل تلك القضية التي ما من شك في أنها تمس المفهوم الشامل لـ «صحة» حياة شرائح من يعيشون على أرض الكويت، وهو المفهوم الذي يشمل شتى الأبعاد بما في ذلك النفسية.
وبعيداً عن الخوض في دهاليز استعراض أعداد الوافدين وشرائحهم وجنسياتهم ومشاكلهم، نشير مباشرة إلى أن المعالجة الثلاثية المقترحة مستلهمة من عالم العمليات الجراحية، إذ انها تتألف أولا من إجراء عملية «إخصاء» لإيقاف «تكاثر» أعداد الوافدين الفائضين عن الحاجة، تتبعها عملية إحصاء على غرار التشخيص الطبي، ثم «استئصال جراحي» مدروس من خلال عملية إقصاء!
إذاً، فالخطة «الجراحية» الثلاثية المقترحة تتلخص ببساطة في «إخصاء - إحصاء - إقصاء». لكن ما المقصود تحديدا بكل «جراحة»؟
• الإخصاء
قبل الخوض في توضيح مغزى هذه «الجراحة»، من المهم أن نُثبِّت أمامنا على «طاولة العمليات» حقيقة ساطعة مهمة، ألا وهي أنه ليس هناك أي وافد يدخل الكويت إلا بطلب وبعرض عمل (نظريا على الأقل) من جهة كويتية، سواء كانت حكومية أم أهلية، وبموجب موافقات رسمية من جانب كل السلطات المعنية. وبتعبير آخر، الوافدون لا يهبطون خلسة بمظلات على أرض الكويت.
من هذا المنظور، يتلخص المقصود هنا بـ «جراحة الإخصاء» في أن أول خطوة ينبغي القيام بها هي إيقاف كل أشكال الاتجار بالإقامات وكل الممارسات التلاعبية الأخرى من جانب أرباب العمل الوهميين، وهي الممارسات التي تتسبب في إغراق أسواق العمل الكويتية بعمالة إما سائبة أو غير ماهرة أو ليس عليها طلب أساساً.
وبهذا، نكون قد أوقفنا منبع المشكلة، تماما مثلما يعمد أي طبيب جراح إلى اجراء عملية إخصاء إذا أراد منع وإقفال مصدر التكاثر غير المرغوب.
• الإحصاء
الإحصاء في هذا الإطار يضاهي تماماً عملية التشخيص التي يقوم بها أي جراح معالج كي يحدد مواطن الالتهابات أو الأورام التي تحتاج إما إلى مداواة بعقاقير أو حتى إلى استئصال جراحي مدروس بدقة وعناية إذا استدعى الأمر ذلك.
على هذا الأساس، يتعين على الكويت - حكومة وبرلماناً ومجتمعاً مدنياً ورجال أعمال - أن تشرع بعد ذلك في دراسة وتحليل كل عناصر سوق العمل، بما في ذلك متطلباتها الحقيقية من شرائح العمالة، وأعداد وجنسيات وفئات العمالة الموجودة فعليا داخل الدولة، وغير ذلك من الدراسات الإحصائية التي يجب أن تضع في اعتبارها التركيبة الديموغرافية والأفق المستقبلي المنظور لاحتياجات العمل.
في ضوء ذلك الإحصاء، سيصبح لدى الحكومة «تشخيص» موضوعي متكامل بالأرقام يرصد مواطن كل «الأمراض» التي قد تكون كامنة في أعضاء جسد التركيبة السكانية وسوق العمل. وعند هذا، يصبح الطريق ممهدا لإجراء «الاستئصال الجراحي» المتمثل في العملية التالية، ألا وهي«الإقصاء».
• الإقصاء
قبل أن يُساء الفهم، ليس مقصودا بـالإقصاء هنا «الاستئصال» أو الإبعاد العشوائي أو التعسفي لأي وافد، مهما كانت الأسباب التي جعلته يُصنّف تشخيصياً ضمن فئات العمالة الوافدة الفائضة أو حتى السائبة. فهذا الأمر ليس ذنبه أساساً، بل ذنب أرباب تجارة الإقامات الذين يستحقون إخضاع أنشطتهم إلى «جراحة الإخصاء» المُشار اليها آنفاً.
بل المقصود بالإقصاء هنا، الشروع أولا في إيجاد مخارج لإنضاب وتصريف مستنقعات العمالة الزائدة والسائبة لانتشال واقصاء «الضحايا» منها، إما بإرغام من جلبوهم على تصحيح أوضاعهم وإيجاد فرص عمل منتجة حقيقية لهم، أو بالسماح لهم بالتحويل إلى أرباب عمل حقيقيين من دون معوقات، أو باللجوء في النهاية إلى «آخر الدواء» الذي يمكن أن نسميه «استئصال جراحي رحيم» يتمثل في تصفية ملف الوافد الفائض أو السائب، مع ضمان حصوله على كل مستحقاته وفقا للقانون، وترحيله معززاً مكرماً.
ختاماً، القضية شديدة التشعب وتحتاج إلى تفصيلات وتوضيحات أكثر، لكن ما ينبغي توضيحه هو أنه صحيح أن من حق كل كويتي، بل من واجبه - خصوصا السياسيين والبرلمانيين وقادة الرأي - أن يضغط في اتجاه معالجة اختلالات التركيبة السكانية وإعادة هيكلة شرائح الوافدين بشتى السبل والإجراءات القانونية، لكن ينبغي أيضاً أن يدرك أن البداية الصحيحة للعلاج تتمثل في الضغط أولا - وقبل كل شيء - في اتجاه اجراء عملية «الإخصاء» من أجل إغلاق «الصنابير الخلفية» التي يتواصل تسريب خرير العمالة السائبة من خلالها ليغرق سوق العمل ويربك التركيبة السكانية ويشكل عبئاً على البُنى التحتية.
وبتعبيرات طبية، إذا لم يتم إجراء جراحة «إخصاء» لتماسيح تجارة الإقامات، فلن تكون هناك أي جدوى ملموسة من وراء أي إجراءات علاجية أخرى لكبح ذلك التكاثر غير المرغوب، بما في ذلك وصفة زيادة جرعة «المضادات الحيوية» المتمثلة في فرض مزيد من الرسوم على الوافدين.
فلقد أصبح هناك حاليا نحو 3 وافدين في مقابل كل مواطن كويتي، حسب ما يشير المُعدّل التناسبي الديموغرافي، وهو الأمر الذي دعا بعض السياسيين الكويتيين إلى قذف أحجار في «المستنقع» من أجل تحريك ركوده، بما في ذلك حجر فرض مزيد من الرسوم على الوافدين تحديداً، كأحد الحلول المقترحة، فأثار ذلك جدالا بين مؤيدين ومعترضين.
وبينما ما زال بعض من غبار ذلك الجدال عالقاً في الأجواء، لعله من المناسب أن نطرح علاجا «جراحياً» ثلاثي الأبعاد يمكن تقديمه كمقترح، عسى أن يكون جزءاً - جنباً إلى جنب مع إجراءات مدروسة أخرى - من إستراتيجية حكومية متكاملة لحل تلك القضية التي ما من شك في أنها تمس المفهوم الشامل لـ «صحة» حياة شرائح من يعيشون على أرض الكويت، وهو المفهوم الذي يشمل شتى الأبعاد بما في ذلك النفسية.
وبعيداً عن الخوض في دهاليز استعراض أعداد الوافدين وشرائحهم وجنسياتهم ومشاكلهم، نشير مباشرة إلى أن المعالجة الثلاثية المقترحة مستلهمة من عالم العمليات الجراحية، إذ انها تتألف أولا من إجراء عملية «إخصاء» لإيقاف «تكاثر» أعداد الوافدين الفائضين عن الحاجة، تتبعها عملية إحصاء على غرار التشخيص الطبي، ثم «استئصال جراحي» مدروس من خلال عملية إقصاء!
إذاً، فالخطة «الجراحية» الثلاثية المقترحة تتلخص ببساطة في «إخصاء - إحصاء - إقصاء». لكن ما المقصود تحديدا بكل «جراحة»؟
• الإخصاء
قبل الخوض في توضيح مغزى هذه «الجراحة»، من المهم أن نُثبِّت أمامنا على «طاولة العمليات» حقيقة ساطعة مهمة، ألا وهي أنه ليس هناك أي وافد يدخل الكويت إلا بطلب وبعرض عمل (نظريا على الأقل) من جهة كويتية، سواء كانت حكومية أم أهلية، وبموجب موافقات رسمية من جانب كل السلطات المعنية. وبتعبير آخر، الوافدون لا يهبطون خلسة بمظلات على أرض الكويت.
من هذا المنظور، يتلخص المقصود هنا بـ «جراحة الإخصاء» في أن أول خطوة ينبغي القيام بها هي إيقاف كل أشكال الاتجار بالإقامات وكل الممارسات التلاعبية الأخرى من جانب أرباب العمل الوهميين، وهي الممارسات التي تتسبب في إغراق أسواق العمل الكويتية بعمالة إما سائبة أو غير ماهرة أو ليس عليها طلب أساساً.
وبهذا، نكون قد أوقفنا منبع المشكلة، تماما مثلما يعمد أي طبيب جراح إلى اجراء عملية إخصاء إذا أراد منع وإقفال مصدر التكاثر غير المرغوب.
• الإحصاء
الإحصاء في هذا الإطار يضاهي تماماً عملية التشخيص التي يقوم بها أي جراح معالج كي يحدد مواطن الالتهابات أو الأورام التي تحتاج إما إلى مداواة بعقاقير أو حتى إلى استئصال جراحي مدروس بدقة وعناية إذا استدعى الأمر ذلك.
على هذا الأساس، يتعين على الكويت - حكومة وبرلماناً ومجتمعاً مدنياً ورجال أعمال - أن تشرع بعد ذلك في دراسة وتحليل كل عناصر سوق العمل، بما في ذلك متطلباتها الحقيقية من شرائح العمالة، وأعداد وجنسيات وفئات العمالة الموجودة فعليا داخل الدولة، وغير ذلك من الدراسات الإحصائية التي يجب أن تضع في اعتبارها التركيبة الديموغرافية والأفق المستقبلي المنظور لاحتياجات العمل.
في ضوء ذلك الإحصاء، سيصبح لدى الحكومة «تشخيص» موضوعي متكامل بالأرقام يرصد مواطن كل «الأمراض» التي قد تكون كامنة في أعضاء جسد التركيبة السكانية وسوق العمل. وعند هذا، يصبح الطريق ممهدا لإجراء «الاستئصال الجراحي» المتمثل في العملية التالية، ألا وهي«الإقصاء».
• الإقصاء
قبل أن يُساء الفهم، ليس مقصودا بـالإقصاء هنا «الاستئصال» أو الإبعاد العشوائي أو التعسفي لأي وافد، مهما كانت الأسباب التي جعلته يُصنّف تشخيصياً ضمن فئات العمالة الوافدة الفائضة أو حتى السائبة. فهذا الأمر ليس ذنبه أساساً، بل ذنب أرباب تجارة الإقامات الذين يستحقون إخضاع أنشطتهم إلى «جراحة الإخصاء» المُشار اليها آنفاً.
بل المقصود بالإقصاء هنا، الشروع أولا في إيجاد مخارج لإنضاب وتصريف مستنقعات العمالة الزائدة والسائبة لانتشال واقصاء «الضحايا» منها، إما بإرغام من جلبوهم على تصحيح أوضاعهم وإيجاد فرص عمل منتجة حقيقية لهم، أو بالسماح لهم بالتحويل إلى أرباب عمل حقيقيين من دون معوقات، أو باللجوء في النهاية إلى «آخر الدواء» الذي يمكن أن نسميه «استئصال جراحي رحيم» يتمثل في تصفية ملف الوافد الفائض أو السائب، مع ضمان حصوله على كل مستحقاته وفقا للقانون، وترحيله معززاً مكرماً.
ختاماً، القضية شديدة التشعب وتحتاج إلى تفصيلات وتوضيحات أكثر، لكن ما ينبغي توضيحه هو أنه صحيح أن من حق كل كويتي، بل من واجبه - خصوصا السياسيين والبرلمانيين وقادة الرأي - أن يضغط في اتجاه معالجة اختلالات التركيبة السكانية وإعادة هيكلة شرائح الوافدين بشتى السبل والإجراءات القانونية، لكن ينبغي أيضاً أن يدرك أن البداية الصحيحة للعلاج تتمثل في الضغط أولا - وقبل كل شيء - في اتجاه اجراء عملية «الإخصاء» من أجل إغلاق «الصنابير الخلفية» التي يتواصل تسريب خرير العمالة السائبة من خلالها ليغرق سوق العمل ويربك التركيبة السكانية ويشكل عبئاً على البُنى التحتية.
وبتعبيرات طبية، إذا لم يتم إجراء جراحة «إخصاء» لتماسيح تجارة الإقامات، فلن تكون هناك أي جدوى ملموسة من وراء أي إجراءات علاجية أخرى لكبح ذلك التكاثر غير المرغوب، بما في ذلك وصفة زيادة جرعة «المضادات الحيوية» المتمثلة في فرض مزيد من الرسوم على الوافدين.