ارتفاع الكولسترول... كيف تحمي صحتك من شروره؟

تصغير
تكبير
تراكم الكولسترول في الدم يجعل جدران الشرايين أكثر صلابة فيشكل ذلك عبئاً على القلب

انسداد شريان بالكولسترول يخلق مشاكل خطيرة من بينها الذبحة الصدرية والسكتة الدماغية

يُوصى بألا تتجاوز كمية الدهون المشبعة 11 في المئة من إجمالي ما تأكله

لا تتعاطى أي عقاقير مخفّضة للكولسترول إلا تحت إشراف طبي بما في ذلك الـ«ستاتينات»

جرعة يومية منخفضة من الأسبرين قد تفيد في تخفيض الكولسترول لكن القرار يعود إلى الطبيب المعالج دائماً
في ظل أنماط الحياة المعاصرة التي تتسم بقلة الحركة وكثرة الأغذية والمشروبات ذات الدهون والسعرات الحرارية العالية، أصبح كثيرون يعانون من التأثيرات والمضاعفات الكثيرة التي تنجم عن مشكلة ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.

والكولسترول عموما هو مادة دهنية شمعية، وهي المادة الأساسية في تكوين أغشية خلايا جميع أنسجة الكائنات الحية. ويلعب الكولسترول دوراً مهماً في عملية الاستقلاب أو التمثيل الغذائي، ويوجد منه في الجسم نوعان أحدهما مفيد (HDL) عندما يكون في حدود معينةK بينما الآخر ضار (LDL) إذا زاد عن مستوى معين.


يؤدي ارتفاع نسبة الكولسترول بنوعيه في الدم إلى نشوء وتكتل ترسبات داخل جدران الأوعية الشريانية، فتكون نتيجة ذلك أنها تقسو وتتصلب فيصعب على القلب ضخ الدم فيها. ومن الممكن أن تتفتت هذه الترسبات لاحقا لتتحول إلى تجلطات دموية صغيرة تسبح مع الدم إلى أن تصل إلى شريان صغير فتسده فيتسبب ذلك في مشكلة ما. فمثلاً، تحدث ذبحة صدرية إذا كان شرياناً قلبيا، و تحدث سكتة دماغية

إذا كان شرياناً دماغياً.

في التالي نستعرض عددا من الاجراءات التي يفيد اتباعها في مكافحة تلك المشكلة التي تهدد صحة كثيرين.

• تفادي الدهون المشبعة يوصى دائما باتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، أي يحتوي نسبا قليلة من الدهون المشبعة. ويسهم مثل ذلك النظام في ضبط وتخفيض مستوى الكولسترول السيئ (LDL)، وهو نوع من البروتين الشحمي منخفض الكثافة. ولتحقيق ذلك، ينصح عادة بتقليل أو حتى الامتناع عن تناول معظم الأغذية الغنية بالدهون المشبعة، ومن أهمها:

- منتجات اللحوم الدهنية المعالجة، كالنقانق واللانشون

- منتجات الألبان عالية الدسم، كالزبد والأجبان.

- الكريمات والمثلجات.

- الحلويات والبسكويت.

- منتجات الكاكاو والشيكولاتة بالحليب.

- زيت وكريم جوز الهند وزيت النخيل.

كما يوصي الأطباء واختصاصيو التغذية بألا تتجاوز كمية الطاقة الغذائية التي يحصل عليها الشخص من الدهون المشبعة ما نسبته 11 في المئة من إجمالي ما يأكله. وتعادل هذه النسبة من الدهون المشبعة 30 غراماً للرجال و20 غراماً للنساء في اليوم الواحد.

لذا ينبغي الحرص على قراءة المعلومات الغذائية المدونة على عبوات الأطعمة التي يتم شراؤها جاهزة، وذلك لمعرفة كميات ونسب الدهون المشبعة الموجودة في مكوناتها.

• تناول أحماض أوميغا 3 الدهنية

يعتقد كثير من الباحثين أن الدهون الموجودة في الأفوكادو والأسماك الدهنية، مثل سمك الماكيريل والسالمون والتونة، هي من أنواع الدهون الجيدة. وتعرف هذه الدهون بأحماض أوميغا 3 الدهنية، والتي يمكن للجرعات العالية منها أن تخفض مستويات الشحوم ثلاثية الغليسيريد عند بعض المرضى؛ إلا أن الافراط في تناول أحماض أوميغا 3 الدهنية قد يسبب البدانة.

ويُعتقد أن تناول الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستوى الشحوم ثلاثية الغليسيريد لحصتين على الأقل من الأسماك الدهنية أسبوعياً سوف يكون مفيداً، إلا أنه لا توجد أدلةٌ على أن لتناول مكملات أحماض أوميغا 3 الدهنية نفس الفائدة.

• تعاطي العقاقير

هناك عقاقير كثيرة يشيع وصفها لضبط ومعالجة ارتفاع الكولسترول، وهي العقاقير التي يعمل كل واحد منها بطريقة معينة. لكن كقاعدة عامة، يجب عدم تعاطي أي عقاقير مخفضة للكولسترول أو لضغط الدم إلا تحت إشراف طبي.

ومن بين أشهر تلك العقاقير وأكثرها شيوعا ما يلي:

- الـ«ستاتينات» (statins)

تعمل عقاقير الـ«ستاتينات» عن طريق قيامها بمنع إنزيمات الكبد من تصنيع أو إنتاج الكولسترول، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض مستوى الكولسترول في الدم.

وعادة، لا يصف الأطباء عقاقير الـ«ستاتينات» إلا للمرضى المعرضين لخطر كبير للإصابة بأمراض القلب، ويكون عليهم استعماله طوال حياتهم. و بمجرد إيقاف استعمال هذه العقاقير، تبدأ مستويات الكولسترول بالارتفاع مجدداً لديهم.

وهناك آثار جانبية لاستعمال الـ«ستاتينات»، بما في ذلك: الصداع، والآلام العضلية، واضرابات في الجهاز الهضمي كالإسهال أو الإمساك.

- عقار «إيزيتيميب»

هذا العقار هو عبارة عن دواء يعمل عن طريق منع امتصاص الكولسترول إلى الدم من الطعام ومن العصارة الصفراء في الأمعاء. وعادة ما تكون فعالية هذا الدواء أقل من فعالية الـ«ستاتينات»، ولكن احتمال تسببه في آثار جانبية يعتبر أقل.

ويمكن تعاطي عقار «إيزيتيميب» بالتزامن مع الـ«ستاتينات» إذا قرر الطبيب المعالج أن ذلك مناسب. وتكون الآثار الجانبية الناجمة عن هذه التوليفة هي الآثار ذاتها التي تنجم عن تعاطي الـ«ستاتينات» فقط، اي آلام عضلية واضطرابات في الجهاز الهضمي.

- الأسبرين

في بعض الحالات، قد يصف الطبيب للمريض أن يتعاطى جرعة يومية منخفضة من الأسبرين، لكن هذا يعتمد عادة على عمر الشخص إلى جانب عوامل خطورة أخرى.

فجرعة الأسبرين اليومية المنخفضة يمكنها أن تفيد في منع نشوء تجلطات دموية داخل الأوعية الدموية، وخصوصاً لدى المرضى الذين سبق لهم أن أصيبوا بنوبة قلبية، أو أصيبوا بأحد أمراض الأوعية الدموية، أو عند خشية تعرُّض المريض للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

• نصائح عامة

ختاما، اليكم هذه النصائح العامة المتعلقة بمشكلة ارتفاع الكولسترول:

- فور تشخيص إصابتك بارتفاع الكولسترول، احرص على أن تحصل من طبيبك المعالج على كافة الإرشادات السليمة اللازمة للسيطرة على ذلك الارتفاع، والأهم من ذلك هو أن تتبع تلك الإرشادات بدقة.

- إذا لم ينخفض مستوى الكولسترول لديك بعد تطبيق تلك الإرشادات على مدار 3 أشهر متواصلة على الأقل، فعليك أن تلجأ إلى طبيبك ليقرر ما إذا كنت في حاجة إلى تعاطي عقاقير خافضة للكولسترول.

- تعديل نظامك الغذائي والإقلاع عن التدخين وممارسة التمارين الرياضية بانتظام هي أمور تفيد كثيرا في الوقاية من ارتفاع الكولسترول.

أنواع الكولسترول

ينقسم الكولسترول إلى نوعين أساسيين. النوع الأول مفيد، وهو بروتين دهني عالي الكثافة، ويجب أن تكون نسبته الطبيعية في الدم أعلى من 40 مليغرام/ديسيلتر. أمّا النوع الثاني فهو ضار، ويتألف من بروتين دهني منخفض الكثافة، ويجب أن تكون نسبته الطبيعية في الدم أقل من 100/مليغرام/ديسيلتر.

ويقوم الجسم بتصنيع الكولسترول حسب الأطعمة التي يتغذى بها، ويوجد الكولسترول بشكل جاهز في بعض الأغذية مثل الصدفيات والبيض والجمبري. وينتج الكبد والأمعاء الكولسترول ثم ينتقل إلى بلازما الدم عن طريق البروتينات الدهنية.

وتتفاوت نسبة الكولسترول الطبيعية لدى الشخص البالغ ما بين 140 إلى 200 مليغرام/ ديسيلتر تقريبا. والكولسترول هو اللبنة الأساسية التي تشكّل الهرمونات الستيرويدية وفيتامين D.

عند ارتفاع نسبة الكولسترول الضار في الدم سواء لأسباب غذائية أو لأسباب وراثيّة، فإن ذلك يسهم في الإصابة بأمراض عدة خطيرة، بما في ذلك تصلب الشرايين واحتشاء عضلة القلب والذبحة الصدرية والسكتة الدماغية.

وفي المقابل، فإن الكولسترول المفيد يحمي الجسم من أمراض عدة، وهو يسمى «كولسترول» حميدا لأنّه غير ضار بالصحة، كما أنه يساعد في نقل الكولسترول الضار إلى الكبد الذي يحوّله إلى عصارة المرارة.

وفي الأحوال العادية، يمكن خفض نسبة الكولسترول الضار في الدم عن طريق تناول ملعقة كبيرة من زيت السمك أو مقدار كبسولة واحدة من زيت السمك كل يوم.

لكن من الأفضل في معظم الأحوال استشارة طبيب أولا والمواظبة على تناول العلاج المناسب، لا سيما إذا كان ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم ناجما عن الإصابة بأحد أمراض القلب والأوعية الدموية.

... وأعراض ارتفاعه

في كثير من الحالات، لا يكون ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم مصحوبا بأعراض محددة. ولهذا فإنه من الممكن أن يبقى شخص مصابا بارتفاع الكولسترول لمدة طويلة دون أن يكتشف ذلك إلا عن طريق فحوصات الدم أو بعد تشخيص الإصابة بأمراض معينة من أبرزها ما يلي:

• ارتفاع ضغط الدم: هناك علاقة مباشرة بين ارتفاع الكولسترول وارتفاع ضغط الدم، حيث يؤدي تصلّب الشرايين وتضيقها بسبب ترسبات الكولسترول والكالسيوم داخلها إلى زيادة الجهد على عضلة القلب، وهو الأمر الذي يجعلها تنقبض بشدة أكبر لتدفع الدم في هذه الأوعية، ولأن معدل ضغط الدم يعتمد على عاملين اثنين هما قوة التدفق من القلب ومقدار مقاومة الأوعية الدموية، فإن ارتفاع الكولسترول يرفع هذين العاملين فتكون النتيجة ارتفاع ضغط الدم.

• أمراض القلب والشرايين: هذه الأمراض هي من أبرز المشاكل الصحية التي تنتج عن ارتفاع الكولسترول الذي يترسّب ويتراكم على الجدران الداخلية للشرايين التاجية، فيسبب تصلباً فيها وتضيقا في أماكن متفرقة فيؤدي ذلك إلى عرقلة تدفق الدم فيها، وتكون نتيجة ذلك نقص كمية الدم التي تصل إلى عضلة القلب مما يسبب ذبحات قلبية أو احتشاء في عضلة القلب إذا وصل انسداد الشريان إلى درجة كبيرة.

• السكتة الدماغيّة: تصلّب الشرايين الناجم عن ارتفاع الكولسترول قد يصيب الشرايين المغذية للدماغ، وأي انسداد في أحد الشرايين الدماغية يؤدي إلى السكتة الدماغية.

• أمراض الأوعية الطرفيّة: هنالك علاقة قوية بين ارتفاع الكولسترول وتضيّق الشرايين الطرفية البعيدة عن القلب والدماغ فتترسب فيها الدهون ويتسبب ذلك في إعاقة تدفق الدم إلى تلك الأطراف، وبخاصة الساقين والقدمين.

• داء السكري: يتسبب داء السكري في ارتفاع نسبة سكر الغلوكوز في الدم، وهو الأمر الذي يؤدي مع مرور الوقت إلى زيادة نسبة الكولسترول الضار وترسبه في داخل الشرايين مع تقليل نسبة الكولسترول المفيد.

• الضعف الجنسي عند الرجال: بما أن ارتفاع الكولسترول يؤدي إلى التأثير سلبيا على جميع الأوعية الدموية في الجسم، فإن ذلك التأثير يطال الأوعية المغذية للأعضاء التناسلية لدى الذكور بشكل خاص، ما يؤدي إلى ضعف الانتصاب لديهم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي