الرأي اليوم / صوتي لمرزوق

تصغير
تكبير
كنت أكثر من كتب بضرورة تغليب العقل على العاطفة عند تناول الأمور السياسية والوطنية، لكنني اليوم سأكتب مُغلّباً العقل والعاطفة عند الحديث عن مرزوق الغانم شخصاً ورئيساً.

أعرف أن مواقف كثيرة تخالف مرزوق تصاغ بحبر المسؤولية أو حبر الموقف أو حبر الحماسة أو حبر المصلحة... وهذا أمر طبيعي ومفهوم ومُقدّر مهما اختلفت الآراء.


وأعرف أن مواقف أكثر تصاغ بحبر الحقد والكيدية والانتقام خصوصاً من قبل متضرّرين تأذّوا من حركة مرزوق السياسية على مدى أعوام. وهذا أيضاً أمر طبيعي، إنما ما هو غير طبيعي أن يتم تغليف هذه المواقف بغطاء وطني أو ديني أو مذهبي وكأنّ الناس ألغت عقولها وباتت تصدّق من يحاضرون بالعفّة وهم يعومون حتى النخاع في بحيرة الخطيئة.

وأعرف أن «أسلحة العودة» إلى المشهد السياسي المحرمة في أي مكان مُحلّلة عند هؤلاء... ارفع السقف المذهبي، الطائفي، القبلي، العنصري. ازرع خوفاً مصطنعاً يساهم في زيادة الانقسامات ويخلق بيئة فاسدة ترفع من شأن الولاءات الضيقة على حساب الولاء للدولة والمؤسسات. اقتل وطناً ومزّق مجتمعاً ووسّع دائرة الغرائز كي تصل، فالمهم أن تصل عبر صندوق الاقتراع وتصبح بالتالي «صندوق اقتراح» يضع فيه من يدعمك ويحركك ما يشاء من أوراق مفخّخة وملفات ومشاريع.

لماذا مرزوق تحديداً؟

ليس سراً أن تكتّلاً قوياً وحديدياً نشأ في الكويت بعد التحرير، ضم سياسيين من أصحاب المصالح وشيوخاً من أصحاب المآرب ومتموّلين من أصحاب المفاسد. تكتّل معروف ومشهور ومحميّ من بعض السلطة شكّل البحيرة التي انطلقت منها غالبية ينابيع الفساد، وكلما حاول أحد وضع سدّ أمام تدفّقها كان جزاؤه إمّا محاولات الإلغاء الجسدية وإمّا محاولة الإلغاء السياسية وإمّا تجريده من «حقوقه الوطنية» وتخوينه وعزله عن طريق المنظومة النيابية الوزارية الاقتصادية الإعلامية الضخمة التي يملكها هذا التكتل... ورحم الله من توفّى شهيداً بعد معاناة لسنين طويلة مع جروح الجسد، وأطال الله في عمر الشهود الأحياء.

مرزوق الغانم توجّه إلى رأس الفساد مباشرة، عمل على تجفيف البحيرة بدل وضع سدود أمام تدفق الينابيع. قال الأمور كما يجب أن تقال، واختار طريق المواجهة الأصعب متسلحاً بإيمانٍ ووطنيةٍ وحماسة شباب لا تلين. مثّل الناس وكشف من يمثّل عليهم. اعتبر وكالة الأمة تكليفاً وكشف من خاض حروب الفاسدين بالأصالة... والوكالة. ومن الطبيعي والمنطقي أن يتكتّل فلول التكتّل المفلول ضد مرزوق بعدما تلاقت مصالح سياسيين وشيوخ حرصاً على استعادة دور توارى وامتيازات تهاوت.

ولماذا مرزوق؟

لأنه وفريق عمله يعملان بطريقة علمية عملية. ومن يراقب تجربتهم في خوض انتخابات نادي الكويت الرياضي وإدارته وتطويره (كعمل مؤسساتي) ونقله من نادٍ في آخر السلم إلى آخر يحصد هذا الكمّ من البطولات والنتائج، يدرك لماذا خشي الفاسدون في الرياضة وغيرها وتحديداً أولئك الذين خطفوا هذا القطاع الحيويّ وجيّروه لمصلحة طموحاتهم في السلطة، أن تتعمّم طريقة مرزوق وفريقه على مختلف الشؤون الأخرى وقوامها حسن الإدارة والأمانة والإخلاص. أسقط النجاح في تجربة نادي الكويت القناع عن الانتهازيين فانكشفوا وتكتّلوا وواصلوا الحرب عليه.

أيضاً لماذا مرزوق؟

لن أتحدث عن إنجازات المجلس السابق ولا عن إخفاقاته، فقد كتبنا وكتب غيرنا الكثير ولسنا بوقاً لأي سلطة ولن نكون. إنما اختصر باستشهاد رمزي أتمنى أن تفهمه النفوس المتحضّرة وتسقطه على مختلف المجالات. أحد المرشحين لانتخابات مجلس الأمة المقبل تم شطبه وطعن أمام المحكمة الدستورية. هذا المرشح الذي يتحرك مع «عرابه» ويعتبر أن الـ «فيصل» في برنامجه الانتخابي هو توقيع وثيقة يتعهّد فيها الفائز عدم التصويت لمرزوق رئيساً، نسي أو تناسى أن المجلس الذي رأسه مرزوق تحديداً هو الذي شرع بالسماح للأفراد بالطعن أمام «الدستورية» التي كان اللجوء إليها حكراً على أعضاء المجلسين سابقاً وهو أمر لم يحصل في المجالس السابقة بغالبيتها أو أقليتها ما مكّن محامي هذا المرشح من الطعن أمام «الدستورية» وكان ذلك سبباً من أسباب عودته للسباق الانتخابي من خلال محكمة الاستئناف... مثال بسيط على أن المصالح والأحقاد والحسابات الضيقة تعمي النظر لكنها لا تخدع أحداً.

أيضاً وأيضاً لماذا مرزوق؟

من حربه على الفساد وروحه الوطنية الجامعة ونبذه للطائفية والانقسامات ورؤيته الإدارية الناجحة وانحيازه للحريات لمصلحة الجميع، معارضة وموالاة، تبرز مواقفه الراسخة الثابتة الصادحة بالحق الكويتي في المحافل العربية والدولية، وصادحة في الانتصار للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وصادحة في تأييد الحقوق العربية ودعم استقرار المنطقة وإبعادها عن الحرائق الإقليمية. وهو عندما فعل ذلك إنما من منطلق المصلحة الكويتية والخليجية متجاوزاً كل الاعتبارات الخاصة... دافع مرزوق دفاع رجال الدولة معيداً للكويت حضورها البرلماني الخارجي الفاعل مذكراً بمواقف من سبقه من رؤساء مجالس.

وبين العقل والعاطفة لا يمكنني إلا الانحياز لمسيرة شاب عشتها وراقبتها وتابعتها يافعاً وجامعياً واقتصادياً ورياضياً ونائباً فرئيساً لمجلس الأمة. شاب له ما له وعليه ما عليه مثل كل الناس، لكن الإخلاص والوطنيّة والرؤية المستقبلية والعزيمة المتّقدة المستمرّة لمواجهة الفساد والمفسدين ودفاعه عن الدستور والحريات والديموقراطية... عناوينه التي لن تضيّعها الضغوط ولا «الهجمات المرتدّة».

في 26 نوفمبر، لن يسمح لي وأنا أدلي بصوتي أن أصرح أمام القاضي ولجان المتابعة باسم من انتخبت... إنما بحبر المحبّة والقناعة أكتب اليوم أن صوتي لمرزوق.


جاسم مرزوق بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي