منصوص عليها شرعاً وقانوناً

قانونيون لـ«الراي»: لابديل عن «الإعدام» في جرائم القتل

تصغير
تكبير
محمد الفيلي: الاتفاقيات الدولية تدعو إلى التخفيف من عقوبة الإعدام وتقليص حالات استخدامها

شريان الشريان: الإعدام عقوبة شرعية وقانونية رادعة للجرائم الخطرة التي تهدد المجتمع

بدر الحسيني: جزاء رادع وحفاظ على المجتمع من انتشار الفوضى والجريمة

أحمد العطالله: نحن في دولة قانون ومؤسسات ومن يرتكب جريمة يعاقب عليها

طلال الحسيني: القوانين الكويتية أقرت ضمانات واسعة لحماية حق الإنسان في الحياة والحرية
أثارت عقوبة الاعدام جدلاً كبيراً بين القانونيين الذين اعتبروا أنها وإن تميزت بالصرامة والقوة، فإن الهدف منها هو وقاية المجتمع من القتلة والمجرمين، معتبرين المطالبة بإلغائها تهديد للمجتمعات الآمنة.

ورأى قانونيون في استطلاع أجرته «الراي» أن إيجاد بدائل لعقوبة الاعدام مثل «الدية» إنما يعتمد على مدى تقبل المجتمع، مشيرين إلى أن «ما يثير تحفظات البعض على عقوبة الاعدام، هو أن العقوبات الأخرى تتيح مجالا للتراجع عندما يُكتشف خطأ، أما في الاعدام فإن اكتشاف الخطأ لايمكن تداركه».


وفيما أكدوا أن الاعدام عقوبة شرعية وقانونية رادعة للجرائم الخطرة التي تهدد المجتمع وتروع أمنه وأمانه، بينوا في الوقت نفسه أن ازدياد نسبة الجرائم أو نقصها أمر يمكن أن يرجع إلى جملة عوامل وظروف شخصية واجتماعية، والتفاصيل في هذه السطور:

عن عقوبة الاعدام، قال الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي: «نحن بصدد موقف اجتماعي، فالدستور الكويتي يجرم العقوبات الوحشية ولكن لا يعرفها»، مبينا أن «التعريف يأتي وفق العرف العام فإذا كان المجتمع يصر عليها فعلى الأقل يجب أن تكون في أضيق نطاق». ورأى الفيلي أنه «في عقوبة الاعدام لسنا بصدد ردع الفاعل لأنه بتنفيذ العقوبة سوف لن يكون هناك فاعل»، مشيرا إلى أن كثيرا من الدول توجهت لإلغاء عقوبة الاعدام وبعضها قلصت استخدامها، مايعني أن هناك موقفا سلبيا منها.

وقال «لعقوبة الاعدام أثران، أولهما اعطاء احساس لذوي المعتدى عليه أن هناك جزاء لحق بالفاعل، ونحن هنا بصدد التعامل مع شعور المجني عليه أو ذويه، أما الشق الآخر فيفترض أن هذه العقوبة تحقق ردعاً عاماً بحيث يتجنب بقية أفراد المجتمع هذا السلوك لأنهم يعلمون أن هناك عقوبة تلحق به».

وعن خيار التعويض المالي (الدية)، لفت الفيلي إلى أن «هذا الأمر موجود في كثير من النظم القانونية، وأخذ به الاسلام للقتل الخطأ وجعله القانون الكويتي أثراً مباشراً»، مضيفا فيما يخص إمكانية أن تكون الدية بديلا لعقوبة الاعدام، بالقول «السؤال هو هل يرضى المجتمع به بديلاً؟»، ومستطردا «إذا نظرنا للتراث العربي نجد أنه كان يتم اللجوء إلى الدية بديلا لعقوبة الاعدام، لذلك فإن الغاء هذه العقوبة أو استمرارها هو أمر منوط بالمجتمع ذاته»، ولافتا إلى أن الاتفاقيات الدولية تدعو إلى التخفيف من عقوبة الاعدام وتقليص حالات استخدامها، خاصة وأن الدول الأكثر تقدما تميل إلى إلغاء هذه العقوبة.

من جانبه، اعتبر نائب رئيس جمعية المحامين شريان الشريان أن الاعدام عقوبة شرعية وقانونية رادعة للجرائم الخطرة التي تهدد المجتمع وتروع أمنه وأمانه، مشيرا إلى أن أغلب دول العالم تبنت هذه العقوبة، ورغم أن هناك ردة في بعض الدول عنها خاصة في أوروبا وبعض الولايات في أمريكا، إلا أن أغلب دول العالم ما زالت تضع هذه العقوبة في أولويات عقوبات الجرائم الخطيرة والتي تعيث في المجتمع فسادا، خاصة إذا كانت الجريمة قتلا أو خطفا أو الارهاب. وأشار الشريان إلى ورود عقوبة الاعدام في القرآن الكريم»القصاص»، موضحا أن»القران نزل لينظم سلوك الانسان، وتنظيم السلوك لا يأتي باعطاء المجرمين فرصة للافلات من العقوبة، وإنما بجعل العقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه بالعبث بأمن المجمتع وحرياته».

ولم يخف الشريان أن الاعدام أصبح مثار جدل، قائلا:»أصبحت هذه العقوبة في القرن الواحد والعشرين جدلية مابين مؤيد ومعارض، إلا إننا نقتدي بقرآننا الكريم الذي أعطى لهذه العقوبة خصوصية، بالاضافة إلى أعطاء مرتكب الجريمة التي سوف تستوجب الاعدام خاصة فيما يتعلق بالقتل فرصة في الحياة، بأن يكون هناك تنازل من أولياء الدم»، مشيرا إلى أنه»في بعض جرائم العوث في الأرض فسادا وإرهاب المجتمع فإن هذه العقوبة لايمكن أن يكون هناك تنازل عنها، سواء من أولياء الدم أو غيرهم»، ومشددا على أنه»من يرتكبون جرائم القتل والتعدي على الأرواح والشرف يمثلون خطراً على المجتمع، وبالتالي استئصالهم يصبح ضروريا وواجبا على الحاكم والمحكوم».

وعن إمكانية إلغاء عقوبة الاعدام وإحلال «الدية»محلها، قال الشريان إن الآية الكريمة ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»حددت المسار، منوها إلى أن هذا القصاص متى أقر بناء على حكم، فإن ذوي المحكوم يمكنهم الاتفاق مع أولياء الدم على تنازل من شأنه أن يعطي حياة لهذا المجرم مرة أخرى، سواء كان بمقابل أو لوجه الله»كيفما شاء أولياء الدم».

بدوره، أيد عضو لجنة الحريات بجمعية المحامين المحامي بدر الحسيني الابقاء على عقوبة الاعدام في بعض الحالات، قائلا «حكم الاعدام بلا شك جزاء رادع لبعض المجرمين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره جريمة قتل همجية بل هو حفاظ على أرواح الأفراد الأحياء من ذوي السلوك الاجرامي». وأضاف ان «الاعدام ليس سلبا لحق الجاني في الحياة، إنما هو حفاظ على حياة مجتمع بأكمله من انتشار الفوضى والجريمة»، مبينا أنه «على الدولة أن تتخذ خطوات جادة تجاه توعية الأفراد ونشر الثقافة القانونية، وذلك بعمل حملات توعية عبر وزارة الإعلام والمواقع الإعلامية للحد من انتشار الجريمة»

وأيد المحامي أحمد العطالله إن «الاعدام يحد من ظاهرة الاستهتار بأرواح الآخرين ويقلل من انتشار جرائم القتل وتجارة المخدرات وغيرها من جرائم العنف»، معتبرا المطالبة بإلغاء عقوبة الاعدام، يصب في مصلحة النفس الشيطانية وهم أصحاب جرائم العنف، ومشيرا إلى أن وجود حكم الاعدام يجعل هؤلاء على يقين بمصيرهم. وقال: «نحن في دولة قانون ومؤسسات ومن يرتكب جريمة يعاقب بمثلها في القانون».

