أظهرت العديد من المسلسلات الخليجية - في الفترة الأخيرة خصوصاً في رمضان - الشباب الخليجي على صورة بعيدة عن الواقع، فجعلتهم مدمني مخدرات، لا يتحملون المسؤولية، يبحثون عن اللذة المحرمة، مقصّرين في حقوق من حولهم.
كما شوّهت الحقيقة التي عليها معظم بنات الخليج، إذ جعلتهن متمردات على عادات المجتمع وتقاليده، يبحثن عن مصادقة الجنس الآخر، يقضين معظم أوقاتهن على المسلسلات والأفلام الهابطة، ويظهرونهن في غالب المشاهد بثياب تخدش الحياء، على أن هذا هو اللباس اللائي اعتدن عليه عند الخروج من المنزل.
وحرص بعض المسلسلات على إظهار الزوج الخليجي على أنه «خروف» عند زوجته، ذليل تحت رحمتها، يلجأ إلى تقبيل قدميها كي تعفو عنه أو تعطيه ما يريد «وتكرر المشهد مرات عدة».
ولم يسلم أصحاب اللِّحى والمتديّنون من هجوم هذه المسلسلات وتشويهها لصورتهم. فقد أظهرتهم على أنهم أصحاب شهوات، يبحثون عن اللذات حتى ولو في الحرام.
أو أنهم يلهثون خلف تعدد الزوجات، مع إهمالٍ في تربية الأولاد، وحرمانٍ للزوجات من أبسط الحقوق. كما صورهم بعضها على أنهم غلاظ الطباع، سيئو التعامل مع الآخرين حتى مع أقرب الناس لهم كالوالدين والزوجة والأولاد.
وسعت بعض المسلسلات إلى إعطاء شكل مشوّه للمتدين فهو صاحب «كرش» كبير، ولحية شعثة، وثياب رثّة، ورائحة كريهة.
كما هاجم بعضها، أهل الاحتساب من الآمرين بالمعروف، فجعلتهم غلاظ التعامل، لا هم لهم سوى تكسير آلات الموسيقى، وإهانة المخالفين.
وجاءت مسلسات أخرى، لتجعل صاحب اللحية هو ذلك المتطرف الذي يُكفّر المجتمع ويستبيح دمه، ولا يتردد في قتل أقرب الناس لديه.
وحرصت مسلسلات ثالثة على إظهار المتديّن بصورة المنافق الذي يخالف قوله فعله، سواء في ما ينهى فيه عن المنكر، أو يأمر به من معروف.
ومن صور التشويه إنتاج بعض المسلسلات التي تُظهر أهل اللحى على أنهم خونة للأوطان، يسعون إلى تدميرها، والانقلاب على حكوماتها والسيطرة عليها، وبأن ولاءاتهم الحزبية وللجماعة مقدمة على حبهم وحرصهم على أوطانهم، وبأن مطالباتهم للإصلاح ما هي إلا لزعزعة الأمن والاستقرار في أوطانهم!
في الحقيقة، أتمنى من مواطني دول الخليج والمقيمين فيها، أن يتأملوا أهل اللحى والمتديّنين الذين يتعاملون معهم، هل هم بالفعل كما صورتهم هذه المسلسلات؟
وإن وجد بعض النماذج ممن ذكروا، فهل هي حالات نادرة أم صفة عامة؟ وهل هذه المسلسلات تعبر عن حقيقة المتديّنين في المجتمعات الخليجية؟
ما أود الإشارة إليه، هو خطورة تشويه صورة المتديّن في نفوس الناس، خصوصاً عند الأطفال والأبناء والشباب الذين يبحثون عن القدوات، لأن الصورة المشوهة للمتدين، ستنطبع في ذهن هذا الطفل والشاب على كل متدين وملتحٍ يراه وقد يكون ذلك الملتحي: والده أو إمام المسجد، أو الداعية، أو العالم الذي يفتيه.
فإذا شوهنا صورة هؤلاء القدوات، فبمن سيقتدي الشباب إذن؟ هل بالمتشبهين من الرجال بالنساء، أم بالمنفلتين أخلاقيا، أم بالتافهين ممن أبرزتهم وسائل التواصل الحديثة، والذين يسعون للضحك على حساب القيم والأخلاق والاستهزاء بعباد الله؟
نصيحة لله: الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، هم صمام الأمان للمجتمعات الخليجية، مصداقا لقول الله تعالى: «وما كان ربُّك لِيُهلك القرى بظُلمٍ وأهلها مصلحون»، وأمثال هؤلاء يستحقون الاحترام والتقدير، لا الإساءة والتشويه والتحقير.
وأنصح القائمين على المسلسلات أن يدركوا خطورة الرسائل الخاطئة التي تبثها حلقاتهم، فإن أحسنّا الظن بهم، فنقول: ليست هذه الطريقة الصحيحة لتقويم الأخطاء، وإن كانوا يتعمدون هذا التشويه، فما هي إلا حلقة من حلقات الصراع بين أهل الحق والباطل، وأثر الدعاة إلى الخير هو الذي سيبقى بين الناس بإذن الله تعالى «فأما الزَّبَدُ فيذهب جُفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
Twitter:@abdulaziz2002