البعض يتساءل: هل على العرب والمسلمين دعم تركيا أم الوقوف ضدها أو التزام الحياد في صراعاتها الداخلية والخارجية؟
وأعتقد أن الجواب لا يحتاج إلى طول تفكير، فتركيا بعد تولي حزب العدالة والتنمية زمام الحكم فيها، أصبحت نموذجاً إيجابياً يفتخر به المسلمون حول العالم.
فحزب العدالة والتنمية والذي يعتبر الرئيس أردوغان أحد مؤسسيه ورموزه، قدّم انجازات على المستويين الداخلي والخارجي، تصُبّ معظمها في صالح القضايا الإسلامية والمحافظة على الهوية الإسلامية.
فعلى الصعيد المحلي، إلى جانب الانجازات الاقتصادية والإصلاحات السياسية، فإننا نجد أن حكومة حزب العدالة والتنمية لم تغفل عن تعزيز الهوية الإسلامية للأتراك عبر قرارات عدة، منها: إلغاء حظر الحجاب على الطالبات في المؤسسات التعليمية، وإعادة افتتاح المدارس الدينية ومدارس الأئمة، والسماح بتدريس اللغة العربية في المؤسسات التعليمية.
وأما على المستوى الخارجي، فالرئيس أردوغان والحكومة الحالية، من أكبر الداعمين لقضايا المسلمين بدءاً بالقضية الفلسطينية والمحاولات الحثيثة لفك الحصار عن قطاع غزة، وأعتقد بأن موقف أردوغان في مؤتمر «دافوس» ورده على شمعون بيريس، ثم مغادرته للقاعة اعتراضاً على عدم حيادية القائمين على المؤتمر، لا تزال خالدة في الأذهان.
كما أن مؤازرة ومناصرة الرئيس والحكومة للشعب السوري لا يمكن تغطيتها بغربال.
فلولا الله تعالى ثم الموقف الشجاع والبطولي للحكومة التركية في دعم الشعب السوري ضد إجرام النظام السوري، سواء من خلال إيواء اللاجئين، أو تقديم الدعمين المادي والمعنوي لقوى المعارضة المسلحة المعتدلة، لكان النظام السوري أخمد الثورة، وارتكب ضد الشعب مجازر لا يعلم بشاعتها إلا الله.
تركيا لم تتخل عن واجبها تجاه أمتها الإسلامية ولذلك لبّت النداء الذي دعا له الملك سلمان بن عبدالعزيز في تكوين الجيش الإسلامي، للوقوف في وجه التهديدات التي تتعرض لها الأمة من جهة خطر التوسع الإيراني، أو التطرف والإرهاب.
تركيا سعت ولا تزال تطالب بأن يكون للمسلمين مقعد دائم في مجلس الأمن، وبأنه لا يمكن قبول تهميش ربع سكان العالم.
وبعد هذا كله، هل وقف العرب مع الحكومة التركية على الوجه المطلوب والمشرّف؟
مما يؤسف له أنه رغم ما تتعرض له تركيا من مؤامرت داخلية وخارجية والتي كان من آخرها محاولة الانقلاب الفاشلة - لإيقافها عن انجازاتها وتعطيل قيامها بدورها الريادي في نصرة قضايا المسلمين - إلا أننا نجد موقفاً بارداً وباهتاً من الكثير من الدول العربية والإسلامية في دعم تركيا ومناصرتها.
ولعل العتب الذي صرح به أردوغان، من أنه لم يقم بتعزيته على سقوط الشهداء من الأتراك دفاعاً عن الحرية والديموقراطية في المحاولة الانقلابية الفاشلة، سوى دولة قطر، لدلالة على تقصير العرب في تأييد تركيا والوقوف بجانبها.
تركيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة تتعرض لهجمة شعواء يتزعمها سياسيون وعسكريون ووسائل إعلام غربية وعربية، تحاول من خلالها إرهاب تركيا من اتخاذ إجراءات وعقوبات تجاه الانقلابيين، ومن واجب العرب والمسلمين الوقوف صفاً واحداً مع تركيا ضد هذه الحملة الظالمة.
إن كان اليهود والنصارى يتناسون خلافاتهم العقائدية في حربهم ضد المسلمين، وقد قال الله تعالى «لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض»، أليس من الواجب علينا كعرب ومسلمين أن نقف مع تركيا وألا نتركها لوحدها تحقيقا لقول الله تعالى «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض».
Twitter:@abdulaziz2002