زمن التقشف

نكسة... «البرميل»!

تصغير
تكبير
من يعرف الكويت جيداً، يدرك أن ثمة شيئاً كبيراً وكبيراً جداً قد تغيّر بالفعل.

لم تعد الحياة «مريحة» و«سهلة» لا بالنسبة للمواطنين ولا حتى الوافدين، على الأقل كما كانت قبل أكثر من عامين أو ثلاثة من الآن.

في منتصف العام 2014 بدأت رحلة هبوط أسعار النفط، غير أن أحداً لم يعتقد أن تلك الرحلة ستخرج عن السيطرة تماماً لتصبح «نكسة» في وقت لاحق.

من المؤكد أن التراجع الكبير في أسعار «الذهب الأسود» لم يؤثر بشكل مباشر على رواتب المواطنين أو الوافدين، ولكن في المقابل ما من شكّ بأنه ترك ندوباً واضحة وجلية على القدرة الشرائية لهؤلاء.

مع انخفاض النفط، تبدّلت الكثير من الأمور والمعطيات، بدءاً من تعابير وملامح المسؤولين الذين لم يواجه جلّهم أزمة مماثلة من قبل، مروراً بتفاقم تحديات ومصاعب البيئة التشغيلية لمختلف القطاعات الاقتصادية من بورصة وأسهم وشركات استثمارية وعقارية ومصارف وغيرها، وصولاً إلى الخطط الشهرية البسيطة لأرباب الأسر أنفسهم.

شيئاً فشيئاً، تغيّر الكثير من تفاصيل المشهد الملبّد بالأعباء المتزايدة، فلم تعد فاتورة الاحتياجات الشهرية قبل نحو 3 أعوام تشبه نظيرتها في الوقت الراهن، لاسيما وأن الرواتب بقيت على حالها، في حين أن أسعار غالبية السلع والمواد زادت بشكل ملحوظ.

وبينما كانت الأسعار تتضخم، كانت القدرة الادخارية، وعلى الرغم من هامشيتها «تتقزّم»، لتدخل «الموازنات الأسرية» رويداً رويداً «زمن التعادل» على قاعدة «الداخل على قد الخارج».

«زمن التعادل» في الموازنة الأسرية نفسه (إن جاز التعبير) انسحب على الميزانية العامة للدولة، مع فارق أساسي ومفصلي بعيداً عن الأرقام الهائلة، ألا وهو أن الأخيرة لم تكتف بالتعادل فقط، بل دخلت عصر العجز من بابه العريض، فالرواتب والأجور وغيرها من الالتزامات والنفقات ظلت على حالها «ضخمة جداً»، بينما أخذت إيرادات الدولة تصغر وتصغر.

بقي الوضع على حاله أشهراً طويلة، حتى تيقّن الجميع في نهاية المطاف أن أزمة برميل النفط ليست طارئة ولا عابرة على الإطلاق، فقرر كل من وزير المالية في الحكومة الكبيرة، ووزير المالية في الحكومة الصغيرة (ربة المنزل) ضبط النفقات وترشيد الاستهلاك بأكبر قدر ممكن في محاولة لتقليص الخسائر قدر المستطاع.

اختلافات جوهرية بين إجراءات الأول والثاني، فالأول وضع خطة إصلاحية متكاملة، وسعى إلى تقليص بعض المزايا والمكافآت، فضلاً عن رفع تعرفتي الكهرباء والماء ومن ثم البنزين وغيرها، في حين لا يملك الثاني (ربة المنزل) سوى تخفيض كمية الحاجيات و«الطلعات» وشدّ أحزمة الطلبات.

اختلفت «أسلحة» الوزيرين... ولكن «نكسة البرميل» واحدة!
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي