الشاي الأحمر في قفص الاتهام... بريء أم مُدان؟

تصغير
تكبير
الصيدلية الغذائية

منذ فجر التاريخ، وقبل اكتشاف العقاقير الصيدلانية المتعارف عليها حالياً، أدرك الإنسان أن هناك أغذية كثيرة تنطوي على مناجم استشفائية مفيدة جداً سواء للوقاية من الأمراض أو لمعالجتها. وهذه الزاوية تسلط الضوء على بعض «الكنوز» الكامنة في تلك «المناجم».

للشاي الأحمر فوائد وأضرار يتوقف حدوثها على أمور من بينها وتيرة وتوقيتات احتسائه
منذ سنوات وسنوات، تتداول الأجيال المتعاقبة «اتهاما» مفاده أنّ الشاي الأحمر الشائع (والذي يكون حبيبات سوداء قبل غَلْيِه) يتسبب في تكسير عنصر الحديد في الدم، وأن ذلك يؤدي بدوره إلى الإصابة بأنيميا نقص الحديد.

فما حقيقة تلك المقولة وإلى أي مدى تتمتع بالدقة علميا وطبيا؟ وإذا كان الشاي يسهم فعلا في تكسير الحديد، فكيف يمكن تفادي هذا الأمر بحيث لا نأخذ سوى فوائد هذا المشروب الشهي الذي لا يكاد يخلو منه بيت عربي.


قبل الخوض في التفاصيل، قد يكون مفيدا أن نشير إلى أن كلمة شاي (أو «تشاي» على وجه الدقة اللفظية) هي اسم صيني يطلق على شجيرة دائمة الخضرة تنتسب إلى فصيلة الكاميليا العطرية، وموطنها الأصلي شرقي آسيا، ويطلق الاسم ذاته على أوراق تلك الشجيرة وكذلك على المشروب الساخن الذي يصنع من أوراقها بعد أكسدتها واكتسابها اللون الأسود المعروف.

وسواء قبل الأكسدة او بعدها، يحوي الشاي الأحمر كافيين طبيعيا ومركبات البايوفلافونويد والبوليفينول. ومن الثابت علميا أن للكافيين ولتلك المركبات دورا مهما وفعالا في تنشيط الجهاز العصبي كما في إذابة بعض أنواع الدهون في الجسم وإحراق سعرات حرارية عالية. ويحوي الشاي أيضا مركبات ألفا وغاما المطهرة ومضادة للبكتريا والفطريات، إلى جانب كونه مفيدا لتنشيط الجهاز المناعي والوقاية ضد بعض أمراض القلب والسكتات الدماغية وسرطاني المبيض والثدي.

وكما أن للشاي الأحمر فوائد، فإن له أضرارا محتملة، وهي الأضرار التي يتوقف حدوثها على أمور عدة من أهمها وتيرة وتوقيتات احتسائه. من بين تلك الأضرار المحتملة أنه قد يسبب الإمساك وسوء الهضم والأرق فضلا عن الشعور بالوهن لدى البعض.

أمّا في ما يخص التهمة الموجهة إلى الشاي بأنه مسؤول عن تكسير عنصر الحديد في الدم والتسبب في الاصابة بأنيميا الحديد (فقر الدم)، فالحقيقة العلمية التي ينبغي توضيحها هنا هي أن الشاي لا يقوم بتكسير حديد الدم مباشرةً، أي ليس له أي تأثير مباشر على الحديد الموجود في الدم.

وما يحصل في واقع الأمر هو أن الشاي يحوي مضادات أكسدة تحمل شحنات سالبة، وهذه الشحنات تتفاعل كيميائيا في المعدة والأمعاء مع الشحنات الموجبة الموجودة في عنصر الحديد الموجود في الطعام. وتكون نتيجة ذلك التفاعل هي ترسيب الحديد ومنع امتصاصه فيخرج مع البراز من دون أن يستفيد منه الجسم لانتاج خلايا دم حمراء جديدة.

وببساطة شديدة، يكمن حل هذه الاشكالية الغذائية في الحرص على أمرين أولهما هو أن يكون هناك فاصل زمني لا يقل عن ساعة بين تناول كل وجبة وبين شرب فنجان أو كوب الشاي الأحمر، فهذا الفاصل الزمني كفيل بأن يضمن لك أن تستفيد من الحديد الموجود في طعامك ،وفي الوقت ذاته الاستفادة من فوائد الشاي. أما الأمر الثاني فهو ضرورة عدم الافراط في احتساء الشاي، بحيث يتراوح بين كوبين وثلاثة أكواب فقط على مدار اليوم.

كما أنه من المهم التنبيه إلى أن الشاى الأحمر ليس المتهم الوحيد فى قفص المتهمين بالتسبب بشكل غير مباشر في الإصابة بفقر الدم. فهناك أيضا القهوة ومشتقاتها والمشروبات الغازية التي تحوي كافيين. لذا ينبغي أن تؤخذ مع هذه المشروبات الاحتياطات ذاتها المذكورة آنفا بخصوص الشاي.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي