رسالتي

الاستبداد... وإعدام العلماء

تصغير
تكبير
ما تزال العديد من الحكومات في عالمنا العربي والإسلامي تستخدم أسلوب الإعدامات والاغتيالات والاعتقالات والسجون، لإقصاء المعارضين -السياسيّين السلميّين - لسياساتها الفاسدة.

ولعل من آخرها إقدام الحكومة البنغالية على إعدام زعيم الجماعة الإسلامية في بنغلاديش الدكتور والعالم والداعية مطيع الرحمن نظامي رحمه الله والبالغ من العمر 73 عاماً.


ولمن لا يعرف تاريخ الدكتور «نظامي» فهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة دكا، وشغل منصب وزير الزراعة ثم الصناعة ما بين 2001 و 2006، كما فاز بعضوية البرلمان لدورات عدة.

لقد نفذت الحكومة البنغالية حكم الإعدام على الدكتور «نظامي» قبل أيام، وبعد محاكمات صورية قالت عنها منظمة «هيومان رايتس ووتش»: إن إجراءات المحاكمة لا ترقى للمعايير الدولية.

إن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل إعدام المعارضين يقضي على دعواتهم وأفكارهم ورسالتهم الإصلاحية؟، وهل الإعدام هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع المعارضين السلميّين؟

التاريخ يُثبت عكس ذلك، فمارتن لوثر كنج وحسن البنا وسيد قطب وغيرهم تم إعدامهم، فهل اختفت آثارهم؟ هل انطفأت شموعهم؟ هل نسي الناس ذكرهم؟

يقول سيد قطب رحمه الله: «إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبّت فيها الروح وكُتِبت لها الحياة».

أعجبتني التجربة الموريتانية والتي تكلم عنها زميلنا الدكتور محمد العوضي في مقالته (عليكم بالموريتانية) - في جريدة «الراي» - والتي وضح خلالها كيفية تعامل الحكومة الموريتانية مع أبرز رموز الفكر المتطرف هناك، وكيف استطاعت الحكومة استيعاب هذا المعارض حتى تحول إلى أكبر المساهمين في تعزيز فكر الاعتدال والتوسط في المجتمع الموريتاني، وهي تجربة تستحق الإشادة والتقدير، وتصلح إلى الاقتباس مع مراعاة بعض الظروف والأحوال.

نقول هل بالإمكان أن تكون هناك نقاط مشتركة تجتمع عليها الحكومات مع معارضيها، تحقق بها مصلحة الدولة، بعيداً عن حسابات المكاسب الشخصية أو الحزبية أو الفئوية؟، أم أن الحكومات الفاسدة لا تستطيع العيش إلا في أجواء القمع والاستبداد؟

لماذا لا نرى أسلوب الاغتيالات والإعدامات السياسية، إلا في مجتمعات العالم الثالث، والتي من بينها بعض الدول العربية والإسلامية؟

لماذا لا نرى ذلك في الولايات المتحدة أو دول الاتحاد الأوروبي مثلاً؟

أتعجب ونحن نعيش هذا العصر المتطور، وهذا العالم المنفتح، وهذا العالم الذي اختلطت به الثقافات، وتواصلت فيه المجتمعات -بسبب الثورة الإعلامية - وانتشر فيه فكر الحريات، والمعارضة السلمية، والمشاركة الشعبية، أنه ما تزال بعض الحكومات من عالمنا تتعامل مع معارضيها بأسلوب الإعدامات السياسية؟

لقد آن لظلام الإعدامات السياسية أن ينجلي، وسواد الاغتيالات أن ينقشع، وأن يبزغ فجر الحريات، والمشاركات الشعبية، والمعارضة السلمية الواعية.

وإلا فأكبر الخاسرين هي الأوطان وأولهم منفذو الإعدامات.

لما قَتَلَ الحجاجُ الثقفي الصحابيَّ عبدالله بن الزبير وصلبه، وأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر - أم عبدالله - وقال لها شامتاً: لمن الدولة اليوم ( أي الحكم والغَلبة )؟ فردت عليه قائلة: «رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك».

فهل من متعظ؟

Twitter:@abdulaziz2002
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي