رغم الإيحاءات بأنها وُلدت على الطريق من حلب الى إدلب
الحريري وحكومته الجديدة ... لم يربح لكنه لم يخسر
تعكس الصورة التذكارية للحكومة اللبنانية الجديدة، المقرّر التقاطها غداً، صورةَ ما هو عليه لبنان والاقليم بوضوحٍ وبلا «فوتوشوب»، ما يجعلها حكومة «أفضل الممكن» بالنسبة الى جميع اللاعبين المحليين الذين يشكلون امتداداً لمشروعيْن «يتطاحنان» على طول خطوط العرض والطول في الملعب اللاهب في المنطقة.
فالصورة التي سيتوسّطها رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري ومعهما رئيس البرلمان نبيه بري، تشكّل في التوازنات التي رستْ عليها، بعد منازلاتٍ ومناورات كثيفة، الحال الذي بلغتْه موازين القوى في لبنان والمنطقة على حد سواء، بفعل الصراع الكبير الذي كانت واحدة من تجلياته اغتيال الرئيس رفيق الحريري في فبراير العام 2005.
ورغم انخراط بيروت وعلى عجل في جرْدة لحسابات الربح والخسارة التي انطوت عليها الحكومة الاولى لعهد الرئيس ميشال عون والثانية للرئيس سعد الحريري، والخروج بخلاصات متناقضة في توزيع الانتصارات والهزائم على القوى السياسية، فإن من الصعب بلوغ استنتاجات على طريقة «الأبيض والأسْود» في واقعٍ لبناني واقليمي بالغ التعقيد.
وليس أدلّ على هذا «الاستعجال» من ان الجميع تحدّثوا عن انتصاراتهم وعن هزائم الآخرين في محاولاتٍ لإظهار حجم المكتسبات في لعبة الأحجام في حكومةٍ لن تعمّر طويلاً ومهمتها الأهمّ إقرار قانون انتخاب جديد لملاقاة الاستحقاق الانتخابي في مايو المقبل، والذي في ضوء نتائجه يمكن ان ترتسم معالم توازنات جديدة في البلاد على وهج التحولات الجارية في المنطقة.
هل هي حكومة ما بعد حلب او حكومة ما قبل إدلب؟... انه السؤال المحوري الذي تعكس محاولة الإجابة عليه مجموعة من الحقائق التي تحكم الوقائع اللبنانية، المرتبطة وعلى طريقة الأوعية المتصلة بالواقع الاقليمي ومتغيّراته الحالية لمصلحة المحور الايراني - الروسي وعلى عتبة تحوّلات دولية اسمها الحرَكي دونالد ترامب وخياراته المحتملة في المنطقة.
فمن الصعب مقاربة الهويّة السياسيّة للحكومة الجديدة وتَوازُناتها بمعزل عن المسار الذي جاء بها ومجموعة التفاهمات التي أنتجت ما يمكن وصفه بالمرحلة الجديدة في لبنان. فهذه الحكومة التي تعدّدتْ ألقابها هي بنت التسوية السياسية التي زاوجتْ بين فتح الطريق امام العماد ميشال عون للوصول الى القصر الرئاسي بالتوازي مع فتح الطريق أمام الرئيس سعد الحريري للعودة الى السرايا الحكومية.
ومغزى هذه التسوية، التي ما زالت سارية المفعول رغم تطويع حلب، ان التوازن السلبي بين «القاطرتيْن» السنية والشيعية في البلاد يجعل من الصعب لإحداها «اجتياح» الأخرى في إطار معادلةٍ تُشْبِه مانعةَ صواعق وتقوم على انه يحق لإحداهما المبادرة وللأخرى ممارسة «الفيتو»، وهو ما أظهرتْه الانتخابات الرئاسية ومن ثم تشكيل الحكومة.
فصحيح ان العماد عون كان مرشّح «محور الممانعة» واحتجز «حزب الله» الانتخابات الرئاسية لنحو عامين ونصف العام من اجل وصول مرشحه، إلا ان عون لم يكن ليصل من دون موافقة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري في اطار تسويةٍ أعادت الأخير الى السلطة بعدما كان أقصاه «حزب الله» بانقلابٍ سياسي - دستوري العام 2011. ولم يكن تسهيل «حزب الله»، الذي سعى في مراحل عدة الى «اجتثاث الحريرية السياسية»، عودة زعيم «المستقبل» الى السلطة نتيجة قرار «أخلاقي» او خيار على طريق المصالحة الوطنية، بل جاء اضطرارياً تحت وطأة الحاجة الى مراعاة التوازنات الداخلية التي جعلتْ من عون مرشح المسيحيين وبدعم من السنّة، الأمر الذي أفضى الى تسوية لمصلحة عون والحريري معاً.
وبهذا المعنى، فان «حزب الله» ربح في الاستراتيجيا عندما أوصل حليفه العماد عون الى الرئاسة الاولى، لكنه خسر جولة في معركته للاستمرار في إبعاد الحريري الذي أبرم وببراعةٍ تسويةً مع العماد عون كان من شأنها الحدّ من الاختلال الذي أصاب التوازنات الداخلية بفعل تَبدُّل موازين القوى في المنطقة.
وما يصحّ على «حزب الله» في الملف الرئاسي يصحّ على الحريري في تشكيله حكومةً اضطرّ الى تقديم تنازلات لإمرارها تحت وطأة وهج سقوط حلب. فهو الذي ربح رئاسة الحكومة وحصةً وازنة فيها، خسر في لعبة التوازنات بعدما سلّم بتكبير حجم الحكومة لتضمّ المزيد من خصومه، خصوصاً بعض «الرؤوس الحامية» المناهِضة له.
غير ان ميزان الربح والخسارة في اللحظة السياسية الراهنة في لبنان سكيون بيد الرئيس عون وفريقه كـ «بيضة قبان» في ترجيح هذه الكفة او تلك، وسط مقاربتيْن لما سيكون عليه عهده، واحدة تعتقد ان مشروع عون - الرئيس سيصطدم لا محالة بمشروع «حزب الله» الذي يشكل «شريكاً مضارباً» للدولة، وأخرى تعكس اطمئنان عون و«حزب الله» الى تحالفهما الراسخ والثابت كأولوية تتقدّم على التفاهمات مع الآخرين.
فالصورة التي سيتوسّطها رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري ومعهما رئيس البرلمان نبيه بري، تشكّل في التوازنات التي رستْ عليها، بعد منازلاتٍ ومناورات كثيفة، الحال الذي بلغتْه موازين القوى في لبنان والمنطقة على حد سواء، بفعل الصراع الكبير الذي كانت واحدة من تجلياته اغتيال الرئيس رفيق الحريري في فبراير العام 2005.
ورغم انخراط بيروت وعلى عجل في جرْدة لحسابات الربح والخسارة التي انطوت عليها الحكومة الاولى لعهد الرئيس ميشال عون والثانية للرئيس سعد الحريري، والخروج بخلاصات متناقضة في توزيع الانتصارات والهزائم على القوى السياسية، فإن من الصعب بلوغ استنتاجات على طريقة «الأبيض والأسْود» في واقعٍ لبناني واقليمي بالغ التعقيد.
وليس أدلّ على هذا «الاستعجال» من ان الجميع تحدّثوا عن انتصاراتهم وعن هزائم الآخرين في محاولاتٍ لإظهار حجم المكتسبات في لعبة الأحجام في حكومةٍ لن تعمّر طويلاً ومهمتها الأهمّ إقرار قانون انتخاب جديد لملاقاة الاستحقاق الانتخابي في مايو المقبل، والذي في ضوء نتائجه يمكن ان ترتسم معالم توازنات جديدة في البلاد على وهج التحولات الجارية في المنطقة.
هل هي حكومة ما بعد حلب او حكومة ما قبل إدلب؟... انه السؤال المحوري الذي تعكس محاولة الإجابة عليه مجموعة من الحقائق التي تحكم الوقائع اللبنانية، المرتبطة وعلى طريقة الأوعية المتصلة بالواقع الاقليمي ومتغيّراته الحالية لمصلحة المحور الايراني - الروسي وعلى عتبة تحوّلات دولية اسمها الحرَكي دونالد ترامب وخياراته المحتملة في المنطقة.
فمن الصعب مقاربة الهويّة السياسيّة للحكومة الجديدة وتَوازُناتها بمعزل عن المسار الذي جاء بها ومجموعة التفاهمات التي أنتجت ما يمكن وصفه بالمرحلة الجديدة في لبنان. فهذه الحكومة التي تعدّدتْ ألقابها هي بنت التسوية السياسية التي زاوجتْ بين فتح الطريق امام العماد ميشال عون للوصول الى القصر الرئاسي بالتوازي مع فتح الطريق أمام الرئيس سعد الحريري للعودة الى السرايا الحكومية.
ومغزى هذه التسوية، التي ما زالت سارية المفعول رغم تطويع حلب، ان التوازن السلبي بين «القاطرتيْن» السنية والشيعية في البلاد يجعل من الصعب لإحداها «اجتياح» الأخرى في إطار معادلةٍ تُشْبِه مانعةَ صواعق وتقوم على انه يحق لإحداهما المبادرة وللأخرى ممارسة «الفيتو»، وهو ما أظهرتْه الانتخابات الرئاسية ومن ثم تشكيل الحكومة.
فصحيح ان العماد عون كان مرشّح «محور الممانعة» واحتجز «حزب الله» الانتخابات الرئاسية لنحو عامين ونصف العام من اجل وصول مرشحه، إلا ان عون لم يكن ليصل من دون موافقة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري في اطار تسويةٍ أعادت الأخير الى السلطة بعدما كان أقصاه «حزب الله» بانقلابٍ سياسي - دستوري العام 2011. ولم يكن تسهيل «حزب الله»، الذي سعى في مراحل عدة الى «اجتثاث الحريرية السياسية»، عودة زعيم «المستقبل» الى السلطة نتيجة قرار «أخلاقي» او خيار على طريق المصالحة الوطنية، بل جاء اضطرارياً تحت وطأة الحاجة الى مراعاة التوازنات الداخلية التي جعلتْ من عون مرشح المسيحيين وبدعم من السنّة، الأمر الذي أفضى الى تسوية لمصلحة عون والحريري معاً.
وبهذا المعنى، فان «حزب الله» ربح في الاستراتيجيا عندما أوصل حليفه العماد عون الى الرئاسة الاولى، لكنه خسر جولة في معركته للاستمرار في إبعاد الحريري الذي أبرم وببراعةٍ تسويةً مع العماد عون كان من شأنها الحدّ من الاختلال الذي أصاب التوازنات الداخلية بفعل تَبدُّل موازين القوى في المنطقة.
وما يصحّ على «حزب الله» في الملف الرئاسي يصحّ على الحريري في تشكيله حكومةً اضطرّ الى تقديم تنازلات لإمرارها تحت وطأة وهج سقوط حلب. فهو الذي ربح رئاسة الحكومة وحصةً وازنة فيها، خسر في لعبة التوازنات بعدما سلّم بتكبير حجم الحكومة لتضمّ المزيد من خصومه، خصوصاً بعض «الرؤوس الحامية» المناهِضة له.
غير ان ميزان الربح والخسارة في اللحظة السياسية الراهنة في لبنان سكيون بيد الرئيس عون وفريقه كـ «بيضة قبان» في ترجيح هذه الكفة او تلك، وسط مقاربتيْن لما سيكون عليه عهده، واحدة تعتقد ان مشروع عون - الرئيس سيصطدم لا محالة بمشروع «حزب الله» الذي يشكل «شريكاً مضارباً» للدولة، وأخرى تعكس اطمئنان عون و«حزب الله» الى تحالفهما الراسخ والثابت كأولوية تتقدّم على التفاهمات مع الآخرين.