جس نبض

الأذُن «تتكلم»... لكنها لا تسمع نفسها!

تصغير
تكبير
يُقال أحيانا إن «العين تتكلم»، وذلك كتعبير مجازي للدلالة على أن نظرات العين تكون مرآة صامتة تعبر عن حال الشخص وتكشف عما يدور في داخله من مشاعر وجدانية. كما أن لهذه المقولة دلالة اضافية لدى الأطباء إذ انهم يستطيعون في أحيان كثيرة قراءة أعراض أمراض معينة عن طريق تأمل شرايين شبكية العين أو رأرأة العين.

لكن ما قد لا يعلمه كثيرون هو أن «الأذن تتكلم»، لكن ليس مجازا كالعين، بل «تتكلم» فعليا بصوت هامس يمكن رصده وقياسه!


فصحيح أن الوظيفة المعروفة للأذن منذ بدء الخليقة هي أنها تستقبل الأصوات الخارجية وتحولها إلى إشارات تسري في عصب السمع حتى تصل المراكز السمعية ومن ثم إلى قشر الدماغ، فيفهم المستمع فحوى الكلام، لكن أبحاثا علمية متقدمة كشفت عن أنه إلى جانب وظيفة «الاستقبال»، فإن للأذن وظيفة «إرسال» تتمثل في أنها تصدر باستمرار أصواتاً ذات ذبذبات خاصة إلى الخارج، وهي الذبذبات التي يمكن رصدها وقياسها.

ففي القسم الداخلي من الأذن - والذي يسمى «الأذن الباطنة» - اكتشف العلماء وجود خلايا معينة تُصدر إشارات كهرو-عصبية بشكل مستمر، وهي الاشارات التي تتحول تلقائيا إلى موجات صوتية ذات ترددات منخفضة تنطلق كنبضات إلى الوسط الخارجي للأذن. لكننا لا نسمع هذه الموجات لأنها تحت مستوى قدرتنا على الإحساس بالأصوات، وإلا لسمع كل واحد منا في رأسه أصوات تشويش باستمرار، ولأصبحت حياتنا لا تطاق.

لكن ما الذي يمكننا أن نستفيده من مثل هذه الظاهرة المدهشة؟

الواقع أن هناك فوائد كامنة كثيرة لهذا الاكتشاف. فعلى سبيل المثال، طالما أن خلايا الأذن الباطنة تصدر هذه الموجات الصوتية بمعدلات معينة، فإنه يمكن الاستدلال من ذلك على أن الأذن سليمة في قسمها العصبي.

والأهم من هذا هو أن هذا الأمر سيساعد بشكل غير مسبوق في رصد مدى قوة وسلامة حاسة السمع عند المولودين حديثاً، وبالتالي التدخل مبكرا لمعالجتهم في حال اكتشاف أي خلل. ويكون ذلك بأن يضع الطبيب جهاز استشعار حساسا في أذن المولود لالتقاط وقياس موجات «البث الصوتي الأذني». فإذا رصد الجهاز موجات طبيعية فهذا معناه أن سمع المولود سليم. أما إذا كانت الإشارة مفقودة أو ضعيفة، فيكون ذلك مؤشرا مبكرا يكشف وجود مشكلة في العصب السمعي وبالتالي يتدارك الطبيب الأمر.

وهناك أمثلة أخرى كثيرة على التطبيقات الممكنة التي يمكننا الاستفادة منها بفضل هذه الظاهرة السمعية التي تثبت أن الأذن «تتكلم» فعليا بلغة خاصة بها، وإن كان «كلامها» همسا خافتا جدا إلى درجة أنها لا تسمعه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي