رسالتي

قاعدة «شاحنة النفايات»

تصغير
تكبير
في حياتنا الطبيعية نختلط مع العديد من النفسيات والشخصيات، ونتعرض لمواقف عدة قد تُخرج الإنسان عن طوره، أو تُفقده أعصابه، لكن ما هو الحل الأمثل للتعامل مع أولئك الأشخاص، أو التصرف في تلك المواقف؟

قرأت موقفاً للشيخ الجليل علي الطنطاوي - رحمه الله - أرى فيه تجربة تستحق المحاكاة والاقتداء.


والموقف هو أن الشيخ الطنطاوي كان متوجهاً إلى المطار مع سائق التاكسي (الأجرة) وأثناء السير خرجت سيارة من موقف السيارات بجانب الطريق في شكل مفاجئ أمامهم، وبسرعة تمكن سائق الأجرة من الضغط على الفرامل بقوة، قبل أن يصطدم بالسيارة الأخرى.

والغريب أن صاحب السيارة الأخرى، أخذ يكيل الشتم والسباب لصاحب التاكسي. فما كان من صاحب التاكسي، إلا أن كظم غيظه ولوّح بالاعتذار والابتسامة!

فسأله الشيخ الطنطاوي: لماذا تعتذر منه وهو المخطئ؟ فقال صاحب التاكسي: «كثير من الناس مثل شاحنة النفايات، تدور في الأنحاء محمّلة بأكوام النفايات - المشاكل بأنواعها - وعندما تتراكم هذه النفايات داخلهم، يحتاجون إلى إفراغها في أي مكان قريب، فلا تجعل من نفسك مكبّا للنفايات».

يقول الشيخ الطنطاوي: لقد لقّنني سائق التاكسي درساً، أصبحت اسميه في ما بعد قاعدة «شاحنة النفايات».

أيها السادة القراء: كم تمر بنا مثل هذه المواقف في الشوارع والطرق، وأثناء العمل، وفي المناسبات الاجتماعية، فهل نسمح للآخرين أن يجعلوننا مكبّا لنفاياتهم؟

يقول الله تعالى واصفا عباده المؤمنين «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما».

والشافعي يقول:

يخاطبني السفيه بكل قبح... فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة فأزيد حلما... كعودٍ زاده الإحراق طيبا

من المؤلم أن نرى أنواعا من السباب والشتم المتبادل بين بعض المثقفين أثناء الحوارات الفضائية، رغم أنهم أولى الناس بضبط النفس.

وكم هو محزن أن ترى المشاجرات بين طلبة الجامعات والكليات، والتي تصل إلى استخدام الأسلحة الحادة، بسبب كلمة عابرة ألقيت هنا أو هناك.

وتزداد النفس حسرة حينما ترى مد الأيادي، وتمزيق الثياب، وجر الشعر بين - من يلقّبن - بالجنس الناعم.

كم حوّل بعض الضيوف الأفراح إلى أتراح بسبب عزة نفس في غير محلها.

وكم تحولت بعض بيوت الله - التي يفترض فيها السكينة والخشوع - إلى ساحات معارك بين المصلين.

تأمل تلك الحقيقة التي أخبر عنها الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام بقوله «وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّاً» واحرص على تطبيقها، وسترى أثرها حتى على من أساء إليك.

يقول الله تعالى: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم».

Twitter:@ abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي