طلبة لا يستذكرون دروسهم إلا عبره... والمتخصصون: بوابة للعنف والأمراض النفسية والعصبية
الفضاء الإلكتروني... إدمان يضرب العلاقات الإنسانية في مقتل!
التواصل الإلكتروني... يهدد العلاقات الإنسانية
خضر بارون
يوسف المحميد
عباس سبتي
فاطمة السالم
حصة النصار
فاطمة عيّاد
محمد الفضلي
وائل أبوالعز
خديجة الشمري
محمد الفضلي:
الكثير من الطلبة يحرصون على تفقد هاتفهم بشكل متكرر خلال المذاكرة
وائل أبوالعز:
إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية يؤدي إلى نقص الذكاء
فاطمة السالم:
يجب تقنين استخدام الهاتف في أماكن العمل
فاطمة عيّاد:
الإفراط في استخدام ألعاب الأجهزة الذكية قد يؤدي إلى الصرع
عباس سبتي:
الإنترنت يصيب مدمنه باضطرابات نفسية
يوسف المحميد:
مدمنو التواصل الإلكتروني يعانون ضعفاً في التواصل الإنساني
خديجة الشمري:
العيب يكمن في المستخدم نفسه
خضر بارون:
الدراسات كشفت أن الكثير من الأشخاص يلتفتون إلى هاتفهم كل دقيقتين
الكثير من الطلبة يحرصون على تفقد هاتفهم بشكل متكرر خلال المذاكرة
وائل أبوالعز:
إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية يؤدي إلى نقص الذكاء
فاطمة السالم:
يجب تقنين استخدام الهاتف في أماكن العمل
فاطمة عيّاد:
الإفراط في استخدام ألعاب الأجهزة الذكية قد يؤدي إلى الصرع
عباس سبتي:
الإنترنت يصيب مدمنه باضطرابات نفسية
يوسف المحميد:
مدمنو التواصل الإلكتروني يعانون ضعفاً في التواصل الإنساني
خديجة الشمري:
العيب يكمن في المستخدم نفسه
خضر بارون:
الدراسات كشفت أن الكثير من الأشخاص يلتفتون إلى هاتفهم كل دقيقتين
حالة من الإدمان المرضي في استخدام الأجهزة والبرامج الحديثة، بدأت أخيراً، تجتاح المجتمعات حول العالم، تزايد وجودها كلما ازداد توغل الإنترنت والتقنيات الحديثة في حياتنا اليومية، مخلّفة بذلك العديد من الآثار السلبية التي قد تصل إلى الموت أو على الأقل فقدان الوظيفة، أو قطع حبل التواصل مع المجتمع والبيئة المحيطة.
الانهماك في الفضاء الإلكتروني في الغالب من دون سبب حقيقي، بشكل متواصل، بحيث يكون هو الشغل الشاغل للمرء في معظم ساعات اليوم، يتفقده عشرات المرات في فترات زمنية قصيرة، مبحراً في مختلف البرامج ما بين تويتر والانستقرام وفيسبوك وسناب تشات وواتس آب وبرامج الألعاب الأخرى، وهو على هذه الشاكلة لا يكاد يخرج من برنامج حتى يدخل في آخر، وفي كل انتقال بين ذلك ينغمس في عوالم أخرى تفصله عن واقعه الحقيقي الذي يعيشه.
حالة من الترقب والتوتر مع كل تنبيه أو رسائل تصل، مع الاستعداد للتفاعل معها في كل وقت وتحت أي ظرف، حتى وإن كان المستخدم يقود السيارة، أو قبل النوم أو أثناء دخول دورة المياه!
إنه إدمان تحولت بسببه الدواوين إلى تجمعات صامتة، تتعالى فيها أصوات نغمات الرسائل والتنبيهات، وتحولت به النزهة الأسبوعية بين الأصدقاء إلى لقاء تجتمع فيه الأجساد بينما تشرد خلاله الأذهان بعيداً في عوالمها الخاصة، ما جعله بحق تهديدا للحياة الإنسانية.
«الراي» أرادت تسليط الضوء على تلك المعضلة العصرية، فالتقت العديد من المستخدمين للفضاء الإلكتروني والمتخصصين على حد سواء لمعرفة توجهاتهم إزاء هذا الامر والاضرار أو المنافع المرتجاة منه فكان ما يلي:
يعتبر الإنترنت سبباً مهماً في تزايد الإدمان على استخدام الأجهزة الحديثة، وحيث ما وجد الإنترنت كان الانجذاب أكبر تجاه هذه الأجهزة، خصوصاً أن معظم البرامج المستخدمة اليوم، لاسيمّا برامج التواصل الاجتماعي، وكثير من برامج الألعاب تتطلب الارتباط بالإنترنت كي يتم تفعيلها.
ويُعرِّف الباحث التربوي والاجتماعي عباس سبتي إدمان الإنترنت بأنه «عدم قدرة النفس على التخلي عن تصفح المواقع الإلكترونية مع ترك الأمور الضرورية دون إنجاز، ولو أنه يستخدم الإنترنت لأغراض علمية، خاصة إذا قضى ساعات طوال ما بين 4 و8 ساعات جلوساً، مع عدم سماع من يذكر الأضرار الناجمة وراء ذلك».
ويبين سبتي أن «درجة الإدمان تقاس تبعاً للأضرار التي تلحق المدمن باستخدامه للإنترنت، ويختلف مقياس درجة إدمان مستخدم الإنترنت من حالة إدمان إلى حالة أخرى نتيجة عمر المستخدم، وجنسه ونوع المواقع التي يرتادها، وإرادة المستخدم المدمن على معرفة درجة إدمانه»، لافتا إلى أن «هناك مقاييس عامة للإدمان منها: أثر استخدام الإنترنت على العلاقات الشخصية والاجتماعية سلباً، وتفضيل وقت تصفح المواقع على الأكل، والنوم، والاستذكار، والعمل داخل وخارج المنزل، بالإضافة إلى عدم شعور المستخدم بهدر الوقت أمام شبكة الإنترنت بينما قد يشعر بالملل في قضاء الوقت في إنجاز أمور أخرى».
وعن أسباب إدمان الإنترنت، عدد سبتي جملة من النقاط المهمة منها«المواقع الإباحية، حيث يجد الشباب والمراهقون ضالتهم في إشباع غريزة الجنس، والحديث المزعوم مع الفتيات والنساء»، مبيناً أن «الدراسات تشير إلى أن 90 في المئة من مستخدمي الإنترنت من الصغار والمراهقين هدفهم اللعب والترفيه وقتل وقت الفراغ، بالإضافة إلى مواقع المغامرات والمخاطر والتي يرتادها المراهقون الكبار والشباب».
وذكر أن «إحدى الدراسات العربية أشارت إلى أن 70 في المئة من مستخدمي الإنترنت يدمنون دخول غرف المحادثة، وقد يهدر أكثر المستخدمين لهذه الغرف أوقاتهم فيها نتيجة لتعدد أنشطتها، من هذه الأنشطة التعارف على الجنس الآخر وتبادل الصور ومنها إرسال صور عارية بين المستخدمين».
وتابع: «من أسباب الإدمان أيضا هو البحث العلمي حيث الاعتماد الكلي على الإنترنت في الاستفادة العلمية، فطالب العلم يفترض أنه لا يعتمد كلياً على الإنترنت بل يرجع إلى مصادر المعرفة الأخرى، ويوزع أوقاته المخصصة للبحث، مرة يرجع إلى دراسة أو كتاب أمامه، ومرة يتصفح الموقع الإلكتروني، ومرة يرتاد المكتبة المتخصصة، ومرة يحضر ندوة أو محاضرة أو حلقة نقاشية لإثراء معلوماته، بينما مدمن الإنترنت يقضي جل وقته يتصفح المواقع العلمية والبحثية فينسى أو يتناسى مصادر المعرفة الأخرى ويكون تحت تأثير رأي علمي واحد».
وحول مخاطر إدمان الإنترنت، يرى سبتي أن «المدمن لن يتمكن من التواصل والاختلاط بالناس بل سيتعود على الانعزال الاجتماعي علاوة على اكتسابه مفاهيم خاطئة وقد تكون محرمة تغير نظرة المدمن نحو دينه وعقيدته وعاداته الاجتماعية، مثلما ظهرت فئة من الجنس الثالث والبويات وعبدة الشيطان بين شباب المسلمين، كما قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب وأعراض انسحابية كالارتجاف والرعشة والعصبية».
وشدد على أهمية «حث الشركات الكبرى والمنتجة للمواقع والشبكة العنكبوتية بإنتاج المواد والمواقع التي تحبب الطلبة على الدراسة وحب العلم وإجراء البحوث من أجل معالجة هذا الإدمان، علاوة على ضرورة حجب المواقع الإباحية وعقد الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص ومحاربة مروجي الفساد الأخلاقي وسن تشريعات لإدانتهم».
من جهته، يعتقد أستاذ اللغة العربية يوسف المحميد أن «الإدمان ينقسم إلى نوعين أحدهما افتراضي يتمثل في الألعاب، والآخر واقع حقيقي يتمثل في مساحة اللقاء التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي، ولهذين النوعين من الإدمان آثار سلبية، فالواقع الافتراضي المقدم في الألعاب يبعد الإنسان عن الواقع الخارجي بما يفرضه من مشكلات وأسئلة تغذي نمو الإنسان وتطوره، أما وسائل التواصل، فرغم أن الواقع فيه حقيقي فإن الإدمان عليها يؤثر في مهارات التعامل مع الواقع الخارجي، فالتفاعل في هذه المواقع تغيب عنه الكثير من المؤثرات التي نجدها في التفاعلات القائمة في الواقع الخارجي ».
بدوره، يرى فهد ساير أن «ظاهرة إدمان استخدام أجهزة الهاتف النقال الحديثة باتت أشبه بالغزو الفكري الذي يجتاح المجتمعات الإنسانية اليوم، فبالرغم من فوائدها المتعددة والمتمثلة بسرعة نقل الأخبار والمعلومات المحلية والعالمية، وتقوية أواصر الترابط الثقافي ما بين الشعوب والثقافات الانسانية المختلفة فإن الإفراط في كثرة استخدامها بسببِ حالة الفراغ الشخصي والداخلي على مستوى الأولويات يعود على الفرد والمجتمع بما لا تُحمد عُقباه من خلال تغييب الوعي الفكري وعزل الفرد عن محيطه البيئي والمجتمعي، وتغريب هويته الاجتماعية وتمييعها بكم الثقافات والعادات والتقاليد المختلفة التي يتأثرُ بها!»
ويضيف: «وعلاوة على ذلكَ فقد أشارَ المتخصصون في علم النفس والاجتماع إلى أن كثرة استخدام برامج التواصل الاجتماعي أصبحت في أيامنا هذه أحد أهم العوامل التي تُهدد كيان الأسرة ونسيجها الاجتماعي، وذلك نتيجة انشغال الآباء أو الأمهات بآخر المستجدات الخارجية وتقصيرهما عن القيام بتأدية واجباتهما الزوجية المناطة بهما كتربية الأبناء، وترتيب شؤون البيت وحل الخلافات والنزاعات الداخلية».
من جهته، يقول محمد الفضلي: «إن الإدمان على استخدام الهاتف يشكل مسألة ذات أهمية كبرى في الوقت الراهن، لما لها من آثار سلبية لاسيّما في المجتمع الشبابي وتحديداً أكثر بين مجتمع طلبة الجامعة، فالناظر إلى واقع الكثير من الطلبة يجد أن العديد منهم لا يجلس للمذاكرة إلا وبجانبهم هواتفهم النقالة، ومع كل تقليبه لصفحة من كتابه يقوم بالاطلاع على هاتفه، ما يسبب تشتتاً في ذهنه ويبعد تركيزه عن الدراسة».
ويوضح الفضلي أن «بعض مدمني هذه التقنيات نراهم دائماً في خمول وكسل مستمر، نتيجة لبعدهم عن الحركة وعدم ممارستهم للرياضة ما يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية».
وعلى عكس من سبقوها، ترى خديجة الشمري أنه «لا توجد هناك سلبيات في التقنيات الحديثة، بل إن من يوجد السلبيات هو المستخدم نفسه الذي قد يتجاوز الحد المعقول في استعماله»، مشددة على أهمية «الاستفادة من هذه التقنيات بدلاً من استخدامها بهذه السلبية، على أن يكون هناك اعتدال وتوازن دون إفراط فيها لساعات طويلة».
بدورها، تلفت الاستاذة بقسم الإعلام في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة السالم إلى أن «انتشار الإنترنت بلغ ما نسبته 85 في المئة في الكويت، وقد أتت الكويت في المركز الأول في انتشار موقع تويتر بين دول العالم في آخر الدراسات لجامعة نورث ايسترن»، مبينة في الوقت عينه أن «الإحصائيات تشير إلى أن انتشار الهواتف النقالة في الكويت بلغ ما نسبته 140 في المئة ما يوضح أن هناك العديد من السكان ممن يقتني أكثر من هاتف نقال».
وتشير السالم إلى «وجود دراسة حديثة أجريت في جامعة في نيويورك تؤكد أن الاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية على الإنترنت يمكن أن يتحول إلى إدمان حقيقي وأن هذا الاستخدام المفرط يمكن أن يترافق مع اضطرابات السيطرة على الانفعالات، كما حددت الدراسة ما يقدر بنحو 10 في المئة من مستخدمي وسائل التواصل يعانون مما تصفه باضطراب في استخدام الشبكات الاجتماعية حيث إن الأفراد الذين يعانون من إدمان وسائل التواصل الاجتماعية أظهروا مشاكل أخرى».
وتابعت: «وكشفت دراسات أخرى عن مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على إنتاجية الموظفين وتشتيت أفكارهم وتغيير تصرفاتهم، ما اضطر بعض الجهات الحكومية إلى منع استخدامه، كما قامت بعض الدول كالإمارات بمنع استخدامه في أماكن العمل»، داعية إلى «تقنين استخدام الهاتف والسيطرة عليه وتحديد أوقات لاستخدمه بدلاً من منعه استناداً إلى آراء الباحثين في التعامل مع التكنولوجيا».
من جانبها، ترى أستاذة علم النفس بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة عيّاد أن «استخدام الهواتف الذكية ساهم في نقلة نوعية سواء كانت إيجابية أو سلبية، فقد ساهم في ارتفاع حوادث المرور وأثّر بشكل سلبي على العلاقات الأسرية والاجتماعية فأصبحت أوقات زيارات الأقارب تخلو من الأحاديث بسبب إدمان الأبناء في استخدام الهاتف، بل غدت رسائل الواتس آب اليوم بديلاً للزيارات وأداء واجب العزاء والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما أدى إلى أعراض توحد يعاني منها الفرد ».
وبصفتها أستاذة في الجامعة تذمرت عيّاد من «إفراط الطلبة في استخدام الموبايل خلال شرحها للمحاضرات وخاصة في حصص مقرر الإحصاء الاستدلالي الذي يحتاج إلى التركيز والانتباه بالإضافة إلى استخدامهم للهاتف للغش في الاختبارات وتصوير أسئلة الامتحانات»، مشيرة إلى اضطرارها الدائم إلى القيام بأخذ الهواتف من أيدي الطلبة حرصاً على التركيز.
وتقول عيّاد: «إن الغرض من اختراع هذه التقنيات جاء لتسهيل أمور حياتنا والتغلب على المصاعب، لكن الانحراف في استخدامها هو ما جعل منها ظاهرة سلبية على المجتمع»، محددة أساليب علاج هذه الظاهرة والتي تكمن في انها «مسألة إرادة نابعة من الفرد نفسه وعبر نهج ترسخه الأسرة لدى أبنائها في تنظيم استخدام الهاتف وعدم حمله أثناء قيادة السيارة وتركه عند الزيارات العائلية لما تحمله من خصوصية وتقليد اجتماعي».
من جانبه، يشير أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر بارون إلى أن «هناك دراسات تكشف عن أنه بمعدل كل دقيقتين يلتفت الناس إلى الهاتف ما ينتج عنه أثر سلبي على بصر الانسان وآلام الظهر والرقبة، كما يؤدي الافراط في استخدام الهاتف إلى السهر في الليل والانشغال عن المذاكرة بالنسبة للطلبة»، مشدداً على أن «سوء استخدام الهواتف الذكية ساعد على انتشار الاشاعات والاخبار الكاذبة التي تطال سمعة الاخرين وكرامات الناس دون ذنب ما ساهم في زعزعة الأمن والتأثير الاقتصادي على سوق الاوراق المالية بانخفاض أسعار الأسهم المتداولة، ».
اما أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتورة حصة النصار فبينت ان «الهواتف الذكية ليست مجرد أداة اتصال، بل أصبحت بمثابة كمبيوتر محمول يسمح لحامله بإنجاز مهامه بسرعة فائقة، وباتت التكنولوجيا المستخدمة أداة فعالة أسهمت في الارتقاء بالعملية التعليمية، وهي ضرورية جداً لطلبة الجامعة على وجه التحديد لأنهم ينجزون فروضهم اليومية من خلال الهاتف ويتابعون أحدث الأخبار المتعلقة بمقرراتهم مع أساتذتهم من خلال برامج التواصل الاجتماعي: الواتس آب، والانستقرام، والتويتر وغيره، وهي سلاح ذو حدين لما لها من آثار إيجابية وسلبية».
وتضيف النصار: «الدراسات العلمية أثبتت أن الاستعمال المتواصل للهواتف الذكية في فترة ما قبل النوم يتسبب في قلة النوم ويجعل الفرد أقل نشاطاً عند نهوضه صباحاً وبالتالي تقل إنتاجيته وتنخفض طاقته للعمل وبدء يومه»، مؤكدة ان «بعض الدراسات كشفت أن الضوء الساطع الصادر عن شاشة الهاتف الذكي يقلل من إفراز هرمون الميلاتونين الذي يعزز النوم، كما كشفت إحدى الدراسات عن وجود ارتباط بين كتابة الرسائل النصية الهاتفية وارتفاع مستوى الضغط النفسي وقلة النوم حيث يشعر الفرد عند قراءته للرسالة النصية أنه مضطر للرد عليها ما يعيق استمرارية نومه ويؤثر على جودته».
وللحد من الإدمان على استخدام الأجهزة تنصح النصار بـ«تدريب النفس على الضبط الذاتي بحيث يتحكم الفرد ويقنن أوقات استعماله للهاتف بشكل لا يعيق تواصله مع الآخرين أو أداءه لعمله أو حتى في ممارسته لعباداته كالصلاة وقراءة القرآن، فمسألة الاستعمال تحتاج إلى تقنين وضبط بالدرجة الأولى، وفي الجامعة مثلاً أنا شخصيا أحرص على أن يضع الطلبة هواتفهم داخل الحقيبة أو بعيداً عن أعينهم حتى لا يتشتت ذهنهم أثناء المحاضرة، ولا أسمح باستعماله إلا في أضيق الأحوال وعندما يخدم استعماله المقرر الدراسي وللتدريب على نظام البلاك بورد مثلاً».
من جهته، يؤكد اختصاصي العلاج النفسي في مركز الكويت للصحة النفسية الدكتور وائل أبوالعز على أهمية «ضم مشكلة إدمان الأطفال على الأجهزة الذكية ضمن البرامج العلاجية التي تقدمها المراكز النفسية والاجتماعية التابعة لوزارتي الصحة والتربية»، مشيراً إلى «ضرورة توعية الأسر عن طريق ورش العمل المكثفة والبرامج الوقائية والحملات الاعلامية للتحذير من عواقب هذه الاجهزة التي تحتوي على الألعاب والإفراط في استخدامها».
وعن تصنيف ظاهرة إدمان الأجهزة الذكية يقول أبوالعز: «لا يمكن تصنيفها كمرض نفسي ولكن يمكن القول انها ظاهرة سلبية تؤثر على الاسرة والعلاقات الاجتماعية داخلها وخاصة لدى الأطفال والتي تمثل مشكلة ستؤدي إلى الاضطرابات النفسية»، مشيراً إلى أن «الدراسات الأخيرة أثبتت تأثير الألعاب الإلكترونية والادمان عليها على نقص مقدار الذكاء الاجتماعي وزيادة العنف لديهم ما سينتج عنه تهيئة جيل يعاني من اضطرابات نفسية ويفتقر إلى الرحمة والعواطف».
نتائج سوء الاستخدام: إشاعات وأخبار كاذبة
يشير أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر بارون إلى أن «هناك دراسات تكشف عن أنه بمعدل كل دقيقتين يلتفت الناس إلى الهاتف ما ينتج عنه أثر سلبي على بصر الانسان وآلام الظهر والرقبة، كما يؤدي الافراط في استخدام الهاتف إلى السهر في الليل والانشغال عن المذاكرة بالنسبة للطلبة»، مشدداً على أن «سوء استخدام الهواتف الذكية ساعد على انتشار الاشاعات والاخبار الكاذبة التي تطال سمعة الاخرين وكرامات الناس دون ذنب ما ساهم في زعزعة الأمن والتأثير الاقتصادي على سوق الاوراق المالية بانخفاض أسعار الأسهم المتداولة، بالإضافة إلى شق الوحدة الوطنية وتفكيك المجتمع».
الانهماك في الفضاء الإلكتروني في الغالب من دون سبب حقيقي، بشكل متواصل، بحيث يكون هو الشغل الشاغل للمرء في معظم ساعات اليوم، يتفقده عشرات المرات في فترات زمنية قصيرة، مبحراً في مختلف البرامج ما بين تويتر والانستقرام وفيسبوك وسناب تشات وواتس آب وبرامج الألعاب الأخرى، وهو على هذه الشاكلة لا يكاد يخرج من برنامج حتى يدخل في آخر، وفي كل انتقال بين ذلك ينغمس في عوالم أخرى تفصله عن واقعه الحقيقي الذي يعيشه.
حالة من الترقب والتوتر مع كل تنبيه أو رسائل تصل، مع الاستعداد للتفاعل معها في كل وقت وتحت أي ظرف، حتى وإن كان المستخدم يقود السيارة، أو قبل النوم أو أثناء دخول دورة المياه!
إنه إدمان تحولت بسببه الدواوين إلى تجمعات صامتة، تتعالى فيها أصوات نغمات الرسائل والتنبيهات، وتحولت به النزهة الأسبوعية بين الأصدقاء إلى لقاء تجتمع فيه الأجساد بينما تشرد خلاله الأذهان بعيداً في عوالمها الخاصة، ما جعله بحق تهديدا للحياة الإنسانية.
«الراي» أرادت تسليط الضوء على تلك المعضلة العصرية، فالتقت العديد من المستخدمين للفضاء الإلكتروني والمتخصصين على حد سواء لمعرفة توجهاتهم إزاء هذا الامر والاضرار أو المنافع المرتجاة منه فكان ما يلي:
يعتبر الإنترنت سبباً مهماً في تزايد الإدمان على استخدام الأجهزة الحديثة، وحيث ما وجد الإنترنت كان الانجذاب أكبر تجاه هذه الأجهزة، خصوصاً أن معظم البرامج المستخدمة اليوم، لاسيمّا برامج التواصل الاجتماعي، وكثير من برامج الألعاب تتطلب الارتباط بالإنترنت كي يتم تفعيلها.
ويُعرِّف الباحث التربوي والاجتماعي عباس سبتي إدمان الإنترنت بأنه «عدم قدرة النفس على التخلي عن تصفح المواقع الإلكترونية مع ترك الأمور الضرورية دون إنجاز، ولو أنه يستخدم الإنترنت لأغراض علمية، خاصة إذا قضى ساعات طوال ما بين 4 و8 ساعات جلوساً، مع عدم سماع من يذكر الأضرار الناجمة وراء ذلك».
ويبين سبتي أن «درجة الإدمان تقاس تبعاً للأضرار التي تلحق المدمن باستخدامه للإنترنت، ويختلف مقياس درجة إدمان مستخدم الإنترنت من حالة إدمان إلى حالة أخرى نتيجة عمر المستخدم، وجنسه ونوع المواقع التي يرتادها، وإرادة المستخدم المدمن على معرفة درجة إدمانه»، لافتا إلى أن «هناك مقاييس عامة للإدمان منها: أثر استخدام الإنترنت على العلاقات الشخصية والاجتماعية سلباً، وتفضيل وقت تصفح المواقع على الأكل، والنوم، والاستذكار، والعمل داخل وخارج المنزل، بالإضافة إلى عدم شعور المستخدم بهدر الوقت أمام شبكة الإنترنت بينما قد يشعر بالملل في قضاء الوقت في إنجاز أمور أخرى».
وعن أسباب إدمان الإنترنت، عدد سبتي جملة من النقاط المهمة منها«المواقع الإباحية، حيث يجد الشباب والمراهقون ضالتهم في إشباع غريزة الجنس، والحديث المزعوم مع الفتيات والنساء»، مبيناً أن «الدراسات تشير إلى أن 90 في المئة من مستخدمي الإنترنت من الصغار والمراهقين هدفهم اللعب والترفيه وقتل وقت الفراغ، بالإضافة إلى مواقع المغامرات والمخاطر والتي يرتادها المراهقون الكبار والشباب».
وذكر أن «إحدى الدراسات العربية أشارت إلى أن 70 في المئة من مستخدمي الإنترنت يدمنون دخول غرف المحادثة، وقد يهدر أكثر المستخدمين لهذه الغرف أوقاتهم فيها نتيجة لتعدد أنشطتها، من هذه الأنشطة التعارف على الجنس الآخر وتبادل الصور ومنها إرسال صور عارية بين المستخدمين».
وتابع: «من أسباب الإدمان أيضا هو البحث العلمي حيث الاعتماد الكلي على الإنترنت في الاستفادة العلمية، فطالب العلم يفترض أنه لا يعتمد كلياً على الإنترنت بل يرجع إلى مصادر المعرفة الأخرى، ويوزع أوقاته المخصصة للبحث، مرة يرجع إلى دراسة أو كتاب أمامه، ومرة يتصفح الموقع الإلكتروني، ومرة يرتاد المكتبة المتخصصة، ومرة يحضر ندوة أو محاضرة أو حلقة نقاشية لإثراء معلوماته، بينما مدمن الإنترنت يقضي جل وقته يتصفح المواقع العلمية والبحثية فينسى أو يتناسى مصادر المعرفة الأخرى ويكون تحت تأثير رأي علمي واحد».
وحول مخاطر إدمان الإنترنت، يرى سبتي أن «المدمن لن يتمكن من التواصل والاختلاط بالناس بل سيتعود على الانعزال الاجتماعي علاوة على اكتسابه مفاهيم خاطئة وقد تكون محرمة تغير نظرة المدمن نحو دينه وعقيدته وعاداته الاجتماعية، مثلما ظهرت فئة من الجنس الثالث والبويات وعبدة الشيطان بين شباب المسلمين، كما قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب وأعراض انسحابية كالارتجاف والرعشة والعصبية».
وشدد على أهمية «حث الشركات الكبرى والمنتجة للمواقع والشبكة العنكبوتية بإنتاج المواد والمواقع التي تحبب الطلبة على الدراسة وحب العلم وإجراء البحوث من أجل معالجة هذا الإدمان، علاوة على ضرورة حجب المواقع الإباحية وعقد الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص ومحاربة مروجي الفساد الأخلاقي وسن تشريعات لإدانتهم».
من جهته، يعتقد أستاذ اللغة العربية يوسف المحميد أن «الإدمان ينقسم إلى نوعين أحدهما افتراضي يتمثل في الألعاب، والآخر واقع حقيقي يتمثل في مساحة اللقاء التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي، ولهذين النوعين من الإدمان آثار سلبية، فالواقع الافتراضي المقدم في الألعاب يبعد الإنسان عن الواقع الخارجي بما يفرضه من مشكلات وأسئلة تغذي نمو الإنسان وتطوره، أما وسائل التواصل، فرغم أن الواقع فيه حقيقي فإن الإدمان عليها يؤثر في مهارات التعامل مع الواقع الخارجي، فالتفاعل في هذه المواقع تغيب عنه الكثير من المؤثرات التي نجدها في التفاعلات القائمة في الواقع الخارجي ».
بدوره، يرى فهد ساير أن «ظاهرة إدمان استخدام أجهزة الهاتف النقال الحديثة باتت أشبه بالغزو الفكري الذي يجتاح المجتمعات الإنسانية اليوم، فبالرغم من فوائدها المتعددة والمتمثلة بسرعة نقل الأخبار والمعلومات المحلية والعالمية، وتقوية أواصر الترابط الثقافي ما بين الشعوب والثقافات الانسانية المختلفة فإن الإفراط في كثرة استخدامها بسببِ حالة الفراغ الشخصي والداخلي على مستوى الأولويات يعود على الفرد والمجتمع بما لا تُحمد عُقباه من خلال تغييب الوعي الفكري وعزل الفرد عن محيطه البيئي والمجتمعي، وتغريب هويته الاجتماعية وتمييعها بكم الثقافات والعادات والتقاليد المختلفة التي يتأثرُ بها!»
ويضيف: «وعلاوة على ذلكَ فقد أشارَ المتخصصون في علم النفس والاجتماع إلى أن كثرة استخدام برامج التواصل الاجتماعي أصبحت في أيامنا هذه أحد أهم العوامل التي تُهدد كيان الأسرة ونسيجها الاجتماعي، وذلك نتيجة انشغال الآباء أو الأمهات بآخر المستجدات الخارجية وتقصيرهما عن القيام بتأدية واجباتهما الزوجية المناطة بهما كتربية الأبناء، وترتيب شؤون البيت وحل الخلافات والنزاعات الداخلية».
من جهته، يقول محمد الفضلي: «إن الإدمان على استخدام الهاتف يشكل مسألة ذات أهمية كبرى في الوقت الراهن، لما لها من آثار سلبية لاسيّما في المجتمع الشبابي وتحديداً أكثر بين مجتمع طلبة الجامعة، فالناظر إلى واقع الكثير من الطلبة يجد أن العديد منهم لا يجلس للمذاكرة إلا وبجانبهم هواتفهم النقالة، ومع كل تقليبه لصفحة من كتابه يقوم بالاطلاع على هاتفه، ما يسبب تشتتاً في ذهنه ويبعد تركيزه عن الدراسة».
ويوضح الفضلي أن «بعض مدمني هذه التقنيات نراهم دائماً في خمول وكسل مستمر، نتيجة لبعدهم عن الحركة وعدم ممارستهم للرياضة ما يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية».
وعلى عكس من سبقوها، ترى خديجة الشمري أنه «لا توجد هناك سلبيات في التقنيات الحديثة، بل إن من يوجد السلبيات هو المستخدم نفسه الذي قد يتجاوز الحد المعقول في استعماله»، مشددة على أهمية «الاستفادة من هذه التقنيات بدلاً من استخدامها بهذه السلبية، على أن يكون هناك اعتدال وتوازن دون إفراط فيها لساعات طويلة».
بدورها، تلفت الاستاذة بقسم الإعلام في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة السالم إلى أن «انتشار الإنترنت بلغ ما نسبته 85 في المئة في الكويت، وقد أتت الكويت في المركز الأول في انتشار موقع تويتر بين دول العالم في آخر الدراسات لجامعة نورث ايسترن»، مبينة في الوقت عينه أن «الإحصائيات تشير إلى أن انتشار الهواتف النقالة في الكويت بلغ ما نسبته 140 في المئة ما يوضح أن هناك العديد من السكان ممن يقتني أكثر من هاتف نقال».
وتشير السالم إلى «وجود دراسة حديثة أجريت في جامعة في نيويورك تؤكد أن الاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية على الإنترنت يمكن أن يتحول إلى إدمان حقيقي وأن هذا الاستخدام المفرط يمكن أن يترافق مع اضطرابات السيطرة على الانفعالات، كما حددت الدراسة ما يقدر بنحو 10 في المئة من مستخدمي وسائل التواصل يعانون مما تصفه باضطراب في استخدام الشبكات الاجتماعية حيث إن الأفراد الذين يعانون من إدمان وسائل التواصل الاجتماعية أظهروا مشاكل أخرى».
وتابعت: «وكشفت دراسات أخرى عن مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على إنتاجية الموظفين وتشتيت أفكارهم وتغيير تصرفاتهم، ما اضطر بعض الجهات الحكومية إلى منع استخدامه، كما قامت بعض الدول كالإمارات بمنع استخدامه في أماكن العمل»، داعية إلى «تقنين استخدام الهاتف والسيطرة عليه وتحديد أوقات لاستخدمه بدلاً من منعه استناداً إلى آراء الباحثين في التعامل مع التكنولوجيا».
من جانبها، ترى أستاذة علم النفس بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت الدكتورة فاطمة عيّاد أن «استخدام الهواتف الذكية ساهم في نقلة نوعية سواء كانت إيجابية أو سلبية، فقد ساهم في ارتفاع حوادث المرور وأثّر بشكل سلبي على العلاقات الأسرية والاجتماعية فأصبحت أوقات زيارات الأقارب تخلو من الأحاديث بسبب إدمان الأبناء في استخدام الهاتف، بل غدت رسائل الواتس آب اليوم بديلاً للزيارات وأداء واجب العزاء والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما أدى إلى أعراض توحد يعاني منها الفرد ».
وبصفتها أستاذة في الجامعة تذمرت عيّاد من «إفراط الطلبة في استخدام الموبايل خلال شرحها للمحاضرات وخاصة في حصص مقرر الإحصاء الاستدلالي الذي يحتاج إلى التركيز والانتباه بالإضافة إلى استخدامهم للهاتف للغش في الاختبارات وتصوير أسئلة الامتحانات»، مشيرة إلى اضطرارها الدائم إلى القيام بأخذ الهواتف من أيدي الطلبة حرصاً على التركيز.
وتقول عيّاد: «إن الغرض من اختراع هذه التقنيات جاء لتسهيل أمور حياتنا والتغلب على المصاعب، لكن الانحراف في استخدامها هو ما جعل منها ظاهرة سلبية على المجتمع»، محددة أساليب علاج هذه الظاهرة والتي تكمن في انها «مسألة إرادة نابعة من الفرد نفسه وعبر نهج ترسخه الأسرة لدى أبنائها في تنظيم استخدام الهاتف وعدم حمله أثناء قيادة السيارة وتركه عند الزيارات العائلية لما تحمله من خصوصية وتقليد اجتماعي».
من جانبه، يشير أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر بارون إلى أن «هناك دراسات تكشف عن أنه بمعدل كل دقيقتين يلتفت الناس إلى الهاتف ما ينتج عنه أثر سلبي على بصر الانسان وآلام الظهر والرقبة، كما يؤدي الافراط في استخدام الهاتف إلى السهر في الليل والانشغال عن المذاكرة بالنسبة للطلبة»، مشدداً على أن «سوء استخدام الهواتف الذكية ساعد على انتشار الاشاعات والاخبار الكاذبة التي تطال سمعة الاخرين وكرامات الناس دون ذنب ما ساهم في زعزعة الأمن والتأثير الاقتصادي على سوق الاوراق المالية بانخفاض أسعار الأسهم المتداولة، ».
اما أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتورة حصة النصار فبينت ان «الهواتف الذكية ليست مجرد أداة اتصال، بل أصبحت بمثابة كمبيوتر محمول يسمح لحامله بإنجاز مهامه بسرعة فائقة، وباتت التكنولوجيا المستخدمة أداة فعالة أسهمت في الارتقاء بالعملية التعليمية، وهي ضرورية جداً لطلبة الجامعة على وجه التحديد لأنهم ينجزون فروضهم اليومية من خلال الهاتف ويتابعون أحدث الأخبار المتعلقة بمقرراتهم مع أساتذتهم من خلال برامج التواصل الاجتماعي: الواتس آب، والانستقرام، والتويتر وغيره، وهي سلاح ذو حدين لما لها من آثار إيجابية وسلبية».
وتضيف النصار: «الدراسات العلمية أثبتت أن الاستعمال المتواصل للهواتف الذكية في فترة ما قبل النوم يتسبب في قلة النوم ويجعل الفرد أقل نشاطاً عند نهوضه صباحاً وبالتالي تقل إنتاجيته وتنخفض طاقته للعمل وبدء يومه»، مؤكدة ان «بعض الدراسات كشفت أن الضوء الساطع الصادر عن شاشة الهاتف الذكي يقلل من إفراز هرمون الميلاتونين الذي يعزز النوم، كما كشفت إحدى الدراسات عن وجود ارتباط بين كتابة الرسائل النصية الهاتفية وارتفاع مستوى الضغط النفسي وقلة النوم حيث يشعر الفرد عند قراءته للرسالة النصية أنه مضطر للرد عليها ما يعيق استمرارية نومه ويؤثر على جودته».
وللحد من الإدمان على استخدام الأجهزة تنصح النصار بـ«تدريب النفس على الضبط الذاتي بحيث يتحكم الفرد ويقنن أوقات استعماله للهاتف بشكل لا يعيق تواصله مع الآخرين أو أداءه لعمله أو حتى في ممارسته لعباداته كالصلاة وقراءة القرآن، فمسألة الاستعمال تحتاج إلى تقنين وضبط بالدرجة الأولى، وفي الجامعة مثلاً أنا شخصيا أحرص على أن يضع الطلبة هواتفهم داخل الحقيبة أو بعيداً عن أعينهم حتى لا يتشتت ذهنهم أثناء المحاضرة، ولا أسمح باستعماله إلا في أضيق الأحوال وعندما يخدم استعماله المقرر الدراسي وللتدريب على نظام البلاك بورد مثلاً».
من جهته، يؤكد اختصاصي العلاج النفسي في مركز الكويت للصحة النفسية الدكتور وائل أبوالعز على أهمية «ضم مشكلة إدمان الأطفال على الأجهزة الذكية ضمن البرامج العلاجية التي تقدمها المراكز النفسية والاجتماعية التابعة لوزارتي الصحة والتربية»، مشيراً إلى «ضرورة توعية الأسر عن طريق ورش العمل المكثفة والبرامج الوقائية والحملات الاعلامية للتحذير من عواقب هذه الاجهزة التي تحتوي على الألعاب والإفراط في استخدامها».
وعن تصنيف ظاهرة إدمان الأجهزة الذكية يقول أبوالعز: «لا يمكن تصنيفها كمرض نفسي ولكن يمكن القول انها ظاهرة سلبية تؤثر على الاسرة والعلاقات الاجتماعية داخلها وخاصة لدى الأطفال والتي تمثل مشكلة ستؤدي إلى الاضطرابات النفسية»، مشيراً إلى أن «الدراسات الأخيرة أثبتت تأثير الألعاب الإلكترونية والادمان عليها على نقص مقدار الذكاء الاجتماعي وزيادة العنف لديهم ما سينتج عنه تهيئة جيل يعاني من اضطرابات نفسية ويفتقر إلى الرحمة والعواطف».
نتائج سوء الاستخدام: إشاعات وأخبار كاذبة
يشير أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر بارون إلى أن «هناك دراسات تكشف عن أنه بمعدل كل دقيقتين يلتفت الناس إلى الهاتف ما ينتج عنه أثر سلبي على بصر الانسان وآلام الظهر والرقبة، كما يؤدي الافراط في استخدام الهاتف إلى السهر في الليل والانشغال عن المذاكرة بالنسبة للطلبة»، مشدداً على أن «سوء استخدام الهواتف الذكية ساعد على انتشار الاشاعات والاخبار الكاذبة التي تطال سمعة الاخرين وكرامات الناس دون ذنب ما ساهم في زعزعة الأمن والتأثير الاقتصادي على سوق الاوراق المالية بانخفاض أسعار الأسهم المتداولة، بالإضافة إلى شق الوحدة الوطنية وتفكيك المجتمع».