جس نبض / احذروا الدكتور «غوغل»!
استخدام الإنترنت للتشخيص والعلاج أصبح أمراً شائعاً وينطوي على مجازفات تصل إلى درجة التسبب في الوفاة
وجدْتُني مضطراً إلى كتابة هذه الأسطر لأُطلق من خلالها صافرة إنذار، وذلك بعد أن تلقّت «الراي» اتصالات هاتفية عدة من قُرّاء أعزاء أرادوا الاستفسار عن أمور طبية نُشرت في سياق ملف «نبض العافية»، ولوحظ أن القاسم المشترك في كلام عدد غير قليل منهم هو أنهم توصلوا بأنفسهم إلى «تشخيص» إصابتهم بمرض أو اعتلالٍ ما من خلال الاستعانة بمهارات محرك البحث الإنترنتي «غوغل»، بل أن بعضهم قالوا إنهم بدأوا في تعاطي بعض العقاقير أو الوصفات العشبية العلاجية من تلقاء أنفسهم على هذا الأساس!
ولعل كثيرين منا يلجأون - وإن بدرجات متفاوتة - إلى مثل هذا الفعل، وهو الأمر الذي تكمن خطورته في الاعتماد على مصادر معلومات قد تكون خاطئة أو منقوصة أو مشوهة، ناهيك عن حقيقة أنه من الصعب جداً على غير المتخصص أن يتمكن من تشخيص مرض، حتى إذا استند إلى معلومات صحيحة نسبياً، إذ أن أعراض أمراض كثيرة تتشابه إلى درجة التطابق في بعض الحالات. فعلى سبيل المثال، تتشابه أعراض بعض أمراض الجهاز الهضمي مع أعراض أمراض القلب.
وهذه الخطورة ليست من باب التخمينات، بل أكدتها نتائج دراسات بحثية، أجريت في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، وكشفت عن أن لجوء غير المختصين إلى استخدام محركات البحث الانترنتية لتشخيص الأمراض وتحديد علاجات دوائية لها أصبحت أمراً شائعاً حول العالم، وأن ذلك ينطوي على مجازفات حقيقية قد تصل إلى درجة التسبب في الوفاة.
نتائج تلك الدراسات أوضحت أن مخاطر سوء التشخيص بسبب استخدام محركات البحث تأخذ شكلين رئيسيين يقعان على طرفي نقيض، إذ يتمثل الشكل الأول في احتمالية أن يوقع الشخص نفسه ضحية لتشخيص اصابته بمرض خطير هو ليس مصاباً به أساساً، وفي المقابل يتمثل الشكل الثاني في احتمالية أن يقع الشخص فريسة لاستبعاده كونه مصاباً بمرض خطير بينما هو مصاب به فعلياً.
وفي كلتا الحالتين يكون الشخص المعتمد على محرك البحث الانترنتي مُعرّضاً لمخاطر صحية قد تكون عواقبها وخيمة إلى درجة أنه قد يدفع حياته ثمناً لها. ففي الحالة الأولى، قد يلجأ الشخص إلى تعاطي أدوية لمرض لا وجود له لديه اصلاً، ناهيك عن أنه قد يتعاطى جرعات خاطئة أو متضاربة من تلك الأدوية فيتسبب دون أن يدرك في أن يلحق بنفسه اضراراً صحية كان في غنى عنها. أما في الحالة الثانية، فإنه يضع نفسه في دائرة لا تقل خطورة، إذ أنه يفترض أنه ليس مصاباً بمرض هو مصاب به فعلا، فتكون نتيجة ذلك أنه لا يتلقى له علاجاً إلى أن يتفاقم إلى درجة قد يكون علاجها مستحيلاً أو على الأقل مؤلماً ومكلفاً.
لذا، فإن النصيحة العامة التي تقدمها «الراي» إلى كل قارئ من خلال نافذة «نبض العافية» هي أنه من المقبول أن تستقي معلومات توعوية أو تثقيفية من خلال شبكة الانترنت أو من خلال متابعة مقالات وتقارير طبية في الصحف وفي وسائل الإعلام الأخرى، لكن عندما يتعلق الأمر بتشخيص احتمال اصابتك بأي مرض فليس لديك أي خيار آخر إلا اللجوء إلى طبيب مختص، وليس إلى الدكتور «غوغل».
ويعطيكم ألف عافية.
* مترجم وباحث أكاديمي
ولعل كثيرين منا يلجأون - وإن بدرجات متفاوتة - إلى مثل هذا الفعل، وهو الأمر الذي تكمن خطورته في الاعتماد على مصادر معلومات قد تكون خاطئة أو منقوصة أو مشوهة، ناهيك عن حقيقة أنه من الصعب جداً على غير المتخصص أن يتمكن من تشخيص مرض، حتى إذا استند إلى معلومات صحيحة نسبياً، إذ أن أعراض أمراض كثيرة تتشابه إلى درجة التطابق في بعض الحالات. فعلى سبيل المثال، تتشابه أعراض بعض أمراض الجهاز الهضمي مع أعراض أمراض القلب.
وهذه الخطورة ليست من باب التخمينات، بل أكدتها نتائج دراسات بحثية، أجريت في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، وكشفت عن أن لجوء غير المختصين إلى استخدام محركات البحث الانترنتية لتشخيص الأمراض وتحديد علاجات دوائية لها أصبحت أمراً شائعاً حول العالم، وأن ذلك ينطوي على مجازفات حقيقية قد تصل إلى درجة التسبب في الوفاة.
نتائج تلك الدراسات أوضحت أن مخاطر سوء التشخيص بسبب استخدام محركات البحث تأخذ شكلين رئيسيين يقعان على طرفي نقيض، إذ يتمثل الشكل الأول في احتمالية أن يوقع الشخص نفسه ضحية لتشخيص اصابته بمرض خطير هو ليس مصاباً به أساساً، وفي المقابل يتمثل الشكل الثاني في احتمالية أن يقع الشخص فريسة لاستبعاده كونه مصاباً بمرض خطير بينما هو مصاب به فعلياً.
وفي كلتا الحالتين يكون الشخص المعتمد على محرك البحث الانترنتي مُعرّضاً لمخاطر صحية قد تكون عواقبها وخيمة إلى درجة أنه قد يدفع حياته ثمناً لها. ففي الحالة الأولى، قد يلجأ الشخص إلى تعاطي أدوية لمرض لا وجود له لديه اصلاً، ناهيك عن أنه قد يتعاطى جرعات خاطئة أو متضاربة من تلك الأدوية فيتسبب دون أن يدرك في أن يلحق بنفسه اضراراً صحية كان في غنى عنها. أما في الحالة الثانية، فإنه يضع نفسه في دائرة لا تقل خطورة، إذ أنه يفترض أنه ليس مصاباً بمرض هو مصاب به فعلا، فتكون نتيجة ذلك أنه لا يتلقى له علاجاً إلى أن يتفاقم إلى درجة قد يكون علاجها مستحيلاً أو على الأقل مؤلماً ومكلفاً.
لذا، فإن النصيحة العامة التي تقدمها «الراي» إلى كل قارئ من خلال نافذة «نبض العافية» هي أنه من المقبول أن تستقي معلومات توعوية أو تثقيفية من خلال شبكة الانترنت أو من خلال متابعة مقالات وتقارير طبية في الصحف وفي وسائل الإعلام الأخرى، لكن عندما يتعلق الأمر بتشخيص احتمال اصابتك بأي مرض فليس لديك أي خيار آخر إلا اللجوء إلى طبيب مختص، وليس إلى الدكتور «غوغل».
ويعطيكم ألف عافية.
* مترجم وباحث أكاديمي