وفي السياق ذاته، رأى المحامي طلال الحسيني أن الدستور والقوانين الكويتيه أقرت ضمانات واسعة لحماية حق الإنسان في الحياة والحرية، فضلاً عن أن الأصل هو براءة المتهم، مبينا أن «إدانة المتهم تحتاج إلى إثبات قوي لانهاء خلاف الأصل ما يستدعي جناية كاملة، ووجود الشبهة ينفي تكامل الجناية بذلك تنهار التهمة لأدنى شبهة في عدالة المحاكم». وعما إذا كان تنفيذ حكم الاعدام رادعا للمجرمين، لفت الحسيني إلى أن «هناك بعض الجرائم كالقتل ثأراً يعلم مرتكبها مسبقا أنه قد يُحكم عليه بالاعدام إلا أنه يصر علي ارتكابها ولا يبالي بالعقوبة»، مستدركا بأنه «إذا تُرك المجرم دون عقاب رادع مماثل للجريمة، كان ذلك دافعا إلى مزيد من الجرائم، ولا يجوز المساس بحق من حقوق الله بالمقدار الذي سنح الله بذلك». وتابع أن «عقوبة الاعدام ليست فقط للقتلة، ولكن هناك جرائم أخرى توسع التشريع في عقاب مرتكبها مثل هتك العرض والاعتداء على الأطفال»، مشيرا إلى أنه يمكن التدرج مع الجاني وإلغاء عقوبة الإعدام في غير جرائم القتل العمد.

وعما إذا كانت عقوبة الاعدام وُجدت لتحقيق مفهوم العدالة في المجتمع، أكد الحسيني أن «القيمة العليا في التشريع هي العدالة، معتبرا أن «إلغاء عقوبة الاعدام يهدد أمن المجتمعات في جرائم القتل العمد البشعة تحديداً، فيما إن وجودها يحقق العدالة بعد تأييد جميع درجات التقاضي ومصادقة سمو الأمير عليها، فمن قتل يُقتل وفيها منع للثأر وتكرار جرائم القتل العمد».

أما عن إمكانية إيجاد عقوبة أخرى بديلة كالحبس أو الأشغال الشاقة، قال الحسيني: «في غير القتل العمد، فإن السجن المشدد عقوبة أكثر قسوة وإيلاماً من الإعدام، ويمكن الاكتفاء بتطبيق الاعدام في الجرائم الأشد خطورة»، مبينا أن ارتفاع معدلات الجريمة أو نقصها يمكن أن يرجع إلى جملة عوامل وظروف شخصية واجتماعية، لعل أقلها شأناً تأثير العقاب في النفوس، ولافتا إلى أن «اقرار عقوبات مشددة مقيدة للحرية في جو مهيأ لتنقية الروح وتهذيب الأخلاق وبيان حقيقة الفعل المرتكب وإعادة التأهيل، فهذا يضيف للدولة والمجتمع بشكل عام»

أما عن امكانية الغاء عقوبة الاعدام وإحلال «الدية» محلها، فاعتبر الحسيني أن «حق الخيار في (الدية) هو لولي الدم، وإذا كان للجاني حق واجب الحماية، فإن حقوق المجني عليه أولى بهذا الواجب».

وعن امتثال الكويت للاتفاقيات الدولية، أكد الحسيني أن «الدولة ذات سيادة على أراضيها ولها نظامها العام الذي قد يهدد التخلي عنه المجتمعات الآمنة». وتابع: «رغم ذلك فإن الكويت من أكثر الدول العربية تحفظاً في تنفيذ أحكام الاعدام، وهي ليست بمعزل عن مساعي منظمات دولية لإلغاء هذه العقوبة أو التخفيف منها»، مشيرا إلى أن «الكويت قبلت توصية من لجنة حقوق الانسان في ما يتعلق بتطبيق الاعدام على أشد الجرائم خطورة، لكنها في المقابل رفضت بعض التوصيات المنفصلة التي دعت إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي