بصمات لغتنا العربية على الإنكليزية... طبيّاً

تصغير
تكبير
منذ أيام الدراسة الجامعية وحتى يومنا هذا، استهوتني فكرة رصد وتحليل المفردات ذات الأصل العربي التي شقت طريقها إلى اللغات الغربية بشكل عام وإلى اللغة الانكليزية خصوصاً، وهي المفردات المنتشرة منذ قرون عدة في شتى أفرع المجالات العلمية والأدبية في الدول الناطقة بالانكليزية حول العالم، ولا زالت موجودة ومتداولة رغم ما طالها من تحويرات وتحريفات طبيعية لم تستطع أن تطمس ملامح جذورها التي تعود تاريخياً إلى عصور أمجاد لغة الضاد.

ونسلط الضوء هنا بشكل خاص على المصطلحات الطبية الانكليزية المشتقّة أساساً من جذور عربية، إما بشكل مباشر أو حتى غير مباشر من خلال التناقل و«التخاصُب» عبر لغات وسيطة، كأن تكون انتقلت إلى الانكليزية عبر ترجمة كتب يونانية مترجمة أساسا عن كتب طبية عربية. أما طرق الانتقال المباشر فكان من أهمها: الوجود والازدهار الإسلامي في أوروبا، والوجود الأوروبي في مناطق شرق المتوسط خلال فترات الحملات الصليبية، والاستعمار البريطاني لدول عربية.


ومن اللغة الانكليزية، انتقلت تلك المفردات والمصطلحات ذات الأصول العربية إلى لغات غربية أخرى بما في ذلك الفرنسة والألمانية والروسية.

وعلى مدار القرن الماضي تحديداً، بذل أكاديميون غربيون ذوو نزعات عنصرية جهوداً في سبيل «تنقية» لغة العلوم عموما من تلك التأثيرات العربية، إلى درجة أن جميع مراجع علم الأحياء الانكليزية أصبحت الآن لا تشتمل إلا على المصطلحات اللاتينية واليونانية الأصل بعد استبعاد العربية بفعل فاعل.

لكن تلك الجهود المستمرة لم تستطع حتى الآن طمس جميع المفردات ذات المنشأ العربي من قواميس ومعاجم وأدبيات العلوم الغربية، إذ أنه مازالت هناك حتى الآن مصطلحات «ضادية» المنشأ مستخدمة في عدد غير قليل من أفرع الطب التي تُدرّس باللغة الانكليزية في أعرق الجامعات حول العالم.

ففي مقابل أولئك الأكاديميين العنصريين، يوجد أيضاً في الغرب أكاديميون منصفون لا زالوا يُقرّون بأن اللغة العربية قد تركت على الطب الغربي بصمات مهمة لا يمكن محوها أو إيجاد بدائل لتحل محلها.

ومن بين المصطلحات الطبية الكثيرة التي تدل على تلك البصمات العربية، نشير بإيجاز في التالي إلى بعضها على سبيل المثال لا الحصر:

• كلمة cornea مشتقة من الأصل العربي «قرنيّة» (نسيج العين الشفاف الخارجي)

• كلمة pupil مشتقة من الأصل العربي «بؤبؤ العين» (الحدقة أو سواد العين)

• كلمة safin مشتقة من الأصل العربي «الصافن» (إسم أطول وريد في جسم الانسان ويوجد على امتداد الساق)

• كلمة abdomen مشتقة من الأصل العربي «البطن»

• كلمة eye مشتقة من الأصل العربي «عين»

• كلمة nucha مشتقة من الأصل العربي «نُخاع» (النسيج اللين الموجود في داخل العظام)

• كلمة basilic مشتقة من الأصل العربي «بازليّ» (وهو وريد في الساق اسمه مشتق من الفعل العربي «بزل» الذي يعني «صرف أو صفّى»).

• كلمة syrup مشتقة من الأصل العربي «شراب» (دواء فموي سائل).

ولأن تلك «البصمات» العربية لا تقتصر على مجال الطب بل تتعداه إلى مجالات علمية أخرى، فإنه يحق لنا أن نفتخر بماضي لغتنا، رغم أننا قد ضيعنا حاضرها بتخلفنا عن ركب العلوم والآداب والفنون.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي