بعض الناس هروباً من الواقع السيّء الذي يعيشه - وقد يكون هو أحد أسبابه - يتجه نحو إلقاء اللوم على غيره ليبرر تقصيره. أو تراه يتعلق ببعض الرؤى والأحلام التي يسمعها من الآخرين، ويعتقد بأن فيها الفرج لكربته.
وأحياناً تتعجب من تصديقه لبعض الخرافات والمعتقدات الباطلة التي أصبحت تجارتها رائدة في عالم الدورات، والتي تستقطب من ضعفت ثقته بنفسه، وابتعد عن ربه، فيؤمن بتلك الخرافات على أنها حقائق ومُسلّمات!
فمثلاً، بعض المسلمين اليوم ونتيجة لتسلط بعض القوى الكبرى على بلده، إما باحتلال وإما نهب للثروات، و إما التحكم في القرار السيادي، وإما لأنه يعيش تحت حكم ظالم يسفك الدماء ويعتدي على الأعراض ويستولي على الأموال، ولشعوره بالعجز عن تغيير ذلك الواقع، فإنه يبدأ بالتأثر والتصديق والتعلّق ببعض ما يسمعه من روى وأحلام توهم بقرب الفرج والخلاص.
بل وجدنا عند البعض محاولات مضنية من أجل إسقاط بعض الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة على الواقع الذي يعيشه، مع أنها بعيدة كل البعد عن تأويله وتفسيره. فيبدأ بذكر أحاديث الملاحم، وأصحاب الرايات السوداء، وبعض ما ورد من أحاديث تشير إلى حروب بين المسلمين والروم، إلى غيرها من الروايات، ويجعلها من مبشرات النصر.
بل إن من أعجب وأغرب ما سمعت، هي تلك المحاولة التي سعى فيها البعض إلى الربط بين بعض الآيات الواردة في سورة التوبة، وبين أحداث 11 سبتمبر 2001، واعتبر أن بعض آيات السورة بشّر بتحطم البرجين وزوال دولة أميركا، واستند إلى رقم السورة ورقم الآية على أنها مطابقة للأحداث!
المثال الآخر، هو محاولة البعض الربط بين كل ما يقع له من سوء وبين عيون الحاسدين، لدرجة أنه حتى لو أصيب بانفلونزا، لقال: كلها من عين فلان.
أحد الأصدقاء له حضوره وجمهوره في وسائل التواصل الاجتماعي، اشترى ماكينة لإعداد القهوة غير متوفرة في الكويت، وطلبها عبر أحدى المواقع الالكترونية، وأعلن ذلك لجمهوره، ومع أول محاولة لإعداد القهوة انفجر محول الماكينة... فكتب له بعض متابعيه: «عين لم تصلّ على النبي».
فرد عليهم الصديق، موضحاً أن الأمر لا يعدو كونه أخطأ في تشغيل الماكينة قبل أن يستكمل قراءة التعليمات.
صديق آخر له اهتمام في التدريب والدورات، أجرى استبياناً لمعرفة مدى تأثر الناس بمفهوم العين والحسد، فطرح السؤال الآتي: هل تعتقد بالتأثيرات السلبية للحسد في حياتنا؟ فكانت إجابة 63 في المئة من العيّنة، بنعم.
العديد من أخواتنا النساء، يتعلقن كثيراً ببائعي الأوهام ممن يزعمون القدرة على إعطاء وصفات تُحسّن العلاقة بين الزوجين، وأنهم - حسب زعمهم - قادرون على جعل الرجل خاتماً في إصبع زوجته. فتلتحق النساء بدورات «الجذب والطاقة...». وقد تُصدّق أن حجراً تشتريه وتضعه في المنزل يمكنها من السيطرة على زوجها. أو أنها تذهب لبعض السحرة والمشعوذين، كي تُحكم الهيمنة على قلب بعلها.
نقول لكل هؤلاء المتعلقين بالأحلام أو الدجالين أو بائعي الأوهام: اجعلوا تعلقكم بالله تعالى، وابذلوا الأسباب لما تريدون تحقيقه من أهداف، وكونوا على ثقة بأنفسكم بأنكم قادرون على التغيير، واعلموا أن الله تعالى لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
Twitter: abdulaziz2002