يأتي رمضان والأصل أن تتصافى فيه القلوب، وتزكو فيه النفوس، ويعم فيه السلام، ويُنْبَذُ فيه الخلاف. إلا أن بعض النفوس المريضة لا يمكنها أن تطهّر قلبها، ولو حجّت كل عام.
لا أعرف ما هي الجدوى من الهجوم على مجموعة من مكونات مجتمعاتنا الخليجية والعربية، وهم من يحملون فكر «الإخوان». لا أعرف لماذا يصر أحد النواب «الملتحين» على إقحام «الإخوان» في كل مشكلة وتحميلهم كل خطيئة، وكأنهم نبتة شيطانية؟ فتجده في كل شاردة وواردة يأتي بالغمز واللمز وغالبا بالتصريح ضد الجماعة.
فعندما أعلن أحد التيارات التي تحمل فكر «الإخوان» رغبته في المشاركة في الانتخابات المقبلة بعد مقاطعتها لدورتين سابقتين بسبب الصوت الواحد، تجده يتهمهم اتهامات باطلة، وينعتهم بصفات غير منصفة ويزعم أنهم متلوّنون ويبحثون عن المصالح الحزبية الخاصة على حساب الوطن، ويتهمهم بالتناقض، في الوقت الذي ينطبق التناقض عليه نفسه، فقد كان يرى أن الديموقراطية ودخول المجالس النيابية «كفر»، وإذ به يلهث للوصول إلى كرسي البرلمان! فمن المتناقض؟
فرغم التاريخ المشرف لجماعة «الإخوان» في وطننا العربي والإسلامي، والذي يثبت بما لا يدع مجالا للشك أنهم من أكثر الناس ولاء وحبا ودفاعا عن أوطانهم، إلا أن بعض الخصوم ما زال يتهمهم بالولاءات الخارجية والمصالح الشخصية.
ساحتنا الخليجية والعربية تعج بالمعضلات، وهناك تآمر دولي كبير على المنطقة، خصوصاً على دول الخليج، اتضحت معالمه من خلال تقرير الأمم المتحدة والذي دان التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن - بقيادة الشقيقة المملكة العربية السعودية - وجعله في القائمة السوداء في قتل الأطفال - قبل أن تتراجع الأمم المتحدة وتعلن أنها ستحذف اسم التحالف من لائحتها السوداء، في انتظار إعادة النظر في الوقائع - بينما يتغاضى هذا التقرير عن قصف الحوثيين لمدينة تعز، وقتلهم للأطفال والنساء العزل...
وترادف ذلك مع قوانين اتخذها الكونغرس الأميركي تسمح لأهالي ضحايا 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة الحكومة السعودية، وإعلان واشنطن بأنها لا تصنف الحوثيين على أنهم جماعة إرهابية، إضافة إلى قرار للاتحاد الأوروبي بمنع تزويد السعودية بالسلاح.
هناك قتال يجري في الفلوجة، وله رائحة طائفية استئصالية، وهناك مجازر في سورية راح ضحيات مئات الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال يرتكبها الطيران الروسي وقوات النظام السوري المدعومة من ميليشيات إيرانية، ومن مقاتلي «حزب الله»، ومع ذلك لم نجد تحركا فعليا من المجتمع الدولي لإيقافها.
وهناك تقارب أميركي - إيراني كبير، يقابله ضعف في العلاقات الأميركية - الخليجية، وهناك محاولات لإضعاف الدور السعودي في المنطقة، خصوصاً بعد «عاصفة الحزم».
أقول في مثل الأجواء، إننا في الكويت ودول الخليج أصبحنا بأمسّ الحاجة إلى تقوية جبهاتنا الداخلية، والسعي - بكل ما نملك - لرص الصفوف وتوحيد الكلمة ونبذ الخلافات، وعدم تخوين أحد من مكونات المجتمع ما لم يكن هناك اي دليل واضح وملموس يمكن الاعتماد عليه في ذلك الاتهام والتخوين.
فإن لم نفعل فإن العدو سيتجرأ علينا وسيرانا لقمة سائغة، وساعتها سنندم ولكن حيث لا ينفع الندم. فهل ننتبه؟
Twitter:@abdulaziz2002